الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [290]
الدَّين، هل يمنع انتقال التركة إلى الورثة أم لا
؟
التوضيح
إذا مات الإنسان انتقلت أمواله إلى الورثة، ولكن يتعلق بها أولاً أداء الدَّين، فإن كان على الميت دين، وتعلق بالتركة، فهل تنتقل التركة إلى الورثة، أم لا؟
في المسألة روايتان: أشهرهما: الانتقال، وهي المذهب.
ونص أحمد أن المفلس إذا مات، سقط حق البائع من عين ماله، لأن اللك انتقل إلى ورثته.
والرواية الثانية: لا ينتقل، ولا فرق بين ديون الله عز وجل وديون الآدميين، ولا بين الديون الثابتة في الحياة والمتجددة بعد الموت بسبب منه يقتضي الضمان، كحفر بئر ونحوه.
وهل يعتبر كون الدَّين محيطاً بالتركة أم لا؟
وهو الدين المستغرق، فيه قولان، وعلى القول
بالانتقال فيتعلق حق الغرماء بها جميعاً، وإن لم يستغرقها الدين، وهل تعلق حقهم بها تعلق رهن أو جناية؛ فيه قولان.
التطبيقات
1 -
هل يتعلق جميع الذين بالتركة، وبكل جزء من أجزائها، أم يتقسط؛ إن كان الوارث واحداً تعلق الدين بالتركة وبكل جزء من أجزائها، وإن كان الوارث متعدداً انقسم الدَّين على قدر حقوقهم، وتعلق بحصة كل وارث منهم قسطها من الدين، وبكل جزء منها.
(ابن رجب 378/3) .
2 -
هل يتعلق الدَّين بعين التركة مع الذمة؟
فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ينتقل إلى ذمم الورثة.
والثاني: هو باقٍ في ذمة الميت، وهو ظاهر كلام الأصحاب في ضمان
دين الميت.
والثالث: يتعلق باعيان الزكة فقط، وردّ بلزوم براءة ذمة الميت منها
بالتلف، وينزتب على هذا الاختلاف الفوائد التالية.
(ابن رجب 3/ 379) .
3 -
هل يمنع تعلق الدين بالتركة من نفوذ التصرف ببيع أو غيره من العقود؛ إن قلنا بعدم انتقال الذين إلى ذمة الورثة فلا إشكال في عدم النفوذ، وإن قلنا بانتقال الدَّين إلى ذمة الورثة فوجهان:
أحدهما: لا ينفذ.
والثاني: ينفذ، وهو المذهب.
وإنما يجوز التصرف بشرط الضمان.
(ابن رجب 3/ 378) .
4 -
نماء الزكة: فإن قلنا: لا ينتقل الدين إلى الورثة، تعلق حق الغرماء بالنماء كالأصل.
وإن قلنا: ينتقل إليهم، فهل يتعلق حق الغرماء بالنماء؛ على وجهين.
حسب قاعدة النماء.
(ابن رجب 3/ 383) .
5 -
لو مات رجل وعليه دين وله مال زكوي، فهل يبتدئ الوارث حول زكاته من حين موت مورثه أم لا؟
إن قلنا: لا تنتقل التركة إلى الوارث مع الدَّين، فلا إشكال
في أنه لا يجري حوله حتى تنتقل إليه.
وإن قلنا: ينتقل، انبنى على أن الدَّين هل هو مضمون في ذمة الوارث أو هو في ذمة الميت خاصهَ؟
فإن قلنا: الدَّين في ذمة الوارث، وكان مما يمنع الزكاة، انبنى على أن الدَّين المانع هل يمنع انعقاد الحول من ابتدائه، أو يمنع الوجوب في انتهائه خاصة؛ فيه روايتان، والمذهب أنه يمنع الانعقاد، فيمتنع انعقاد الحول على مقدار الذين من المال.
وإن قلنا: إنما يمنع وجوب الزكاة في آخر الحول، منع الوجوب ها هنا إلى آخر الحول في قدره أيضاً، وإن قلنا: ليس في ذمة
الوارث شيء، فالظاهر أن تعلق الدَّين بالمال مانع أيضاً.
(ابن رجب 3/ 382) .
6 -
لو كان له شجر، رعليه دين، همات، فها هنا صورتان.
إحداهما: أن يموت قبل أن يثمر، ثم أثمر قبل الوفاء، فينبني على أن الدين هل يتعلق بالنماء أم لا؟
فإن قلنا: يتعلق به، خرج على الخلاف في منع الدَّين الزكاة في
الأموال الظاهرة، وإن قلنا: لا يتعلق به، فالزكاة على الوارث بناء على انتقال الملك
إليه، أما إن قلنا: لا ينتقل، فلا زكاة عليه فيه إلا أن ينفك التعلق قبل بدو الصلاح.
الصورة الثانية: أن يموت بعدما أثمرت، فيتعلق الدين بالثمرة، ثم إن كان موته بعد وقت الوجوب، فقد وجبت عليه الزكاة، إلا أن نقول: إن الدين يمنع الزكاة في المال الظاهر، وإن كان موته قبل وقت الوجوب.
فإن قلنا: تنتقل التركة إلى الورثة مع الدين، فالحكم كذلك، لأنه مال لهم تعلق به دين، ولا سيما إن قلنا: إنه في ذممهم.
وإن قلنا: لا تنتقل التركة إليهم فلا زكاة عليهم.
وهذا يدل على أن النماء المنفصل يتعلق به حق الغرماء بلا خلاف.
(ابن رجب 3/ 383) .
7 -
لو كانت التركة حيواناً، فإن قلنا بالانتقال إلى الورثة، فالنفقة عليهم، وإلا فمن التركة، وكذلك مؤنة المال كأجرة المخزن ونحوه.
(ابن رجب 3/ 384) .
8 -
لو مات المدين وله شقص، فباع شريكه نصيبه قبل الوفاء، فهل للورثة الأخذ بالشفعة؛ إن قلنا بالانتقال إليهم فلهم ذلك، وإلا فلا.
ولو كان الوارث شريك الموزث، وبيع نصيب المورث في دينه.
فإن قلنا بالانتقال، فلا شفعة للوارث، لأن البيع وقع في ملكه؛ فلا يملك استرجاعه، وإن قيل بعدمه، فله الشفعة، لأن المبيع لم يكن في ملكه، بل في شركته.
(ابن رجب 3/ 384) .
9 -
لو أقرَّ لشخص، فقال: له في ميراثي ألف، فالمشهور أنه متناقض في إقراره.
وفي قول: يحتمل أن يلزمه، إذ المشهور أن الدَّين لا يمنع الميراث، فهو كما لو قال: له في هذه التركة ألف، فإنه إقرار صحيح، لكن إذا قلنا: يمنع الدَّين الميراث، كان تناقضاً بغير خلاف.
(ابن رجب 3/ 385) .
10 -
لو مات وترك ابنين وألف درهم، وعليه ألف درهم دين، ثم مات أحد الابنين وترك ابناً، ثم أبرأ الغريم الورثة، فعلى القول بانتقال الدَّين إلى ذمم الورثة، فإن ابن الابن يستحق نصف التركة بميراثه عن أبيه، وهو الراجح؛ لأن التركة تنتقل مع الدَّين للورثة، فأنتقل ميراث الابن إلى ابنه، وعلى القول بمنع الانتقال يختص به ولد الصلب، لأنه هو الباقي من الورثة، وابن الابن ليس بوارث معه،
والتركة لم تنتقل إلى أبيه، وإنما انتقلت بحد موته، كالوصية إذا مات الموصى له، وقبل وارثه، فإنه يملكه هو دون مورثه على القول الراجح بملك الوصية من حين القبول.
(ابن رجب 3/ 386) .
11 -
رجوع بائع المفلس في عين ماله بعد موت المفلس، ينبني على هذا الخلاف.
فإن قلنا: ينتقل إلى الورثة، امتنع رجوعه، وبه علله الإمام أحمد.
وإن قلنا: لا ينتقل: رجع به، لا سيما والحق هنا متعلق في الحياة تعلقاً أكيداٌ.
(ابن رجب 3/ 386) .
12 -
ولاية المطالبة بالتركة إذا كانت ديناً ونحوه.
هل هو للورثة خاصة، أم للغرماء والورثة؟
يفهم من كلام أحمد أن للغرماء ولاية المطالبة والرجوع على المودعَ إذا سلَّم الوديعة إلى الورثة، لكن القاضي حمله على الاحتياط؛ لأن التركة ملك للورثة، ولهم الوفاء من غيرها، والظاهر إن قلنا: التركة ملك لهم، فلهم ولاية الطلب والقبض.
وإن قلنا: ليست ملكاً لهم، فليس لهم الاستقلال بذلك.
(ابن رجب 3/ 389) .