الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [203]
يقدم عند التزاحم خير الخيرين، ويدفع شرُّ الشَّرين
التوضيح
هذه القاعدة ترشد إلى حل التعارض إذا وقع، فإن تعارض خير وخير وتزاحما، ولم يمكن الجمع بينهما، فيقدم خير الخيرين، أي أكثر الخير نفعاً ومصلحة للناس.
وإذا تزاحم شران في مسألة فيدفع شر الشرين، أي أكثرهما ضرراً، وهذا الشطر الثاني يدخل في قاعدة
"الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف "(م/ 27)
وقاعدة "يختار أهون الشرين "(م/ 19)
وقاعدة "إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً
بارتكاب أخفهما" (م/ 28)
وسبق بيان هذه القواعد، ولذلك نقتصر هنا على الشطر
الأول من القاعدة التي تدخل في فقه الموازنات أولاً، ثم في فقه الأولويات لاختيار خير الخيرين، ودفع شر الشرين.
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"الواجب تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تعارضت كاذ تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناها، ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما هو المشروع".
والأدلة الشرعية على هذه القاعدة كثيرة في القرآن والسنة، قال تعالى:.
(وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)، وقال تعالى:(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) .
وقال تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) .
التطبيقات
1 -
يغزى مع كل أمير، براً كان أو فاجراً، إذا كان الغزو الذي يفعله جائزاً، فإذا قاتل الكفار أو المرتدين أو ناقضي العهد، أو الخوراج، قتالاً مشروعاً، قوتل معه..
والجهاد لا يقوم به إلا ولاة الأمور، فإن لم يغز معهم لزم أن أهل الخير الأبرار لا يجاهدون، فتفتر عزمات أهل الدين عن الجهاد، فإما أن يتعطل، وإما أن ينفرد به الفجار، فيلزم من ذلك استيلاء الكفار، أو ظهور الفجار، وهو ضرر أشد ومعلوم أن شر الكفار والمرتدين والخوارج أعظم من شر الظالم..
(ابن تيمية، الحصين 1/207) .
2 -
من العلم والعدل، المأمور به: الصبر على ظلم الأئمة وجورهم؛ لأن معهم أصل الدين المقصود، وهو توحيد الله وعبادته، ومعهم حسنات وترك سيئات كثيرة.
وأما ما يقع من ظلمهم وجورهم بتأويل سائغ، أو غير سائغ، فلا يجوز لما فيه من ظلم وجور، كما هو عادة أكثر النفوس، تزيل الشر بما هو شر منه، وتزيل العدوان بما هو أعدى منه، فالخروج عليهم يوجب من الظلم والفساد أكثر من ظلمهم.
(ابن تيمية، الحصين 1/208)
3 -
إذا كانت الولاية غير واجبة، وهي مشتملة على ظلم، وتولاها شخص قصده بذلك تخفيف الظلم فيها، ودفع أكثره باحتمال أيسره، كان ذلك حسناً مع هذه النية، وكان فعله لما يفعله من السيئة
بنية دفع ما هو أشد منها جيداً.
(ابن تيمية، الحصين 1/209)
4 -
الواجب في كل ولاية: الأصلح بحسبها، فإذا تعين رجلان، أحدهما أعظم أمانة، والآخر أعظم قوة، قدم أنفعهما لتلك الولاية، وأقلهما ضرراً، فيقدم في إمارة الحروب الرجل القوي الشجاع - وإن كان فيه فجور - على الرجل الضعيف العاجز، وإن كان أميناً، فالواجب إنما هو الأرضى من الموجود،
والغالب أنه لا يوجد كامل، فيفعل خير الخيرين، ويدفع شر الشرين.
(ابن تيمية (الحصين 1/ 259) .
5 -
يجب تقديم الذين المطالب به على صدقة التطوع، وتقديم نفقة الأهل على نفقة الجهاد الذي لم يتعين، وتقديم نفقة الوالدين عليه، وتقديم الجهاد على الحج، كما في الكتاب والسنة، متعين على متعين، ومستحب على مستحب، وتقديم قراءة القرآن على الذكر إذا استويا في عمل القلب واللسان، وذلك لتقديم خير الخيرين.
(ابن تيمية، الحصين 1/ 215) .
6 -
يستحب ترك المستحبات إذا كان في تركها تأليف للقلوب، لأن مصلحة تأليف القلوب أعظم من مصلحة هذه المستحبات..
(ابن تيمية، الحصين 1/ 211) .
7 -
الشارع لا يحرم ما يحتاج إليه الناس من البيع لأجل نوع من الغرر، بل يبيح ما يحتاج إليه في ذلك، كبيع القاثي والفجل والجزر في الأرض، وهذه قاعدة الشريعة، وهو تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما..
(ابن تيمية (الحصين 1/ 529) .