الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [208]
الإرادة التي لا تطابق مقصود الشارع غير معتبرة
الألفاظ الأخرى
- كل ما خالف قصد الشارع فهو باطل.
- من ابتغى في تكاليف الشريعة ما لم تشرع له فعمله باطل.
التوضيح
الإرادة هي طلب فعل الشيء والسعي في حصوله، والمراد بها هنا هو نفس المعنى للنية والقصد.
ومقاصد الشريعة هي تحقيق مصالح العباد، ودفع المفاسد عنهم، والمؤمن يتحرك في الحياة بحسب الأوامر الإلهية لتحقيق المقاصد الشرعية، ولذلك يجب أن يقصد بفعله مراعاة مقاصد الشارع، وأن يكون قصده في العمل موافقاً لقصد الشارع في التشريع، وأن يتجنب ما يناقض ويضاد المقاصد الشرعية، فإن قصد بفعله ذلك
كانت أعماله باطلة، فلا يتوصل بها إلى مقصوده المحرم.
وهذه القاعدة فرع من قاعدة "الأعمال بالنيات ".
ودليل ذلك قوله تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) .
فالإرادة التي تناقض مقصود الشارع في شرعه لأحكام ولا تطابقه، تعتبر.
مشاقة ظاهرة للرسول من حيث قصد غير ما قصد، وطلب بشرعه غير ما شُرع له،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد"
فإن أراد المكلف غير ما شرعت الشريعة، وخالف مقاصدها وناقضها، فقد عمل ما ليس عليه أمر الشارع، فيكون مردوداً على صاحبه، لأنه في الحقيقة يكون فاعلاً لما لم يؤمر به، تاركاً لما أمر به.
التطبيقات
1 -
من نكح بقصد تحليل المرأة لمطلقها ثلاثاً، فنكاحه باطل؛ لأنه لم يقصد النكاح الذي قصد الشارع من الألفة والسكن والمودة والرحمة والدوام والاستمرار، وإنما قصد أثر زوال النكاح وهو الحل للمطلق، فلا تتفق إرادة الشارع والمحلل على واحد من الأمرين، والإرادة التي لا تطابق مقصود الشارع غير معتبرة..
(ابن تيمية، الحصين 1/ 376) .
2 -
من خالع بقصد أن تنحل يمينه لا يكون خلعه صحيحاً، بل باطلاً، لأن
الشارع جعل الخلع موجباً للبينونة، ليحصل مقصود المرأة من الافتداء من زوجها، بأن تفارقه على وجه لا يكون له عليها سبيك، فإذا خالع ليفعل المحلوف عليه لم يكن قصدهما البينونة، بل حل اليمين، وحلّ اليمين إنما جاء تبعاً لحصول البينونة لا مقصوداً به، فتصير البينونة لأجل حل اليمين، وحل اليمين لأجل البينونة، فلا يصير واحد منهما مقصوداً، فلا يشرع، لأنه تصرف ليس بمقصود في نفسه، ولا مقصوداً لما هو مقصود في نفسه من الشارع، فيكون عبثاً وباطلاً..
(ابن تيمية، الحصين 1/ 367) .
3 -
بيع العينة باطل، لأن مقصود الشرع بالبيع أن يحصل ملك الثمن للبائع، ويحصل ملك البيع للمشتري لينتفع به، وبيع العينة يقصد منه المشتري ثمن السلعة،
ولم يكن مقصوده السلعة، لأنه احتاج إك دراهم، فاشترى سلعة بثمن مؤجل، ليبيعها ويستفيد من ثمنها، وكذلك البائع ل يكن قصده الانتفاع بالثمن، بل أن تعود إليه السلعة، وأن يدفع للمشتري ألفاً، لتعود له ألفاً وزيادة بعد سنة مثلاً، فلم يكن مقصودهما مطابقاً لمقصود الشارع من إباحة البيع والشراء، فيكون بيعهما باطلاً؛ لأن الإرادة التي لا تطابق مقصود الشارع غير معتبرة..
(ابن تيمية، الحصين 1/ 385) .
4 -
يحرم الغش والخداع والتغرير والتلبيس في العقود، لأن مقصود الشارع فيها إقامة العدل بين الناس في التعامل، وقصد الغش وغيره لا يطابق مقصود الشارع، فلا تعتبر الإرادة التي لا تطابق مقصود الشارع، ويثبت لمن وقع عليه الغش وغيره الخيرة بين الإمضاء والرد..
(ابن تيمية، الحصين 1/ 381) .
5 -
القرض إذا جر نفعاً فهو حرام، لأن الشارع شرع القرض لمن قصد أن
يسترجع مثل قرضه فقط، ولم يبحه لمن أراد الاستفضال، فإن أقرضه مالاً لأجل أن يحابيه في بيع، أو إجارة، أو ليعطيه هدية ونحو ذلك من أنواع الاستفادة بسبب القرض، فقد قصد بالعقد خلاف ما شرع الشارع له، فلا يوافق مقصوده، والإرادة التي لا تطابق مقصود الشارع غير معتبرة..
(ابن تيمية، الحصين 1/ 381) .