الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المباح]
وخاصية المباح: أن لا يتعلق به ثواب ولا ذم (1). نعم: إِن قصد به التوصل إِلى فعل الطاعة أثيب، كما أنه إِذا قصد به التَّقَوِّي على المعصية يأثم، [كمن يأكل لقصد التَّقَوِّي على العبادة، أو لمعصية](2) وكذا النوم وأمثاله.
[أنواع الحكم الوضعي]
وأما خطاب الوضع فحقيقته: الخطاب الإِنشائي المتعلق لا بالاقتضاء ولا بالتخيير. وهو أنواع.
[السبب]
منها: الحكم على الوصف بكونه سببًا، والسبب في اللغة: عبارة عما [يمكن](3) التوصل به إِلى مقصود ما (4). وفي الاصطلاح: كل وصف ظاهر منضبط دل الدليل السمعي على كونه معرفًا لإِثبات حكم شرعي (5).
(1) ذكر الأصوليون للمباح عدة تعريفات، فانظر: المستصفى (1/ 66)، والمحصول (جـ 1/ ق 1/ 128)، والإِحكام (1/ 175، 176).
(2)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (12/ ب).
(3)
هذه الكلمة مكتوبة على جانب المخطوطة، وفي الأصل خط يشير إِليها، وقد أثبتها للحاجة إِليها في صحة الكلام، وهي مثبتة بأصل النسخة الأخرى: ورقة (3/ ب).
(4)
انظر الصحاح (1/ 145).
(5)
هذا التعريف مماثل للتعريف الذي ذكره الآمدي، إِلا أنه يزيد على تعريف الآمدي بكلمة (لإِثبات). ولبيان ذلك انظر: الأحكام (1/ 181)، وقريب منه تعريف القاضي العضد، انظر: شرح القاضي العضد لمختصر المنتهى (2/ 7).
وحقيقته: ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم (1). فإِن تَخَلَّف الحكم فذاك إِما لفقد شرط، أو لوجود مانع. وإِن وجد الحكم عند عدمه فذاك لأنه خَلَفُه سببٌ آخر.
ثم السبب صنفان (2).
أحدهما: الوقتي، وهو الوصف المعرِّفُ للحكم غيرَ مستلزمٍ حكمةً باعثة عليه (3) كجعل زوال الشمس سببًا لوجوب الظهر في قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ
(1) هذه الحقيقة ذكرها القرافي إِلا أنه زاد في آخرها قيدًا وهو "لذاته"، انظر تنقيح الفصول مع شرحه للقرافي (81). أقول: وهذا القيد يفيد الاحتراز عن النقوض التي قد ترد على هذا التعريف كما إِذا قارن السببَ فقدانُ شرط أو وجودُ مانع فإِنه لا يلزم من وجوده الوجود، وكما إِذا خَلفَ السبب سببٌ آخر فإنه لا يلزم من عدمه العدم.
(2)
ممن صرح بانقسام السبب إِلى وقتي ومعنوي ابن الحاجب والقاضي العضد والبدخشي، انظر: مختصر المنتهى مع شرح القاضي العضد (2/ 7) وشرح الدخشي لمنهاج البيضاوي (1/ 53).
(3)
قد ذكر الآمدي ما يقارب هذا التعريف، في بداية تقسيمه للسبب، إِلا أنه لم يصرح بتسميته وقتيًا، كما أنه لم يسم القسم الثاني معنويًا. انظر: الإِحكام (1/ 181، 182).
أقول: ولي ملحوظتان على ما ذكره المؤلف: -
الأولى: على قوله: غير مستلزم حكمة باعثه عليه، فإِن معنى كلامه أن الله شرع ذلك الأمر لا لحكمة، وهذا لا يجوز على الله، فإِن الأحكام التي شرعها الله كلها شرعها لحكمة، إِلا أن الحكمة قد تظهر لنا وقد تخفى علينا.
الثانية: بناء على ما قدمته في الملحوظة الأولى، فإِن الصواب -عندي- أن يكون تقسيم السبب كما يلي: -
القسم الأول: - الوصف المعرف للحكم الذي لا تظهر حكمته لنا.
القسم الثاني: - الوصف المعرف للحكم الذي تظهر حكمته لنا.
أما تسمية المؤلف للقسمين بالوقتي والمعنوي فهي اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاحات إِذا اتفق على المعنى.
الشَّمْسِ} (1) وطلوعِ الهلالِ سببًا لوجوب صوم رمضان بقوله عليه الصلاة والسلام: (صوموا لرؤيته)(2).
والثاني: السبب المعنوي، وهو أن يكون الوصفُ في تعريفه للحكم مستلزمًا لحكمة باعثة على شرعية الحكم المسبب، كالزنى فإِنه سبب للعقوبة، والإِسكار في سببيته للجلد، والملك في كونه سببًا للانتفاع، والإِتلاف في أنه سبب للضمان، ونحوه من الأسباب المعنوية.
والمستند في كون ذلك أسبابًا: إِما ورود الشرع به منصوصًا عليه، وإِما الحكمة الملازمة للوصف مع اقتران الحكم بها في صورة (3).
(1) من الآية رقم (78)، من سورة الإسراء
(2)
أخرجه بهذا اللفظ البخاري في كتاب الصوم، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم (إِذا رأيتم الهلال فصوموا
…
).
انظر: صحيح البخاري (4/ 119)، رقم الحديث (1909).
ومسلم في كتاب الصيام، باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال.
انظر: صحيح مسلم (2/ 762)، رقم الحديث (19).
والترمذي في كتاب الصوم، باب: ما جاء لا تَقَدَّمُوا الشهر بصوم.
انظر: سنن الترمذي (3/ 68)، رقم الحديث (684).
والنسائي في كتاب الصيام، باب: ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار في حديث ابن عباس. انظر: سنن النسائي (4/ 135).
وأخرجه بنحو هذا اللفظ أبو داود في كتاب الصوم، باب: الشهر يكون تسعًا وعشرين.
انظر: سنن أبي داود (2/ 297)، رقم الحديث (2320).
وابن ماجة في كتاب الصيام، باب: ما جاء في "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".
انظر: سنن ابن ماجة (1/ 529، 530).
(3)
ذكر ذلك الآمدي، في الإِحكام (1/ 184).