الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[النية الحكمية، والمنافي لها]
اعلم: أنه لا شك أن النية لا يشترط استحضارها دائمًا فيما هي شرط فيه؛ لتعذر ذلك، فاكتفى الشارع صلى الله عليه وسلم باستصحابها مع عدم المنافي لها، وتكون حكمية.
ثم المنافي للنية قد يكون: نيةَ قطعها والخروجَ من تلك العبادة، أو قلبَ العبادة من صفة إِلى أخرى (1).
والعبادات في قطعها بالنية على أربعة أضرب (2):
الأول: الصلاة وتبطل بنية الخروج منها كما في الإِسلام (3)، وكذا بالتردد في أنه هل يخرج منها أم لا؟ لأن التردد يناقض الجزم.
الثاني: الحج والعمرة فلا يبطلان بنية الخروج قطعًا؛ لأنهما لا يبطلان بالمفسد (4)
= قال الرافعي: "وإذا خرج الوقت أو شك في خروجه فلا سبيل إِلى الشروع فيها" فتح العزيز (4/ 487).
وقال النووي: "إِذا شكوا في خروج وقتها فإِن كانوا لم يدخلوا فيها لم يجز الدخول فيها باتفاق الأصحاب؛ لأن شرطها الوقت ولم يتحققه فلا يجوز الدخول مع الشك في الشرط" المجموع (4/ 338).
ومع ما تقدم: فهذه المسألة منقولة من المجموع (6/ 258).
(1)
ذكر ذلك العلائي في المجموع المذهب: ورقة (23/ أ) وذكر القرافي نحوه في الفروق (1/ 200، 201).
(2)
هذه الأضرب ذكرها النووي في: المجموع (3/ 228 - 230)، كما ذكرها العلائي في المجموع المذهب: ورقة (23/ أ).
(3)
أي إِن المسلم إِذا نوى الخروج من الإِسلام خرج منه وصار كافرًا والعياذ بالله.
(4)
لعل مراده بذلك: أنه يجب المضي في فاسدهما. ونص عبارة النووي في هذا الشأن هو: - "لأنه لا يخرج منهما بالإِفساد". المجموع (3/ 229).
فالبنية أولى.
الثالث: الوضوء وله اعتباران:
أحدهما: حالة فعله، فإِذا قطعها في أثنائه انقطعت، وهل يبطل ما مضى؟
وجهان؛ أحدهما: نعم كالصلاة. وأصحهما: لا، بل يُجَدِّد النية؛ لأن الوضوء خصال متعددة يمكن تفريقها، بخلاف الصلاة فإِنها مرتبطة بعضها ببعض فلا يصح تفريقها.
الاعتبار الثاني: بعد فراغه، فإِذا نوى قطعه لم ينقطع على المذهب، إِذ لا مدخل للنية فيه حينئذ.
الضرب الرابع: الصيام والاعتكاف، وهل يبطلان بقطع النية؟
وجهان؛ لترددهما بين مشابهة الصلاة والحج، والأصح عند المتأخرين: لا يبطل (1).
واختار جماعة البطلان، منهم: البندنيجي والبغوي (2) والروياني (3)(4)، وقال
(1) الأولى أن يأتي بالفعل بصيغة التثنية فيقول: (لا يبطلان)؛ لأنه يقصد بقوله: (لا يبطل) الصيام والاعتكاف وهما اثنان.
(2)
اختار البغوي ذلك في: التهذيب، الجزء الأول: ورقة (96/ أ، ب).
(3)
هو أبو المحاسن عبد الواحد بن إِسماعيل بن أحمد بن محمد الرُّوياني ولد سنة 415 هـ.
وهو أحد أئمة الشافعية، وقد برع في المذهب، ورحل إِلى الآفاق، وحصل علومًا جمة، وكان يقول: لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من حفظي، ولهذا كان يقال له شافعي زمانه، وقد كانت له الوجاهة والرئاسة، والقبول التام عند الملوك فمن دونها. أخذ عن والده، وجده وغيرهما، وسمع الحديث عن جماعة. من مصنفاته: البحر، والحلية، ومناصيص الشافعي، والكافي، والفروق. توفي رحمه الله مقتولًا بآمل سنة 502 هـ.
انظر: تهذيب الأسماء واللغات (2/ 277)، وطبقات الشافعية الكبرى (7/ 193)، وطبقات الشافعية للأسنوي (565)، والبداية والنهاية (12/ 170)، وشذرات الذهب (4/ 4).
(4)
اختار الروياني بطلان الصيام في كتابه: البحر، الجزء الرابع: ورقة (262/ أ) واختار بطلان =
القاضي حسين: "في نص الشافعي ما يدل عليه".
ولو نوى الخروج من الصوم بالأكل والجماع قال النووي في: (شرح المهذب)(1): "المشهور بطلانه في الحال بناء على القول بأن نية الخروج مبطلة، وفي وجه: لا يبطل حتى يمضي زمن الأكل والجماع. نقله الماوردي"(2). وحكى ابن الرفعة عن القاضي حسين: "أنه لا يبطل صومه بهذه النية أصلًا. وهو قوي متجه؛ لأن الكفارة إِنما تجب على المجامع في رمضان إِذا أفسد به صوم يوم منه، فلو كان العزم على الجماع يفسد (3). لم يصادف الجماع صومًا يفسده، فلا تجب الكفارة"(4). وهذا إِشكال
= الاعتكاف في: ورقة (385/ ب). من نفس الجزء.
(1)
شرح المهذب: كتاب للإمام النووي سماه بـ (المجموع)، وقد شرح به قسمًا من كتاب (المهذب) للإمام أبي إِسحق الشيرازي المتوفي سنة 476 هـ. وهو كتاب عظيم القدر كثير النفع، وقد بين النووي في أوله منهجه الذي سار عليه فيه. كما ذكر في أوله مقدمة عن العلم وآدابه وما يلحق بذلك، كما ذكر شيئًا من اصطلاحات المذهب وبينها أفضل بيان، وعلى العموم فطريقته: أن يورد جزءًا من المهذب، ثم يتبع ذلك بالحديث عما فيه من آيات وأحاديث، ثم يشرح الألفاظ الغريبة، ثم يتعرض للأحكام، ثم يتعرض لخلاف العلماء في بعض الأحيان، وإن عرض اسم علم ترجم له.
وقد وصل النووي فيه إلى أثناء باب الربا، ثم شرع تقي الدين السبكي المتوفي سنة 756 هـ في إِكماله فوصل إِلى ما قبل باب المرابحة، ثم أكمله أحد العلماء المعاصرين وهو الشيخ محمد نجيب المطيعي.
هذا: وقد طبع الكتاب طبعة قديمة ومعه كتاب فتح العزيز وكتاب التلخيص الحبير، وقد أعيد تصوير هذه الطبعة حديثًا، كما أن الكتاب قد طبع طبعة أخرى بتحقيق الشيخ محمد نجيب المطيعي.
(2)
انظر نص كلام النووي في: المجموع (6/ 254).
(3)
أي يفسد الصوم، ولو عبَّر بدل هذه الكلمة بقوله (مفسدًا) لكان أولى.
(4)
من تمام الكلام المتقدم ما قاله العلائي، ونصه: - "كما لو كان أكل قبل الجماع، ولا ريب في =
قوي لم أر من تعرض له (1).
أما إِذا قلب نية العبادة من صفة إِلي أخرى، فإِن كان ذلك في الصلاة فهو مبطل لها (2).
وأما في الصوم فيخرج على الخلاف المتقدم: إِن قلنا: يخرج بنية القطع، فإِن كان ذلك في رمضان وقلبه إِلى غير صومه بطل الصوم عن رمضان، ولا يصح له غيره. وإِن كان في غيره بأن كان في (3) قضاء، فقلبه إِلى نذر أو كفارة ونحو ذلك، لم يصح ما نواه وبطل ما كان نواه. وهل يبطل الصوم من أصله أم ينقلب نفلًا؟ فيه خلاف له نظائر (4) تأتي إِن شاء الله في القواعد الأصولية.
وأما إِذا فرعنا على الصحيح (5) فلا أثر لانتقاله بل هو مستمر على ما نواه، وقد حكى القاضي حسين عن نص الشافعي أنه قال في صوم المظاهر:"إِن صام فيها يومًا تطوعًا أو غير النية إِلى التطوع فعليه أن يستأنف". (6) وهذا ظاهر في أن تغيير النية في صوم الكفارة إِلى التطوع مفسد للنية.
واعلم أن قلب النية في الصلاة إِنما يؤثر فيما إِذا لم يكن سبب، فإِن كان فقد نص الشافعي على أنه:"لو تحرم بالصلاة منفردًا ثم حضر جماعة يصلون" قال: "أحببت أن
= أنه لا يتأتى الجماع من شخص قبل العزم". المجموع المذهب: ورقة (23/ ب).
(1)
قائل القول المتقدم في الأصل هو العلائي. انظر: المجموع المذهب: ورقة (23 / ب).
(2)
ذكر السيوطي تفصيلًا حسنًا في حكم قلب نية الصلاة، فانظره في: الأشباه والنظائر (39).
(3)
نهاية الورقة رقم (10).
(4)
ذكر المؤلف تلك النظائر في قاعدة: إِذا نسخ الوجوب هل يبقى الجواز أم لا؟. وقد ذكر المؤلف تلك القاعدة في ورقة (40/ أ).
(5)
وهو أنه لا يبطل الصوم بنية القطع.
(6)
ليس هذا نص الشافعي، ولكنه قريب منه، فانظر: الأم (5/ 284).
يسلم من ركعتين تكونان له نافلة". (1) فصحح قلب نية الفرض إِلى النفل للحاجة.
واعلم أن النية قد لا تكون شرطًا في شيء ويؤثر حكمها (2)، سواء كان ذلك عبادة أو غير عبادة (3)، وذلك في مسائل:(4)
(1) هذا قريب من نص الشافعي، فانظر نصه في: مختصر المزني (23).
(2)
هكذا في النسختين، وقد ورد نحو ذلك في المجموع المذهب: ورقة (24/ أ)، ونصه "ثم هنا مسائل تؤثر النية حكمها".
وأرى أن العبارة غير صحيحة، وبتأمل الأمثلة التي ذكرها المؤلف ومراجعة كلام الزركشي في الموضوع يترجح عندي أن صحة العبارة هكذا:"واعلم أن النية قد لا تكون شرطًا في شيء، ومع ذلك تؤثر نية القطع فيه".
والمعنى: أن بعض الأمور لا تكون النية شرطًا فيها، كقراءة الفاتحة، والسفر، والتجارة، ووصف الأمانة بالنسبة للمودَع والملتقِط، لكن تؤثر نية قطع هذه الأمور فيها، فالقراءة إِذا نوي قطعها مع السكوت تبطل، والسفر إِذا نوى قطعه انقطع، وهكذا بقية الأمثلة.
وتبعًا للفهم الذي ذكرته تكون المسائل التي ذكرها المؤلف في كلامه الآتي، بعضها داخل في الموضوع، بعضها خارج عنه، فالمسائل الداخلة هي: الأولى: والثانية، والثالثة، والخامسة، والسادسة، وأما الخارجة فهي: الرابعة، والسابعة، والثامنة. ومما يؤكد خروجها أن السيوطي كان يتكلم عن (نية القطع) فذكر الأمثلة التي ذكر العلائي والمؤلف بعبارة قريبة من عبارتهما، لكنه لم يذكر تلك المسائل التي أشرتُ لكونها خارجة.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن دخول بعض المسائل وخروج بعضها هو حسب العبارة التي علقتُ عليها، وأما العبارة الواردة في آخر المسائل -وهي قول المؤلف: ويعبر عن هذه المسائل بأن ما نصبه الشارع سببًا من قول أو فعل هل تقوم النية مقامه- فإِنه يدخل فيها جميع المسائل، ولا يخرج منها شيء.
(3)
ذكر ذلك العلائي في: المجموع المذهب: ورقة (24/ أ).
(4)
المسائل التالية ذكرها العلائي في: المجموع المذهب: ورقة (24/ أ)، وذكر الزركشي والسيوطي بعضها.
انظر: المنثور (3/ 299)، والأشباه والنظائر (39).
منها: إِذا نوى قطع القراءة، مع سكتة يسيرة، فإِنه تبطل قراءته: على الصحيح، وأما مع عدم السكوت فلا تؤثر قطعًا.
ومنها: لو [نوى](1) قطع السفر، بأن عزم على الإِقامة بموضعه أو الرجوع إِلى وطنه، انقطع سفره.
ومنها: إِذا نوى بمال التجارة القنية (2) انقطع حول التجارة، ولو نوى بمال القنية التجارة لم ينعقد الحول؛ لأن مجرد النية لا يؤثر إِلا إِذا اقترن بالشراء أو البيع. وقال الكرابيسي (3):"ينعقد بذلك ويصير مال تجارة"(4).
ومنها: إِذا نوى جعل هذه الشاة هديا أو أضحية ولم يتلفظ، فالجديد (5)
(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد فى المخطوطة، وبه يستقيم المعنى، وقد أخذته من المجموع المذهب.
(2)
القنية: معناها أنه نوى اتخاذ المال لنفسه لا للتجارة، قال صاحب المصباح: - " (اقتنيته) اتخذته لنفسي (قنية) لا للتجارة" المصباح (2/ 518).
(3)
هو أبو علي الحسين بن علي الكرابيسي، نسبة إِلى الكرابيس وهي الثياب الغلاظ لأنه كان يبيعها فنسب إِليها.
وهو صاحب الإِمام الشافعي رضي الله عنه، وأحد رواة مذهبه القديم، وكان متكلمًا عارفًا بالحديث.
سمع الحديث من الشافعي ومن غيره، وأخذ عنه الفقه خلق كثير. له تصانيف كثيرة في أصول الفقه وفروعه، وفي الجرح والتعديل. توفي سنة 245 هـ، وقيل سنة 248 هـ، وهو الأرجح.
انظر: طبقات الفقهاء (102)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 284)، وطبقات الشافعية الكبرى (2/ 117)، وطبقات الشافعية للأسنوي (1/ 29).
(4)
قول الكرابيسي المتقدم ذكره الشيخ أبو إِسحق الشيرازي في: المهذب (1/ 159).
(5)
الجديد، قال الشربيني في تعريفه وتوضيحه: "الجديد ما قاله الشافعي بمصر تصنيفًا او إِفتاء، ورواته البويطي والمزني والربيع المرادي وحرمله ويونس بن عبد الأعلى وعبد الله بن الزبير =
الصحيح: أنها لا تصير بمجرد النية، والقديم (1): تصير. وعلى هذا ففيما تصير به هديا أو أضحية أربعة أوجه (2)، أحدها: بمجرد النية كما يدخل في الصوم بذلك. والثاني: بالنية والتقليد (3)، و (4) الأشعار (5). والثالث: بالنية والذبح. والرابع: بالنية والسوق إِلى الذبح.
= والمكي ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم الذي انتقل أخيرًا إلى مذهب أبيه وهو مذهب مالك، وغير هؤلاء، والثلاثة الأول هم الذين تصدوا لذلك وقاموا به، والباقون نقلت عنهم أشياء محصورة على تفاوت بينهم" مغني المحتاج (1/ 13).
(1)
القديم، قال الشربيني في تعريفه وتوضيحه: والقديم ما قاله بالعراق تصنيفًا وهو الحجة، أو أفتى به، ورواته جماعة أشهرهم: الإِمام أحمد بن حنبل والزعفراني والكرابيسي وأبو ثور، وقد رجع الشافعي عنه وقال: لا أجعل في حل من رواه عني، وقال الإِمام: لا يحل عد القديم من المذهب، وقال الماوردى في أثناء كتاب الصداق: غيَّر الشافعي جميع كتبه القديمة في الجديد إِلا الصداق فإِنه ضرب على مواضع منه وزاد مواضع، وأما ما وجد بين مصر والعراق فالمتأخر جديد. والمتقدم قديم" مغني المحتاج (1/ 13).
هذا وقد بين بعض العلماء موقف الباحث من الأقوال القديمة والجديدة، ومن أفضل ما رأيت في ذلك ما قاله النووي في مقدمة المجموع (1/ 112 - 114).
(2)
القول الجديد والقديم، والأوجه التالية ذكرها النووي في الروضة (3/ 208).
(3)
التقليد، قال صاحب المصباح في تعريفه: - "ومنه (تقليد) الهدى وهو أن يعلق بعتق البعير قطعه من جلد ليعلم أنه هدى فيكف الناس عنه" المصباح (2/ 512).
(4)
كذا في النسختين، والمجموع المذهب، وفي روضة الطالبين (3/ 208) (أو). ولعل ما في الروضة هو الصواب لأن النووي علل ذلك بقوله:"ولتنظم الدلالة الظاهرة إِلى النية" والدلالة الظاهرة تحصل بالتقليد، أو الإِشعار.
(5)
الإِشعار، قال النورى في تعريفه: - "وأما إِشعار الهدى فهو من الإِعلام وهو أن يضرب صفحة سنامها اليمنى بحديدة وهي مستقبله القبلة فيدميها ويلطخها بالدم ليعلم أنها هدي" تهذيب الأسماء واللغات (3/ 162). هذا وقد ذكر النووي بعد ذلك أن الإِشعار سنة، ثم ذكر بعض فوائد الإِشعار.
وانظر أيضًا: المصباح المنير (1/ 315).
ومنها: لو نوى أخذ الوديعة لنفسه لم يضمن بذلك على الصحيح، إلا أن يتصل بنيته نقل من الحرز (1).
وقال ابن سريج (2): "يضمن بمجرد النية"(3) ولو نوى ألا يردها وقد طلبها المالك ففيه هذا الخلاف، وقيل: يضمن قطعًا، واختاره الماوردي (4). وكذا لو كان الثوب في صندوق غير مقفل، ففتح رأس الصندوق ليأخذ الثوب، ثم بدا له (5)، فيه الوجهان (6). إِلي غير ذلك من الصور المشبهة لهذا.
(1) الحرز، قال فيه صاحب المصباح: - "الحرز: المكان الذى يحفظ فيه والجمع (أحراز) مثل حمل وأحمال" المصباح المنير (1/ 129). ولكل مال حرز يناسبه، وقد ذكر الفقهاء أحراز الأموال بالتفصيل.
(2)
هو أبو العباس أحمد بن عمر بن سُرَيج البغدادى.
وهو شيخ الشافعية في عصره، وعنه انتشر فقه الشافعي في أكثر الآفاق، يقول أبو إِسحاق الشيرازى:"وكان يقال له الباز الأشهب، وولي القضاء بشيراز، وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعي حتى على المزني".
تفقه على أبي القاسم الأنماطي، وسمع الحديث عن جماعة.
من مصنفاته: الودائع، وتصنيف على مختصر المزني، وكتاب في الرد على ابن داود في القياس.
توفي رحمه الله ببغداد سنة 306 هـ.
انظر: طبقات الفقهاء (108)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 251)، وطبقات الشافعية الكبرى (3/ 21)، وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 20).
(3)
بحثت عن هذا القول في كتاب (الودائع) لابن سريج فلم أجده، وأقرب شيء له ما نصه: - "إن طولب بالوديعة فأنكر، ثم أقر وادعى أنها هلكت لم يصدق، وكان عليه غرمها؛ لأنه بالإِنكار قد أخرج نفسه من حد الأمانة". الودائع: ورقة (76 / ب).
(4)
انظر: الإقناع (113).
(5)
أى ظهر له أن لا يأخذه.
(6)
المتقدمان فيمن نوى أخذ الوديعة لنفسه.
ومنها: قصد الخيانة في اللقطة (1)، هل يقوم مقام الخيانة حتى يصير ضامنًا؟ فيه الوجهان في الوديعة.
ومنها: إِذا أحيا أرضًا (2)[بنية](3) جعلها مسجدًا فبمجرد النية صارت مسجدًا، ولا تحتاج إِلى لفظ كما في الوقف، قاله الماوردى (4).
ومنها: لو اشترى شاة (5) بنية التضحية أو الإهداء، صارت كذلك: عند أبي حنفية (6) ومالك (7)، وفي التتمة (8) وجه
(1) أى نية الخيانة فيها، فالقصد هو النية.
(2)
إِحياء الأرض، هو ما يعرف في الشريعة الإسلامية بإحياء الموات، والموات هو الأرض التي ليس لها مالك، وللإحياء أسباب متعددة منها الزراعة والبناء ونحو ذلك.
وليس هذا مقام تفصيل هذا الموضوع.
(3)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام، وقد أخذت من المجموع المذهب: ورقة (24/ أ).
(4)
قاله في كتاب الوقف من الحاوي، أما في الإقناع فقد قال عن الوقف: - "ولا يصير بالنية وقفًا". الإقناع (119).
(5)
وردت في المخطوطة هكذا: (شيا). ولعل الصواب ما أثبته، وهو الموافق لما في المجموع المذهب.
(6)
انظر: بدائع الصنائع (5/ 62). وعنده فرق بين شراء الفقير والغني، فالفقير إِذا اشتري شاة بنية أن يضحي بها صارت بذلك واجبة، وأما الغني فليس كذلك؛ لأن الأضحية واجبة عليه بإِيجاب الشرع ابتداء.
(7)
ذكر ابن جزى أن الأضحية تتعين بالنية على خلاف في المذهب - يعني المالكي - وذكر ابن عبد البر: أن الأضحية لا تجب عند مالك إِلا بالذبح خاصة، إِلا أن يوجبها بالقول قبل ذلك. انظر: قوانين الأحكام الفقهية لابن جزى (211)، والكافي في فقه أهل المدينة المالكي لابن عبد البر (1/ 418، 419).
(8)
التتمة: كتاب في الفقه الشافعي الله المتولي أبو سعد عبد الرحمن بن مأمون النيسابورى المتوفى سنة 478 هـ. قال ابن هداية الله الحسيني: - "وصنف (التتمة) تلخيصًا من (إِبانة) =
كمذهبهما (1). قال الرافعي: "وغالب الظن أن هذا الوجه صدر عن غفلة، بل هو الوجه في دوام الملك يعني المتقدم"(2).
ويعبر عن هذه المسائل: بأن ما نصبه الشارع سببًا من قول أو فعل، هل تقوم النية مقامه أم لا؟ (3).
* * *
= الفوراني، مع زيادة أحكام عليها، ولذلك سماه تتمة الإبانة ولم يتم التتمة، بل بلغ إِلى حد كتاب السرقة فكملها جماعة" طبقات الشافعية (177).
ومما قاله مؤلفه في أوله بعد أن تحدث عن كتاب الإبانة ومؤلفه: - (وكنت أنا من جملة المختلفين إِلى مجلسه والمستفيدين من عمله فرأيت أن أتأمل مجموعه، فأضيف إِليه تعليل الأقوال والوجوه، والحق به ما شذ عنه من الفروع، واستدرك ما وقع في النسخ من الحلل من جهة المعلقين عنه مراعاة لحرمته وقضاء لحقه، فألفت مجموعًا على ترتيب كتابه سميته: (تتمة الإبانة). وسألت الله تعالى التوفيق في إتمامه". التتمة، الجزء الأول: ورقة (1 / أ).
ورقم ذلك الجزء في دار الكتب المصرية [204 / الشافعي / طلعت]. وقد أطلعت على أجزاء متفرقة من الكتاب فوجدته كتابًا عظيم النفع كثير الفوائد، وقد نقل عنه الإمامان الرافعي والنووي في مواضع كثيرة من كتبهما.
والكتاب غير مطبوع، ويوجد له عدة نسخ في دار الكتب المصرية، ومكتبة أحمد الثالث بتركيا، وتصل نسخة مكتبة أحمد الثالث إِلى اثني عشر جزءًا، وجميع تلك الأجزاء موجودة ما عدا الجزء الأول. ومعظم الأجزاء الموجودة في دار الكتب ومكتبة أحمد الثالث مصورة على أفلام في معهد المخطوطات بالقاهرة.
(1)
ذكر النووي في الروضة أن هذا الوجه في (تتمة التتمة). انظر: الروضة (3/ 192). وكنت قد بحثت عن هذا الوجه في باب الهدى من التتمة فلم أجده، ولعل صاحب التتمة لم يصل إلى كتاب الأضاحي، ولكن وصل إليه من تمم التتمة وهو الذي ذكر ذلك الوجه.
(2)
لعل معنى ذلك: أن هذا الوجه مقول فيما إِذا طرأت نية التضحية على شاة قد ملكها الإِنسان. انظر: الروضة (3/ 192).
(3)
المعنى المتقدم ذكره صدر الدين بن الوكيل في الأشباه والنظائر: ورقة (38 / أ)، وذكر عليه عدة أمثلة، وقد أوردها المؤلف آنفًا.