الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(القواعد الأربع)
قال الهروي (1): "رد (2) القاضي حسين (3) جميع مذهب الشافعي إِلى
(1) هو أبو سعد محمد بن أحمد بن أبي يوسف وقيل: ابن يوسف، الهَرَوي.
تفقه على أبي عاصم العبّادي، وشرح تصنيفه في أدب القضاء بكتاب اسمه (الإِشراف على غوامض الحكومات)(مخطوط)، وتولي قضاء همذان.
توفي رحمه الله مقتولًا بجامع هَمَذَان. واختلف في وقت وفاته فلم يجزم ابن السبكي فيه بوقت محدد حيث ذكر أنه في حدود الخمسمائة أو قبلها بيسير أو بعدها بيسير. وجزم ابن هداية الله بأنه توفي سنة 488 هـ.
انظر: طبقات الشافعية الكبرى (5/ 365)، وطبقات الشافعية للأسنوي (2/ 519)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (187).
(2)
انظر: نص قول الهروي في كتابه: (الإِشراف على غوامض الحكومات): ورقة (64/ أ، ب). وأوله قوله: - "وكان القاضي الحسين يقول: -على أثر حكاية يحكيها عن أبي طاهر الدباس من أصحاب أبي حنيفة، في تخريجه أصول معدودة- دعائمُ الفقه على أصل الشافعي رحمة الله عليه أربعٌ، الأولى:
…
" ورقة (64/ أ).
وهذا يفيدنا فائدتين:
الأولى: أن الهروي أورد قول القاضي الحسين، ولم يحكه حكاية كما قد يوهمه تعبير المؤلف.
الثانية: أنه عبر بقوله: دعائم، ولم يعبر بقوله: قواعد.
واعلم أن الحكاية المشار إِليها آنفًا مشهورة عند من كتبوا في القواعد، فممن ذكرها: العلائي في المجموع المذهب: ورقة (16/ أ). والسيوطي في الأشباه والنظائر (7).
(3)
هو الإِمام المحقق أبو علي بن محمد بن أحمد المَرْوَروُّذِي. نسبة إِلى مَرْوَرُّوذ) وهي أشهر مدن خراسان بينها وبين (مرو الشاهجان) أربعون فرسخًا. والنسبة إِلى الأخيرة مَرْوَزِي. انظر: وفيات الأعيان (1/ 69).
كان من كبار فقهاء الشافعية، وهو من أصحاب الوجوه.
وكان من أجل أصحاب القفال المروزي. ومن أبرز تلاميذه: إِمام الحرمين والمتولي والبغوي.
من مصنفاته: التعليق الكبير، والفتاوى، وأسرار الفقه. =
أربع قواعد:
الأولى: اليقين لا يُزال بالشك، وأصلها (1) قوله عليه الصلاة والسلام:(إِن الشيطان يأتي أحدكم وهو في صلاته فيقول له: أحدثت أحدثت. فلا ينصرفَنَّ حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا)(2).
الثانية: أن المشقة تجلب التيسير، وأصلها قوله تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (3) وقوله عليه الصلاة والسلام: ("بعثت بالحنيفية السمحة)(4).
= توفي رحمه الله سنة 462 هـ.
انظر: تهذيب الأسماء واللغات (1/ 164)، وطبقات الشافعية الكبرى (4/ 356)، وطبقات الشافعية للأسنوي (1/ 407)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (163).
(1)
ورد الضمير في المخطوطة مذكرًا، وصوابه بالتأنيث لأنه عائد إِلى مؤنث هو:(الأولى). والأصل له معان متعددة، ومعناه هنا: الدليل.
(2)
معنى هذا الحديث أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب: لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن. انظر: صحيح البخاري (1/ 237).
ومسلم في كتاب الحيض، باب: الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحديث فله أن يصلي بطهارته تلك.
انظر: صحيح مسلم (1/ 276).
وأبو داود في كتاب الطهارة، باب: إِذا شك في الحدث.
انظر: سنن أبي داود (1/ 45)، رقم الحديث (176، 177).
وابن ماجة في كتاب الطهارة، باب: لا وضوء إلا من حدث:
انظر: سنن ابن ماجة (1/ 171)، رقم الحديث (513، 514).
والترمذي في أبواب الطهارة، باب: ما جاء في الوضوء من الريح.
انظر: سنن الترمذي (1/ 109)، رقم الحديث (74، 75). وقال: وفي الباب عن عبد الله بن زيد، وعلي بن طَلْق، وعائشة، وابن عباس، وابن مسعود، وأبي سعيد.
(3)
من الآية رقم (78)، من سورة الحج.
(4)
أخرجه بهذا اللفظ الإِمام أحمد في المسند (5/ 266). =
الثالثة: الضررُ مُزَال، وأصلها قوله صلى الله عليه وسلم:(لا ضرر ولا ضرار)(1).
الرابعة: تحكيم العادة والرجوع إليها. وأصلها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} (2) الآيات (3)، وقوله صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش (4) رضي الله عنها: (تَحيَّضِي في
= وأخرج البخاري معناه مُعَلَّقًا في كتاب الإِيمان، باب: الدين يسر. انظر: صحيح البخاري (1/ 93).
وقال العجلوني: "رواه الديلمي عن عائشة رضي الله عنها في حديث الحبشة ولعبهم ونظر عائشة إِليهم بلفظ: لتعلم يهود أن في ديننا فسحة وإِني بعثت بالحنيفية السمحة. ورواه أحمد بسند حسن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ليعلم يهود أني أرسلت بالحنيفية السمحة. وفي الباب عن أُبَيٍّ وجابر وابن عمر وأبي هريرة وغيرهم". كشف الخفاء (1/ 217).
(1)
أخرجه بهذا اللفظ الإِمام مالك في كتاب الأقضية، باب: القضاء في المرفق.
انظر: الموطأ (2/ 745)، رقم الحديث (31).
والإِمام أحمد في المسند (5/ 327).
وابن ماجة في كتاب الأحكام، باب: من بنى في حقه ما يضر بجاره.
انظر: سنن ابن ماجة (2/ 784)، رقم الحديث (2340، 2341).
والدارقطني في كتاب الأقضية والأحكام.
انظر: سنن الدارقطني (4/ 227)، رقم الحديث (83).
(2)
من الآية رقم (58) من سورة النور، وتمام الآية {مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)} [النور: 58].
(3)
هنا يوجد إِشارة إِلى تعليق كتب بجانب المخطوطة، ونصه:"أمر الله تعالى بالاستئذان في هذه الأوقات التي جرت العادة فيها بالابتذال ووضع الثياب فانبنى الحكم الشرعي على ما كانوا يعتادونه". وهذا الكلام مثبت بأصل النسخة الأخرى ورقة (5/ أ).
(4)
هي حمنة بنت جحش بن رياب الأسدية أخت أم المؤمنين زينب. =
[علم](1) الله ستًا أو سبعًا كما تحيض النساء وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن) (2) رواه الترمذي وصححه وكذا الحاكم (3). وزاد (4) بعض الفضلاء قاعدة
= وكانت زوجَ مصعب بن عمير، فقتل عنها، فتزوجها طلحة بن عبيد الله: قال أبو عمر: كانت من المبايعات وشهدت أحدًا فكانت تسقي العطشى وتحمل الجرحى وتداويهم.
روت حمنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنها ابنها عمران بن طلحة.
انظر: الاستيعاب (4/ 270)، وأسد الغابة (4/ 428)، والإِصابة (4/ 275).
(1)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أثبته لوروده في معظم روايات هذا الحديث.
(2)
أخرجه بنحو هذا اللفظ أبو داود في كتاب الطهارة، باب: من قال: إِذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة.
انظر: سنن أبي داود (1/ 76)، رقم الحديث (287).
وابن ماجة في كتاب الطهارة، باب: ما جاء في البكر إِذا ابْتُدِئَت مستحاضة أو كان لها أيام حيض فنسيتها.
انظر: سنن ابن ماجة (1/ 205).
والترمذي: في كتاب الطهارة. باب: ما جاء في المستحاضة: أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد.
انظر: سنن الترمذي (1/ 223).
وقال: "هذا حديث حسن صحيح". وقال أيضًا: "سألت محمدًا عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث حسن صحيح، وهكذا قال أحمد بن حنبل: هو حديث حسن صحيح".
وأخرجه الإِمام أحمد في المسند (6/ 439).
والحاكم في المستدرك في أحكام الاستحاضة من كتاب الطهارة، ولم يصرح بتصحيحه. انظر: المستدرك (1/ 172)
(3)
قال العلائي: - "وكان شيخنا إِمام الأئمة أبو المعالي رحمه الله تعالى يقول: في كون هذه الأربع دعائم الفقه كله نظر، فإِن غالبه لا يرجع إِليها إِلا بواسطة وتكلف". المجموع المذهب: ورقة (16/ ب).
ويظهر أنه يقصد بأبي المعالي شيخه أبا المعالي الأنصاري الذي ذكره في أول المجموع المذهب.
(4)
الكلام التالي ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (16/ ب).
خامسة وهي: أن الأمور بمقاصدها، لقوله عليه الصلاة والسلام:(إِنما الأعمال بالنيات)(1). وهو حسن جدًا، فقد قال الشافعي (2) رضي الله عنه في هذا الحديث:"إِنه يدخل فيه ثلث العلم"(3).
(1) وتمام الحديث: - (وإِنما لكل امرئ ما نوى).
وقد أخرجه بهذا اللفظ البخاري في كتاب بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
انظر: صحيح البخاري (1/ 9).
وأبو داود في كتاب الطلاق، باب: فيما عني به الطلاق والنيات.
انظر: سنن أبي داود (2/ 262)، رقم الحديث (2201).
وبنحو هذا اللفظ أخرجه مسلم في كتاب الإِمارة، باب: قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنما الأعمال بالنية"، وأنه يدخل في الغزو وغيره من الأعمال.
انظر: صحيح مسلم (3/ 1515).
وابن ماجة في كتاب الزهد، باب: النية.
انظر: سنن ابن ماجة (2/ 1413)، رقم الحديث (4227).
والترمذي في كتاب فضائل الجهاد، باب: ما جاء فيمن يقاتل رياء وللدنيا.
انظر: سنن الترمذي (4/ 179)، رقم الحديث (1647).
والنسائي في كتاب الطلاق، باب: الكلام إِذا قصد به فيما يحتمل معناه.
انظر: سنن النسائي (6/ 158).
والإِمام أحمد في المسند (1/ 25).
وانظر بحثًا وافيًا عن تخريج هذا الحديث، وبيان ألفاظه وطرقه، وبعض الإِشكالات التي قد ترد عليه، ورد ذلك في: مقاصد المكلفين (515) فيما بعدها.
(2)
ذكر النووي قول الشافعي، وذلك في المجموع (1/ 332).
(3)
يوجد مقابل هذا الموضع من المخطوطة تعليق. على جانبها، ونصه "وزاد بعضهم سادسة وهي أن الميسور لا يسقط بالمعسور". هذا: وقد ذكر المؤلف هذه القاعدة بالتفصيل في ورقة (39/ أ).
القاعدة الأولى وهي: الأمور (1) بمقاصدها (2)
يعني أن الاعتبار بحسب النية للحديث (3)، وفي الجملة الأولى من الحديث مقدر لا بد منه ليتم به الكلام تقديره: إِنما صحة الأعمال بالنيات، أو اعتبار الأعمال ونحو ذلك.
(1) الأمور: جمع أمر، وللأمر في اللغة عدة معان. انظرها في: معجم مقاييس اللغة (1/ 137) ولسان العرب (4/ 26) فما بعدها. والمراد بالأمور في القاعدة: الأفعال والأقوال.
(2)
المقاصد: جمع مقصِد بكسر الصاد، ومعناه هنا: النية.
والنية في اللغة معناها: القصد. انظر: معجم مقاييس اللغة (5/ 366).
والقصد: هو إِتيانُ الشيء وأَمُّهُ، أي التوجه إِليه. انظر: معجم مقاييس اللغة (5/ 95).
ومما قيل في معناها اصطلاحًا، ما قاله الزركشي، ونصه: - "النية: يتعلق بها مباحث، الأول في حقيقتها، وهو: ربط القصد بمقصود معين.
والمشهور: أنها مطلق القصد إِلى الفعل.
وقال الماوردي: هي قصد الشيء مقترنًا بفعله، فإن قصده وتراخى عنه فهو عزم". المنثور في القواعد (3/ 284).
واعلم أن هذه القاعدة عظيمة، وقد أشاد العلماء بالحديث الدال عليها، وذكر الشافعي رحمه الله: أن حديثها يدخل في سبعين بابًا من الفقه، وقد سرد السيوطي ما يرجع من الأبواب إِلى حديثها إِجمالًا، فانظر ذلك في: شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد (2)، والأشباه والنظائر (9 - 11).
وقد أفرد بعض العلماء مصنفات خاصة لبيان أحكام النية، فمن المتقدمين القرافي، في كتابه:(الأمنية في إِدراك النية). ومن المعاصرين الدكتور عمر سليمان الأشقر، في كتابه:(مقاصد المكلفين). والدكتور صالح بن غانم السدلان.
وممن ذكر القاعدة مع غيرها العلائي والزركشي والسيوطي، فانظر: المجموع المذهب: ورقة (16/ ب) فما بعدها، والمنثور (3/ 284) فما بعدها، والأشباه والنظائر (8) فما بعدها.
(3)
وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (إِنما الأعمال بالنيات) إِلخ الحديث.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (وإِنما لكل امرئ ما نوى) معنيان، أحدهما: أن كل من نوى شيئًا حصل له. والثاني: أن (1) من لم ينو شيئًا لم يحصل له. فيدخل في هذين شيء لا يكاد يحصى من مسائل الفقه، ويرجع إليه كثيرُ أكبرِ أبواب الفقه (2) كما ترى.
أما ربع العبادات: فلا شك في اعتباره بالنية، فمنه: الوضوء والغسل والتيمم بأنواعها (3)، وكذا: الصلوات بأنواعها العين والكفاية والسنة الراتبة والنافلة، ومن ذلك: الزكوات. وصدقة التطوع، ومنه: الصوم فرضًا أو نفلًا، ومنه: الحج والعمرة، وكذا: الضحايا والهدايا والنذور، والكفارات، وتدخل أيضًا في الجهاد، والعتق والتدبير (4) والكتابة (5)، بمعنى أن حصول الثواب في هذه الأمور متوقف على قصد التقرب لله تعالى، وكذا: فصل الخصومة بين المتداعين، وإِقامة الحدود على الجناة، وسائر (6) جميع ما يتعاطاه الحكام، وكذا: في تحمل الشهادات وأدائها، ويسري ذلك إِلى سائر المباحات إِذا قصد بها التَّقَوِّي على العبادة، كالأكل والنوم وكذا النكاح إِذا قَصَدَ به الإِعفافَ له ولزوجته أو تحصيلَ الولد الصالح لتكثير الأمة إِلى غير ذلك مما لا يحصى.
(1) يوجد في هذا الموضع من المخطوطة حرف (لم)، وقد حذفته لأن المعنى لا يستقيم إِلا بحذفه، ولعله كتب سهوًا، ولم يذكره العلائي.
(2)
ورد عند العلائي تعبير مغاير، حيث قال: - "ويرجع إِليه أكثر أبواب الفقه". المجموع المذهب، ورقة (16/ ب).
(3)
الواجب والنفل.
(4)
قال البيضاوي عن التدبير: - "وهو تعليق العتق بالموت". الغاية القصوى (2/ 1046).
(5)
قال البيضاوي عن الكتابة: - "وهي تعليق العتق بأداء مال منجم". الغاية القصوى (2/ 1047).
(6)
سائر بمعنى: باقي.