الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على المقصود في النوع الثالث فيعتبر المعنى" (1). والله أعلم.
فائدة
إِذا قال: وقفت على أولادي. أو: أوصي لأولاد فلان. هل يدخل ولد الولد؟
وجهان (2)، قال الرافعي:"أصحهما: لا يدخلون؛ لأن اسم الولد يقع حقيقة على أولاد الصلب، بدليل أنه بقال: ليس هذا ولده وإنما هو ولد ولده".
قلت: [فيشكل على هذا الوجهُ الآخرُ (3)، فإِنه أدخل المجاز (4) في اللفظ (5) من غير تحقق إِرادة دخوله](6). والقول [الآتي](7) إِنه يصح استعمال [اللفظ](8) في
(1) هنا نهاية كلام الرافعي، وانظره في: فتح العزيز (12/ 207 - 209).
(2)
ذكر هذه الفائدة العلائي في المجموع المذهب: ورقة (65/ ب).
هذا: وقد ذكر الزركشي كلامًا حسنًا حول هذا تحت قاعدة عنون لها بقوله: - "ولد الولد هل يدخل في مسمى الولد عند الإطلاق؟ " المنثور في القواعد (3/ 357).
(3)
وهو أن لفظ الولد يدخل فيه ولد الولد، وقد قال الرافعي عن الوجه الثاني: - "والثاني: نعم لقوله تعالى: (يابني آدم) ". فتح العزيز، الجزء الرابع: ورقة (193/ ب).
(4)
وهو ولد الولد.
(5)
وهو الولد.
(6)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أثبته لأن المعنى لا يستقيم إِلا به، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (65/ ب).
(7)
ورد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة (الآخر)، وما أثبته أنسب لاستقامة الكلام، وهو الموافق لما في المجموع المذهب ورقة (66/ أ).
(8)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولا بد منه لاستقامة الكلام، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة: (66/ أ).
حقيقته ومجازه معًا [شرطُه](1) إِرادةُ المتكلم ذلك؛ لا عند الإطلاق. بخلاف اللفظ المشترك. وقد نص الواحدى (2) على: أن اسم الولد يقع على ولد الصلب وولد الولد وإن سفل. وكذا قال غيره. واحتج لذلك بقوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ} (3) وقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} (4) فإِن التحريم شامل الأعلى والأسفل.
ويمكن أن يقال: إِنّ اسم الولد موضوع للقدر المشترك بين ولد الصلب والبطن، وبين ولد الولد ومن أسفل منه، فمن نظر إِلى ذلك أدخل الأحفاد في اللفظ تعميمًا للفظ، ومن قصر على أولاد الصلب كان الاقتصار على القدر المتحقق دون المحتمل.
وقد قال الأصحاب: إِن قلنا: إِن الحافد (5) لا يطلق عليه اسم الولد، فأولاد البنات أولى. وإِن قلنا: يطلق عليه (6) الولد، ففي أولاد البنات وجهان، الأصح: أنه لا يقال
(1) ورد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة (بشرط)، وما أثبته هو المناسب لاستقامة المعنى، وهو الموافق لما في المجموع المذهب: ورقة (66/ أ).
(2)
هو أبو الحسن علي بن أحمد بن محمَّد الواحدى النيسابورى.
كان فقيهًا إمامًا في النحو واللغة وغيرهما، شاعرًا، وأستاذ عصره في التفسير.
ومن مصنفاته في التفسير: البسيط، والوسيط، والوجيز وهو مطبوع، وله مصنفات كثيرة في علوم أخرى ذكرها ابن السبكي في طبقاته.
توفي رحمه الله بنيسابور سنة 468 هـ.
انظر: طبقات الشافعية الكبرى (5/ 240)، وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 538)، والبداية والنهاية (12/ 114)، وشذرات الذهب (3/ 330).
(3)
جاء قوله تعالى المتقدم في القرآن الكريم في خمسة مواضع، أربعة في سورة الأعراف وهي الآيات:(26، 27، 31، 35). والخامس في سورة يس، آية رقم (60).
(4)
من الآية رقم (23) من سورة النساء.
(5)
مراده بالحافد هنا: ولد الابن، ولأهل اللغة، والمفسرين كلام في معنى الحافد، انظر: مثلًا: الصحاح للجوهرى (2/ 466)، وتفسير ابن كثير (2/ 578).
(6)
وردت هذه الكلمة في المخطوطة بلا ضمير هكذا (على)، وصوابها كما أثبتها.
لولد البنت ولد.
وهذا يشكل عليه قوله عليه الصلاة والسلام عن الحسن (1) رضي الله عنه: (إِن ابني هذا سيد)(2).
وقد نص الشافعي على أنه إِذا حلف: لا يبيع أو لا يشترى أو لا يضرب عبده. فوكل، ثم لم يحنث (3).
ونقل الربيع عنه: أنه إِن كان مما (4) لا يتولى ذلك بنفسه كالسلطان، أو كان
(1) هو أبو محمَّد الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب سبط النبي صلى الله عليه وسلم، أمه فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم. ولد سنة ثلاث من الهجرة، وقيل: ولد بعد أحد بسنة وقيل بسنتين.
حدث الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبيه وأخيه الحسين وغيرهم.
توفي رضي الله عنه بالمدينة سنة 49 هـ، وقيل: سنة 50 هـ وقيل: سنة 51 هـ.
انظر: الاستيعاب (1/ 369)، وأسد الغابة (2/ 9)، والإِصابة (1/ 328).
(2)
أخرجه بهذا اللفظ البخاري في كتاب الصلح، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما "ابني هذا سيد".
نظر: صحيح البخاري (5/ 306).
وأبو داود في كتاب السنة، باب: ما يدل على ترك الكلام في الفتنة.
انظر: عن أبي داود (4/ 216)، رقم الحديث (4662).
والترمذي في كتاب المناقب، باب: مناقب الحسن والحسين عليهما السلام.
انظر: عن الترمذي (5/ 658)، رقم الحديث (3773).
والنسائي في كتاب الجمعة، باب: مخاطبة الإمام رعيته وهو على المنبر.
انظر: عن النسائي (3/ 107).
(3)
انظر: نص كلام الشافعي في: الأم (7/ 77).
(4)
(ما) الموصولة تستعمل لغير العاقل، والمقام هنا للعاقل، وقد ذكر ابن هشام أن (ما) يجوز استعمالها في أنواع من يعقل، انظر: أوضح المسالك إِلى ألفية ابن مالك (78)، أقول: فلعل المؤلف قد أراد النوع.
المحلوف عليه مما لا يعتاد الحالف فعله بنفسه كالبناء، حنث إِذا أمر بفعله (1). فمنهم من أثبته قولًا، ومنهم من امتنع (2). وكل ذلك حمل للفظ على حقيقته التي هي المباشرة دون المجاز.
قالوا: إِلا أن (3) ينوي بذلك أن لا يَفْعَل ولا يُفْعَل بإِذنه فيحنث إِذا وكل. قال الرافعي (4): "وفي هذا استعمال للحقيقة والمجاز جميعًا، والأولى أن يوجد معنى مشترك بين الحقيقة والمجاز، فيقال: اِذا نوى أن لا يسعى في تحقيق ذلك الفعل حنث بمباشرته وبالأمر به لشمول هذا المعنى". قال (5): "وإِرادة هذا المعنى إرادة للمجاز فقط".
وما قاله الرافعي (6) بناه (7) على أنّ الجمعَ في لفظ واحد بين الحقيقة والمجاز
(1) نص كلام الربيع هو: - "قال الربيع: للشافعي في مثل هذا قول في موضع آخر، فإذا حلف ليضربن عبده، فإن كان مما يلي الأشياء بيده فلا يبر حتى يضربه بيده، فإِن كان مثل الوالي أو ممن لا يلي الأشياء بيده فالأغلب أنه إِنما يأمر، فإذا أمر فضرب فقد بَرَّ" الأم (7/ 77، 78).
أما ما ذكره المؤلف عن الربيع فهو موجود في: روضة الطالبين (11/ 47).
(2)
قال النووى: "والمذهبُ: القَطْعُ وإنه لا يحنث، والامتناعُ من جعله قولًا" روضة الطالبين (11/ 47).
(3)
ورد في هذا الموضع من المخطوطة حرف (لا)، وقد حذفته لأن المعنى لا يستقيم إِلا بحذفه، ولم يرد في النسخة الأخرى: ورقة (33/ أ)، ولا في المجموع المذهب: ورقة (66/ أ).
(4)
ورد القول التالي في فتح العزيز، جـ 15: ورقة (127/ أ). وقبله قوله: - "هكذا أطلقوه. مع قولهم: إِن اللفظ لفعل نفسه حقيقة، واستعماله في المعنى الآخر تجوّز.
وفي هذا استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز جميعًا، وهو مستبعد عند أهل الأصول، وأحسن من هذا أن يوجد
…
إِلخ".
(5)
أي الرافعي: وذلك في الموضع المتقدم من فتح العزيز.
(6)
نهاية الورقة رقم (28).
(7)
وردت هذه الكلمة في المخطوطة بلا ضمير هكذا (بنا)، وإثبات الضمير أظهر للمعنى.
مرجوحٌ. وليس كذلك، بل هو مذهب الشافعي، فقد نص عليه في قوله تعالى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (1). فقال: "أحمله على اللمس باليد وعلى الجماع"(2). وعلى هذا يتخرج المذهب في قوله تعالى: {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (3) حيث خير الولي بين القصاص والدية؛ لأن السلطان حقيقةٌ في الاقتصاص مجازٌ في الدية، والتخييرُ بينهما جمعٌ بين الحقيقة [والمجاز](4) في اللفظ الواحد.
أو يقال: السلطان يراد به الأعم من ذلك، فيكون موضوعًا للقدر المشترك؛ لأن مطالبة الولي بكل واحد منهما نوع سلطة على الجاني، فيكون (5) كما أشار (6) أن لا يسعى في تحقيق ذلك. وقوله:"إِن إرادة هذ المعنى [إِرادة] للمجاز [فقط] (7) ". فيه نظر لا يخفى (8).
(1) جاء قول الله تعالى المتقدم في موضعين من القرآن الكريم، هما الآية رقم (43) من سورة النساء، والآية رقم (6) من سورة المائدة.
(2)
لم أجد نص هذا الكلام لا في الأم، ولا في مختصر البويطي، ولا في مختصر المزني، ولا في أحكام القرآن، ولكن قد يفهم معناه من كلام الشافعي في الأم (1/ 15)، ويوجد نحوه في البرهان (1/ 344).
(3)
من الآية رقم (33) من سورة الإسراء
(4)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولكن لابد منه لاستقامة المعنى، والكلام المتقدم يدل عليه، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (66/ ب).
(5)
أي تفسير السلطان بالقدر المشترك من المطالبة بالقصاص والدية.
(6)
أي الرافعي في مثال سابق فيما إذا حلف حالف على أن لا يبيع أو لا يشترى ونحو ذلك، وقصده أن لا يَفْعَل ولا يُفْعَل بإِذنه. أشار إلى أن الأولى أن يوجد معنى مشترك بين الحقيقة والمجاز، مثل أن ينوي أن لا يسعى في تحقيق ذلك.
(7)
وردت هذه العبارة في المخطوطة هكذا: (إِن إِرادة هذا معنى مجاز). وما زدته في العبارة من حروف وما أثبته بين معقوفات أخذته من كلام الرافعي المتقدم، ولا يستقيم المعنى إلا به.
(8)
لعل النظر المقصود: هو أن المجاز جزء من المعنى المشترك فإِرادة المعنى المشترك تقتضي إرادة المجاز والحقيقة لا المجاز فقط.
وأما المشترك اللفظي (1) فمذهب الشافعي: أنه يحمل على كلا معنييه عند إطلاق اللفظ، أو تجرده عن القرائن كالعام (2). وهو اختيار الباقلاني (3). وعليه يتخرج مسائل:
- منها: إِذا قال: وقفت على موالي (4). وله معتِقون وعتقاء. فإنه يقسم بينهما على
(1) هناك مشترك لفظي ومشترك معنوى، وقد أشار القرافي إِلى أنه ينبغي أن يفرّق بينهما فقال: - "فائدة: ينبغي أن يفرق بين اللفظ المشترك وبين اللفظ الموضوع للمشترك؛ لأن اللفظ الأول مشترك والثاني لمعنى واحد مشترك واللفظ ليس بمشترك، والأول مجمل والثاني ليس بمجمل لاتحاد مسماه" شرح تنقيح الفصول (30).
(2)
ذكر هذا الرأى منسوبًا إلى الشافعي والقاضي أبي بكر الباقلاني، فخر الدين الرازى في المحصول (جـ 1/ ق 1/ 380).
كما ذكره النووى منسوبًا إلى الشافعي، وذلك في روضة الطالبين:(6/ 157).
(3)
هو القاضي أبو بكر محمَّد بن الطيب بن محمَّد، المعروف بالباقلاني.
أخذ الحديث والأصول والفقه عن القطيعي وابن مجاهد وأبي بكر الأبهرى وابن أبي زيد وجماعة، وعنه أخذ أئمة منهم أبو ذر الهروى وأبو عمران الفاسي والقاضي عبد الوهاب المالكي.
كان الباقلاني حسن الفقه عظيم الجدل، وكان من أعرف الناس بعلم الكلام، وإليه انتهت رياسة المالكيين في وقته.
مصنفاته كثيرة منها: إعجاز القرآن، وكشف الأسرار وهتك الأستار في الرد على الباطنية، والتقريب والإِرشاد، والتمهيد، والمقنع، والثلاثة الأخيرة في أصول الفقه.
توفي رحمه الله سنة 403 هـ.
انظر: ترتيب المدارك (4/ 585)، ووفيات الأعيان (4/ 269)، والبداية والنهاية (11/ 350)، والديباج المذهب (267)، وشجرة النور التركية (92).
(4)
الموالي جمع مولى، وللمولى معانٍ متعددة، منها ما قاله الجوهرى ونصه: - "والمولى: المعتِق، والمعتَق، وابن العم، والناصر، والجار".
وقال أيضًا: "المولى: الحليف". الصحاح (6/ 2529).
وانظر: القاموس المحيط (4/ 404).
الأصح الذي رجحه في التنبيه (1)، وصححه الجرجاني (2) وغيره، والنووي (3).
وفيه وجوه (4) أخر؛ أحدها: أنه يختص به المعتِق. والثاني: يكون للموالي من أسفل (5). والثالث: أنه يبطل؛ لإِبهام الصيغة (6).
وذكر محمَّد بن يحيى (7): أنه لو كان له واحد من جهة، واثنان من جهة، تعين الصرف إِلى الكل عملًا بمقتضى صيغة الجمع (8).
(1) ذكر الشيخ أبو إِسحق الشيرازى في المسألة عدة أوجه، وصحح هذا الوجه. انظر: التنبيه (138).
(2)
صححه الجرجاني في كتابه: التحرير: ورقة (100/ أ).
وذلك الكتاب مصور على فيلم في معهد المخطوطات بالقاهرة تحت رقم [92/ فقه شافعي].
(3)
انظر: روضة الطالبين (5/ 338).
(4)
وجوه: جمع كثرة، والأولى أن يعبر بجمع القلة فيقول: أوجه.
(5)
المراد بالمولى الأسفل: العتيق، والمراد بالمولى الأعلى: المعتِق.
انظر: روضة الطالبين (5/ 338).
(6)
ذكر هذه الأوجه النوويُّ في روضة الطالبين (5/ 338).
والوجه الثالث جزم به الغزالي في الوجيز (1/ 247).
(7)
هو أبو سعد، وقيل أبو سعيد، محمَّد بن يحيى النيسابورى. ولد سنة 476 هـ.
تفقه على الغزالي، وصار أكبر تلامذته، وسمع الحديث من جماعة.
وهو شيخ الشافعية، انتهت إِليه رياسة المذهب بخراسان، وقصده الفقهاء من البلاد، كان إِمامًا بارعًا في الفقه والزهد. والروع.
من مصنفاته: المحيط في شرح الوسيط، والإِنصاف في مسائل الخلاف، وتعليقة في الخلاف.
توفي رحمه الله مقتولًا سنة 548 هـ.
انظر: تهذيب الأسماء واللغات (1/ 95)، وطبقات الشافعية الكبرى (7/ 25)، وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 559)، وشذرات الذهب (4/ 151).
(8)
هذا القول مبني على أنَّ أقل الجمع ثلاثة، وهناك رأى آخر هو أن أقل الجمع اثنان.
ومنها: إِذا قال لعبده: إِن رأيت عينًا (1) فأنت حر. فرأى [أحد](2) أفراد العين، قال الإمام:" فيه تردد. والوجه أنه يعتق"(3) فإذا أيضًا حمل المشترك على جميع معانيه. وإنما لم يتوقف حصول العتق على رؤية الجميع؛ لأن الصفة في التعليق تتحقق بأول أفرادها فيقع العتق. كما لو قال: إِن دخلتَ الدار فأنت حر. فيعتق بأول الدخول في أولها، وإن لم يدخل الجميع. فكذا هنا.
* * *
(1) للعين معان متعددة: منها: عين الإنسان، وعين الماء، والجاسوس، والدينار، وعين الشمس.
وانظر في تفصيل ذلك الصحاح (6/ 2170).
(2)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولكن لابد منه لاستقامة المعنى، وقد أخذته من
المجموع المذهب: ورقة (66/ ب).
(3)
الكلام المتقدم يوجد ما يدل عليه في البرهان (1/ 344).
قاعدة (1)
تقدم في مسألة الحلف على البيع والشراء (2) ونحوهما أنه لا يحنث إلا بمباشرته ذلك على الراجح دون التوكيل، وأنه لا اعتبار بعرف الحالف وعادته.
قال القفال قال أبو زيد (3): " (4) لا أدرى على ماذا بنى الشافعي مسائل الإِيمان، إِن كان تتبع اللغة، فمن حلف لا يأكل الرؤوس ينبغي أن يحنث برؤوس الطير والحيتان (5).
(1) موضوع هذه القاعدة هو مبنى الأيمان، أهو الحرف أم اللغة؟ وقد ذكر هذه القاعدة العلائي في المجموع المذهب: ورقة (66/ ب)، وتكلم السيوطي عن بعض مسائلها في الأشباه والنظائر (93).
(2)
أي الحلف على عدم فعلهما.
(3)
هو أبو زيد محمَّد بن أحمد بن عبد الله الفاشاني، المعروف بالمروزى. ولد سنة 301 هـ.
أخذ عن أبي إِسحاق المروزى، وعنه أخذ القفال، حدث عن جماعة، وروى عنه جماعة.
وهو من أئمة الشافعية الخراسانيين أصحاب الوجوه، وكان من أحفظ الناس لمذهب الشافعي، وهو شيخ الإِسلام علمًا وعملًا، وورعًا وزهدًا، جاور بمكة سبع سنين.
توفي رحمه الله بمرو سنة 371 هـ.
انظر: طبقات الفقهاء (115)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 234)، وطبقات الشافعية الكبرى (3/ 71)، وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 379)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 124).
(4)
قول أبي زيد التالي ذكره النووي في: روضة الطالبين (11/ 81).
(5)
والذي يراه الشافعي أنه لا يحنث برؤوس الطر والحيتان، وجاء في الأم (7/ 79) ما نصه: - "قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا حلف الرجل أن لا يأكل الرؤوس، وأكل رؤوس الحيتان أو رؤوس الجراد أو رؤوس الطير أو رؤوس شيء يخالف رؤوس البقر أو الغنم أو الإبل؛ لم يحنث، من قبل أن الذي يعرف الناس إِذا خوطبوا بأكل الرؤوس أنها الرؤوس التي تعمل متميزة من الأجساد يكون لها سوق كما يكون للحم سوق".
وإن اتبع العرف فأصحاب القرى لا يعدون الخيام بيوتًا (1).
وقد قال الشافعي: لا فرق بين القروي والبدوي" (2).
قال الرافعي (3): "الفرق (4): أن اسم البيت يقع على المبنى والمتخذ من الشعر وغيره في اللغة، فحمل فيه اللفظ على الحقيقة (5).
و [أما](6) مسألة الرؤوس والبيض (7): فإِنهم لا يطلقون اسمَ البيض على بيض السمك وإن كثرت عندهم، ولا (8) اسمَ الرؤوس المشوية (9) على رؤوس السمك والطير
(1) فلو حلف قروي على أن لا يسكن بيتًا فينبني أن لا يحنث بسكنى الخيمة.
(2)
كتبت هذه الكلمة في المخطوطة بلا واو هكذا (بدى)، والصواب كونها بواو، وهو ما أثبته.
ونص كلام الشافعي هو: - "وإِن حلف الرجل أن لا يسكن بيتًا، وهو من أهل البادية أو أهل القرية ولا نية له، فأي بيت -شعر أو أدَمٍ أو خيمةٍ أو ما وقع عليه اسم بيت أو حجارة أو مَدَر - سَكَنَ حَنَث" الأم (7/ 72).
(3)
القول التالي فيه تصرف كثير، ولكنه لم يخل بالمعنى، وانظر نص قول الرافعي في هذا الشأن في: فتح العزيز، جـ 15: ورقة (114/ أ، ب).
واعلم أن العلائي لم يقل: "قال الرافعي" ولكنه قال: - "وذكر الرافعي الفرق بين المسألتين بأن اسم البيت .. إِلخ". المجموع المذهب: ورقة (67/ أ).
وهناك فرق بين عبارة العلائي، وعبارة المؤلف.
(4)
أي بين مسألة الرؤوس ومسألة البيت.
(5)
أي اللغوية.
(6)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولكن لابد منه لاستقامة العبارة، وقد ذكره العلائي.
(7)
مسألة البيض مماثلة لمسالة الرؤوس، وصورتها: أن يحلف على أن لا يأكل البيض، فعند اتباع اللغة ينبغي أن يحنث ببيض السمك، ولكن الذي يراه الشافعي هو أنه لا يحنث، ونص ما في الأم (7/ 79) هو: - "والبيض كما وصفت هو بيض الدجاج والأوز والنعام. فأما بيض الحيتان فلا يحنث به إِلا بنية؛ لأن البيض الذي يعرف هو الذي يزايل بائضه فيكون مأكولًا وبائضه حي، فأما بيض الحيتان فلا يكون هكذا".
(8)
يوجد في هذا الموضع من المخطوطة حرف (على)، وقد حذفته لأن المعنى لا يستقيم إلا بحذفه. كما أنه لم يرد في فتح العزيز، ولا في المجموع المذهب.
(9)
هذا فيمن حلف: لا يأكل رأسًا مشويًا.
مع كثرتها، فاطرد العرف فيه (1). بخلاف اسم البيت: فإِنهم لا يستعملونه في المتخذ من الجلد والشعر وغيرهما، (2) ولا يفهمون ذلك عند الاستعمال؛ لفقدها وقلتها، فلم يتحقق عرف على خلاف اللغة" (3).
ثم قال: (4)"وفيهما ما يُبَين أن الشافعي تتبع قضية (5) اللغة تارة، وذلك عند ظهورها وشمولها وهو الأصل. والعرف إِذا استمر واطرد أخرى". والله أعلم.
واعترض على قول الرافعي: "عند ظهورها وشمولها": بأنه اِن أراد به الظهور في العرف، فيكون التقدير: أنه إِذا اتفق الاصطلاحان العرفى واللغوى فيعمل به. وما عدا ذلك (6) فهو موضع الإِشكال الذي أورده أبو زيد.
ويجاب عنه: بأن المراد بالظهور عدم الاضطراب (7).
(1) أي في عدم إطلاق اسم البيض على بيض السمك، وعدم إِطلاق اسم الرؤوس المشوية على رؤوس السمك والطير.
(2)
ورد بدل الواو في المخطوطة (إِذ). وما أثبته هو الصواب، وهو الوارد في فتح العزيز والمجموع المذهب.
(3)
هنا نهاية كلام الرافعي.
والظاهر أن معنى قوله: - "فلم يتحقق عرف على خلاف اللغة" هو: أن اسم البيت في اللغة: يطلق على المبني من الطين ونحوه وعلى المتخذ من الشعر ونحوه، وأما عدم استعمال أهل القرى اسم البيت في المتخذ من الشعر ونحوه فمرجعه فقد بيوت الشعر في بعض القرى وقلتها في البعض الآخر، فلا يعتبر ذلك عرفًا، ومن ثم لم يثبت عرف على خلاف اللغة.
(4)
أي الرافعي. ولم أتمكن من العثور على هذا القول في فتح العزيز، وقد ذكره النووى في الروضة (11/ 81).
(5)
معنى (قضية) هنا: مقتضى.
(6)
أي ما عدا الظهور في العرف، كان يكون الوضع اللغوى ظاهرًا عند أهل اللغة وحدهم.
(7)
أي عدم الاختلال في اللغة، والاختلال يكون بمخالفة العرف الثابت لها. فيكون معنى كلام الرافعي: أنه تُتَّبَعُ اللغة عند عدم مخالفة العرف الثابت لها، فإِن خالفها عرف ثابت عمل به.
وكذا قال الشيخ عز الدين (1): "قاعدة الأيمان: البناء على العرف إِذا لم يضطرب، فإِن اضطرب فالرجوع إِلى اللغة".
وقال الرافعي في تعليقات الطلاق: "لابد من النظر في مثل هذه التعليقات إِلى وضع اللسان، وإِلى ما يتبادر إِلى الفهم منها (2) في العرف، فإِن تطابق الوضع والعرف فذاك. وإِن اختلفا، فكان المفهوم منه في [العرف] (3) شيئًا، وحقيقة الوضع شيئًا آخر، فالاعتبار بالوضع أو بالعرف؟ فيه طريقان (4)، كلام الأصحاب: يميل إِلى الوضع. والإمام والغزالي: يريان اتباع العرف"(5). ذكر الرافعي ذلك بعد مسألتين:
(1) بحثت عن القول التالي في كتابين للشيخ عز الدين فلم أجده. والكتابان هما: قواعد الأحكام، والغاية في اختصار النهاية (مخطوط). وقد ذكره ابن الوكيل في الأشباه والنظائر: ورقة (7/ ب).
(2)
وردت في المخطوطة هكذا: (منه). وما أثبته هو المناسب، وهو الوارد في فتح العزيز.
(3)
ورد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة (الوضع)، وما أثبته هو الصواب وهو الموجود في فتح العزيز للرافعي.
(4)
سبق بيان معنى الطريقين، ونجد الرافعي قد استعمل الطريقين هنا في موضع الوجهين، وذلك جار عند بعض العلماء، قال النووى: - "وقد يستعملون الوجهين في موضع الطريقين وعكسه" المجموع (1/ 111).
ثم قال بعد التمثيل لذلك - "وإِنما استعملوا هذا؛ لأن الطرق والوجوه تشترك في كونها من كلام الأصحاب" المجموع (1/ 112).
(5)
إِلى هنا نهاية كلام الرافعي، وانظر نصه في: - فتح العزيز، جـ 16: ورقة (60/ ب).
ونص عبارة الرافعي الأخيرة في فتح العزيز هو: - "ويستحب الإمام اتباع العرف، وساعده صاحب الكتاب". ويقصد بالكتاب الوجيز، ويقصد بصاحبه الغزالي، فالرافعي لم يصرح بأن رأى الغزالي هو اتباع العرف. كما فعل المؤلف، وحين رجعت إلى الوجيز رأيت أن الغزالي يرى ترجيح العرف في بعض الصور، وترجيح اللغة في صور أخرى، ونص كلامه هو: - "ومهما كان للفظة مفهوم في العرف ووضع في اللسان فعلى أيهما يحمل؟ فيه تردد، والتحقيق أن ذلك لا ينضبط بل تارة يرجح العرف، وتارة اللغة، ويختلف ذلك باختلاف درجات العرف وظهور اللفظ" الوجيز (2/ 69).
إِحداهما: "إِذا أكل الزوجان تمرًا أو نحوه، ثم قال بعد خلط النوى: إن لم تميزي (1) نوى ما أكلت عن نوى ما أكلت فأنت طالق. قال الأصحاب: تتخلص عن (2) الحنث بأن تبددها بحيث لا يلتقي منها اثنان؛ لأنها ميزت. نعم: إِن أراد التمييز الذي يحصل به التعيين لم يحصل الخلاص به. قال الإِمام: هذا اللفظ عند الإِطلاق يتبادر منه التعيين، فكان ينبغي أن يحمل اللفظ عليه، فإِن أراد مقتضى الوضع في اللغة فيبقى تردد في أنه يزال ظاهر الإطلاق، والأشبه أنه لا يزال"(3).
الثانية: (4)"إِن لم تخبريني بعدد ما في هذا البيت من الجوز فأنت طالق. قالوا: يحصل الخلاص بأن تبتدئ من عدد تستيقن أن الجوز الذي في البيت لا ينقص عنه، وتذكر الأعداد بعد ذلك على الولاء، إِلى أن تنتهي إلى عدد تتيقن أنه لا يزيد عليه، فتكون مخبرة بذلك أو ذاكرة له، وهذا إِذا لم يقصد التعيين، وإلا فلا يحصل البر (5) كما في الأولى"(6).
(1) بيّن الجوهرى معنى التمييز بقوله: - "مِزْتُ الشيء أميزه ميزًا: عزلته وفرزته، وكذلك مَيَّزته تمييزًا" الصحاح (3/ 897).
وبين الرافعي معناه الوضعي والعرفي بقوله: - "حقيقته بالوضع: الفصل والتفريق، والمفهوم منه في العرف الغالب: التعيين والتعريف". فتح العزيز، جـ 16: ورقة (60/ ب).
(2)
حرف (من) هو المناسب لفعل تتخلص، وهو الوارد في فتح العزيز.
(3)
المسألة المتقدمة منقولة من فتح العزيز مع تصرف يسير، وانظر نصها في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (59/ أ).
وفيه عن الإمام ما نصه: - "فيبقى تردد في أنه هل يزال ظاهر الإطلاق؟ والأشبه أنه يزال".
(4)
كان من المناسب أن يصدّر هذه المسألة بقوله: - "لو قال الزوج". وكذلك فعل الرافعي.
(5)
البر: هو الوفاء بمقتضى اليمين. والحنث: هو مخالفة مقتضى اليمين.
(6)
المسألة المتقدمة منقولة من فتح العزيز مع تصرف يسير، وانظر نصها في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (59/ ب).
واستبعد الغزالي ما ذكره الأصحاب (1)، واعْتَرَضَ الإِمامُ (2) كما في الصورة الأولى.
ثم قال (3): بعد كلام له: " (والتحقيق أن ذلك لا ينضبط) (4) اِذ لا يمكن ترجيح أحد الجانبين -يعني اللغة والعرف- وإِدارة الحكم عليه على الاطراد والإِطلاق، ولكن يختلف الحال فيه باختلاف العرف اطرادًا واضطرابًا، وبكيفية دلالة اللفظ على المعنى قوة وضعفًا، فقد يَقْوَى العرفُ فيقتضي هجرانَ الوضع، وقد يضطرب ويختلف فيؤخذ بمقتضى الوضع. وعلى الناظر التأمل والاجتهاد فيما يستفتى"(5). وهذا كله يرد على اتفاقهم على ترجيح القول بعدم الحنث فيمن (6) حلف على فعل شيء لا يتعاطاه بنفسه اِذا وكل فيه، فإِنه مشكل؛ لأن العرف غير مضطرب في ذلك، فينبغي تقييد اللفظ (7).
وقد ذكروا [في](8) مثله فيما إِذا حلف لا يتزوج فوكل في ذلك
(1) انظر: الوجيز (2/ 69).
(2)
أي على كلام الأصحاب.
(3)
أي الرافعي.
(4)
ما بين القوسين هو من كلام الغزالي في الوجيز (2/ 69).
وما بعد القوسين هو بداية كلام الرافعي في شرحه للوجيز المسمى بفتح العزيز. ولكن حصل فيهما خلط. والدليل على ما قلت هو عبارة فتح العزيز، ونصها: - "ثم نتبين بقوله: (والتحقيق أن ذلك لا ينضبط) أنه لا يمكن ترجيح أحد الجانبين
…
إِلخ". فتح العزيز، جـ 16: ورقة (60/ ب).
(5)
إلى هنا نهاية كلام الرافعي.
(6)
وردت في المخطوطة هكذا (فمن) والصواب ما أثبته.
(7)
جاء في هذا الموضع من المجموع المذهب للعلائي: ورقة (68/ أ). عبارة (به)، ولعل المعنى: أنه ينبغي تقييد كلام الرافعي المتقدم باتفاقهم على هذه الصورة.
(8)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولابد منه لاستقامة الكلام، وهو موجود في المجموع المذهب: ورقة (68 / أ).
وجهين (1)، وقطع البغوي بالحنث (2)؛ لأن الوكيل سفير محض ولهذا يجب ذكر الموكل في العقد.
* * *
(1) قال النووى: - "فهل يحنث؟ وجهان ذكرهما المتولي، أحدهما: لا كالبيع، وبه قطع الصيدلاني والغزالي، والثاني: نعم" روضة الطالبين (11/ 47، 48).
(2)
انظر: التهذيب، الجزء الرابع، ورقة (202/ أ).
قاعدة (1)
الحقائق الشرعية المتعلقة بالماهيات الجعلية، كالصلاة والصوم والبيع والنكاح وسائر العقود، إِنما تطلق على الصحيح منها (2). وفي قول: هي موضوعة للأعم من الصحيح والفاسد (3).
فعلى الصحيح (4): إِذا حلف لا يبيع أو لا يشتري ونحو ذلك لم يحنث إِلا بالصحيح (5).
وقد نص الشافعي على أنه: [لو حلف](6) لا يبيع بيعًا فاسدًا، فباع بيعًا صحيحًا أو فاسدًا؛ لا يحنث، أما الصحيح فغير محلوف عليه، وأما الفاسد فلأن الفاسد لا يجامع البيع؛ لكن البيع الشرعي لا يكون غير صحيح.
(1) هذه القاعدة أشار إليها ابن الوكيل في الأشباه والنظائر: ورقة (6/ ب، 7/ أ)، وذكرها العلائي في المجموع المذهب: ورقة (68/ أ)، وذكر النووي بعض مسائلها في روضة الطالبين (11/ 49، 66)، وذكر الزركشي كلامًا حسنًا عنها في المنثور (2/ 305).
(2)
قال العلائي: - "دون الفاسد وهذا هو المستقر في المذهب" المجموع المذهب: ورقة (68/ أ).
(3)
قال العلائي: - "وهو ضعيف، يضاهي مذهب أبي حنيفة في صحة إطلاقها على الفاسد، جريًا على قاعدته: في أن النهي يقتضي تصور المنهي عنه، فيصح عنده نذر صوم العيد؛ لأن نهي الشارع يقتضي تصوره ولا يمكن ذلك إِلا بوجوده.
والجواب: أنا نكتفي بالتصور الذهني، ولانحتاج إلى تصوره في الخارج". المجموع المذهب: ورقة (68 / أ).
(4)
وهو أنها تطلق على الصحيح فقط.
(5)
نهاية الورقة رقم (29).
(6)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أثبته للحاجة إليه في استقامة الكلام، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (68/ أ)
ومن ثمرة الخلاف: ما إذا أذن لعبده في النكاح، فنكح نكاحًا فاسدًا، فهل له أن ينكح بعده نكاحًا صحيحًا بذلك الإِذن، أم لا؟
فيه قولان، أصحهما: نعم؛ لأن الإِذن ينزل على الصحيح. والقول الآخر: لا، تنزيلًا له على الأعم من الصحيح والفاسد. هذا في العقود.
أما العبادات فأنواع:
منها: الحج، فإِذا حلف عليه (1) حنث بالفاسد بلا خلاف؛ لأنه يجب المضي فيه كالصحيح (2). وهذا (3) هو مأخذ من قال بالحنث بالفاسد، [لا](4) لأن الألفاظ الشرعية تنزل على الصحيح والفاسد.
ومنها: الصلاة، فإِذا حلف لا يصلي فمتى يحنث؟
فيه أوجه، أحدها: بمجرد التحريم. والثاني: حتى يركع، قاله ابن سريج. والثالث بالفراغ؛ لاحتمال فسادها. حكاها الرافعي بلا تصحيح (5)، وصحح النووى الأول (6).
(1) أي على عدم فعله.
(2)
ذكر ذلك الرافعي في فتح العزيز، جـ 15: ورقة (127/ ب، 128/ أ).
كما ذكره النووى في روضة الطالبين (11/ 50).
(3)
أي كون الحج الفاسد يجب المضي فيه كالصحيح.
(4)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ويظهر لي أن المعنى المقصود لا يتبين إِلا به، وهو موجود في المجموع المذهب: ورقة (68/ ب).
(5)
وذلك في فتح العزيز، جـ 15: ورقة (137/ ب، 138/ أ). وقال عن الوجه الثاني: - "ويحكى عن ابن سريج".
(6)
انظر: روضة الطالبين (11/ 66)، ولم ينبّه النووى على أن هذا التصحيح من زيادته، خلافًا لعادته.
قال الرافعي بعد ذكر الأوجه (1): "ولو أفسدها لم يحنث على الثالث، ويحنث على الأول مطلقًا، وعلى الثاني إِن أفسدها بعد الركوع". قال (2): "وليس ذلك لأن اللفظ يقع على الصحيح والفاسد، بل لأن الشارع في الصلاة يسمي مصليًا، فيعتبر (3) أن يكون الشروع صحيحًا (4)، حتى لو تحرم مع الإخلال ببعض الشروط لا يحكم بالحنث. ولو قال: (5) ما صليت، وكان قد أتى بصورة فاسدة؛ لم نقل بالحنث. أما لو قال: (6) لا أصلي صلاة، فإنه لا يحنث حتى يفرغ منها صحيحة (7). ولو لم يجد ماء ولا ترابًا فصلى يحنث؛ لأنها تعد صلاة لكن وجب القضاء. اِلا أن يريد صلاة مجزئة".
ومنها: الصوم، فإذا حلف لا يصوم. فهل يحنث بأن يصبح صائمًا، أو بأن ينوى صوم التطوع قبل الزوال، أو لا يحنث حتى يتم؟
"فيه الخلاف". كذا ذكراه (8) في الشرح (9)
(1) القول التالي فيه تصرف يسير، وانظر نصه في: فتح العزيز جـ 15: ورقة (138/ أ).
(2)
أي الرافعي، في الموضع المتقدم من فتح العزيز.
(3)
أي في الحنث.
(4)
وذلك بوجود شروط الصلاة.
(5)
أي في يمينه.
(6)
أي في يمنيه.
(7)
لم يذكر الرافعي كلمة (صحيحة).
(8)
يعني الرافعي والنووي.
(9)
الشرح: هو شرح وجيز الغزالي، ومؤلفه هو الإمام أبو القاسم الرافعي، صاحب المكانة العالية بين علماء الشافعية، وقد لقبه مؤلفه (بالعزيز في شرح الوجيز). انظر: الجزء الأول منه، ص (75). وقد ذكر التاج السبكي: أن بعضهم تورّع عن إطلاق لفظ العزيز مجردًا على غير كتاب الله فقال: (الفتح العزيز في شرح الوجيز). انظر: طبقات الشافعية الكبرى (8/ 281).