الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومثال ثالث: كتاب (البحر) للروياني، فإِنه مأخوذ من كتاب الحاوي للماوردي، قال تاج الدين السبكي عن البحر:"وهو وإن كان من أوسع كتب المذهب، إِلا أنه عبارة عن حاوي الماوردي، مع فروع تلقاها الروياني عن أبيه وجده"(1)، ومع ذلك فقد اعتمد العلماء على كتاب البحر ونقلوا عنه.
ثانيًا: أن الكتاب الواحد قد يحققه شخصان، ومع ذلك يتفاوت مستوي عملهما، فقد يهتم أحد المحقِّقَين بأمور ويغفل عن أمور أخر، ونجد المحقق الآخر قد اهتم بأمور أغفلها الأول، كما أن وجهات نظر المحققين في ضبط النص تختلف، وفي هذه الحالة قد يجد القارئ النص مغلوطًا في أحد العملين ويجده صحيحًا في العمل الآخر، ولا أريد الإِطالة في ذلك فإِنه ظاهر.
وإِذا كان هذا حال الكتاب الواحد، فما بالك بالكتابين، وإِن كان أحدهما مختصرًا من الآخر.
طريقة الحصني في استمداد الكتاب:
من المستحسن بعد ذلك أن أبين طريقة الحصني في استمداده لكتابه من كتاب المجموع المذهب، فأقول:
أولًا: فيما يتعلق بترتيب الكتاب، فقد حافظ الحصني على ترتيب المجموع المذهب - أعني ترتيب القواعد والبحوث مع بعضها، وترتيب المعلومات الواردة في القاعدة أو البحث- إِلا في مواضع قليلة جدًا، فإِنه حصل عنده شيء من التغيير.
فمثال تغيير ترتيب القواعد والبحوث مع بعضها: أن هناك ثلاثة أبحاث (2)
(1) طبقات الشافعية الكبري (7/ 195).
(2)
هي بحث عن المواضع التي يشهد فيها بالسماع، وآخر عن المواضع التي يجوز أن يحلف فيها ولا يجوز أن يشهد، وثالث عن بعض المواضع التي لا يحكم الحاكم فيها بعلمه.
ذكرها العلائي بعد قاعدة أقسام الخبر، على حين ذكرها الحصني قبل القاعدة المذكورة (1).
ومثال آخر: قاعدة القرائن، فقد ذكرها العلائي بعد الأبحاث الثلاثة المتقدمة، بينما وقعت عند الحصني بعد قاعدة أقسام الخبر مباشرة (2)، وقد نبهت على ذلك في موضعه.
أما تغيير ترتيب المعلومات الواردة في القاعدة فمثاله: التغيير الذي حصل في قاعدة اليقين لا يزال بالشك، وقاعدة الضرر مزال.
ثانيًا: فيما يتعلق بالألفاظ فقد التزم الحصني في غالب الأحيان بالألفاظ الواردة في المجموع المذهب، وفي مواضع قليلة جدًا استعمل الحصني ألفاظًا من عنده.
ثالثًا: هناك مواضع وردت في المجموع المذهب، ولم يذكرها الحصني، وهذه المواضع تختلف من ناحية مقدارها، ومن ناحية نوعها.
ففيما يتعلق بالمقدار:
قد يكون المتروك قليلًا، أبي كلمة أو جملة أو سطرًا، أو نحو ذلك، وهذا هو الكثير الغالب.
وقد يكون المتروك متوسطًا، كأربعة أسطر أو خمسة أو نحو ذلك، وهذا أقل من سابقه.
وقد يكون المتروك كثيرًا، فيبلغ حوالي صفحة، وقد يصل إِلى عدة ورقات، وهذا أقل من سابقه، وله أمثلة:
(1) انظر: المجموع المذهب: ورقة (161/ ب)، وكتاب القواعد للحصني: ورقة (76 / أ).
(2)
انظر: المجموع المذهب: ورقة (162/ أ)، وكتاب القواعد للحصني: ورقة (76 / ب).
منها: المقدمة التي ذكرها العلائي في أول كتابه، وقد حذف الحصني معظمها، فوردت المقدمة في المجموع المذهب للعلائي في ثلاث ورقات إِلا نصف صفحة، بينما ذكر الحصني منها أقل من صفحة.
ومنها: بحث يتعلق بالمشاق التي تقتضي التخفيف والتي لا تقتضي التخفيف، وقد ذكره العلائي في حوالي ثلاث ورقات، ولم يذكر منه الحصني شيئًا (1).
ومنها: بعد أن فرغ العلائي من القواعد الخمس الكلية ذكر قاعدة تتعلق بالأدلة، وهي في ورقتين وزيادة، ولم يذكر الحصني تلك القاعدة (2).
ومنها: في آخر قاعدة العادة ذكر العلائي تعقيبًا على كلام القرافي، ومقداره صفحة وتسعة أسطر، ولم يذكره الحصني (3).
ومنها: أثناء قاعدة: الصفة للتخصيص أو للتوضيح، ذكر العلائي مثالًا على ذلك مقداره اثنان وعشرون سطرًا، ولم يذكر الحصني هذا المثال (4).
وفيما يتعلق بالنوع:
قد يكون المحذوف قاعدة كاملة أو بحثًا كاملًا، وهذا قليل جدًا، وقد يكون المحذوف مقدمة لقاعدة أو بحث أو نحو ذلك، وقد يكون بعض أدلة قاعدة من القواعد، أو تعقيبًا على قاعدة أو بحث، أو استطردًا في مسألة ما، وقد يكون المحذوف ترقيمًا للمسائل نحو: الأولى، الثانية، وقد يكون مذهب طائفة من العلماء كالحنفية
(1) انظر: المجموع المذهب: ورقة (40 / أ- 42 / ب)، وكتاب القواعد ورقة (18/ ب).
(2)
انظر: المجموع المذهب: ورقة (59 / ب- 61/ ب)، وكتاب القواعد ورقة (26/ أ).
(3)
انظر: المجموع المذهب: ورقة (58/ ب- 59/ أ)، وكتاب القواعد ورقة (25 / ب).
(4)
انظر: المجموع المذهب: ورقة (73/ أ، ب)، وكتاب القواعد ورقة (32 / أ).