الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واليسار إِن اعتبرناه يعارض بكل خصلة من خصال الكفاءة. والأمَة العربية بناء على جواز استرقاق العرب، إِذا زوجت من الحرِّ العجمي، كان على هذا الخلاف في حصول الإنجبار".
ومما شذ عن هذه القاعدة: العبد المسلم مع الحر الكافر في القصاص ليسا كفوين، حتى لا يقاد به (1) جزمًا. قاله الغزالي (2) وغيره، والله أعلم.
فائدة
اختلفوا في مدلول الواو العاطفة (3)، فالأظهر: أنها لمطلق لجمع من غير إِشعار بخصوصية المعية ولا الترتيب (4). وهو قول الجمهور، ونص عليه سيبويه (5).
(1) أي يقتل به.
(2)
نص كلام الغزالي هو -"ولا قصاص بين العبد المسلم والحر الذمي إِذ الفضيلة لا تجبر بالنقيصة" الوجيز (2/ 126).
(3)
لمعرفة معني الواو والخلاف في ذلك انظر: البرهان (1/ 181)، والمحصول (جـ 1/ ق 1/ 507)، والإحكام (1/ 88)، وشرح تنقيح الفصول (99)، وشرح الجلال المحلي على متن جمع الجوامع (1/ 365).
(4)
وقد قال السيرافي: "أجمع النحويون واللغويون من البصريين والكوفيين على أن الواو للجمع من غير ترتيب". شرح قطر الندى (301).
وقد أنكر عليه ابن هشام القول بالإجماع فقال -بعد بيان معني الواو وأنها لمطلق الجمع-: "وهذا الذي ذكرناه قول أكثر أهل العلم من النحاة وغيرهم، وليس بإِجماع كما قال السيرافي" شرح قطر الندى (302).
(5)
هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الملقب بسيبويه.
أصله من أرض فارس، ومنشؤه البصرة، وسبب طلبه للنحو له قصة مشهورة، وقد كان من كبار نحاة البصرة، وكان علامة حسن التصنيف، ورد بغداد على يحي البرمكي فجمع بينه وبين الكسائي للمناظرة وحصلت بينهما المناظرة المشهورة. =
وقيل: تفيد الترتيب عند الإطلاق (1). قاله جماعة من الكوفيين وعزاه جماعة إِلى الشافعي (2).
وقال بعضهم: هي للجمع بقيد المعية (3).
= أخذ النحو عن الخليل بن أحمد، وعيسى بن عمر، ويونس بن حبيب، وأخذ اللغة عن أبي الخطاب الأخفش الكبير وغيره.
الف في علم النحو كتابه المعروف بـ (الكتاب).
توفي رحمه الله سنة 180 هـ وقيل غير ذلك
انظر: طبقات النحويين واللغويين (66) فما بعدها، وتاريخ العلماء النحويين (90) فما بعدها، ومعجم الأدباء (16/ 114) فما بعدها، وإنباه الرواة (2/ 346) فما بعدها، وبغية الوعاة (2/ 229).
وقد تحدث سيبويه عن معنى الواو في مواضع، منها قوله:"فالواو التي في قولك مررت بعمرو وزيد، إِنما جئت بها لتضم الآخر إِلى الأول وتجمعهما، وليس فيه دليل على أن أحدهما قبل الآخر" الكتاب (2/ 304)، وانظر:(1/ 147، 218)
(1)
ممن قال بإِفادة الواو للترتيب: قطرب والربعي وهشام وثعلب وأبو عمرو الزاهد وأبو جعفر الدينورى. انظر: همع الهوامع للسيوطي (2/ 129).
(2)
ممن عزا هذا القول إِلى الشافعي ابن هشام في مغني اللبيب (464). ولعل من عزا هذا القول إلى الشافعي قد فهمه من استدلاله علي ترتيب أعضاء الوضوء بقوله تعالى: - {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن} سورة المائدة آية رقم (6) - وفيه العطف بالواو- انظر الأم (1/ 30).
وقد أنكر الأستاذ أبو منصور البغدادي نسبة هذا القول إِلى الشافعي، فقال: -"معاذ الله أن يصح هذا النقل عن الشافعي، بل الواو عنده لمطلق الجمع" الإبهاج (1/ 344).
وقال تاج الدين السبكي: - "قلت: وهو اللائق بقواعد مذهبه وعليه تدل فروعه" الإبهاج (1/ 344).
(3)
وجاء في التحرير أنه قد نسب هذا القول إِلي أبي يوسف ومحمد، انظر: تيسير التحرير (2/ 181).
وذهب الفراء (1) إِلى أنها للترتيب حيث يستحيل الجمع كقوله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا} (2).
وحكى ابن السمعاني (3) عن الماوردى أنه قال: "لها حقيقة ومجاز ومختلف فيه،
(1) هو أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله.
أخذ عن الكسائي ويونس بن حبيب البصري واستكثر منه، وأخذ عنه سلمة بن عاصم ومحمد بن الجهم النمري وغيرهما.
كان الفراء والأحمر أشهر أصحاب الكسائي، وكانا أعلم الكوفيين بالنحو من بعده. يقول أبو العباس ثعلب:"لولا الفراء ما كانت اللغة لأنه حصلها وضبطها". وكان الفراء محيطًا بعلوم أخرى سوى النحو.
له مصنفات كثيرة، عدّ منها ياقوت (19) كتابًا، منها: معاني القرآن، والبهي، والمصادر في القرآن، وكتاب اللغات، والمذكر والمؤنث.
توفي رحمه الله في طريق مكة سنة 207 هـ.
انظر: طبقات النحويين واللغويين (131) فما بعدها، ومراتب النحويين (139)، ومعجم الأدباء (20/ 9) فما بعدها، وإنباه الرواة (4/ 1) فما بعدها، وبغية الوعاة (2/ 333).
(2)
من الآية رقم (77) من سورة الحج.
ولعل مذهب الفراء مفهوم من قوله في تفسير هذه الآية: - "كان الناس يسجدون بلا ركوع فأمروا أن تكون صلاتهم بركوع قبل السجود". معاني القرآن للفراء (2/ 231).
وفد نص الآمدي على مذهب الفراء في الإحكام (1/ 88).
(3)
هو أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد عبد الكريم ابن السمعاني. الملقب بفخر الدين. ولد بنيسابور سنة 537 هـ.
كان فقيهًا عارفًا بالمذهب؛ له معرفة بالحديث، وروى كتبًا كبارًا منها: البخاري وجامع الترمذى، وقد اعتنى به أبوه، فسمَّعه الكثير، ورحل به الى الأقاليم، وأدرك الأسانيد العالية، ورحل إليه الطلاب، وانتهت إليه رئاسة الشافعية ببلده.
سمع الحديث من وجيه الشحامي وأبي الأسعد القشيرى وغيرهما، وسمع منه الحافظ أبو بكر الحازمي. =
فالحقيقة: كونها للجمع والاشتراك (1)، والمجاز: استعمالها بمعنى أو، والمختلف فيه: إذا استعملت للترتيب" فالجمهور أنه على سبيل المجاز. وذهب الشافعية (2): إلى أنها حقيقة في ذلك، فإذا استعملت في موضع يحتمل الأمرين حملت على الترتيب دون الجمع؛ لزيادة الفائدة.
واحتج هؤلاء بأنه إِذا قال لغير المدخول بها: أنت طالق وطالق وطالق؛ لم يقع إِلا واحدة (3). بخلاف: أنت طالق ثلاثًا. هذا هو المشهور من المذهب. وحكى قول قديم: أنها تطلق ثلاثًا. وبعضهم (4) ذكره وجهًا (5).
وهذا التمسك ضعيف؛ لأنه إِذا قال: أنت طالق ثلاثًا. كان الكلام جملة واحدة، وقوله: ثلاثًا. تفسير لقوله: أنت طالق والكلام يعتبر بآخره.
أما إِذا نسق بالواو فقد عدد الجمل، وكانت الجملة الأولى غير مقيدة بشيء، فتقتضي وقوع الطلاق بها، فتصادفها الجملة الثانية، وهي بائن فلا تؤثر؛ لعدم تأثر المحل
= توفي بمرو سنة 617 هـ.
انظر: وفيات الأعيان (3/ 212) في آخر ترجمة أبيه، وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 62)، وشذرات الذهب (75/ 5).
(1)
وردت في المخطوطة هكذا (الاشتراط)، والصواب ما أثبته، وهو الوارد في المجموع المذهب: ورقة (71/ ب).
(2)
في المجموع المذهب: ورقة (31/ ب): "وذهب بعض أصحاب الشافعي".
(3)
ولو كانت الواو تفيد الجمع بقيد المعية لوقع عليها ثلاث طلقات، وسيرد المؤلف على تلك الحجة
(4)
وردت في المخطوطة هكذا (بعضه)، وما أثبته هو الوارد في المجموع المذهب، والظاهر أنه أنسب.
(5)
ذكر النووى هذه المسألة في: روضة الطالبين (8/ 79).
بها. والواو لا تقتضي الجمع بقيد المعية، فمدلول الكلام ثلاث إيقاعات، (1) ولا يلزم منه أن تكون الواو للترتيب.
أما إِذا قال لغير المدخول بها: إِن دخلت الدار فأنت طالق وطالق وطالق. فدخلت فوجهان، أحدهما: لا يقع بالدخول إِلا واحدة، كما إِذا نَجَّزَ ذلك. وأصحهما: أن تقع الثلاث؛ لأنها جميعًا معلقة بالدخول وواقعة عنده (2) بلا تقدم ولا تأخر. وقال المتولي: - "يمكن بناء الوجهين على خلاف بين أصحابنا: في أن الواو للجمع المطلق أو للترتيب. فلو قدم الجزاء فقال: أنت طالق وطالق وطالق إن دخلت الدار. فطريقان، أحدهما: أنه على الخلاف المتقدم. والثانية القطع بوقوع الثلاث إِذا دخلت"(3).
ومما يبنى على الخلاف: ما إِذا [قال: إن](4) كلمتِ زيدًا ودخلتِ الدار فأنت طالق. وفيه وجهان، أصحهما: أنه متى وجد الفعلان وقع الطلاق، سواء وجدا معًا، أو أحدهما قبل الآخر على وفق ما قال، أو بالعكس. والثاني: لا تطلق حتى يتقدم
(1) لعل التعبير بالفاء بدل الواو أنسب.
(2)
وردت بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة أخرى وهي (عنه)، والصواب ما أثبته، وقد أخذته من المجموع لمذهب: ورقة (72/ أ).
(3)
ما ذكره المؤلف قريب من عبارة المتولي، أما نص عبارته فهو: - "والمسألة يمكن بناؤها على أصل وهو أن الواو للجمع أو للترتيب، فمن قال. للجمع. حكم بوقوعها (174/ ب). ومن قال: للترتيب. حكم بوقوع واحدة.
فأما إذا قال: أنت طالق وطالق وطالق إن دخلت الدار، فمن أصحابنا من قال: المسألة على وجهين كما ذكرنا. ومنهم من قال: ها هنا تقع الثلاثة وجهًا واحدًا؛ لأن الجملة تعلقت بالدخول فتقع دفعة، وهناك الطلقة الأولى تعلقت بالدخول (175/ أ) " تتمة الإبانة، الجزء الثامن.
(4)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولكن لا بد منه لاستقامة العبارة، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (72/ أ).
تكليمها على الدخول. قال الرافعي (1): "وهذا ذهاب من قائله إلى أن الواو تقتضي الترتيب. وهو وجه مشهور. لكن الراجح خلافه".
ومنه: إذا وكل شخصًا في الخلع، فقال: خذ مالي ثم طلقها؛ لم يجز تقديم الطلاق على أخذ المال. ولو قال: خذ مالي وطلقها. فيه وجهان، أحدهما: يشترط تقديم أخذ المال كالأولى. والثاني لا. قال الرافعي: "رجح البغوي الأول"(2)، والله أعلم. فيحتمل أن يكون البغوى قائلاً: بأن الواو للترتيب، أو للاحتياط؛ لأن الرافعي حكى بعد ذلك فيما لو قال: طلقها ثم خذ مالي (3). أنه يجوز تقديم أخذ المال على الطلاق. والله أعلم.
* * *
(1) رجعت إِلى فتح العزيز للرافعي فوجدت فيه المسألة المتقدمة، ولم أجد القول التالي.
انظر: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (56 /أ)، وروضة الطالبين (8/ 176).
(2)
انظر: روضة الطالبين (7/ 373).
(3)
انظر الحكاية التالية في: روضة الطالبين (7/ 373).
قاعدة (1)
أصل وضع الصفة أن تجيء للتخصيص أو للتوضيح (2)، مثل مررت برجل عاقل، وبزيد العالم. ويعبر عنهما أيضًا: بالشرط والتعريف (3) ويقع الخلاف بحسب هذين.
فمن ذلك: قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} (4). فهذه الجملة وهي {لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} صفة ثابتة لـ (عبدًا)، فإِن حملت على التوضيح كان فيه متمسك للجديد: أن العبد لا يملك، وإن مَلَكُهُ سيده أو غيره، أى هذا شان العبد. وإن جعلت للتخصيص كان فيه متمسك للقديم من أنه يملك؛ لأن سياق الآية يقتضي تخصيص هذا العبد بهذه الصفة، فيقتضي مفهومها أنه يملك شيئًا (5).
(1) ذكر هذه القاعدة العلائي في المجموع المهذب: ورقة (72/ ب)، وتاج الدين السبكي في الإبهاج (1/ 378)، والزركشي في المنثور (2/ 313).
(2)
قال تاج الدين السبكي: - "ويكثر مجيؤها للتخصيص في النكرات وللتوضيح في المعارف" الإبهاج (1/ 378).
(3)
أي يعبّر عن التخصيص بالشرط، ويعبّر عن التوضيح بالتعريف، ذكر ذلك التاج السبكي. وقد عبَّر عن التخصيص بالشرط؛ لأن تخصيص الموصوف بالصفة بمنزلة اشتراطها فيه، وسيتضح الفرق بين معنى التخصيص والتوضيح من الأمثلة التي سيوردها المؤلف.
(4)
من الآية رقم (75) من سورة النحل.
(5)
ورد مقابل هذا الموضع من المخطوطة على جانبها ما نصه: - "ومنه قوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} .
أقول: وأول الآية هو قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} سورة البقرة، آية رقم (283). وتنزيل هذه الآية على القاعدة يكون كالتالي: إِن اعتبرنا الصفة وهي مقبوضة للتوضيح فلا يلزم الرهن إِلا بالقبض، وإن اعتبرناها للتخصيص فيلزم الرهن بدون القبض، ولكن لابد من قبض الرهن في الدين الذي يكون في السفر.
ومنه: قوله عليه الصلاة [والسلام](1): (عارية مضمونة)(2). فمذهب [الشافعي](3): أن العارية تضمن مطلقًا، فتكون الصفة هنا للتوضيح، أي هذا شأن العارية. ومن يقول: بعدم الضمان مطلقًا في العارية، يجعل الصفة للشرط (4).
والمسائل (5) الفقهية المخرجة على هذا الأصل كثيرة جدًا:
منها: إِذا قال لوكيله: استوف ديني الذي على فلان. فهل له أن يستوفيه من وارثه، إِذا مات من عليه الدين؟
وجهان، إِن جعلنا الصفة وهي:(الذي لي على فلان) للتعريف، كان له أن يستوفيه من الوارث. وإن جعلناها للشرط لم يكن له استيفاؤه منه.
ومنها: إِذا قال لزوجته: إِذا ظاهرت من فلانه الأجنبية فأنت علي كظهر أمي. ثم تزوج تلك وظاهر منها، فهل يعتبر مظاهرًا من الزوجة الأولى؟.
وجهان، أحدهما: نعم، والوصف بالأجنبية موضح. والثاني لا، والصفة للشرط،
(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة.
(2)
أخرجه بهذا اللفظ الإمام أحمد في المسند (6/ 465).
وأبو داود في كتاب البيوع، باب: في تضمين العارية.
انظر: سنن أبي داود (3/ 296)، رقم الحديث (3562).
والدارقطني في كتاب البيوع.
انظر: سنن الدارقطني (3/ 39)، رقم الحديث (161).
(3)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (72/ ب).
(4)
قال العلائي: - "لكن يلزمه أن يقول: إِنها تضمن إِذا شرط فيها الضمان". المجموع المذهب: ورقة (72 / ب).
(5)
وردت فى المخطوطة بدون (أل). هكذا: (مسائل). وما أثبته هو المناسب، وهو الوارد في المجموع المذهب.
وكأنه علق ظهارها على ظهار تلك حال كونها أجنبية، وهذا ما صححه الرافعي (1).
ومنها: إِذا حلف: لا يركب دابة هذا العبد. فعتق وملك دابة فركبها، فوجهان، قال الغزالي: يحنث، وهو بناء على أن الصفة بالعبد تعريف. وقال ابن كج: لا يحنث، وهو تخريج على كونها للشرط، والعبد لا يملك (2). وقد مرت المسألة.
ومنها: إذا قال: إِن أعطيتيني هذا الثوب الهروى فأنت طالق. فبان مرويًا (3)، فوجهان عن القاضي حسين:
[أحدهما](4): لا تطلق. كما إِذا قال: إن أعطيتني هذا الثوب وهو هروى (5). وينزل اللفظ على الاشتراط.
(1) ورد مقابل هذا الموضع من المخطوطة على جانبها ما نصه: -"الصحيح في الرافعي: يكون مظاهراً".
وحين رجعت إِلى فتح العزيز للرافعي تبين أن المكتوب على جانب المخطوطة صواب. ونص ما قاله الرافعي هو: -"وأصحهما، وهو المذكور في الكتاب: نعم؛ لأن ظهارها يتعلق بظهار فلانه. وذكر الأجنبية في مثل ذلك للتعريف دون الشرط".
فتح العزيز، جـ 16: ورقة (117/ أ). ويوجد نحو ذلك في: روضة الطالبين (8/ 266).
(2)
المسألة فيها وجهان، أحدهما: يحنث: والآخر: لا يحنث. والوجهان المنقولان عن الغزالي وابن كج مقولان في مسألة أخرى، وهي: ما إذا حلف لا يركب دابة العبد، بدون ذكر الإشارة. انظر: الوجيز (2/ 229)، وروضة الطالبين (11/ 56).
(3)
الهروى: نسبة إلى هراة، والمروى: نسبة إِلى مرو، وهراة ومرو بلدان من إقليم خراسان، وخرج منهما كثير من العلماء.
(4)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد ذكره العلائي في: المجموع المذهب: ورقة (173 أ).
(5)
نهاية الورقة رقم (31).
والثاني: (1) تطلق؛ لأنه أشار إلى عين الثوب. قال الرافعي: "وهذا هو الأشبه". وقال الهروي (2): "لأنه لا حاجة إلى وجه التعريف"(3).
ومثله: إذا قال: لا أكلم هذا الصبي، فصار شيخًا. أَوْ: لا آكل من لحم هذا الحمل، فصار كبشًا (4). وأمثال ذلك. ومنهم من خرج هذه المسائل على اختلاف الإشارة [والعبارة](5) ويأتي (6).
ومنها: إذا نذر أن يصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان. فقدم في أثناء النهار، ففيه
(1) عبر النووى عن هذا الوجه وعلته بقوله: -"طلقت على الأصح؛ لأنها ليست صيغة شرط، بل أخطأ في الوصف" روضة الطالبين (7/ 414). وقريب من ذلك قول الغزالي في: الوجيز (2/ 46).
(2)
يعني المؤلف به أبا سعد، وقد صرّح بذلك العلائي في المجموع المذهب: ورقة (73 /أ).
(3)
ذكر العلائي مقالة الهروى بعبارة مغايرة لعبارة المؤلف، ونصها: -"لأنه جاء على وجه التعريف" المجموع المذهب: ورقة (73 /أ).
والضمير في (لأنه) يعود إلى وصف الثوب بكونه هرويًا.
وقد بحثت عن مقالة الهروى في كتابه المسمى بالإشراف على غوامض الحكومات فلم أجدها.
وأرجّح أن صحة المقالة كما ذكرها العلائي؛ لأن علة القول بعدم الطلاق هي اعتبار الوصف من باب الاشتراط فيناسب أن تكون علة القول بالطلاق هي اعتبار الوصف من باب التعريف؛ لتتمشى العلتان مع القاعدة المتقدمة.
(4)
الحمل، بفتح الحاء واليم: ولد الضأن في السنة الأولى. والكبش: ولد الضأن إذا أثنى، وقيل: إِذا أربع، وقيل: الكبش فحل الضأن في أى سنّ كان. انظر: لسان العرب (6/ 338)، والمصباح المنير (1/ 152).
(5)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولكن لا بد منه لاستقامة الكلام، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (73 /أ).
(6)
ذكر المؤلف مسائل تعارض الإشارة والعبارة في ورقة (101/ ب) فما بعدها. كما ذكرها الزركشي في المنثور (1/ 167)، والسيوطي في الأشباه والنظائر (314).
خلاف (1) خرجه بعضهم على هذه القاعدة، من جهة أن لفظة (2) القدوم هل هي للتعريف أو للشرط (3)؟
ولا يتبين هذا التخريج، بل هذه وأمثالها من تعليق الطلاق، فتخرج على قاعدة: التقدير على خلاف التحقيق. وتأتي (4).
ومنها (5): إِذا قال: زوجتك على ما أمر الله تعالى من إِمساك بمعروف، أو تسريح بإِحسان. وفيه وجهان، أحدهما: بطلان العقد؛ لاشتراط الطلاق فيه. [وأصحهما: الصحة](6)، حملاً على التذكير والوعظ. وقال الإمام:"إِن قصد ذا أو ذاك ترتب عليه حكمه، وإن أطلق لم يبطل حملاً على التذكير لقرينة الحال".
* * *
(1) الخلاف حاصل في مقدار الصيام الواجب على الناذر، هل هو من أول اليوم أو من وقت القدوم؟ قال النووى:"فيه وجهان، وقيل قولان، أصحهما: من أول اليوم، وبه قال ابن الحداد" المجموع (8/ 388).
(2)
وردت في المخطوطة هكذا (لفظ)، وما أثبته هو المناسب لما بعده.
(3)
فإن قيل: إن لفظ القدوم للتعريف. فالواجب الصيام من أول اليوم، وإن قيل: إِن لفظ القدوم للشرط. فالواجب الصيام من وقت القدوم.
(4)
ذكر المؤلف هذه القاعدة في ورقة (59 / ب) فما بعدها.
(5)
قال العلائي قبل ذكر هذا المثال: - "ومما يقرب من هذه القاعدة تردد اللفظ بين كونه شرطًا أو غيره فيجيء فيه خلاف، كما لو قال: زوجتك على ما أمر الله
…
إِلخ". المجموع المذهب: ورقة (73 / ب، 74 /أ).
(6)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولا بد منه لاستقامة الكلام، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (74 /أ).
قاعدة (1)
الإنشاء: كلام نفسي عبر عنه لا باعتبار تعلق العلم والحسبان (2).
والإخبار: كلام نفسي عبر عنه باعتبار تعلقهما.
بيانه: إذا قام بالنفس شيء، وأراد التعبير عنه باعتبار تَعَلَّقَ به [العلم](3) أو الحسبانُ، أخبر عنه فيقول: قام زيد أو ما قام زيد. وإذا قام بالنفس طلب، وقصد التعبير عنه لا باعتبار العلم والحسبان، قال: أفعل أو لا تفعل (4).
واعلم: أن الخلاف الأصولي في أن صيغ العقود إنشاء أو إخبار مشهور (5).
(1) هذه القاعدة ذكرها ابن الوكيل في الأشباه والنظائر: ورقة (17 /أ) فما بعدها. وذكرها العلائي في المجموع المذهب: ورقة (74 /أ) فما بعدها.
(2)
الحسبان بكسر الحاء: الظن، انظر: الصحاح (1/ 111)، ولسان العرب (1/ 315).
(3)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولا بد منه لاستقامة الكلام، وقد دلَّ عليه الكلام السابق، كما ذكره العلائي في المجموع المذهب.
(4)
عرف القرافي الخبر بقوله: - "أما الخبر: فهو المحتمل للتصديق والتكذيب لذاته" الفروق (1/ 18). وعرف الإنشاء بقوله: -"وأما حد الإنشاء وبيان حقيقته: (فهو القول الذى بحيث يوجد به مدلوله في نفس الأمر أو متعلقه).
فقولنا: يوجد به مدلوله احتراز مما إذا قال قائل: السفرُ علي واجبٌ فيوجبه الله تعالى عليه عقوبة له، فإن الوجوب في هذه الصورة لم يثبت بهذا اللفظ بل بإيجاب الشارع" الفروق (1/ 21).
هذا وقد ذكر القرافي أربعة أوجه فرق بها ببن الخبر والإنشاء.
انظر: الفروق (1/ 23).
(5)
ذكر الرازى والتاج السبكي أن هذا الخلاف جار فيما إذا استعملت ألفاظ العقود لاستحداث أحكام لم تكن أما من جهة اللغة فهي صيغ أخبار، كما أنها قد تستعمل للإخبار شرعًا، كما لو باع رجل شيئًا ثم قال بعد تمام البيع: بِعت كذا، مريدًا بذلك الإخبار بما صدر منه. =
(1)
والذى قطع به ابن الساعاتي (2): "ترجيح كونها إِنشاءات"(3).
= ولمعرفة الأقوال والأدلة انظر: المحصول (جـ 1/ ق 1/ 440)، والفروق للقرافي (1/ 27)، والإبهاج (1/ 289)، وشرح الأسنوى لمنهاج البيضاوى (1/ 263).
(1)
قال العلائي قبل القول التالي: -"ويسندون القول بأنها إخبارات إلى أبي حنيفة". المجموع المذهب: ورقة (74/ أ).
(2)
ورد بدل هذا العالم في المخطوطة عالم آخر هو (الصاغاني)، وذلك خطأ. والصواب ما أثبته، حيث نص عليه العلائي، ونص على اسم كتابه، فقال: -"والذى قطع به ابن الساعاتي في البديع". المجموع المذهب: ورقة (74/ أ).
وهو أحمد بن علي بن ثعلب -وفي بعض المصادر (تغلب) مظفر الدين، المعروف بابن الساعاتي، وسمي والده بالساعاتي لأنه أول من عمل الساعات المشهورة على باب المستنصرية ببغداد. وأصل ابن الساعاتي من بعلبك، ونشأ ببغداد.
أخذ عن جماعة منهم ظهير الدين محمد البخارى، وأخذ عنه جماعة منهم ركن الدين السمرقندى.
وقد علا شأنه، حتى صار إمام الحنفية، بل إمام عصره في العلوم الشرعية، وقد أقر له شيوخ عصره بالسبق حتى كان شمس الدين الأصفهاني الشافعي (شارح المحصول) يفضله ويثني عليه كثيرًا ويرجحه على ابن الحاجب ويقول:"هو أذكى منه".
له مصنفات منها: البديع النظام (في أصول الفقه) جمع فيه بين أصول البزدوى وإحكام الآمدى، ومجمع البحرين، الذى جمع فيه بين مختصر القدورى ومنظومة النفسي مع زيادات حسنة من عنده، ثم شرح ذلك الكتاب. توفي رحمه الله سنة 694 هـ.
انظر: الجواهر المضية (1/ 80)، وتاج التراجم (6) والطبقات السنية (1/ 462)، والفوائد البهية (26).
(3)
قال ابن الساعاتي: "والحق: أن مثل: بعت واشتريت وطلقت، التي يقصد بها الوقوع، إنشاء، لأنها لا خارج لها، ولا تقبل صدقًا ولا كذبًا، ولو كان خبرًا لكان ماضيًا، ولما قبل التعليق، ولأنا نقطع بالفرق بينهما، ولهذا نسأل رجعيًا عن قوله: طلقتك ثانيًا أو بائنًا؟ "
البديع النظام لابن الساعاتي: ورقة (66/ أ).
وذكر تاج الدين السبكي: أن هذا مذهب الأكثرين، وهو ما قطع به البيضاوي. انظر: الإبهاج (1/ 289).
وكذا: الإيقاعات كالطلاق والعتاق فهي مما تصرف فيه الشارع بنقلها من معنى الخبر إِلى الإنشاء.
وإذا كان كذلك: فالمذهب المشهور: أن الإقرار (1) لا يقوم مقام الإنشاء؛ لأنه خبر محض، يدخله الصدق، والكذب، ولا يدخلان الإنشاء. نعم: يؤاخذ ظاهرًا فيما (2) أقر به، ولا يقبل منه دعوى الكذب في ذلك. وفي وجه: أنه إِذا أقر بالطلاق صار إِنشاء، حتى تحرم عليه (3) باطنًا (4). قال الإمام:"وهو منكر، فإِن الإقرار والإنشاء متنافيان، فذاك إِخبار عن ماض، وهذا إِحداث في الحال، وذاك يدخله الصدق والكذب، وهذا بخلافه"(5). ولهذه نظائر:
منها: إِذا اختلفا في الرجعة (6)، والعدة قائمة، فالقول قوله على الصحيح، وعلى هذا أطلق جماعة منهم البغوي: أن إِقراره ودعواه يجعل الإقرار إِنشاء (7). وحكاه (8)
(1) يعني: بالطلاق ونحوه.
(2)
لعل الأنسب أن يقال: - "بما". وكذلك ورد في أشباه ابن الوكيل.
(3)
أى الزوجة التي أقر بطلاقها.
(4)
وفي الروضة نقل عن فتاوى الغزالي، يفيد بخلاف ذلك، قتال النووى: - "وفي فتاوى الغزالي: إِذا كتب الشروطي إِقرار رجل بالطلاق فقال له الشهود: نشهد عليك بما في هذا الكتاب؟ فقال: أشهدوا؛ لا يقع الطلاق بينه وبين الله تعالى، بل لو قال: أشهدوا على أنى طلقتها أمس وهو كاذب لم يقع فيما بينه وبين الله تعالى". روضة الطالبين (8/ 38).
(5)
نقل النووى قول الإمام في: الروضة (8/ 224).
(6)
فادعاها الزوج وأنكرتها الزوجة.
(7)
نص ما قال البغوى هو: - "فدعواه الرجعة رجعة؛ لأن من ملك إِنشاء شيء كان دعواه كالإنشاء" التهذيب، جـ 3: ورقة (165/ ب).
(8)
حكاه عن القفال جماعة؛ ليس منهم البغوى، فإِنه لم يذكر اسم القفال في كتابه المتقدم.
عن القفال. وقال الشيخ أبو محمد: "من قال به يجعل الإقرار بالطلاق إِنشاء"(1).
ومنها: لو اختلفا بعد الخلع؛ فقالت: سألتك أن تطلقني ثلاثًا بألف، وطلقتني واحدة فلك ثلث الألف. وقال الزوج: بل طلقتد ثلاثًا. قال الشافعي في رواية الربيع: "إِن لم يطل الفصل بين لفظيهما طلقت ثلاثًا ولزمها الألف. وإن طال الفصل، ولم يكن جعله جوابًا، فهي طالق ثلاثًا بإِقراره، ويتحالفان للعوض، وعليها مهر المثل"(2).
فمنهم من أخذ بظاهر النص.
ومنهم من خالفه، وقال: يتحالفان مطلقًا، ومنهم البغوى (3).
ومنهم من استشكله؛ لأنه إِذا كان الأمر كما يقول الزوج لم يمكن أن يجْعَلَ قوله: بل طلفتك ثلاثًا. ابتداء جواب؛ لأنه قد سبق منه الجواب. وإن كان الأمر كما تدعي هي (4) فقد بانت منه بواحدة (5)، فلا يقع بعد ذلك شيء. وأيضًا فالتحالف إِنما ينبغي أن يقع إِذا اختلفا في كيفية العقد، أو في حال العوضين. وهنا هما متفقان على
(1) نقل النووى قول الشيخ أبي محمد في: الروضة (8/ 224).
(2)
نص كلام الشافعي الموجود في الأم هو: -"ولو قالت له سألتك أن تطلقني ثلاثًا بألف فلم تطلقني إِلا واحدة، وقال بل طلقتك ثلاثًا، فان كان ذلك في وقت الخيار فهي طالق ثلاثًا وله الألف، وإن كان اختلافهما وقد مضى وقت الخيار تحالفا، وكان له مهر مثلها" الأم (5/ 207)، أما نص الشافعي المذكور في كلام المؤلف فهو موجود في الروضة (7/ 434).
(3)
نص كلام البغوي في هذه المسألة هو: - "وإن قالت سألتك ثلاث طلقات بألف فطلقتني واحدة فلك ثلث الألف، فقال الزوج: بل سألت واحدة، تحالفا. ولو قال الزوج: لا، بل طلقتك ثلاثا، فالثلاث واقعة بزعمه ويتحالفان في البدل وعليها مهر المثل" التهذيب، جـ 3: ورقة (129 /أ).
(4)
من أنه قد طلّق طلقة واحدة فقط.
(5)
لأن الطلاق إِذا كان على عوض فلا رجعة فيه، انظر: الروضة (7/ 397).
أن المسؤول ثلاث، وأن المبذول ألف، وانما اختلفا فيما وقع.
وقال الإمام: "ينبغي أن يقال في حال الاتصال: إن قال الزوج: ما طلقتك من قبل، والآن أطلقك ثلاثًا على ألف. تقع الثلاث، ويجب الألف؛ لأن الوقت وقت الجواب. وإن قال: طلقتك من قبل ثلاثًا. تعذر جعل هذا إنشاء، فيحكم بوقوع الثلاث بإقراره، ولا يلزمها إِلا ثلث الألف. وكذ إِذا قال في حال الانفصال ولا معنى للتحالف"(1).
ومنها (2): إِذا قال في حق الأمة: تزوجتها وأنا واجد طول حرة. حكي عن الشافعي: أنها تبين بطلقة. فلو تزوجها ثانيًا عادت إِليه بطلقتين.
وقال الشيخ أبو حامد والعراقيون: هي فرقة فسخ لا تنقص عدد الطلاق. وإليه ميل الإمام والغزالي. وهؤلاء أنكروا النص (3)، وقالوا: نص (4) في عيون المسائل (5): أن مولاها إِن صدقه فهو فسخ للنكاح بلا مهر، فإِن أصاب فعليه مهر مثل. وإن كذبه فسِخَ النكاح، ولم يصدق على المهر، دخل أو لم يدخل. قال الرافعي (6): "ولك أن تبني المذهبين على ما إِذا اختلفا في شرط يفسد العقد، بعد الاتفاق على صورته، فإن صُدّق
(1) نقل النووى كلام الإمام في: الروضة (7/ 334).
(2)
المسألة التالية بكل ما فيها من أقوال ذكرها النووى في: روضة الطالبين (7/ 48).
(3)
أى المتقدم عن الشافعي.
(4)
أى الشافعي.
(5)
عيون المسائل: كتاب في نصوص الشافعي؛ لأبي بكر أحمد بن الحسين ابن سهل الفارسي، المتوفى في حدود سنة خمسين وثلاثمائة.
قال الأسنوى عن الكتاب: "وهو كتاب جليل على ما شهد به الأئمة الذين وقفوا عليه" طبقات الشافعية للأسنوى (2/ 254).
(6)
القول التالي فيه بعض التصرف. وانظر نصه في فتح العزيز، جـ 6: ورقة (120/ أ).
مدعي الفساد لم تجعل هذه الفرقة طلاقًا، وإلا جعلناها طلاقًا". قال (1):"وهذا يقتضي جريان الخلاف في دعوى الرضاع إِذا أنكرت المرأة".
واعترض بعض الأئمة (2) على هذا كله بأنه: إِن كان صادقًا (3) فلم يجر عقد بالكلية (4)، وان كان كاذبًا فلم تحدث فرقة، فكيف يكون (5) طلاقًا ولم يُطلق؟! نعم: في الظاهر يفرق بينهما، ويعامل في الحرمة معاملة من لا عَقَدَ.
وفي فتاوى القفال (6): "أنه لو ادعت امرأة على رجل أنه نكحها وأنكر هو، فمن الأصحاب من قال: لا يحل لها أن تنكح زوجًا غيره -وهو الظاهر- ولا يجعل إِنكاره طلاقًا. بخلاف ما إذا قال: نكحتها وأنا واجد طول حره (7)، فإِنه (8) هناك أقر بالنكاح وادعى ما يمنع صحته، وهنا لم يقر أصلاً.
(1) أى الرافعي: وذلك في الموضع المتقدم من فتح العزيز.
(2)
الاعتراض التالي ذكره ابن الوكيل في الأشباه والنظائر: ورقة (17/ ب).
(3)
في أنه تزوجها وهو قادر على طول حرة.
(4)
لأن القادر على طول الحرة لا يجوز له تزوّج الأمة.
(5)
أى: قوله عن الأمة: تزوجتها وأنا واجد طوْلَ حرة.
(6)
فتاوى القفال: كتاب لشيخ الخراسانيين، أبي بكر عبد الله بن أحمد بن عبد الله المروزى المعروف بالقفال، المتوفي سنة سبع عشرة وأربعمائة. وقد تقدمت ترجمته.
قال الأسنوى: عن الفتاوى: "وكتاب الفتاوى في مجلدة ضخمة كثيرة الفائدة" المهمات، الجزء الأول: ورقة (10/ أ).
ويوجد للفتاوى نسخة في معهد المخطوطات بالقاهرة تحت رقم [233/ فقه شافعي].
والظاهر أن تلك النسخة ناقصة من آخرها، فإِنها مرتبة على أبواب الفقه، وتنتهي بعد بداية باب السلم بقليل. أى أنها تحتوى على ربع العبادات، وكتاب البيع من ربع المعاملات فقط
(7)
ورد في الروضة في أثناء سياق النووى لما في فتاوى القفال بعد كلمة حرة -ما نصه: - "يجعل ذلك فرقة بطلقة" روضة الطالبين (8/ 198).
(8)
الضمير لا يوجد في المخطوطة.
وقيل: بل يتلطف الحاكم به حتى يقول: إن كنت نكحتها فقد طلقتها". نقله الرافعي آخر التعليقات (1). ولا يخلو الفرق عن نظر.
ومنها: لو اعترف الزوج بمفسد، من إِحرام أو عدة أو ردة ونحو ذلك، وأنكرت المرأة؛ لم يقبل قوله عليها في المهر، حتى يجب نصف المسمى إن كان قبل الدخول، وتمامه إن كان بعده، ويفرق بينهما بقوله: قال أصحاب القفال (2): "هو (3) طلقة بائنة، حتى لو نكحها يومًا عادت إِليه بطلقتين". قالوا (4): "وهذا مأخوذ من نص الشافعي المتقدم"(5). ويجيء فيه ما مر من البحث.
ومنها: ما ذكره الإمام (6) فيما: إِذا اختلعا على ألف وأطلقا ثم اختلفا في نيتهما، فقال الزوج: نويت الدارهم (7)، وصدقته. وقالت هي: نويت ألف فلس، وصدقها: أن الذي يجب القطع به أن الطلاق يقع ظاهرًا؛ لأن النية إِذا اختلفت لم تؤثر، وصار
(1) أى تعليقات الطلاق. وقد نقله -أيضًا- النووى في روضة الطالبين (8/ 198).
(2)
ربما عنى بهم الخراسانيين، فإن القفال المذكور كان يلقب بشيخ الخراسانيين.
هذا وقد نقل قولهم الرافعي في: فتح العزيز، جـ 6: ورقة (119/ ب). والنووى في روضة الطالبين (7/ 48).
(3)
الضمير ربما يعود إِلى الاعتراف المفهوم من قوله: اعترف، وربما يعود إِلى التفريق المفهوم من قوله: يفرق. والتقدير الأخير يرجحه ما في الفتح والروضة.
(4)
أي: أصحاب القفال. وقد ورد قولهم التالي في الموضعين المتقدمين من الفتح والروضة.
(5)
صرح كل من الرافعي والنووى بالنص المقصود، فقال الرافعي: - "قالوا: وهذا مأخوذ من نص الشافعي رضي الله عنه فيما لو نكح أمة، ثم قال: نكحتها وأنا واجد طول حرة. إِنها تبين منه بطلقة". فتح العزيز، جـ 6: ورقة (119/ ب).
(6)
ما ذكره الإمام فيما يلي نقله زين الدين ابن الوكيل في الأشباه والنظائر: ورقة (18/ أ).
(7)
نهاية الورقة رقم (32).
كالعدم. وهذا كإِطلاق ألف بلا نية، فيكون خلعها (1) بمجهول، فتقع البينونة.
وأثر توافقهما على اختلاف المقصدين: أن الزوج لا يطالبها بمال، فإِنه معترف بأنه لم يوجد منها التزام ما ألزمها به.
ثم قال: فإِن قيل: ما حكم الباطن في علم الله تعالى لو فرض اختلاف النيتين؟ قلنا: قياس الأصل الذي تبنى عليه هذه التفاريع: أن النية مع الألف المطلقة بمثابة اللفظ الصريح، يعني أنهما لو نويا نوعًا تعين، ولو قال: خالعتك على ألف درهم. فقالت: قبلت على ألف فلس. لم يقع شيء، فموجب هذا في الباطن أن لا يقع شيء.
قال: ولكن (2) إِذا قال: أنت طالق. وزعم أنه [نوى](3) طلاقًا من وثاق، فإِن كان صادقًا لم يقع؛ لكنه يعلم نية نفسه، فهو باطن يمكن الاطلاع عليه. وتخالفهما في النيتين لا يطلع عليه واحد منهما، فليس من البواطن الملحقة بأبواب التدين (4)، بل هو بمثابة ما لو قال زيد: إِن كان هذا الطائر غرابًا فامرأتي طالق. وقال عمرو: إِن لم يكن
(1) في أشباه ابن الوكيل، والمجموع المذهب: - "فيكون خلعًا".
(2)
يوجد في هذا الموضع من المخطوطة كلمة (قال)، وقد حذفتها لأن المعنى لا يستقيم إلا بحذفها، كما أنها لم ترد في أشباه ابن الوكيل والمجموع المذهب.
(3)
ما بين المعقوفتين موجود على جانب المخطوطة، وقد رسم خط من أصل المخطوطة يشير إِليه، وقد أثبته للحاجة إليه في استقامة معنى الكلام وإعرابه.
(4)
ذكر النووي ضابطًا لبعض ما يدين فيه الإنسان وما لا يدين فيه بقوله: - "ينظر في التفسير بخلاف ظاهر اللفظ، إن كان لو وصل باللفظ لا ينظم لم يقبل ولم يدين، وإلا فلا يقبل ظاهرًا ويدين.
مثال الأول: قال: أردت طلاقاً لا يقع.
والثاني: أردت طلاقًا عن وثاق، أو إِن دخلت الدار.
واستثنوا من هذا نية التعليق بمشيئة الله تعالى، فقالوا: لا يدين فيه على المذهب" روضة الطالبين (8/ 20).
غرابًا فامرأتي طالق. فإنا لا نحكم بوقوع الطلاق على واحد منهما، إِذا تحقق اليأس من (1) درك الحقيقة، وما يقدر معلقًا بعلم الله تعالى غيب لا يقع به حكم لا في الظاهر ولا في الباطن.
وتبعه الغزالي (2) على ذلك.
وخالف القفال والقاضي حسين والبغوي وقالوا: " [لا] (3) يقع باطنًا في مسألة الخلع". والله أعلم.
* * *
(1) ورد في هذا الموضع من المخطوطة كلمة (عند)، ولعل ما أثبته هو الصواب. وهو الوارد في الأشباه والنظائر لابن الوكيل: ورقة (18/أ). وورد في المجموع المذهب: "عن".
(2)
في البسيط، كما قال ذلك العلائي.
(3)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد ذكره ابن الوكيل في الأشباه والنظائر، والعلائي في المجموع المذهب، وقد ذكره البغوي في التهذيب، جـ 3: ورقة (128/ ب).
ووجه مخالفة القفال والقاضي حسين والبنوى للإمام والغزالي: أن الإمام والغزالي يريان أن الأمر المعلق بعلم الله تعالى لا يقع به طلاق لا في الظاهر ولا في الباطن، وأما القفال والقاضي حسين والبغوي فإنهم: يرون أنه لا يقع الطلاق باطنًا، ولكن يحكم في الظاهر بوقوع الطلاق. وما ذكرته عن البغوى رأيتُه في كتابه: التهذيب.