الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و [كما دخل كل ذلك تحت](1) قوله عليه الصلاة والسلام: (إِنما الأعمال بالنيات) خرج به التروكُ المجردة، كترك الزنى والسرقة وسائر المعاصي، فإِن مقصود الشارع صلى الله عليه وسلم (2) يحصل بمجرد تركها وإِن لم يخطر بالبال، ولهذا لم تشترط النية في إِزالة النجاسة لأنها بالتروك أشبه، بدليل أن الثوب المتنجس إِذا وقع في ماء كثير بلا قصد طهر، وفي وُجَيْهٍ (3) تشترط النية (4).
نعم: إِن نوى غسلها تقربًا لأجل أداء الصلوات ونحوه أُثِيْبَ، كما أن من خطر له المعصيةُ فكفَّ نفسه عنها لله تعالى أثيب؛ لأن الكفَ فعلٌ.
[حكم النية]
إِذا تقرر: فقد اختلف الأصحاب (5) في أن النية في العبادات (6) ركن أو شرط.
(1) ما بين المعقوفتين مكتوب على جانب المخطوطة، وبأصل المخطوطة خط يشير إِليه وهو مثبت بأصل النسخة الأخرى: ورقة (5/ ب) وقد أثبته لأن المعنى أكمل بوجوده.
(2)
إِطلاق اسم الشارع على رسول الله صلى الله عليه وسلم تَجَوُّزٌ من المؤلف، وإِلا فالرسول صلى الله عليه وسلم مُبَلِّغٌ عن الله تعالى فقط.
(3)
الوُجَيْه: تصغير وجه، ولم أجد للوجيه بالتصغير تعريفًا اصطلاحيًا لدى الشافعية، هذا وقد استعمل المؤلف لفظ "وجيه" بالتصغير في عدة مواضع، ولعله قصد بذلك أنه وجه إِلا أنه ضعيف عنده. ويرجح ذلك أن العلائي قد عبر عن ذلك بقوله: - "وحُكِيَ وجه غريب أن النية تشترط في ذلك". المجموع المذهب: ورقة (17/ أ).
أما الوجه فقد قال النووي في تعريفه: "فالأقوال للشافعي، والأوجه لأصحابه المنتسبين إِلى مذهبه يخرجونها على أصوله ويستنبطونها من قواعده، ويجتهدون في بعضها وإن لم يأخذوه من أصله" المجموع شرح المهذب (1/ 111).
(4)
انظر: حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء (1/ 108)، والمجموع (1/ 331).
(5)
الأصحاب: المقصود بهم أصحاب الشافعي الذين ساروا على أصوله واتبعوا طريقته.
(6)
قد ذكر النووي تعريفات متعددة للعبادة، فمن أراد الاطلاع عليها فلينظر المجموع (1/ 332).
وفيه وجهان (1)، اختار الأكثرون أنها ركن (2). واختار القاضي أبو الطيب (3) وابن الصباغ (4): أنها شرط (5). واختلف كلام
(1) الاختلاف الذي أطلعت عليه في شأن النية إنما هو في الصلاة خاصة، ولم أر فيما اطلعت عليه من كتب الشافعية من ذكر الخلاف بصيغة التعميم كما ذكر المؤلف حين قال:"فقد اختلف الأصحاب في أن النية في العبادت ركن أو شرط".
(2)
بعضهم ذكرها بلفظ الركن وبعضهم ذكرها بلفظ الفرض، انظر: المهذب (1/ 70)، وحلية العلماء (2/ 70)، والمجموع شرح المهذب (3/ 223)، وكفاية الأخيار في حل غاية الاختصار (1/ 197).
(3)
هو طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري. ولد بآمل سنة 348 هـ.
قال أبو إِسحاق الشيرازي: "ولم أرَ فيمن رأيت أكمل اجتهادًا وأشد تحقيقًا وأجود نظرًا منه".
تفقه بآمل ونيسابور وبغداد على عدد من العلماء، ومن أبرز تلاميذه أبو إِسحاق الشيرازي الشافعي، من أجل مصنفاته: شرح مختصر المزني، والمجرد.
توفي رحمه الله ببغداد سنة 450 هـ، وهو ابن مائة وسنتين، وذُكِرَ أنه لم يختل عقله ولا تغير فهمه.
انظر: طبقات الفقهاء (127)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 247)، وطبقات الشافعية للأسنوي (2/ 157)، والبداية والنهاية (12/ 79).
(4)
هو الإِمام أبو نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد البغدادي.
ولد سنة 400 هـ.
وبرع في الفقه حتى رجحوه في المذهب على الشيخ أبي إِسحاق وهو أول من درس بالنظامية، وتفقه ببغداد على أبي الطيب الطبري.
من مصنفاته: الشامل، والكامل، وعدة العالم والطريق السالم، وكفاية السائل.
توفي ببغداد سنة 477 هـ.
انظر: تهذيب الأسماء واللغات (2/ 299)، وطبقات الشافعية للأسنوي (2/ 130)، والبداية والنهاية (12/ 126)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (173).
(5)
ذكر ذلك النووي في: المجموع (3/ 223). =
الغزالي (1)، فقال في الصلاة:"هي بالشرط أشبه"(2)، وعدها ركنًا في الصوم (3) واختلفوا في تفسيرهما (4):
فقيل: هما بمعنى [واحد](5)، أي: لا بد منهما، إِلا أن الشرط أعم، فكلُ ركنٍ شرطٌ، ولا ينعكس.
وقيل: يفترقان افتراق الخاصين؛ فالشرط: ما تقدم على العبادة كالطهارة وستر العورة، والركن: لا يتقدم عليها (6).
= وقد اختار القاضي أبو الطيب أنها شرط في الجزء الأول من شرحه لمختصر المزني: ورقة (186/ أ).
(1)
هو حجة الإِسلام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الطوسي الغزالي. ولد بطوس سنة 450 هـ.
من مشايخه إِمام الحرمين وأبو نصر الإِسماعيلي.
وبرع في عدة علوم، وصنف فيها المصنفات الكثيرة، فمن مصنفاته في الأصول: المستصفى، والمنخول، وشفاء الغليل، وكلها مطبوعة.
ومن مصنفاته في الفقه: البسيط وهو مخطوط، والوسيط وطبع قسم منه، والوجيز وهو مطبوع. وله مصنفات متعددة في العقيدة والتصوف.
توفي رحمه الله بطوس سنة 505 هـ.
انظر: تبيبن كذب المفتري (291)، وطبقات الشافعية للأسنوي (2/ 242)، والبداية والنهاية (12/ 173)، وطبقات الشافعية لابن هداية لله (192).
(2)
إنظر: الوجيز (1/ 40).
(3)
انظر: الوجيز (1/ 100).
(4)
يعني: الركن والشرط.
(5)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولكنه موجود في النسخة الأخرى: ورقة (5/ ب)، وبه يظهر المعنى، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (17/ أ).
(6)
ينظر في التفريق بين الركن والشرط: فتح العزيز (3/ 254)، وكفاية الأخيار (1/ 173).
وأورد الرافعيُ (1) على ذلك: تركَ الكلام والأفعال الكثيرة في الصلاة، فإِن ذلك شرط ولا يتقدم على الصلاة (2).
فعلى هذا: ينبغي أن تكون النيةُ في الصوم شرطًا؛ لتقدمها عليه، بل لا تصح مقارنتها لأول الصوم على الصحيح. وفي الصلاة هي ركن، إِذ لا تصح فيها إِلا مقارنة لأولها، ويأتي هذا مبسوطًا (3).
ويمكن أن يقال كل ما كانت النية معتبرة في صحته فهي ركن فيه، وما يصح بدونها، ولكن يتوقف حصول الثواب عليها، كالمباحات والكف عن المعاصي، فنية التقرب شرط في الثواب.
(1) هو الإِمام أبو القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل القزويني الرافعي، وقيل إِن الرافعي منسوب إِلى رافعان بلدة من بلاد قزوين، وقيل إِنه منسوب إِلى جد له يقال له رافع. ولد سنة 557 هـ.
تفقه على أبيه وعلى غيره، ومن تلاميذه الحافظ عبد العظيم المنذري.
والرافعي من كبار فقهاء الشافعية، وله المكانة العالية عند المتأخرين، قال عنه الأسنوي:"كان إِمامًا في الفقه والتفسير والحديث والأصول وغيرها، طاهر اللسان في تصنيفه، كثير الأدب، شديد الاحتراز في المنقولات، ولا يطلق نقلًا عن أحد غالبًا إِلا إِذا رآه في كلامه، فإِن لم يقف عليه فيه عبَّر بقوله: وعن فلان كذا، شديد الاحتراز أيضًا في مراتب الترجيح".
ومن مصنفاته: الشرح الكبير لوجيز الغزالي وهو المعروف بالعزيز أو بفتح العزيز، وقد اختصره النووي في: روضة الطالبين: ومن مصنفاته: المُحَرَّرُ، وقد اختصره النووي في منهاج الطالبين. ومن مصنفاته أيضًا: شرح مسند الشافعي، والتدوين في أخبار قزوين، والإِيجاز في أخطار الحجاز. توفي بقزوين في أواخر سنة 623 هـ، أوائل سنة 624 هـ.
انظر: تهذب الأسماء واللغات (2/ 264)، وطبقات الشافعية الكبرى (8/ 281)، وطبقات الشافعية للأسنوي (1/ 571)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (218).
(2)
نص كلام الرافعي هو: "ويرد على هذا ترك الكلام والفعل الكثير وسائر المفسدات، فإِنها لا تتقدم على الصلاة وهي معدودة من الشروط دون الأركان". فتح العزيز (3/ 254).
(3)
ذكر المؤلف ذلك مبسوطًا، في ورقة (54/ ب).