الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الامتهان، بخلاف العبد، فإِنه يدفع بالاستعانة والإخبار.
وبجرى الطريقان في كتب الحديث، وكتب العلم المتضمنة الاستدلال بالحديث وآثار السلف. وشذ الماوردى فقال:"يصح ذلك"(1).
[مسائل دخول العبد المسلم في ملك الكافر]
قال المحاملي (2): (3) "لا يدخل العبد المسلم في ملك الكافر (4) إلَّا في ست مسائل (5):
إِحداهما: الإرث.
الثانية: الرجوع بإفلاس المشترى.
(1) ذكر النووي هذا القول منسوبًا إِلى الماوردى، وذلك في المجموع (9/ 348).
(2)
هو أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم الضبي. ولد سنة 368 هـ. تفقه على الشيخ أبي حامد، وسمع الحديث من محمد بن المظفر وطبقته؛ وقد برع في الفقه حتى قال شيخه أبو حامد:"هو أحفظ للفقه مني".
من مصنفاته: اللباب، والأوسط، والمقنع، والتجريد، والمجموع.
توفي رحمه الله سنة 415 هـ.
انظر: وفيات الأعيان (1/ 74)، وطبقات الشافعية الكبرى (4/ 48)، وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 381)، والبداية والنهاية (12/ 18).
(3)
القول التالي فيه بعض التصرف في العبارات، وفي ترتيب المسائل، وانظر نصه في كتاب المحاملي المسمى اللباب: ورقة (33/ ب، 34/ أ).
كما ذكره النووي منسوبًا إِلى المحاملي في (اللباب)، وذلك في المجموع (9/ 351)، وروضة الطالبين (3/ 348).
(4)
ورد في مثل هذا الموضع من اللباب وروضة الطالبين كلمة (ابتداءً).
(5)
ذكر السيوطي أكثر من أربعين صورة يدخل فيها العبد المسلم في ملك الكافر؛ وذلك في الأشباه والنظائر (450 - 452). وانظر - أيضًا - مغني المحتاج (2/ 9، 10).
الثالثة: رجوع الوالد فيما وهب من ولده.
الرابعة: الملك الضمني على الصحيح، كقوله: أعتق عبدك عني على ألف.
الخامسة: الرد بالعيب على الصحيح.
السادسة: تعجيز المكاتب نفسه (1). والله أعلم.
واعتراض النووي على السادسة (2): بأن المكاتب لم يزل الملك عنه.
واستدرك سابعة (3)، وهي: ما إِذا اشترى من يعتق عليه إِما باطنًا أو ظاهرًا، كما [إِذا](4) أقر بحرية عبد (5)، ثم اشتراه، فإِنه يصح تعويلًا على صاحب اليد، ويعتق عليه (6). واخْتلِفَ في هذا العقد هل هو شراء أو فداء؟ والراجح أنه شراء من جانب
(1) ذكر المحاملي المسألة الأخيرة بقوله: - "أن يكاتب عبده الكافر، فيسلم الحبد، ويعجز نفسه، فله أن يعجزه". اللباب: ورقة (33 / ب).
(2)
فقال: - "وهذه السادسة غلط، فإِن المكاتب لا يزول الملك فيه ليتجدد بالتعجيز" المجموع (9/ 351). وقال نحو ذلك في الروضة (3/ 348).
وذكر العلائي جوابًا عن هذا فقال: - "وأجيب عنه بأن صورتها ما إذا ملك المكاتب عبدًا مسلمًا ثم عجز المكاتب نفسه، فإِنه يدخل في ملك السيد ما كان في ملك المكاتب" المجموع المذهب: ورقة (50 / أ).
(3)
ذكرها في المجموع (9/ 351)، والروضة (3/ 348)، إلَّا أنه لم يذكر ما إِذا كان العتق باطنًا أو ظاهرًا، ولم يمثل لها.
(4)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولكن لا بد منه لاستقامة الكلام، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (50 / أ).
(5)
وذلك العبد في يد شخص غيره.
(6)
هذا مثال للظاهر.
أما الباطن فمثاله: أن يشترى الكافر قريبه المسلم، فانه يعتق عليه بمجرد الشراء.
البائع، وفداء من جانب المشتري. ولهذا قال بعضهم: إِن صحة البيع في هذه الصورة أولى من صحته فيمن يعتق باطنًا؛ لأنه لا يُقَدَّر دخوله في ملكه بخلاف شراء القريب. وَعَكَس الإِمامُ؛ لأن ملكه للقريب حَصَّلَ العتقَ للمسلم قطعًا، وهناك لا عتق إلا في الظاهر (1).
واستدرك ابن الوكيل (2) ثامنة: وهي: ما إذا باع الكافرُ العبدَ المسلمَ من مسلم، ثم تقايلًا، وقلنا: الإقالة فسخ على الجديد الصحيح. قال الأصحاب: تصح على الأصح - وهو سبب اختياري في تملك الكافر المسلم - لأن الملك فيها كالمستدام، بدليل أنه لا
(1) ما ذكره الإمام أشار إليه النووي في المجموع (9/ 349).
(2)
هو صدر الدين محمد بن عمر بن مكي المعروف بابن المرحل.
ولد بدمياط، وقيل: بدمشق سنة 665 هـ.
سمع الحديث، وتفقه على والده، وعلى الشيخ شرف الدين القدسي، وعلى الشيخ تاج الدين الفزارى وغيرهم.
كان صدر الدين إِمامًا كبيرًا بارعًا في المذهب والأصلين، جامعًا للعلوم الشرعية والعقلية واللغوية، قال التاج السبكي:"كان الوالد رحمه الله يعظم الشيخ صدر الدين ويحبه ويثني عليه بالعلم" وقد درس بعدة مدارس بمصر والشام.
من مصنفاته: كتاب الأشباه والنظائر، وقد قام أحد الإخوة من كلية الشريعة بالرياض بتحقيق القسم الأول منه، والقسم الباقي يقوم أخ آخر بتحقيقه.
ومن مصنفاته: شرح الأحكام لعبد الحق، كتب منه ثلاثة مجلدات دالة على تبحره في الحديث والفقه والأصول، كما ذكر ذلك ابن قاضي شهبه.
توفي رحمه الله في القاهرة سنة 716 هـ.
انظر: فوات الوفيات (4/ 13)، وطبقات الشافعية الكبرى (9/ 253)، وطبقات الشافعية للإسنوى (2/ 459)، والبداية والنهاية (14/ 80)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبه (2/ 304).
تتجدد فيه الشفعة (1).
وبقيت أيضًا مسائل:
إحداها (2): إذا جاز له نكاح الأمة بشرطه، وكانت لكافر، هل يجوز؟
فيه وجهان، الصحيح: الجواز. وينعقد الولد مسلمًا تبعًا لأبويه، وينعقد على ملك الكافر (3) قهرًا كالإرث، ثم يؤمر بإِزالة ملكه عنه.
الثانية: إذا وطئ الأبُ جاريةَ الولد، واستولدها؛ فإِنه لا فرق بين المسلم والكافر الذمي (4)، فيثبت الاستيلادُ على الأظهر وان كان المستولِدُ ذميًا والابنُ مسلمًا وكذلك أمته (5)، ويقدرُ دخولها في ملكه (6) قهرًا كالإرث، ثم يكون حكمها حكم
(1) المسألة المتقدمة حصل فيها بعض التصرف. ونصها عند ابن الوكيل هو: - "وترك ثامنة، وهي: إِذا قلنا: الإقالة فسخ. فهل ينفذ التقايل؟ فيه خلاف الرد بالعيب.
وتوجيه الجواز مشكل؛ فإِن التمليك فيه اختياري غير مستند إِلى سبب.
ولعل المحاملي لم يترك هذه المسألة إلَّا لكونه رأى الإقالة تجعل العقد كأنه لم يكن، ولذلك لم تثبت به الشفعة، فهو كالاستدامة" الأشباه والنظائر: ورقة (127/ ب).
أقول: ومعنى الكلام المتعلق بالمحاملي: أن المحاملي كان يتحدث عن المسائل التي يثبت فيما تملك الكافر للعبد المسلم ابتداء. فلعله ترك المسألة التي ذكرها ابن الوكيل لكونه يرى أن الإِقالة تجعل العقد كأنه لم يكن، ومن ثم لم يحصل للكافر تملك العبد المسلم ابتداء.
(2)
المسألة التالية استدركها زين الدين ابن الوكيل ابن أخي الشيخ صدر الدين ابن الوكيل وذلك في الأشباه والنظائر: ورقة (128/ أ).
(3)
تبعًا لأمة.
(4)
ذكر ذلك النووي في: روضة الطالبين (7/ 210).
(5)
يعني: وَأَمَة الابنِ مسلمةً.
(6)
يعني: ملك الأدب المستولِدِ.
[أم](1) الولد للذمي إِذا أسلمت عنده، إِذْ يُحَال بينهما، ويؤمر بالنفقة عليها إِلى أن يعتقها أو تموت (2).
الثالثة: إِذا كان بين مسلمٍ وكافرٍ عبدٌ مشترك (3) فاعتق الكافر نصيبَه، وهو موسر، فإِنه يقوم عليه نصيب شريكه ويسرى العتق إِليه، سواء قلنا يقع العتق بنفس الإعتاق أو بأداء القيمة؛ لأن هذا ملك قهري. ذكرها البغوى (4).
الرابعة: إِذا أُوْصِيَ له به (5)، وقلنا: تملك الوصية بمجرد الموت، فإِنها تدخل في ملكه كالإرث. كذا عدها المتولي زائدة على ما تقدم (6).
والذي جزم به الماوردى: أنه إن أسلم الموصَى له قبل موت الموصي ثبتت الوصية، وإلا فلا. وحكاه العمراني وجهًا.
الخامسة: إِذا أصدقها الذميُّ عبدًا، ثم أسلم العبد في يد المرأة، ثم وجد الزوج بها
(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولكن لا بد منه لاستقامة الكلام، وقد دل عليه الكلام اللاحق، ونص عليه العلائي فقال: - "ثم يكون حكمُها حكمَ أمِ الولد للذمي" المجموع المذهب: ورقة (50/ ب).
(2)
كذا في النسختين، وفي المجموع المذهب: ورقة (50/ ب) وردت الكلمة هكذا (يموت)، ولعل ما في المجموع المذهب هو الصواب، وذلك لأنها تعتق بموته. وذلك شأن أمهات الأولاد.
(3)
وذلك العبد مسلم.
(4)
ذكرها البغوى في التهذيب، ج 4: ورقة (191/ أ).
وذكرها النووي نقلًا عن البغوي، وذلك في المجموع (9/ 353). وذكرها صدر الدين بن الوكيل نقلًا عن البغوى، وذلك في الأشباه والنظائر: ورقة (128/ أ).
(5)
أي: أوصي للكافر بعبد مسلم.
(6)
هذه المسألة ذكرها المتولي في التتمة، ج 4: ورقة (44 / أ).
عيبًا، ففسخ النكاح، فإِنه يرجع العبد إِلى ملكه. كما مَرَّ في نظائره.
السادسة: إِذا طلقها قبل الدخول، بعدما أسلم العبد في يدها، فإنه يرجع إِليه نصفه ويؤمر بإِزالته (1).
السابعة: إِذا أسلمت المرأة قبل الدخول، وقد أسلم العبد أيضًا، فإِنه يرجع إِلى ملك الزوج، لسقوط مهرها، إِذ (2) الفرقة من جهتها. والله أعلم.
وجه استثناء جميع هذه الصور من القاعدة؛ لأن منها: ما لا تتحقق المفسدة فيه، كالمستعقَب للعتق. ومنها: ما تندفع المفسدة فيها بالأمر بإِزالة ملكه عنه. ويَعِنُّ (3) من ذلك: ما (4) إِذا اشترى الكافر عبدًا كافرًا من مسلم، ثم أسلم العبد قبل قبضه، هل يبطل البيع؟
في وجه: نعم، كمن اشترى عصيرًا فتخمر قبل قبضه. والأصح: أنه لا يبطل، وينصب القاضي من يقبض العبد ويزيل الملك فيه.
وأما بيع السلاح من أهل الحرب فكذلك أيضًا لا يصح على المذهب الصحيح (5) لما فيه من المفسدة بتمكينهم منه.
وكذا بيعُ العصيرِ ممن يُتَحَقَق منه اتخاذه خمرًا. أو السلاح ممن يقطع به الطريق (6)
(1) هكذا في المخطوطة، وفي المجموع المذهب: ورقة (51/ أ): - "ويؤمر بإِزالة الملك فيه".
(2)
ورد في المخطوطة (إِذا). والصواب ما أثبته، وهو الوارد في المجموع المذهب.
(3)
هكذا قرأت هذه الكلمة، وهي غير واضحة تمامًا.
(4)
المسألة التالية ذكرها النووي في المجموع (9/ 341).
(5)
ذكر ذلك النووي في المجموع (9/ 346).
(6)
نهاية الورقة رقم (20).
لا يصح على الأصح (1). فإن لم يتحقق ذلك، ولكن كان هذا شأنه، فيكره ولا يبطل. والله أعلم.
وأعلم أن حاصل هذه القاعدة يرجع إِلى تحصيل المصالح أو تقريرها، وإلي دفع المفاسد، واحتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما (2). ونذكر لذلك أمثلة.
(1) وقال الغزالي والنووي بصحة ذلك. انظر: إحياء علوم الدين (2/ 111)، والمجموع (9/ 346).
(2)
الأفعال باعتبار اشتمالها على المصالح أو المفاسد أو عليهما على ثلاثة أضرب: -
الضرب الأول: - أن يكون الفعل مشتملًا على مصلحة أو مصالح ولا مفسدة فيه فإن كان مشتملًا على مصلحة واحدة فإنه يؤمر به لتحصيل هذه المصلحة، وإن كان مشتملًا على عدة مصالح وأمكن تحصيلها كلها حصلناها، وإن لم يمكن تحصيلها كلها وهي متفاوتة حصلنا الأعظم منها ثم الذى دونه، وإن لم يمكن تحصيلها كلها وهي متساوية فقد يقال يتخير المكلف، وقد يقال غير ذلك.
ولمعرفة هذا الضرب انظر: قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام (1/ 53) فما بعدها.
الضرب الثاني: - أن يكون الفعل مشتملًا على مفسدة أو مفاسد، ولا مصلحة فبه فإن كان مشتملًا على مفسدة واحدة فإنه ينهي عنه لدفع تلك المفسدة، وإن كان مشتملًا على عدة مفاسد وأمكن دفعها كلها دفعناها، وإن لم يمكن دفعها كلها وهي متفاوتة دفعنا الأعظم وارتكبنا الأخف، وهذا النوع هو المقصود بقاعدة ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أعظمها؛ وقد ذكرها المؤلف. وإن لم يمكن دفعها كلها وهي متساوية فقد يقال يتخير بينها، وقد يقال غير ذلك.
ولمعرفة هذا الضرب انظر: قواعد الأحكام لابن عبد السلام (1/ 79) فما بعدها.
الضرب الثالث: أن يكون الفعل مشتملًا على مصالح ومفاسد، فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك، وإن لم يمكن ذلك فإن كانت المفسدة أو المفاسد أعظم من المصلحة أو المصالح فإنه ينهى عن هذا الفعل لدفع هذه المفسدة، وهذا النوع هو المراد بقاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
وإن كانت المصلحة أعظم من المفسدة فإنه يؤمر بهذا الفعل لتحصيل هذه المصلحة وتحتمل هذه المفسدة. =