المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل السادس نشأة القواعد الفقهية وتطورها - القواعد للحصني - جـ ١

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ملابسات العثور على النسخة الثانية:

- ‌مدى الحاجة للنسخة الأخرى في تقويم نص الكتاب:

- ‌الاستفادة من توجيهات لجنة المناقشة:

- ‌المقدار الذي حقق كل واحد من المحققين:

- ‌منهج إخراج الكتاب:

- ‌المقَدِّمَة

- ‌الباب الأول دراسة عن علم قواعد الفقه

- ‌الفصل الأول تعريف القاعدة لغة، واصطلاحًا، والفرق بين القاعدة الفقهية والضابط، والفرق بين القواعد الأصولية والفقهية

- ‌القاعدة في اللغة:

- ‌القاعدة في الاصطلاح:

- ‌سأذكر بعض التعريفات:

- ‌ما تشترك فيه القاعدة والضابط، وما يفترقان فيه:

- ‌الفرق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية:

- ‌الفصل الثاني تعريف‌‌ الأشباه والنظائر لغة، واصطلاحًا، وبيان العلاقة بين قواعد الفقه والأشباه والنظائر

- ‌ الأشباه والنظائر لغة

- ‌الأشباه والنظائر اصطلاحًا:

- ‌العلاقة بين قواعد الفقه والأشباه والنظائر:

- ‌الفصل الثالث أقسام القواعد الفقهية

- ‌الفصل الرابع‌‌ استمداد القواعد الفقهيةوصياغتها

- ‌ استمداد القواعد الفقهية

- ‌صياغة القواعد الفقهية:

- ‌الفصل الخامس أهمية علم قواعد الفقه وفائدته

- ‌الفصل السادس نشأة القواعد الفقهية وتطورها

- ‌المرحلة الأولى:

- ‌المرحلة الثانية:

- ‌الفصل السابع مناهج المؤلفين في القواعد

- ‌ من ناحية المضمون

- ‌من ناحية الترتيب:

- ‌الفصل الثامن المؤلفات في علم قواعد الفقه؛ في المذاهب الأربعة

- ‌كتب القواعد في المذهب الحنفي:

- ‌كتب القواعد في المذهب المالكي:

- ‌كتب القواعد في الذهب الشافعي:

- ‌كتب القواعد في المذهب الحنبلي:

- ‌الباب الثاني دراسة عن المؤلف وكتابه

- ‌الفصل الأول‌‌ الحالة السياسيةوالعلمية في عصر المؤلف

- ‌ الحالة السياسية

- ‌الحالة العلمية في عصر المؤلف:

- ‌ففيما يتعلق بالمعلمين:

- ‌وفيما يتعلق بأمكنة التعليم:

- ‌وفيما يتعلق بالاستقرار العام:

- ‌الفصل الثاني حياة المؤلف الشخصية

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده:

- ‌نشأته وحياته:

- ‌أخلاقه وصفاته:

- ‌ذريته:

- ‌وفاته:

- ‌الفصل الثالث حياة المؤلف العلمية

- ‌طلبه العلم:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌كلام العلماء فيه:

- ‌مذهبه وعقيدته:

- ‌آثاره:

- ‌مؤلفاته في التفسير:

- ‌مؤلفاته في الحديث:

- ‌مؤلفاته في الفقه وقواعده:

- ‌مؤلفاته في التصوف والزهد والوعظ:

- ‌الفصل الرابع‌‌ تحقيق اسم المؤلف، واسم الكتاب، ونسبة الكتاب إِلى مؤلفه

- ‌ تحقيق اسم المؤلف

- ‌تحقيق اسم الكتاب:

- ‌تحقيق نسبة الكتاب إِلى مؤلفه:

- ‌الفصل الخامس دراسة عن كتاب القواعد للحصني

- ‌استمداد الكتاب:

- ‌طريقة الحصني في استمداد الكتاب:

- ‌تقويم الكتاب بالنسبة إِلى أصله:

- ‌الاستفادة من الكتاب:

- ‌منهج الكتاب:

- ‌الباب الثالث دراسة عن صاحب الأصل (العلائي)، وكتابه (المجموع المُذْهَب)

- ‌الفصل الأول ترجمة العلائي

- ‌اسمه

- ‌مولده:

- ‌طَلَبُهُ العلم:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌مكانته وكلام العلماء فيه:

- ‌وفاته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌الفصل الثاني دراسة عن المجموع المذهب

- ‌اسم الكتاب:

- ‌مصادر الكتاب:

- ‌طريقة العلائي في استمداد الكتاب:

- ‌تقويم الكتاب بالنسبة إِلى أصله:

- ‌الاستفادة من الكتاب:

- ‌مختصرات الكتاب:

- ‌منهج الكتاب:

- ‌الباب الرابع معلومات عن النسختين المخطوطتين لكتاب القواعد للحصني، ووصف لهما ومعلومات عن النسخة التي استفدت منها من المجموع الذهب للعلائي، ووصف لها

- ‌الفصل الأول معلومات عن النسختين المخطوطتين لكتاب القواعد للحصني، ووصف لهما

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌الفصل الثاني معلومات عن النسخة التي استفدت منها من المجموع المذهب، ووصف لها

- ‌الباب الخامس منهجي وعملي في التحقيق

- ‌الفصل الأول منهجي في تحقيق الكتاب

- ‌الفصل الثاني عملي في التحقيق

- ‌[تقسيم الحكم الشرعي إِلى حكم تكليفي، وحكم وضعي]

- ‌[أنواع الحكم التكليفي]

- ‌[الواجب]

- ‌[المندوب]

- ‌[الحرام]

- ‌[المكروه]

- ‌[المباح]

- ‌[أنواع الحكم الوضعي]

- ‌[السبب]

- ‌[الشرط]

- ‌[المانع]

- ‌[أنواع أُخَر]:

- ‌(القواعد الأربع)

- ‌[حكم النية]

- ‌[ما شُرِعت النية لأجله]

- ‌[ما نُوِيَ به النفل لا يتأدى به الفرض إِلا في مسائل منها ما يأتي

- ‌[من شرط النية: الجزم]

- ‌[النية الحكمية، والمنافي لها]

- ‌[أبواب أُخَر تدخل فيها النية]

- ‌(تخصيص العام) [بالنية]

- ‌[النيةُ المُخَصِّصَةُ، والنيةُ المؤكدَة]

- ‌[حكم من تعاطى فعل شيء حلال له، وهو يعتقد عدم حله، والعكس]

- ‌(تعارض الأصلين)

- ‌[مسائل اجتمع فيها أصل وظاهر، ويرجح أحدهما]

- ‌[مسائل ترجح فيها الظاهر]

- ‌[مسائل ترجح فيها الأصل]

- ‌[مسائل اجتمع فيها أصلان واعتضد أحدهما بالظاهر]

- ‌[المراد بالشك عند الفقهاء والأصوليين]

- ‌[أضرب الشك باعتبار الأصل الذي يطرأ عليه الشك]

- ‌النوع الأول: المتعلق بالعبادات

- ‌رخص السفر

- ‌[رخص المرض]

- ‌[رخص الإِكراه]

- ‌[أنواع أخر من الرخص]

- ‌[أقسام التخفيفات الشرعية]

- ‌[أقسام الرخص من حيث حكمها]

- ‌النوع الثاني: التخفيف في العاملات لأجل المشقة

- ‌النوع الثالث من التخفيفات: في المناكحات

- ‌النوع الرابع: التخفيف في الظهار والأيمان

- ‌النوع الخامس: التخفيف عن الأرقاء وساداتهم

- ‌النوع السادس: التخفيف في القصاص

- ‌النوع السابع: التيسير على المجتهدين

- ‌[قيام الحاجة مقام المشقة في حل النظر المحرم]

- ‌[أبواب مبنية على هذه القاعدة]

- ‌[فروع مخرجة على هذه القاعدة]

- ‌[مسائل دخول العبد المسلم في ملك الكافر]

- ‌[أمثلة على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما]

- ‌[الاستدلال على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما]

- ‌[اجتماع المفاسد مع تساويها]

- ‌[اجتماع المصالح والمفاسد]

- ‌الأول: غلبة المفسدة على المصلحة:

- ‌النوع الثاني: أن تكون المصلحة أعظم من المفسدة

- ‌النوع الثالث: أن تتساوى المصالح والفاسد:

- ‌[بعض السائل المبينة على قاعدة العادة]

- ‌[تخصيص العام و] (تقييد المطلق بالعادة)

- ‌[ما تثبت به العادة]

- ‌فائدة:

- ‌(العرف الخاص هل يلحق بالعرف العام

- ‌[العرف الذي تحمل عليه الألفاظ]

- ‌فائدة مهمة:

- ‌[المأخذ في الصراحة]

- ‌[حكم الصريح في بابه إِذا وجد نفاذًا في موضوعه. وإِذا لم يجد]

- ‌فائدة:

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌(صرف اللفظ عن حقيقته إِلى المجاز)

- ‌فائدة

- ‌قاعدة [فيما تثبت به الأحكام]

- ‌[حكم الأشياء قبل البعثة]

- ‌[حكم الأشياء بعد البعثة]

الفصل: ‌الفصل السادس نشأة القواعد الفقهية وتطورها

‌الفصل السادس نشأة القواعد الفقهية وتطورها

لا يعلم بالتحديد الوقت الذي ابتدأ فيه وضع القواعد الفقهية؛ إلا أنني أرجح في الجملة أن القواعد المستنبطة من النصوص أسبق في الوضع من القواعد المستنبطة من المسائل المتشابهة؛ ووجه ذلك: أن النصوص الشرعية من الكتاب والسنة سابقة في الوجود للمسائل الفقهية.

وهناك قصة جرت بين الكسائي النحوي المتوفى سنة 189 هـ، ومحمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة المتوفى سنة 189 هـ، وهي: أن الكسائي قال: لا أُسْأَلُ عن مسألة في الفقه إِلا أجبت عنها من قواعد النحو. فقال له محمد بن الحسن: ما تقول فيمن سها في سجود السهو، يسجد؟ قال: لا؛ لأن المُصَغَّرَ لا يُصَغَّر (1).

وهذه القصة تعطينا أن الالتفات إِلى القواعد وتخريج الفروع عليها كان موجودًا في منتصف القرن الثاني.

ولعل انشغال الفقهاء في القرون الأولى بالنظر في أحكام الحوادث الجديدة، التي وجدت مع التوسع في الفتح ومخالطة أقوام وبيئات جديدة، قد صرفهم عن العمل في تقعيد القواعد.

وبعد أن بدأت الأحوال في البلاد الإِسلامية تستقر تبع ذلك قلة الحوادث الجديدة، وكان بين أيدي الفقهاء رصيد ضخم من الجزئيات الفقهية، فبدأ بعض الفقهاء بإِعادة النظر في تلك الجزئيات، ومحاولة إِيجاد روابط بين المتشابه منها،

(1) انظر هذه القصة في: شذرات الذهب لابن العماد (1/ 321). وقد لفت النظرَ لها الباحثُ أحمد بن عبد الله بن حميد في ص (115) من القسم الدراسي من رسالته.

ص: 39

وكانت تلك الروابط هي المحاولات الأولى لوضع القواعد الفقهية.

ويترجح لي أن بعض القواعد وضعت ولم يطرأ عليها صَقْلٌ أو تحويرٌ يذكر، وهناك قواعدُ أُخَرُ مرت بعدد من مراحل الصقل والتحوير.

ومن جهة أخرى فإِن القواعد تختلف من ناحية واضعها، فبعضها نص أهل القواعد على أن واضعها هو العالم الفلاني، وكثير منها مسكوت عن واضعه. ولعل أكثر القواعد التي لم يطرأ عليها تحوير يذكر هي التي يعرف واضعوها، أما القواعد التي مرت بعدد من مراحل الصقل والتحوير فالظاهر أنها لا يعلم واضعها، وذلك لأنها في الحقيقة نتاج لعدد من العلماء.

ومن القواعد التي عرف واضعوها ما يلي:

1 -

لا ينسب إِلى ساكت قول (1).

2 -

إِذا ضاق الأمر اتسع (2).

3 -

كل ما جاز بيعه فعلى متلفه القيمة (3).

4 -

تجب اليمين في كل حق لابن آدم إِلا في أربعة مواضع.

5 -

من قبل قوله في أصل الشيء قبل في فرعه لأنه تابعه (4).

(1) هذه العبارة قالها الإِمام الشافعي، وانظرها في: اختلاف الحديث له مع مختصر المزني (507).

(2)

هذه العبارة للشافعي: ذكر ذلك الزركشي في المنثور (1/ 120)، والسيوطي في الأشباه والنظائر (83).

(3)

هذه القاعدة والتي بعدها ذكر ابن السبكي أنهما من قول ابن القاص، وذلك في: الأشباه والنظائر: ورقة (140 / أ)(217 / أ).

(4)

ذكر ابن السبكي أن هذه عبارة أبي سعد الهروى في الإشراف، انظر: الأشباه والنظائر: ورقة (129 / ب).

ص: 40

6 -

ما يسقط بالتوبة يسقط حكمه بالإكراه، وما لا فلا (1).

7 -

الرخص لا تناط بالشك (2).

ومن المرجح أن وضع القواعد الفقهية بدأ في المذهب الحنفي قبل غيره، ولعل السر في ذلك هو طريقة الحنفية في وضع أصولهم؛ فإِن من المعلوم أن الأحناف وضعوا أصولهم الفقهية من استقراء الجزئيات المأثورة عن الإِمام أبي حنيفة ومتقدمي أصحابه. وهذه الطريقة - أعني استقراء الجزئيات - هي الطريقة التي سلكها العلماء في وضع القواعد الفقهية.

ولعل أقدم خبر يذكر حول جمع القواعد الفقهية هو قصة أبي طاهر الدباس (3) أحد أئمة الحنفية بما وراء النهر؛ فقد ذكِرَ أنه رد جميع مذهب أبي حنيفة إِلى سبع عشرة قاعدة، فعلم بذلك بعض أئمة الحنفية بهراة، فسافر إِلى أبي طاهر ليأخذ منه تلك القواعد.

وكان أبو طاهر ضريرًا، وكان يكرر كل ليلة تلك القواعد بمسجده بعد أن يخرج الناس منه، فالتف ذلك القادم بحصير من حصر المسجد، ولما خرج الناس بدأ أبو طاهر بسرد تلك القواعد، ولما عدّ منها سبعًا حصلت للملتف بالحصير سعلة، فأحس به أبو طاهر فضربه وأخرجه من المسجد، ثم لم يكررها فيه بعد ذلك، ثم رجع ذلك الشخص

(1) ذكر ابن السبكي أن هذه القاعدة معزوة إِلى الأودني، انظر: الأشباه والنظائر: ورقة (67/أوب).

(2)

نسبها تاج الدين ابن السبكي إِلى والده تقي الدين، انظر الأشباه والنظائر: ورقة (60/أ).

(3)

هر محمد بن محمد بن سفيان، ويعرف بأبي طاهر الدباس، من كبار علماء الأحناف، لا يعلم بالتحديد الوقت الذى توفي فيه، إِلا أنه كان معاصرًا للكرخي الحنفي المتوفي سنة 340 هـ.

انظر: الجواهر المضية (2/ 116)، والفوائد البهية (187).

ص: 41

إِلى أصحابه وتلا عليهم تلك السبع" (1).

وأقدم نص وجدته عند الشافعية يتعلق بالقواعد الفقهية الكبرى هو النص التالي:

- وهو لأبي سعد الهروى المتوفي في حدود الخمسمائة (2) - "وكان القاضي الحسين (3) يقول على إِثر حكاية (4) يحكيها عن أبي طاهر الدباس من أصحاب أبي حنيفة في تخريجه أصول معدودة:

دعائم الفقه على أصل الشافعي -رحمة الله عليه - أربع:

الأولى: كل أصل تمهد وتقرر في الشريعة لا ينزل عنه إِلا بيقين؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان ليأتي أحدكم وهو في صلاته، فيقول له: أحدثت أحدثت. فلا ينصرفن حتى يسمع صوتًا أو يشم ريحًا).

والدعامة الثانية: أن المشقة تجلب التيسير؛ قال الله تعالى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} . وقال صلى الله عليه وسلم (بعثت بالحنفية السمحة السهلة).

والدعامة الثالثة: اشتقت من قوده: (لا ضرر ولا ضرار في الإِسلام).

والدعامة الرابعة: تحكيم العادة والرجوع إِليها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما استحسنه المسلمون فهو حسن" ..

ومن المرجح أن الكرخي الحنفي الذي كان معاصرًا لأبي طاهر الدباس قد أخذ قواعد الدباس، وزاد عليها، ووضعها في رسالة (5) بلغت قواعدُها تسعًا وثلاثين قاعدة.

(1) القصة المتقدمة ذكرها السيوطي في أشباهه (7)، وابن نجيم في أشباهه (15، 16).

(2)

ورد النص التالي في كتاب: الإشراف على غواض الحكومات للهروي: ورقة (64/ أو ب).

(3)

توفي القاضي حسين سنة 462 هـ، وستأتي ترجمته في القسم التحقيقي.

(4)

الظاهر أنها هي القصة التي ذكرتها آنفًا.

(5)

هذه رسالة مطبوعة مع تأسيس النظر للدبوسي.

ص: 42