الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
المكتبات.
4 -
الاستقرار العام في البلد.
وقد أسلفت: أن الحصني عاش في أخر عصر المماليك البحرية، وأول عصر المماليك البرجية؛ وسأبين فيما يلي مدى توافر العناصر السابقة في ذلك العصر:
ففيما يتعلق بالمعلمين:
كان في هذا العصر عدد من العلماء يقومون بتعليم الناس العلوم الشرعية واللغوية؛ كالعقيدة والتفسير والحديث والفقه والنحو والصرف وما إلى ذلك.
وفيما يتعلق بأمكنة التعليم:
كان في ذلك العصر مدارس كثيرة مخصصة للتعليم؛ فكان للقرآن مدارسه، وللحديث مدارسه، وهناك مدارس مشتركة بين القرآن والحديث، وهناك مدارس لكل مذهب من المذاهب الأربعة؛ قال ابن بدران:(1)؛ "فمن ثمّ انتشرت المذاهب الأربعة في هذه الديار، وبنيت لها المدارس، وتنافس الناس فيها؛ وتسابقوا في إِنشائها؛ وكانت كثرتها على حسب كثرة أصحابها؛ كما يعلمه من طالع كتابنا هذا".
وقد ألف عبد القادر النعيمي كتابًا (2) بين فيه المدارس وتواريخها؛ وعد فيه سبع دور للقرآن الكريم، وست عشرة دارًا للحديث، وثلاث دور مشتركة بين القرآن والحديث؛ وعدّ للشافعية ثلاثًا وستين مدرسة، وعدّ للحنفية اثنتين وخمسين مدرسة، وعدّ للمالكية أربع مدارس، وعذ للحنابلة إِحدى عشرة مدرسة (3).
(1) في: منادمة الأطلال (76).
(2)
طبع هذا الكتاب تحت اسم: الدارس في تاريخ المدارس.
(3)
من أراد معرفة أسماء هذه المدارس، ومن درّس فيها؛ فعليه مراجعة: الدارس في تاريخ المدارس للنعيمي؛ ومنادمة الأطلال لابن بدران (76) فما بعدها، ومنتخبات التواريخ لدمشق (3/ 937) فما بعدها، وخطط الشام (6/ 66) فما بعدها.
وكانت المدارس في هذا العصر تتمتع بدخل ثابت، يأتيها من ريع الأوقاف التي كانت توقف على تلك المدارس؛ وكان يصرف من ذلك الدخل على عمارة المدرسة وعلى المعلمين والمتعلمين.
وكانت وظيفة التدريس بتلك المدارس جليلة القدر، حيث يُعَيَّن المدرس فيها من قبل السلطان؛ ويكتب له توقيعًا ينصحه فيه بأن يخلص في عمله؛ ويحرص على طلابه؛ ويحثهم على الاستفادة من أوقاتهم.
كما جرت العادة بأن يعَيَّنَ لكل مدرس معيد أو أكثر، ليعيد للطلبة ما ألقاه الشيخ، كما يعينهم في شرح ما لم يفهموه (1).
ولم تكن المدارس هي المكان الوحيد للتعليم؛ فقد كانت حلق العلم تعقد في بعض المساجد؛ كالجامع الأموي بدمشق.
كما كان هناك مكاتب لتعليم أطفال المسلمين القرآن الكريم ومبادئ العلوم، وقد أوْقِفَت الأوقاف من قبل المحسنين للصرف على هذه المكاتب (2).
وفيما يتعلق بالمكتبات: فقد كانت متوافرة في ذلك الوقت؛ حيث ألْحِق بكل مدرسة أو جامع مكتبة تضم عددًا من الكتب الهامة، كما ألحق ببعض الخوانق (3) مكتبات (4). وكان في كل مكتبة خازن للكتب؛ ومهمته ترتيب الكتب وتنظيمها وحفظها وحبكها وترميم ما يحتاج منها إِلى ترميم، كما يقوم بإِرشاد القراء إِلى ما يحتاجونه؛ لذلك كان يختار لخزانة الكتب شخص ذو فقه وعلم وأمانة.
(1) انظر: العصر المماليكي (333).
(2)
انظر: العصر المماليكي (335).
(3)
الخوانق: هي دور الصوفية.
(4)
انظر: النقد الأدبي في العصر المملوكي (26).