الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سأذكر بعض التعريفات:
عرّفها تاج الدين ابن السبكي المتوفى سنة 771 هـ بقوله: "القاعدة: الأمر الكلي الذي ينطبق عليه جزئيات كثيرة تفهم أحكامها منها"(1).
وعرفها المقَّرِي المتوفى سنة 758 هـ بقوله: "ونعني بالقاعدة كلَ كُلّي هو أخص من الأصول وسائر المعاني العقلية العامة وأعم من العقود وجملة الضوابط الفقهية الخاصة"(2).
وعرفها الحموي المتوفى سنة 1098 هـ بقوله: "هي عند الفقهاء حكم أكثريّ لا كلي، ينطبق على أكثر جزئياته، لتعرف أحكامها منه"(3).
وعرفها صاحب التحقيق الباهر المتوفى سنة 1224 هـ بقوله: "وعند الفقهاء: قضية أكثرية تنطبق على أكثر جزئيات موضوعها"(4).
وبإِلقاء نظرة عامة على التعريفات المتقدمة؛ نجد أن التعريفين الأولين يشتركان في اعتبار كون القاعدة كلية، ونجد أن التعريفين الأخيرين يشتركان في كون القاعدة أكثرية.
والظاهر أن الباعث لمن يعرفها بأنها أكثرية هو: أن كثيرًا من قواعد الفقه لها صور مستثناة منها، ولا ينطبق عليها حكمها، ويلحظ هذا الأمر من يطالع كتب قواعد الفقه.
(1) الأشباه والنظائر لابن السبكي: ورقة (7/ أ).
ولعله قد حصل في ذلك التعريف بعض التغيير، والمناسب -فيما يظهر لي- أن تكون هكذا:"الأمر الكلي الذي ينطبق على جزئيات كثيرة تفهم أحكامها منه"؛ وبنحو ما ذكرته عرفها التفتازاني في التلويح (1/ 34)، والفتوحي الحنبلي في شرح الكوكب المنير (1/ 30).
(2)
قواعد المقري: ورقة (2/ أ). كما نقله محققُ إيضاح المسالك للونشريسيِّ في ص (110).
(3)
غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر (1/ 51).
(4)
التحقيق الباهر شرح الأشباه والنظائر لمحمد هبة الله التاجي (28/ أ).
ولعل تعريفها بأنها كلية أنسب لما يلي:
الأمر الأول: أن شأن القواعد أن تكون كلية (1).
الأمر الثاني: ذكره صاحب التحقيق الباهر بقوله: "أن الفرعَ المُخْرجَ عنها بدليل عند الفقهاء؛ إِما أن يدخل تحت قاعدة أخرى، أو لا. وعلى كل فهي كلية بالنسبة إِلى غير ذلك الفرع المخرج؛ فكما أن الدليل أخرج الفرع عنها، كذلك خصصها بما وراءه"(2).
الأمر الثالث: ذكره الشاطبي بقوله: "وأيضًا بالجزئيات المتخلفة قد يكون تخلفها لِحِكَمٍ خارجة عن مقتضى الكلي فلا تكون فى داخلة تحته أصلاً"(3).
وبإِلقاء نظرة فاحصة على التعريفات المتقدمة نجد أنها - باستثناء تعريف المقَّرِي - يمكن أن تنْقَدَ من وجهين:
الأول: أنها ليس فيها ما يُشْعِرُ بعلاقتها بالفقه، فهي على هذا تصلح تعريفا للقاعدة في أي فن.
الثاني: أنها غير مانعة من دخول الضابط.
لذا فإِن تعريف المقري هو أسلمها.
ولو أردت أن أضع للقاعدة الفقهية تعريفًا سليمًا من الانتقادين السابقين، ومشابهاً لتعريف ابن السبكي والتفتازاني لأمكن أن أقول:
القاعدة: هي حكم كلي فقهي ينطبق على جزئيات كثيرة من أكثر من باب.
(1) ذكر هذا المعنى الفتوحي في شرح الكوكب المنير (1/ 45).
(2)
التحقيق الباهر، جـ 1: ورقة (28 / أ).
(3)
الموافقات (2/ 53).