الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تخصيص العام)[بالنية]
وأما (1) تخصيص اللفظ العام (2) بالنية ففيه صور:
منها: إِذا حلف لا يسلم على فلان، فسلم على قوم هو فيهم، واستثناءه بقلبه: فالمشهور: عدم الحنث.
ومنها: إذا قال: لا أدخل على فلان: فدخل على قوم هو فيهم، واستثناءه بقلبه وقصد الدخول على غيره: فالأصح: الحنث.
والفرق: أن الدخول فعل لا يدخله الاستثناء، ولا ينتظم (3) أن يقال: دخلت عليكم إِلا على فلان. ويقال: سلمت عليكم إِلا على فلان (4).
ومنها: لو حلف لا يكلم أحدًا، ثم قال: أردت زيدًا أو من سوى زيد. أو لا يأكل طعامًا ونوى طعامًا بعينه: قال الرافعي (5): "تخصصت اليمين بما نوى".
ومنها: إِذا حلف لا يدخل الدار، ثم قال: أردت شهرًا أو يومًا. فيقبل ظاهرًا
(1) ذكر العلاني قبل هذا البحث بحثا عن تقييد المطلق بالنية فمن أراده فليراجعه في المجموع المذهب: ورقة (125/أ، ب).
(2)
العام: من المباحث الهامة في أصول الفقه، ويبحث فيه الأصوليون أمورًا متعددة، مثل تعريفه وألفاظه ومخصصات ونحو ذلك، فمن أراد مراجعتها فلينظر: المستصفى (2/ 32) فما بعدها. والمحصول (ج 1 / ق 2/ 513) فما بعدها، والأحكام للآمدى (2/ 286) فما بعدها.
(3)
أى لا يستقيم.
(4)
الفرق المتقدم ذكره النووى في: الروضة (11/ 80).
(5)
في: فتح العزيز، الجزء الخامس عشر: ورقة (147/ أ).
وباطنًا، وتتخصص اليمين بما نوى إذا كانت بالله تعالى ولم تتعلق بحق آمي (1).
فإِن كانت اليمين في الصورتين بالطلاق (2) أو (3) العتاق (4) أو بالله في الإيلاء (5)، لم يقبل في الحكم، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى. لكن نص الشافعي فيما إِذا قال:"إن كلمت زيدًا فأنت طالق. ثم قال: أردت التكليم شهرًا. أنه يقبل"(6) قال الغزالي وغيره: "أراد القبول الباطن، حتى لا يقع في الباطن إِذا كان التكليم بعد شهر".
وفي مختصر المزني (7) قال الشافعي: "لو قالت له: طلقني، فقال: كل امرأة لي
(1) قال النووى: - "لأنه أمين في حقوق الله تعالى". الروضة (11/ 81).
(2)
نهاية الورقة رقم (11).
(3)
ورد في المخطوطة (واو)، وما أثبته هو الصواب، وهو الموافق لما في الروضة، والمجموع المذهب. ورقة (26/ أ).
(4)
معنى كون اليمين أو الحلف بالطلاق أو العتاق: الحث على أمر أو المنع منه بتعليق وقوع طلاق أو اعتاق على مخالفته.
فمثال الحلف بالطلاق أن يقول: لا أكلم أحد فإِن كلمت أحدا فامرأتي طالق. ومثال الحلف بالإعتاق أن يقول: لا أدخل هذه الدار فإِن دخلتها فعبدى فلان حر.
(5)
عرف النووىُ الإيلاءَ بقوله: - "هو حلف زوج يصح طلاقه ليمتنعن من وطئها مطلقًا، أو فوق أربعة أشهر". منهاج الطالبين (111).
(6)
ذكر النووى نص الشافعي المتقدم، وقول الغزالي التالي، وذلك في الروضة (8/ 19).
(7)
مختصر المزني: كتاب في الفقه الشافعي، ويعتبر مصدرًا من مصادره، وخصوصًا في نقل أقوال الإمام الشافعي رحمه الله، وهو أحد الكتب المشهورة المتداولة بين الشافعية. قال مؤلفه في أوله: - "قال أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني رحمه الله: اختصرت هذا الكتاب من علم محمد بن إِدريس الشافعي رحمه الله ومن معنى كلامه لأقربه على من أراده".
هذا: وقد أثنى جمع من العلماء على هذا الكتاب، فمن ذلك ما نقله الروياني، ونصه: - "قال الإمام القفال رحمه الله: من ضبط هذا المختصر حق ضبطه، وتدبره حق تدبره لم يشذ =
طالق. طلقت امرأته التي سألت، إِلا أن يكون قد عزلها بنيته" (1). قال الرافعي:"وظاهر هذا النص: أنه إذا قال: نسائي طوالق أو كل امرأة [لي] (2) طالق. وعزل بعضهن بالنية، أنه لا يقع عليه طلاق". ثم حكى خلافًا في ذلك بين الأصحاب: "وأن الأكثرين قالوا: لا يقبل ظاهرًا. وحملوا النص على أنها لا تطلق فيما بينه وبين الله تعالى". وقال ابن الوكيل (3): "يقبل ظاهرًا سواء اعتضد بقرينة أم
= عليه شيء من أصول مذهب الشافعي في الفقه. وقال ابن سريج رحمه الله: هذا المختصر بكر لم يفتض، وأنشد فيه:
يضيق فؤادى منذ عشرين حجة
…
وصيقل ذهني والمفرج عن همي
عزيز على مثلي إعارة مثله
…
لما فيه من علم لطيف ومن نظم
جموع لأصناف العلوم بأسرها
…
فأخلق به أن لا يفارقه كمي"
البحر، الجزء الأول، ورقة (6/ أ).
ونظرًا لأهمية هذا الكتاب فقد شرحه عدد من كبار علماء المذهب الشافعي بشروح طويلة، فمن ذلك شرح للقاضي أبى الطيب الطبرى وشرح للماوردى في كتابه الحاوى، ويغلب على ظني من مطالعة (الشامل) لابن الصباغ أنه شرح مختصر المزني أيضًا، وكل هذه الشروح موجودة إِلا أنها لا تزال مخطوطة. وممن شرح ألفاظه أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوى المشهور في كتاب اسمه (حلية الفقهاء). وقد طبع هذا الكتاب حديثًا بتحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي. ولمعرفة المزيد عن شروح ذلك الكتاب انظر: كشف الظنون: (2/ 1635).
هذا: وقد طبع مختصر المزني مع الأم للشافعي مرتين، مرة بهامش الأم، ومرة مستقلًا مع كتابي المسند واختلاف الحديث للشافعي (1) انظر: مختصر المزني (192).
(2)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (26/ أ). وبه يستقيم الكلام
(3)
هو أبو حفص عمر بن عبد الله المعروف بابن الوكيل، ويعرف أيضًا بالباب شامي، نسبة إلى باب الشام، تفقه على الأنماطي.
وهو من متقدمي الشافعية، ومن أئمة أصحاب الوجوه، قال المُطَّوِّعيُّ: كان فقيهًا جديلًا، من =
لا" (1). قال (2): "والأظهر عند المعتبرين والقفال (3) لا يقبل في الظاهرِ إن لم يكن قرينة، ويقبل إن وجدت قرينة، وهو اختيار الروياني". ومن القرائن: ما إِذا قالت له: تزوجت علي. فقال: كل امرأة لي طالق، وقال: أردت غير المخاطبة.
وفرق القاضي حسين بين أن يقول: كل امرأة لي طالق، أو نسائي طوالق. فيقبل
= نظراء ابن سريج، وكبار المحدثين، والرواة، وأعيان النقلة.
توفي رحمه الله ببغداد بعد سنة 310 هـ.
انظر: طبقات الفقهاء (110)، وطبقات الشافعية الكبرى (3/ 470)، وطبقات الشافعية للإسنوي (2/ 538)، وطبقات ابن هداية الله (58).
واعلم: أن ابن الوكيل هذا لم يرد في غير هذا الموضع من القسم الذى حققته.
أما ابن الوكيل الذي ورد ذكره في عدة مواضع فهو صدر الدين صاحب الأشباه والنظائر المتوفي سنة 716 هـ. وستأتي ترجمته.
(1)
ذكر النووى قول ابن الوكيل، وذلك في الروضة (8/ 19).
(2)
أى الرافعي. انظر: الروضة (8/ 19).
(3)
هو أبو بكر عبد الله بن أحمد بن عبد الله المَرْوَزِى المعروف بالقفال. وهو شيخ الخراسانيين.
يقول ابن السبكي: "كان القفالُ المروزى هذا من أعظم محاسن خراسان، إمامًا كبيرً، وبحرًا عميقًا، غواصًا على المعاني الدقيقة، نقي القريحة، ثاقب الفهم، عظيم المحل، كبير الشأن، دقيق النظر".
تفقه على الشيخ أبي زيد المروزى وغيره، وسمع الحديث من جماعة، ومن تلاميذه الشيخ أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين وغيره.
من مصنفاته: شرح تلخيص ابن القاص، وشرح فروع ابن الحداد، والفتاوى.
توفي رحمه الله سنة 417 هـ.
انظر: وفيات الأعيان (3/ 46)، وطبقات الشافعية الكبرى (5/ 53)، وطبقات الشافعية للإسنوى (2/ 298)، والمهمات للإسنوى (مخطوط) الجزء الأول: ورقة (10 / أ)، وشذرات الذهب (3/ 207).