الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[اجتماع المفاسد مع تساويها]
أما إِذا تساوت رتب المفاسد من كل وجه، فقد يتخير بينها في بعض الصور، وقد يتوقف إِذا لم يمكن دفع جميعها:
فمن مسائل التخيير: ما إِذا أكره على إِتلاف درهم من درهمين، إِما لرجل أو لرجلين، فإِنه يتخير.
وكذا: إِذا وجد المضطر حَرْبيَّين متساويَين (1)، واحترزنا بالمتساويَين عما إذا كان أحدُهما قريبَه، فإِنه يقدم الأجنبي.
ومن أمثله ما يتوقف فيه: ما إِذا وقع رجل على أطفال مسلمين، إِن أقام على أحدهم قتله، وإن انتقل إلى آخر قتله (2)، قال بعض العلماء:"ليس في هذه المسألة حكم شرعي، وهي باقية على الأصل في انتفاء الشرائع قبل ورودها، فإِن الشريعة لم تجئ في التخيير بين هاتين المفسدتين"(3).
ومن أمثلة ذلك ما إِذا اغتلم البحر (4) بحيث علم ركاب السفينة أنهم لا يخلصون إِلا بتغريق شطرهم لتخفف السفينة، فإنه لا يجوز إلقاء أحد منهم بقرعة ولا بغيرها؛ لأنهم مستوون في العصمة، وإن أدى ذلك إلى إِهلاك الجميع. ولو كان معهم مال وحيوان محترم، وجب اِلقاء المال ثم الحيوان، دفعًا لمفسدة تلاف (5) الآدميين.
(1) فإِنه يتخير في الأكل من أيهما شاء.
(2)
ذكر إمام الحرمين مسألة قريبة من هذه المسألة، وقال فيها نحو القول التالي، وذلك في البرهان (1/ 302).
(3)
ذكر ذلك الشيخ عز الدين في قواعد الأحكام (1/ 82).
(4)
أي: هاج واضطربت أمواجه. انظر: لسان العرب (12/ 439).
(5)
هكذا في المخطوطة. وفي المجموع المذهب: ورقة (47/ ب): - "تلف".
ولو كان في مسألة الأطفال فيهم أطفالُ كفارٍ، فقد اختلف في أنه: هل يلزمه الانتقال عن المسلم إِلى الطفل المحكوم بكفره؟
قال الشيخ [عز](1) الدين: "الأظهر عندي: أنه يلزمه؛ لأن مفسدةَ قتله أخفُ من مفسدة قتل المسلم، بدليل أنه يجوز قتل أطفال الكفار عند التترس بهم، حيث لا يجوز ذلك في أطفال المسلمين"(2).
وهذا في أطفال (3) معصومين بالذمة. أما أطفال أهل الحرب فيجب عليه الانتقال إِليهم (4)، وفيه احتمال ضعيف.
* * *
(1) كلمة (عز) لا توجد في المخطوطة، وهي جزء من اسم الشيخ عز الدين ابن عبد السلام، ولعلها سقطت سهوًا، وقد ذكر العلائي اسم الشيخ كاملًا عند ذكره لهذه المسألة، وذلك في المجموع المذهب: ورقة (48 / أ).
(2)
هنا نهاية كلام الشيخ عز الدين، وانظر نص كلامه في: قواعد الأحكام (1/ 82).
(3)
يحسن أن يوضع هنا كلمة (كفار).
(4)
قال العلائي: - "لأن هذه حينئذ من المقاصد المتفاوتة التي تقدمت أمثلتها". المجموع الذهب: ورقة (48 / أ).