الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الثانية دون الأولى. والفرق: قوة العموم في (كل) وشمولها الأفراد بالتنصيص.
وأجروا هذا الخلاف فيما إِذا قال: إن أكلت خبزًا أو تمرًا فأنت طالق. ثم فسر ذلك بنوع خاص (1).
وفرق هؤلاء بين هذه الصور (2) وبين ما إِذا قال: أنت طالق، ثم قال: أردت إِن دخلت الدار. حيث لا يقبل ظاهرًا بالاتفاق، بل يدين: بأن اللفظ (3) عام في الأشخاص والأزمان فقبل التخصيص دون هذه الصورة قال الرافعي: "وقد يقابل بمثله فيقال: اللفظ عام في الأحوال إِلا أنه خصصه بحال دخول الدار".
[النيةُ المُخَصِّصَةُ، والنيةُ المؤكدَة]
واعلم أن القرافي قد اعترض على قولهم: لا أكلم أحدًا، وقال: أردت زيدًا أَو: لا ألبس ثوبًا ونوى به الكتان بأن النية تخصص ذلك. وقال: (4) هذه نية مؤكدة لبعض ما دل عليه اللفظ لا مخصصة، إِلا أن ينوى إِخراج غير ما نواه عن يمينه: لأن المخصِّصَ لا بد وأن يكون مخالفًا لحكم العام، كما إِذا قال: اقتلوا المشركين. ثم قال: لا تقتلوا بني تميم. فأما إِذا كان موافقًا لحكمه فهذا هو ذكر بعض ما تناوله العام، كحديث:(شاة ميمونة)(5). مع قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما إِهاب دبغ فقد
(1) ذكر ذلك النووي، في: الروضة (8/ 19).
(2)
وردت في المخطوطة هكذا: (الصورة)، وما أثبته هو الصواب، وهو الموافق لما في المجموع المذهب: ورقة (26/ أ).
(3)
أي: في الصور المتقدمة.
(4)
ذكر القرافي حاصل الكلام التالي عندما تعرض للفرق التاسع والعشرين بين قاعدة النية المخصصة، وقاعدة النية المؤكدة. وما ذكره المؤلف ليس نص كلام القرافي، فمن أراده فليراجعه في: الفروق (1/ 178) فما بعدها.
(5)
ميمونة هي: بنت الحارث بن حزن الهلالية، زوج النبي صلى الله عليه وسلم. =
طهر) (1) والجمهور على أن مثل ذلك لا يقتضي التخصيص. خلافًا لأبي ثور (2).
= تزوجها صلى الله عليه وسلم سنة سبع، وتوفيت رضي الله عنها سنة 51 هـ، وقيل غير ذلك.
انظر: الاستيعاب (4/ 404)، وأسد الغابة (5/ 550)، والإصابة (4/ 411).
أما حديثها فقد ورد بعدة روايات منها ما أخرجها مسلم ونصها: (عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بشاة مطروحة. أُعْطِيَتْها مولاة لميمونة، من الصدقة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ألا أخذوا إِهابها فدبغوه فانتفعوا به".
أخرجها مسلم في كتاب الحيض، باب: طهارة جلود الميتة بالدباغ.
انظر: صحيح مسلم (1/ 277)، رقم الحديث (102).
وأخرج حديث شاة ميمونة أبو داود في كتاب اللباس، باب في أهب الميتة.
انظر: سنن أبي داود (4/ 65).
والنسائي في كتاب الفَرَع والعتيرة، باب: جلود الميتة.
انظر: سنن النسائي (7/ 171).
والإمام أحمد في المسند (6/ 329).
(1)
أخرجه بهذا اللفظ الترمذي في كتاب اللباس، باب: ما جاء في جلود الميتة إِذا دبغت.
انظر: سنن الترمذي (4/ 221)، رقم الحديث (1728).
والنسائي في كتاب الفَرَع والعتيرة، باب: جلود الميتة.
انظر: سنن النسائي (17317).
والإمام أحمد في المسند (1/ 219).
وبنحو هذا اللفظ أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب: طهارة جلود الميتة بالدباغ.
انظر: صحيح مسلم (1/ 277)، رقم الحديث (105).
وأبو داود في كتاب اللباس، باب: في أُهُب الميتة.
انظر: سنن أبي داود (4/ 66)، رقم الحديث (4123).
(2)
ذكر ذلك الآمدي في الأحكام (2/ 488).
وأبو ثور هو إِبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي، ويكنى أيضًا أبا عبد الله.
قال النسائي: "هو ثقة مأمون". كان على مذهب أبي حنيفة، فلما قدم الشافعي بغداد تبعه وقرأ كتبه ويَسَّر علمه، وهر من رواة القديم، واختلفوا في قوله هل يعد وجهًا في المذهب أولًا: =
ثم أورد على ذلك ما إذا قال: والله لا لبست ثوبًا، ونوى الكتان وغفل عن غيره فهو بمنزلة ما (1) إِذا قال: لا لبست ثوبًا كتانًا وهو غافل عن غير ذلك فلا يحنث في هذا إِلَّا بالكتان، فكذا إِذا نواه (2).
وأجاب عنه (3): بأن قاعدة العرب: أن اللفظ المستقل بنفسه إِذا أُلْحِقَ به ما لا يستقل صير الأول غير مستقل. كما في الاستثناء ونحوه: فإِنه إذا قال: له على عشرة دراهم وسكت لزمته، فلو وصل بها قوله (4): إِلا ثلاثة لم يلزمه إلا سبعة (5): لأن هذا الملحق (6) لا يستقل بنفسه فيقيَّد الأول، فكان الكلام بآخره. بخلاف ما إِذا قال: له عليَّ عشرة، وقد أديتها. حيث لا يقبل منه ذلك: لأن الملحق (7) مستقل بنفسه، فلم
= حدث عن جماعة منهم سفيان بن عيينة، وحدث عنه أبو داود وابن ماجة وغيرهما.
له الكتب المصنفة في الأحكام جمع فيها ببن الحديث والفقه.
توفي ببغداد سنة 240 هـ، وقيل سنة 246 هـ.
انظر: وفيات الأعيان (1/ 26)، وتذكرة الحفاظ (2/ 512)، وطبقات الشافعية للأسنوى (1/ 25)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (22).
(1)
العبارة المتقدمة ورد بدلها في المخطوطة عبارة أخرى هي: "تمييز له أما" وذلك خطأ، والصواب ما أثبته وهو الموافق لما في المجموع المذهب: ورقة (26/ ب)، وهو المقارب لما في فروق القرافي (1/ 181).
(2)
ما أورده القرافي هنا هو السؤال الثاني من سؤالين أوردهما على ما ذكره في الفرق التاسع والعشرين فانظر: الفروق (1/ 181).
(3)
انظر نص جوابه في: الفروق (1/ 181، 182).
(4)
وردت هذه الكلمة في المخطوطة بباء في أولها هكذا (بقوله)، وقد حذفت هذه الباء لأن المعنى لا يستقيم إلَّا بحذفها.
(5)
ورد بدل هذه الكلمة في النسختين كلمة أخرى هي: (تسعة)، والصواب ما أثبته: لأن العشرة إِذا أسقطا منها ثلاثة بقي سبعة.
(6)
وهو قوله: إِلَّا ثلاثة.
(7)
وهو قوله: - "وقد أديتها".
يكن مبينًا لكلامه الأول. فإِذا قال: لا لبست ثوبًا كتانًا تقيد أو تخصص ذلك اللفظ بالكتان؛ لعدم استقلال لفظ الكتاب بنفسه، فكان هو المحلوف عليه ولا يحنث إِلا به. وأما النية فلا يعمل بها ذلك، ولا تشملها هذه القاعدة.
ثم أورد (1) على هذا أن الصفة الملفوظ بها قد تكون لتأكيد بعض ما تناوله اللفظ، ويبقى ما عداه مندرجًا تحت العموم حتى يحنث به أيضًا (2)، فلم رجح القول بأنها مخصصة على كونها مؤكدة؛ وهلا قيل [في النية] (3): إِنها تكون مخصصة أيضًا؟
وأجاب (4): بأن الفرق: أن الصفة لها مفهوم مخالفة يقتضي التقييد (5) نفي الحكم عما عداها، والنية ليس لها هذا (6) ولا على وجه التضمن أو الالتزام؛ لأنها معنى من المعاني، والمعاني مدلولات لا دالات.
ثم اعترض (7): بأنه يلزم أن هذا لا يجيء إِلا عند من يقول بالمفهوم. وأجاب بما قدمه: من أن الصفة لما لم تستقل بنفسها صيرت الكلام بآخره.
(1) أي القرافي، وما ذكره المؤلف ليس نص كلام القرافي، كما أنه قاصر عن التعبير عن معنى كلامه، لذا يحسن الرجوع إلى نص كلام القرافي فى الفروق (1/ 183).
(2)
يظهر المعنى أكثر لو وضعنا هنا العبارة التالية: "وقد تكون - أي الصفة الملفوظ بها - مخصِّصَة".
(3)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة؛ وقد أثبته للحاجة إِليه في استقامة المعني، ويدل عليه معنى كلام القرافي الذي ذكره في الفروق.
(4)
أي القرافي، وانظر نص جوابه في: الفروق (1/ 183).
(5)
لعل صحة العبارة المتقدمة هكذا: (فيقتضي التقييد بها).
(6)
يحسن هنا أن نضع العبارة التالية: (لا على وجه المطابقة).
(7)
أي القرافي، فانظر نص الاعتراض وجوابه في: الفروق (1/ 184). وهما بعبارة أبسط مما ذكر المؤلف.