الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها: إذا جنى على عضو، وادعى الجاني شلل العضو، وادعى المجني عليه سلامته، فقولان؛ لأن (1) الأصل براءة الجاني من الدية وبدنه من القصاص. (2) والظاهر أن (3) الغالب في الناس السلامة.
وفصل بعضهم بين العضو الظاهر والباطن، فَصَدَّقَ المجنيَ عليه في الباطن؛ لتعذر إِقامة البينة عليه، فهو نظير التعليق بالولادة إِذا ادعتها المرأة تحتاج إِلى البينة (4)، بخلاف الحيض (5)، وهذا هو الذى رجحه الرافعي (6)، وهو ترجيح لأحد المتعارضين بأمر خارجي.
وفي المراد بالظاهر والباطن وجهان (7): أحدهما: أن الباطن العورة، والظاهر ما عداها. والثاني وإليه مال الرافعي: أن الباطن ما يعتاد ستره إِقامة للمروءة، والظاهر ما لا يستر غالبًا
[مسائل اجتمع فيها أصلان واعتضد أحدهما بالظاهر]
واعلم أن هنا مسائل يكون فيها أصلان ويعتضد أحدهما بالظاهر (8). فمن ذلك:
(1) الكلام الآتي تعليل للقول الأول في هذه المسألة وهو أنه يصدق الجاني.
(2)
الكلام الآتي تعليل للقول الثاني في هذه المسألة وهو أنه يصدق المجني عليه.
(3)
ورد بدل هذا الحرف في المخطوطة حرف آخر، وهو (في)، وما أثبته هو الصواب.
(4)
إن الولادة أمر ظاهر.
(5)
فإِنه أمر باطن.
(6)
التفصيل المتقدم ذكره النووي، وذكر أنه هو المذهب. انظر: روضة الطالبين (9/ 210).
(7)
ذكرهما النووي في الروضة (9/ 210).
(8)
ممن ذكر مسائل تعارض فيها أصلان واعتضد أحدهما بالظاهر العلائي في المجموع المذهب: ورقة (36/ أ). والسيوطي في الأشباه والنظائر (68 - 72).
وممن أشار إلى هذا الأمر الزركشي في: المنثور في القواعد (1/ 314، 315).
ما إذا قلع سن صغير لم يُثْغِر (1) فإِنه لا يستوفي حتى يُوْأَس (2) من نباتها (3)، فلو مات قبل أن نتبين الحال، ففي وجوب الأرش وجهان، وقيل: قولان (4): أحدهما: يجب: لأن الجناية قد تحققت والأصل عدم العود. والثاني: المنع؛ لأن الأصل براءة الذمة، والظاهر أنه لو عاش لعادت. قال الرافعي:"وهذا أقوى على ما قاله ابن كج (5) وغيره".
ومنها: إذا قال رب المال: بعته ثم اشتريته ولم يحل عليه [الحول](6). وما أشبه ذلك مما يخالف الظاهر (7)، لكون المال في يده مجموع الحول، فهنا أصلان، أحدهما:
(1) يعني: لم تسقط رواضعه. انظر: روضة الطالبين (9/ 199).
والرواضع: هي الأسنان التي تنبت للصبي أولًا، ثم تسقط بإِذن الله في سن معينة، وينبت في الغالب أسنان أخرى مكانها تبقى مع الإنسان إلى نهاية عمره إذا متعه الله بها.
(2)
اليأس: القنوط وعدم رجاء حصول الشيء.
(3)
أَنَّثَ الضمير لعودة على مؤنث وهو السن.
(4)
ذكرهما النووي مع تعليليهما، وذلك في الروضة (9/ 279).
(5)
هو القاضى أبوا القاسم يوسف بن أحمد بن كج الدَّيْنورى
تففه على ابن القطان، وحضر مجلس الدارَكى.
وهو أحد أئمة الشافعية، وكان يضرب به المثل في حفظ المذهب، وله في المذهب وجوه غريبة، وقد ارتحل الناس إليه من الآفاق ركبة في علمه وجوده، وله مصنفات كثيرة.
توفي مقتولًا بالدَّينوري سنة 405 هـ.
انظر: طبقات الفقهاء (118)، وطبقات الشافعية الكبرى (5/ 359)، وطبقات الشافعية للإسنوى (2/ 340)، والبداية والنهاية (11/ 355).
(6)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولكن لا بد منه لاستقامة المعني.
(7)
كان يقول وهبته ثم وهب لي.
بقاء ملكه. والثاني: براءة ذمته (1). واعتضد الأصل الأول بأن الظاهر (2) على وفقه، فمقتضاه أنه يحلف وجوبًا، وهو اختيار صاحب التنبيه (3)، لكن رجح النووي الاستحباب (4).
ومنها: لو كان مقطوعَ بعضِ الذَكَرِ أو خَصِيًّا (5)، وأجلناه بسبب العنة (6) سنة،
(1) أي من الزكاة التي تجب إذا حال الحول.
(2)
وهو كونه مالكًا للمال جميع الحول بسبب كون المال في يده جميع الحول.
(3)
صاحب التنبيه: هو الشيخ أبو إِسحاق الشيرازي، وهو إِبراهيم بن على بن يوسف الشيرازي. ولد بفيروزآباد سنة 393 هـ.
قرأ الفقه في شيراز على أبي عبد الله البيضاوي، وابن رامين تلميذي الداركي، وفي بغداد على جماعة منهم: أبو على الزُجَاجي، والقاضي أبو الطيب وغيرهما.
وهو شيخ الإسلام علمًا وعملًا، وورعًا وزهدًا وتصنيفًا واشتغالًا. وقد انتهت إليه رياسة المذهب، ورحل إليه الفقهاء من الأقطار، وتخرج به أئمة كبار. وهو ممن درس بالنظامية.
من مصنفاته في أصول الفقه: التبصرة، واللمع، وشرح اللمع. وفي الفقه: المهذب، والتنبيه. توفي ببغداد سنة 476 هـ.
انظر: تبيين كذب المفترى (276)، وطبقات الشافعية الكبرى (4/ 215)، وطبقات الشافعية للأسنوي (2/ 83)، وشذارت الذهب (3/ 349).
والتنبيه: كتاب صغير في الفقه الشافعي، قال الأسنوي: - "أخذه من تعليق الشيخ أبي حامد" المهمات للأسنوي، ج 1: ورقة (11/ ب). وقد طبع الكتاب طبعة قديمة، وطبع بهامشه كتاب للنووي في لغات التنبيه. كما طبع الكتاب بمفرده طبعة حديثة قامت بها دار عالم الكتب.
وانظر ما اختاره الشيرازي في: التنبيه: (61).
(4)
انظر: المجموع (11716).
(5)
الخصي: من سُلَّ خصْيَاه.
(6)
العنين: قال فيه الفيروزآبادي: "من لا يأتي النساء عجزًا أو لا يريدهن والاسم العنانة والتَعنْين والعِنِينة بالكسر وتشدد والتعنينة. =
ثم ادعى الوطء في المدة، وأنكرت المرأة وادعت عجزه عن ذلك، فوجهان؛ أحدهما: أن القول قوله؛ لأن الأصل في العقد اللزوم وعدم ثبوت ما يقتضي تسليطها على الفسخ. والثاني قاله أبو إِسحاق المروزي (1): "أن القول قولها؛ لأن الأصل عدم الوطء، واعتضد بالظاهر فإن النقصان الذى لحقه يورث ضعف الذكر فَتَقَوَّى جانبها".
لكِنْ الأكثرون رجحوا الأول بأن إقامة البينة على الوطء مما يعسر، فكان الظاهر يقتضي الرجوع إلى قوله. ولهذا قطعوا في سليم [الذكر] (2) والأنثيين (3): أنه إذا ادعى الوطء في المدة المضروبة، وأنكرت، أن القول قوله مع يمينه: ترجيحًا لأحد الأصلين بالظاهر المشار إليه.
= وعُنَّنَ عن امرأته وأُعن وعُنَّ بضمهن حكم القاضي عليه بذلك أو منع عنها بالسحر والاسم العُنَةُ بالضم" القاموس المحيط (4/ 251).
وبناء على ما قاله الفيروزآبادى فاستعمال المؤلف للعنة هنا غير مناسب، وكان المناسب أن يعبر بلفظ العنانة والتعنين ونحوهما.
(1)
هو إِبراهيم بن أحمد المَرْوَزي.
تفقه على أبي العباس بن سريج، وأخذ عنه الأئمة.
وهو إِمام جماهير الشافعية، وإليه تنتهي طريقة العراقيين والخراسانيين، وهو ممن أتُفِقَ على عدالته وتوثيقه في روايته ودرايته، وكان إمام عصره في الفتوى والتدريس.
من مصنفاته: شرح مختصر المزني.
توفي بمصر سنة 340 هـ.
انظر: طبقات الفقهاء (112)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 175)، ووفيات الأعيان (1/ 26)، وطبقات الشافعية للإسنوى (2/ 375).
(2)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولكن لا بد منه لاستقامة المعنى، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (36/ أ).
(3)
الأنثيان: الخصيتان.
فلو ثبتت بكارتها رجعنا إِلى تصديقها قطعًا؛ لاعتضاد أحد الأصلين بظاهر قوي يخالف الصورة السابقة، فإن الظاهر لم يقو كل القوة.
(1)
فلو طلقها فقالت: طلقتني بعد المسيس فلي كمال المهر. وأنكر الزوج، فالقول قوله؛ لأن الأصل عدم الإصابة، وعليها العدة مؤاخذة بقولها، ولا نفقة لها ولا سكنى.
فلو أتت بولد لزمان محتمل ثبت النسب، وقوي به جانبها، فنرجع إلى تصديقها، ونطالب الزوج ببقية المهر إِذا حلفت على الإصابة؛ لأن ثبوت النسب لا يقتضي الإصابة ولا بد. إِلَّا أن يلاعن الزوج وينفي الولد؛ لأنه يزول المرجح، فنعود إِلى تصديقه.
قال الأصحاب: "وحيث قلنا: القول قول من ينفي الإصابة فذاك إذا لم يسلم جريان الخلوة، فإِن اتفقا عليها فقولان؛ أصحهما: أن الحكم كذلك؛ ترجيحًا لأصل عدم الإصابة. والثاني: قول من يدعيها؛ لأن الظاهر من الخلوة الإصابة"(2).
(1) التفصيل التالي ذكره النووي في: الروضة (7/ 203).
(2)
قال العلائي بعد هذه الكلمة: - "وهذه من المسائل المتقدمة التي تعارض فيها الأصل والظاهر فقط، المجموع المذهب: ورقة (36/ ب). وهنا: نهاية الورقة رقم (16).
هذا: وقد كتب بعد نهاية: الورقة على جانبها الأيسر ثم أعلاها ما نصه: - "غالبًا. واحتج الرافعي والنووى لأعمال الأصل بحمله صلى الله عليه وسلم أمامة في الصلاة، وكانت بحيث لا تحترز عن النجاسة، وفي الاستدلال نظر؛ فإنها واقعة عين فلعله عليه الصلاة والسلام علم طهارة بدنها وثوبها ذلك الوقت، ومجرد هذا الاحتمال كاف في منع القول بعموم الأحوال". ثم كتب بعد ذلك كلمة (صح) وهذا الكلام مثبت بأصل النسخة الأخرى: ورقة (17 / ب).
أقول: وهذ االنص منقول -تقريبًا- من المجموع المذهب للعلائي: ورقة (33/ أ). فلعل أحدًا قرأ كتاب الحصني هذا، ثم رأى من المناسب أن يضيف هذا النقل في هذا الموضع، وحتى يميزه رمز في آخره بكلمة (صح).
وانظر احتجاج الرافعي والنووى المشار إليه آنفًا في: فتح العزيز (1/ 278)، والمجموع (1/ 250).
ومن المعاني الرشيقة (1) في ذلك قصة ذي اليدين (2)، فمن قال: قصرت الصلاة. أعمل الظاهر جزمًا؛ لأن الغالب من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم عدم السهو، وأن تكون للتشريع، والوقت باق قابل للنسخ.
وذو اليدين (3) رضي الله عنه أعمل الاستصحاب، وهو استمرار حكم الصلاة؛ ولذلك قال:"أقصرت الصلاة أم نسيت".
(1) أى اللطيفة، والأصل في لفظ الرشيق أن يطلق على الأعيان، قال الجوهري، "رجل رشيق أي حسن القدِّ لطيفه" الصحاح (4/ 1482)، أقول: فلعل هذا اللفظ استعير للمعاني استعارة.
(2)
قصة ذي اليدين رويت بعدة روايات منها ما أخرجها البخارى ونصها: (عن أبي هريرة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين، فقال له ذو اليدين: أقُصِرت الصلاة أم نسيتَ يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصدق ذو اليدين؟ فقال الناس: نعم. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أخريين، ثم سلم، ثم كبر، فسجد مثل سجوده أو أطول).
أخرجها البخارى في كتاب الأذان، باب: هل يأخذ الإمام إِذا شك بقول الناس.
انظر: صحيح البخارى (2/ 205)، رقم الحديث (714).
ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: السهو في الصلاة والسجود له.
انظر: صحيح مسلم (1/ 403)، رقم الحديث (97، 99).
وابن ماجة في كتاب إِقامة الصلاة، باب: فيمن سلم من ثنتين أو ثلاث ناسيًا.
انظر: سنن ابن ماجة (1/ 383)، رقم الحديث (1213، 1214).
والترمذى في أبواب الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يسلم في الركعتين من الظهر والعصر.
انظر: سنن الترمذى (2/ 247).
والنسائي في كتاب السهو، باب: ما يفعل من سلم من ركعتين ناسيًا وتكلم.
انظر: سنن النسائي (3/ 20). والإمام أحمد في المسند (4/ 77).
(3)
هو الخرباق من بني سليم، وهو حجازى، وله صحبة.
كان ينزل بذى خشب من ناحية المدينة، وقد عاش حتى روى عنه المتأخرون من التابعين ..
انظر: الاستيعاب (1/ 491)، وأسد الغابة (2/ 145)، والإصابة (1/ 489).