الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني عملي في التحقيق
1 -
نقلت النص من نسخة المؤلف، ثم عملت بعد ذلك في إِخراج النص على أعلى قدر ممكن من الصحة، مع حرصي على المحافظة على نص الكتاب بقدر الإِمكان، واستعنت في تصحيح الكتاب بما يلي:
أ- التعليقات الموجودة على هوامش النسخة، فإِن رأيت أن استقامة النص تتوقف عليها أثبتها معه، وميّزتها بوضعها بين معقوفتين، وأشرت في الهامش إِلى أنها مأخوذة من هامش النسخة. وإِن رأيت أن النص مستقيم بدونها لم أثبتها في النص، وذكرتها في الهامش.
ب - المجموع المذهب للعلائي، باعتباره أصلًا لهذا الكتاب.
جـ - الأشباه والنظائر لابن الوكيل، باعتباره أصلًا للمجموع المذهب.
د - فتح العزيز وروضة الطالبين باعتبارهما المصدر الأصلي لمعظم المسائل الفقهية الواردة في الكتاب.
هـ - عدد آخر من المصادر والمراجع في عدة فنون، في كل مسألة بحسبها.
وأود التنبيه في هذا المقام على ما يلي:
أ- إِذا وضعت زيادة في نص الكتاب من أي مصدر، وضعتها بين معقوفتين، وذكرت مصدرها في الهامش.
ب- إذا ورد في النص لفظ زائد حذفته، وأشرت في الهامش إِلى ذلك.
جـ - إِذا ورد في النص لفظ مكرر حذفته.
د- إِذا ورد في النص لفظ وهو خطأ حذفته، ووضعته مكانه لفظًا صحيحًا، مع الإِشارة في الهامش الى ذلك، وإِلى مصدر اللفظ الصحيح.
هـ - بعض الضمائر وردت على خلاف ما يقتضيه ظاهر العبارة، فإِن كان لذلك وجه ولو بعيد تركته.
وإِن لم يكن له وجه حذفت ذلك الضمير، ووضعت الضمير المناسب، وأشرت في الهامش إِلى ذلك.
و- بعض الكلمات وردت وفيها نظر من الناحية النحوية، فإِن كان لها وجه من الإِعراب تركتها كما هي، وأشرت في الهامش إِلى ذلك الوجه. وإِن لم يكن لها وجه كتبتها على ما يوافق المشهور من قواعد النحو، ونبهت في الهامش على ذلك.
ز - بعض عبارات المؤلف فيها ضعف في السبك، وكان ما يقابلها من المجموع المذهب جيد السبك، وفي هذه الحالة أذكر ما في المجموع المذهب في الهامش.
2 -
ما ذكرته فيما سبق تحت رقم (1) هو ما فعلته حينما كانت عندي نسخة المؤلف فقط.
فلما اكتشفت النسخة الثانية وحصلت على صورة منها قمت بمقابلتها على نسخة المؤلف، فتبين أن النسخة الثانية تتفق مع نسخة المؤلف في معظم ما فيها من نقص، وفي كل ما فيها من خطأ أو تكرار، بل إِنه يوجد في النسخة الثانية قدر زائد من الأخطاء والتصحيفات والسقط، لذلك كانت هذه النسخة ذات أثر قليل في تقويم نص نسخة المؤلف، ومن هنا فإِنني أهملت التنبيه على ما في النسخة الثانية في مواضع كثيرة، ونبهت على ما فيها في مواضع قليلة.
فأما ما نبهت عليه فيشمل:
أ - السقط الذي حصل في نسخة المؤلف في الورقة رقم (36/ ب) بسبب تلف أصاب طرفها، وذهب بسببه بعض الكلمات، فإِنني أخذت هذه الكلمات من النسخة الثانية، ووضعتها بين معقوفات.
ب - الكلمات أو الحروف الناقصة من نسخة المؤلف في بعض المواضع، وهي موجودة في النسخة الثانية، فإِنني أثبتها من النسخة الثانية، ووضعتها بين معقوفات.
وهذا الشيء قليل جدًا، ولعل سبب وجوده في النسخة الثانية أن ذلك النقص يعد من الأخطاء البديهية التي يدركها غالب الناس، أو أنه نقص في نص آية أو حديث مشهور.
جـ - الكلمات أو العبارات الملحقة بهامش نسخة المؤلف، التي كتبت في نهايتها علامة الإِلحاق - وهي (صح) - فإِنها كلها مثبته بأصل النسخة الثانية، وقد بينت ذلك في جميع مواضع وروده.
د - الألفاظ الغريبة التي ربما يشك في صحة قراءتها.
وأما ما أهملت التنبيه عليه فيشمل:
أ - ما اتفقت فيه النسخة الثانية مع نسخة المؤلف، وهو خطأ أو نقص أو زيادة.
ب - ما انفردت به النسخة الثانية، وهو خطأ، أو نقص أو زيادة.
جـ - ما اختلفت فيه النسختان، وكان كل ما في النسختين صوابًا، سواء تساوى اللفظان، أو كان ما في نسخة المؤلف أولى، أو كان ما في النسخة الثانية أولى.
3 -
عندما حققت الكتاب أول الأمر كانت عندي نسخة واحدة - هي نسخة المؤلف- وكنت أعبر عنها بعبارة (المخطوطة)، ونظرًا لأنني لم أحتج للنسخة الثانية إِلا في مواضع قليلة فإِنني لم أجد حاجة للرمز للنسختين، فأبقيت ما كنت أعبر به عن
نسخة المؤلف كما هو، وهو كلمة (المخطوطة)، وعبرت عن النسخة الثانية بعبارة (النسخة الأخرى)، وعبرت عنهما معًا بعبارة هي (النسختان)، فصارت العبارات كالآتي:
نسخة المؤلف = المخطوطة.
النسخة الثانية = النسخة الأخرى.
هما معًا = النسختان.
4 -
كتبت الكتاب على وفق القواعد الإِملائية المعمول بها في هذا الزمان، مع ملاحظة أن رسم الكتاب لا يختلف عن الرسم الإِملائي المعروف الآن إِلا في مواضع قليلة، نحو كتابة الكلمات التالية:(الوطء، الرضا، المسألة، شئت، الشراء)، هكذا:(الوطئ، الرضى، المسئلة، شيت، الشرا).
5 -
عزوت الآيات الكريمة إِلى سورها، وبينت أرقامها، ورسمتها بما يوافق رسم المصحف، وإِذا احتاج المقام إِلى ذكر أول الآية أو آخرها أو تفسيرها فعلت ذلك في الهامش.
6 -
خرجت الأحاديث النبوية والآثار من مصادرها الأصلية قدر الإِمكان، وقد سلكت في التخريج الأمور التالية:
أ - ابتدئ بمن أخرج لفظ الحديث أو الأثر الوارد في النص.
ب- ثم أذكر من أخرج الحديث بنحو اللفظ في النص.
جـ - ثم أذكر من أخرج معناه.
د - أذكر رقم الحديث في مصدره إِذا احتاج المقام إِلى ذلك، كأن يكون في الباب أحاديث كثيرة والمقصود واحد منها. ولا أذكر الرقم إِذا لم يحتج المقام إلى ذلك، كأن
يكون في الباب حديث واحد فقط، أو يكون فيه أكثر من حديث والمقصود الإِحالة إِلى جميعها.
هذا: وقد ورد في النسخة التي اعتمدتها من صحيح مسلم ترقيمان، عام بالصحيح كله، وخاص بالكتب، وقد كنت أشير إِلى الرقم الخاص.
هـ - إِذا كان البخاري قد أخرج الحديث موصولًا سَكَتُّ عنه، وإِن أخرجه معلقًا بيّنت ذلك.
هذا: وقد اعتمدت بالنسبة لصحيح البخاري على المطبوع مع فتح الباري.
و- إِذا كان الترمذي قد أخرج الحديث، ثم تكلم عنه، فإِنني أورد كلامه غالبًا.
ز - إِذا أشير في النص إِلى حديث أو قصة، ولم يورد لفظاهما، ورأيت المقام يحتاج إِلى إِيرادهما، فعلت ذلك في الهامش ثم خرجتهما.
7 -
ورد في النص ثلاثة أبيات، اثنان منها منسوبان إِلى قائلَيهما، والثالث غُفْلٌ من القائل. وقد تمكنت من بيانِ مصدرِ واحدٍ من المنسوبين، ونسبةِ البيت الثالث إِلى قائله.
8 -
وثقت ما أمكن توثيقه من النصوص المنقولة أو المقتبسة من العلماء، وذلك على النحو التالي:
أ - إِن كان النص لعالم له كتاب مطبوع، والنص فيه، وثقته من كتابه.
ب- وإِن كان النص لعالم له كتاب مخطوط موجود، والنص فيه، وثقته من كتابه (1).
(1) تمكنت بحمد الله من توثيق عدد كبير من النصوص والآراء من مصادر مخطوطة، حيث يقارب ما وثقته مائتين وخمسين موضعًا، من حوالي (45) مخطوطة، وهذا مما لم يعمله كثير من الباحثين. =
جـ - وإِن كان النص لعالم ليس له كتاب معروف، أوله كتاب إِلا أنه مفقود، أو له كتاب مخطوط ولكن تعذر الوصول إِليه، أو له كتاب مطبوع ولا يوجد النص فيه، فإِنني وثقت النص من مرجع متأخر عنه، وقد يكون هذا المرجع مطبوعًا أو مخطوطًا. وإِن لم أجد النص في أي مرجع سكت عنه.
هذا: وقد كنت أقارن النصوص المنقولة بمصادرها أو مراجعها، فإِن كان النص الموجود في كتاب القواعد للحصني مطابقًا أو مقاربًا لما ورد فى المصدر سكت عنه واكتفيت بتوثيقه، وإِن كان فيه تصرف بينت ذلك، وإن استدعى المقام إِيراد النص من المصدر الأصلي فعلت ذلك.
9 -
وضعت الآيات بين قوسين مميزين هكذا {} ووضعت الأحاديث والآثار بين قوسين هكذا: ()، ووضعت كل واحد من النصوص المنقولة أو المقتبسة بين علامتي تنصيص هكذا:" ".
10 -
وثقت آراء العلماء، على وفق التفصيل السابق في توثيق نصوصهم.
11 -
وثقت قواعد الكتاب ومباحثه الأصولية من كتب الأصول.
12 -
وثقت قواعد الكتاب ومباحثه الفقهية من كتب قواعد الفقه، نحو: تخريج الفروع على الأصول للزنجاني، وقواعد الأحكام لابن عبد السلام، والفروق للقرافي، وأشباه ابن الوكيل، والمجموع المذهب، والمنثور للزركشي، وأشباه السيوطي.
= وقد حرصت على توثيق معظم ما نقل من فتح العزيز للرافعي خاصة، لأن كثيرًا من المسائل المنسوبة في الكتاب إِلى الرافعي يوجد قبلها أو بعدها عدد آخر من المسائل مذكورة في فتح العزيز، دون النص على كونها فيه.
ومن ناحية أخرى: فإِن الرجوع إِلى فتح العزيز فيه معونة على فهم نص الكتاب وتقويم المعوج منه وإِكمال الناقص، وذلك لأن كثيرًا من المسائل مأخوذة منه.
وفي مواضع قليلة وثقت بعض القواعد والمباحث من كتب فقهية، نحو: فتح العزيز، وروضة الطالبين، والمجوع للنووي، لرجحان أن تلك القواعد أو المباحث منقولة منها.
13 -
وثقت كثيرًا من الفروع الفقهية الواردة في الكتاب، وذلك من عدد من المصادر والمراجع، إِلا أن غالب الإِحالات هي إِلى فتح العزيز أو روضة الطالبين أو المجموع، لأن تلك الفروع -في الغالب- مأخوذة من أحدها.
14 -
بينت الغامض من القواعد والمباحث والمسائل، وذلك بالتعليق عليها بما يوضحها، وإِن استدعى المقام إِيراد نص أو نصوص تتعلق بالموضوع من المجموع المذهب أو غيره فعلت في ذلك الهامش.
15 -
عرفت بالمصطلحات الفقهية التي أرى أن المقام يستدعي التعريف بها، وذلك باختصار.
16 -
بينت معاني الألفاظ الغريبة من كتب اللغة.
17 -
ترجمت للأعلام الوارد ذكرهم في النص، سوى المشهورين، كالخلفاء الأربعة والأئمة الأربعة.
وقد حرصت أن تشتمل ترجمة كل واحد على ما يلي أو أكثره:
أ- اسمه، وكنيته، ولقبه، وشهرته.
ب - مولده.
جـ - أهم شيوخه، وأهم تلاميذه؛ وقد حرصت على ذلك لأن معظم العلماء الواردين هم من المذهب الشافعي، وفي ذكر ذلك بيان لسلسلة علماء المذهب.
د - مكانته من العلم.
هـ - مذهبه في الفروع، ومن سكت عن بيان مذهبه فهو شافعي
و- مصنفاته أو أهمها.
ز - وفاته.
ح - عدد من الكتب التي وردت فيها ترجمته.
18 -
عرّفت بجميع الكتب الواردة في النص، وبينت المطبوع منها، ومكان المخطوط ورقمه إِن كان ذلك معلومًا لي.
19 -
عرّفت بالمواضع التي ورد ذكرها.
20 -
لكون الكتاب في المذهب الشافعي فقد حصرت على أن تكون إِحالاتي إِلى كتب المذهب الشافعي فقط، إِلا في مواضع قليلة اقتضى المقام فيها التوثيق من كتب أخرى سوى كتب المذهب الشافعي.
21 -
وفيما يتعلق بعناوين الكتاب فهي ثلاثة أنواع من حيث مصدرها، فبعضها موجود في الكتاب، وبعضها موجود على هامش النسخة المخطوطة، وبعضها من عندي. وقد ميّزت كل نوع، فوضعت ما كان من عندي بين معقوفتين هكذا []، ووضعت ما كان من هامش النسخة بين قوسين هكذا ()، وما كان من الكتاب تركته بدون علامة.
22 -
وفيما يتعلق بالمصادر والمراجع أود التنبيه على ما يلي:
أ - التزمت في كل كتاب مطبوع بطبعة واحدة، وهي المذكورة في فهرس المصادر والمراجع.
ب - إِذا أحلت إِلى كتاب ليس ذا أجزاء فإِنني أذكر رقم الصفحة بعده بين قوسين، وإِن كان ذا أجزاء فإِنني أذكر رقم الجزء ثم رقم الصفحة بين قوسين وبينهما خط مائل،
وإِن كان ذا أجزاء وأقسام رمزت للجزء بـ (جـ) وللقسم بـ (ق).
جـ - لم أذكر في الهوامش أماكن المخطوطات التي أحلت إِليها ولا أرقامها، تجنبًا للتكرار وطلبًا للاختصار، واكتفيت بذكر الأماكن والأرقام في فهرس المصادر والمراجع، وهذا إِذا لم يكن هناك لبس. فإِن كان هناك لبس ذكرت مكان المخطوطة ورقمها، ومثال اللبس أن أُرْجِعَ في موضعين أو أكثر إِلى نسختين من كتاب واحد.
د - وللتمييز بين المصادر المطبوعة والمخطوطة أقول: إِن ما كان فيه الإِحالة إِلى (ورقة) فهو مخطوط، وما لم يكن كذلك فهو مطبوع.
23 -
وضعت الفهارس التي تعين المراجع للكتاب وهي:
أ - فهرس الآيات القرآنية.
ب - فهرس الأحاديث والآثار.
جـ - فهرس الأعلام.
د - فهرس الكتب الواردة في النص.
هـ - فهرس المصادر والمراجع.
و- فهرس الموضوعات.
* * *
ثانيًا: القسم التحقيقي
(1)
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى جبريل (2)
الحمد لله الفاتح أبواب المعارف (3) لطالبها، المانح أسباب العوارف (4) لراغبها، وأشهد أن لا إِله إِلا الله شهادة تنجي قائلها من الكرب، وتدفع عن قائلها أعباء النصب (5) والوَصَب (6)، وأحمده حمدًا يليق بجلاله، وأشكره وهو (7) من جملة آلائه، وأصلي على سيد الأولين والآخرين (8) والمرسل مِنْ مَنِّ الله تعالى رحمة للعالمين.
(1) بداية الورقة رقم (5)، وهي أول ورقة من صلب المخطوطة.
(2)
من خلال اطلاعي على بعض الكتب لم أجد من يذكر الصلاة على جبريل في مقدمة كتابه، إِلا أنني وجدت مؤلف هذا الكتاب قد استعمل الصلاة على جبريل في خاتمة كتابه (كفاية الأخيار) فقال ما نصه:"وصل اللهم على سيد الأولين والآخرين، وقائد الغر المحجلين، رسول رب العالمين، محمد صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرم، وعلى جبريل وميكائيل وعلى كل الملائكة والمقربين. . "(2/ 562).
(3)
المعارف: جمع مَعْرِفة وهي العلم، قال الفيروزآبادى: - " (عَرَفَهُ) يعرفه مَعْرِفَةً. . . علمه". القاموس المحيط (3/ 178).
(4)
العوارف: جمع عَارِفَة، وقال الفيروز آبادى:"العارفة المعروف كالعُرف بالضم". . القاموس (3/ 179).
(5)
النَصَب: مصدر وماضيه نَصِب وهو التعب، قال الجوهري:"نَصِب الرجل بالكسر نصبًا تعب". الصحاح (1/ 225).
(6)
الوصب: المرض، انظر الصحاح (1/ 233).
(7)
أي القيام بشكره، وقد عبر العلائي بقوله:"والقيام بشكره من جزيل نعمه". المجموع المذهب: ورقة (6/ أ).
(8)
قد اقتصر المؤلف في الموضعين على الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الأولى والأكمل أن يذكر السلام أيضًا امتثالًا للآية.
وبعد: فإِنَّ العلم أشرف المطالب وأعلاها، وأهم ما بذلت فيه النفوس وأولاها، وقد بين الله تعالى شرفه وفضله، ومَيَّزَ في الشهادة له بالوحدانية حَمَلَتَه وأَهلَه، فقال تعالى:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} (1) الآية، والآيات في ذلك كثيرة (2).
وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في جوف الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب)(3). والأحاديث في ذلك كثيرة (4).
(1) من الآية رقم (18) من سورة آل عمران، وتكملة الآية:{قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .
(2)
منها قوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} من الآية رقم (11) من سورة المجادلة. وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} من الآية رقم (28) من سورة فاطر. وقوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} من الآية رقم (9) من سورة الزمر.
(3)
أخرجه بنحو هذا اللفظ أبو داود في كتاب العلم، باب: الحث على طلب العلم.
انظر: سنن أبي داود (3/ 317)، رقم الحديث (3641).
وابن ماجه في المقدمة باب: فضل العلماء والحث على طلب العلم.
انظر سنن ابن ماجه (1/ 81)، رقم الحديث (223).
والترمذي في كتاب العلم، باب: ما جاء في فضل الفقه على العبادة.
انظر: سنن الترمذي (5/ 48)، رقم الحديث (2682).
والإِمام أحمد في المسند (5/ 196).
(4)
منها: ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إِلا في اثنتين، رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها). كتاب العلم باب الاغتباط في العلم والحكمة. انظر: صحيح البخاري. (1/ 165).
ومنها ما أخرجه أبو داود في سننه، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: سمعت =
وقال أبو مسلم الخولاني (1) رضي الله عنه: (مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء، إِذا بدت للناس اهتدوا، وإِذا خفيت عليهم تحيروا)(2). وقال أبو هريرة (3)
= رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (نضَّر الله امرأً سمع منا حديثًا فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقه إِلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه). كتاب العلم، باب: فضل نشر العلم.
انظر: سنن أبي داود (3/ 322)، رقم الحديث (3660).
ومنها: ما أخرجه الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له طريقًا إِلى الجنة).
كتاب العلم، باب: فضل طلب العلم. انظر: سنن الترمذي (5/ 28)، رقم الحديث (2646).
(1)
هو أبو مسلم عبد الله بن ثوب الخولاني، نسبة إِلى خولان ببلاد اليمن.
أسلم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم المدينة في خلافة أبي بكر، وهو معدود في كبار التابعين، وله كرامات وفضائل، وقد وثَّقه ابن معين.
روى عن كبار الصحابة، وحدث عنه جماعة.
توفي رحمه الله قريبًا من سنة 62 هـ.
انظر: فوات الوفيات (2/ 169)، وتذكرة الحفاظ (1/ 49)، والبداية والنهاية (8/ 146).
(2)
القول المتقدم ذكره النووي منسوبًا إِلى أبي مسلم الخولاني في المجموع (1/ 40).
وأخرج الخطيب البغدادي حديثًا معناه قريب من معنى القول المذكور ونصه: - (قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِن مثل العلماء في الأرض كمثل نجوم السماء يُهْتَدى بها في ظلمات البر والبحر، فإِذا انطمست النجوم يوشك أن تضل الهداة). كتاب الفقيه والمتفقه (2/ 70).
وذكر العجلوني ما نصه: - (مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء، إِذا ظهرت ساروا بها وإِذا توارت عنهم تاهوا). ثم قال: "رواه الإمام أحمد في الزهد عن أبي الدرداء موقوفًا. كشف الخفاء (2/ 306).
(3)
قال أبو عمر: "اختلفوا في اسم أبي هريرة واسم أبيه اختلافًا كثيرًا لا يحاط به". قال النووي: "والأصح عند المحققين الأكثرين ما صححه البخاري وغيره من المتقنين أنه عبد الرحمن بن صخر". وقد اشتهر بكنيته أبي هريرة وهو دوسي. =
وأبو ذر (1) رضي الله عنهما: (باب من العلم نتعلمه أحب إِلينا من ألف ركعة تطوع)(2). وقال عمر رضي الله عنه: (لموت ألف عابد قائم الليل صائم النهار أهون من موت العالم البصير بحلال الله وحرامه)(3). والآثار في هذا كثيرة جدًا.
ثم أفضل العلوم بعد معرفة الله تعالى معرفة تكاليفه وأحكامه، وما يتعبد به المكلف في نقضه (4)
= وقد أجمع أهل الحديث على أنه أكثر الصحابة حديثًا، قال البخاري: روى عنه نحو الثمانمائة من أهل العلم وكان أحفظ من روى الحديث في عصره.
حدث عن جماعة من الصحابة، وروى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين.
توفي رضي الله عنه سنة 57 هـ، وقيل 58 هـ، ودفن بالمدينة.
انظر الاستيعاب (4/ 202)، وأسد الغابة (5/ 315)، والإصابة (4/ 202)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 270).
(1)
هو أبو ذر الغفاري، اختلف في اسمه اختلافًا كثيرًا، فقيل: جندب بن جنادة وهو أكثر وأصح ما قيل فيه.
كان أبو ذر من كبار الصحابة وفضلائهم قديم الإِسلام.
روى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه جماعة منهم أنس وابن عباس.
توفي رضي الله عنه بالربذة سنة 31 هـ، وقيل سنة 32 هـ وعليه الأكثر.
انظر: الاستيعاب (1/ 213)، وأسد الغابة (5/ 186)، والإِصابة (4/ 62).
(2)
القول المتقدم أخرجه الخطيب البغدادي في كتاب الفقيه والمتفقه (1/ 16).
وذكره النووي في المجموع (1/ 43).
(3)
القول المتقدم ذكره الغزالي في إِحياء علوم الدين (1/ 9). ولم يخرجه الحافظ زين الدين العراقي في كتابه: المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإِحياء من الأخبار.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فقيه أشد على الشيطان من ألف عابد). أخرجه الترمذي في كتاب العلم باب: ما جاء في فضل الفقه على العبادة.
وقال: "هذا حديث غريب". انظر: سنن الترمذي (5/ 48)، رقم الحديث (2681).
(4)
النقضُ: مصدرٌ وماضيه نَقَضَ، قال ابن فارس: " (نقض) النون والقاف والضاد أصل صحيح =
وانبرامه (1)، وهو علم الفقه المستنبط من الكتاب والسنة، لما فيه من النفع العام لجميع الأنام، وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين)(2) وقال عليه الصلاة والسلام: (ما عبد الله بشيء أفضل من فقهٍ في الدين)(3).
= يدل على نكث شئ".
معجم مقاييس اللغة (5/ 470)، وقال صاحب المصباح المنير:" (نَقَضْتُ) الحبل (نَقْضًا) أيضًا حَلَلْتُ بَرْمَهُ، ومنه يقال (نَقَضْتُ) ما أبْرَمَهُ إِذا (أبْطَلْتُه)، و (انتقض) هو بنفسه، و (انتقضت) الطهارة بطلت".
المصباح (2/ 621، 622).
(1)
الانبرام: مصدر انبرم، وهو مزيد ومجرده برم، ومعناه أحكم وفتل، قال الجوهري:"أَبْرَمْتُ الشيء أحكمته والمُبْرَمُ والبَرِيْمُ: الحبل الذي جمع بين مفتولين ففتلا حبلًا واحدًا" الصحاح (5/ 1870).
(2)
أخرجه بهذا اللفظ البخاري في كتاب العلم، باب: من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين.
انظر: صحيح البخاري (1/ 164).
ومسلم في كتاب الزكاة، باب: النهي عن المسألة.
انظر: صحيح مسلم (2/ 718)، رقم الحديث (98).
وابن ماجة في المقدمة، باب: فضل العلماء والحث على طلب العلم.
انظر: سنن ابن ماجة (1/ 80)، رقم الحديث (220).
والترمذي في كتاب العلم، باب: إِذا أراد الله بعبد خيرًا فقهه في الدين.
انظر: سنن الترمذي (5/ 28)، رقم الحديث (2645).
(3)
هذا الحديث أخرجه الخطيب البغدادي بعدة أسانيد في: كتاب الفقيه والمتفقه (1/ 21).
وقال الحافظ زين الدين العراقي: "رواه الطبراني في الأوسط، وأبو بكر الآجري في كتاب فضل العلم، وأبو نعيم في رياضة المتعلمين من حديث أبي هريرة بإِسناد ضعيف". المغني عن حمل الأسفار في الأسفار (1/ 6).
وذكر السيوطي أن البيهقي قد أخرج هذا الحديث في شعب الإِيمان، ورمز السيوطي لهذا الحديث برمز الضعيف. انظر: الجامع الصغير (2/ 146).
وقال ابن عيينة (1): (لم يعط أحد بعد النبوة شيئًا أفضل من العلم والفقه)(2).
ولما كان الفقه بهذه المرتبة الشريفة والمزايا المنيفة، كان الاهتمامُ به هو المقصد الأعلى، وبذلُ النفوس فيه هو الأولى.
ثم من أحسن ما يعانيه الفقيه المتقن، والنبيه المحسن، معرفة القواعد الكلية والمعاقد المرعية، وما يتخرج من الفروع عليها ويرجع من الشوارد المتفرقة إِليها، وهي لا توجد إِلا غير مجتمعة، ومع ذلك فليست بموضحة ولا مقنعه، فأردت جمعها (3) بعد تشتيت شملها.
ثم الفقه: هو العلم بالأحكام الشرعية [الفرعية](4) عن أدلتها التفصيلية (5). وبيان
(1) هو أبو محمد سفيان بن عيينة بن أبي عمران. ولد بالكوفة سنة 107 هـ. قال الشافعي: "ما رأيت أحدًا فيه من آلة الفتيا ما في سفيان، وما رأيت أكف عن الفتيا منه. وكان أدرك نيفًا وثمانين نفسًا من التابعين".
سمع من جماعة منهم الزهري، وحدث عنه جماعة منهم الشافعي.
توفي رحمه الله بمكة سنة 198 هـ.
انظر: وفيات الأعيان (2/ 391)، وتذكرة الحفاظ (1/ 262)، وميزان الاعتدال (2/ 170).
(2)
لم أجد هذا القول بعد بذل جهدي في البحث عنه.
(3)
جامع هذه القواعد في الأصل هو العلائي، فكان من الواجب على المؤلف أن لا يعبر بهذه الكلمة المفهمة أنه هو جامع هذه القواعد.
(4)
كلمة (الفرعية) توجد على جانب المخطوطة وقد وضع في أصل المخطوطة خط يشير إِليها، وقد أثبتها في الأصل للحاجة إِليها في تعريف الفقه، وهي مثبتة بأصل النسخة الأخرى: ورقة (2/ ب).
(5)
هذا التعريف مماثلٌ "للتعريف الذي ذكره ابن الحاجب، إِلا أن ابن الحاجب زاد عليه قيدًا في آخره، ونص تعريف ابن الحاجب هو: - "والفقه: العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية بالاستدلال" مختصر المنتهى مع شرح القاضي العضد (1/ 18)، وبذا يتبين أن =
هذا مقرر في موضعه (1). وهذه الأحكام منحصرة في جلب المصالح ودرء المفاسد، لأن الشريعة كلها مبنية على ذلك (2)، ثم جلب المصالح إِما أن يكون المقصود الأعظم من تحصيلها في الآخرة، أو في الدنيا.
النوع الأول: العبادات بأنواعها، فمنها: الصلوات بأنواعها، وكذا الزكاة، والصيام والحج، والجهاد، والعتق بأنواعه، وسائر أنواع البر.
والنوع الثاني: الذي يكون المقصود الأعظم منه في الدنيا: هو المعاملات (3).
* * *
= ابن الحاجب قد زاد قيد "بالاستدلال"، وهذا القيد فيه نظر من جهة حاجة التعريف إِليه فلبيان ذلك انظر شرح القاضي العضد لمختصر المنتهى وحاشية التفتازاني عليه (1/ 25).
(1)
ذكر كثير من علماء الأصول تعريف الفقه في مقدمات كتبهم، وللاطلاع على بعضها انظر: المعتمد (1/ 8)، والبرهان (1/ 85)، والمستصفى (1/ 4)، والمحصول (جـ 1/ ق 1/ 92)، والإِحكام في أصول الأحكام (1/ 7)، وشرح الأسنوي والبدخشي لمنهاج البيضاوي (1/ 19)، وحاشية البناني على شرح الجلال المحلي لجمع الجوامع للإِمام تاج الدين ابن السبكي (1/ 42) فما بعدها.
(2)
بناء الشريعة الإِسلامية على جلب المصالح ودرء المفاسد أمر متفق عليه، وقد أفرد بعض العلماء مصنفات خاصة لبيان ذلك، ومن أفضل ما ألف في هذا الباب: كتاب قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام، وقد خصص الشيخ أبو إِسحق الشاطبي قسمًا كبيرًا من الموافقات لبيان ذلك.
(3)
ذكر العلائي، في المجموع المذهب، تفصيلًا طويلًا لهذا النوع، وذلك في آخر الورقة رقم (8/ ب) والأوراق (9، 10، 11).