المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ما نوي به النفل لا يتأدى به الفرض إلا في مسائل منها ما يأتي - القواعد للحصني - جـ ١

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ملابسات العثور على النسخة الثانية:

- ‌مدى الحاجة للنسخة الأخرى في تقويم نص الكتاب:

- ‌الاستفادة من توجيهات لجنة المناقشة:

- ‌المقدار الذي حقق كل واحد من المحققين:

- ‌منهج إخراج الكتاب:

- ‌المقَدِّمَة

- ‌الباب الأول دراسة عن علم قواعد الفقه

- ‌الفصل الأول تعريف القاعدة لغة، واصطلاحًا، والفرق بين القاعدة الفقهية والضابط، والفرق بين القواعد الأصولية والفقهية

- ‌القاعدة في اللغة:

- ‌القاعدة في الاصطلاح:

- ‌سأذكر بعض التعريفات:

- ‌ما تشترك فيه القاعدة والضابط، وما يفترقان فيه:

- ‌الفرق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية:

- ‌الفصل الثاني تعريف‌‌ الأشباه والنظائر لغة، واصطلاحًا، وبيان العلاقة بين قواعد الفقه والأشباه والنظائر

- ‌ الأشباه والنظائر لغة

- ‌الأشباه والنظائر اصطلاحًا:

- ‌العلاقة بين قواعد الفقه والأشباه والنظائر:

- ‌الفصل الثالث أقسام القواعد الفقهية

- ‌الفصل الرابع‌‌ استمداد القواعد الفقهيةوصياغتها

- ‌ استمداد القواعد الفقهية

- ‌صياغة القواعد الفقهية:

- ‌الفصل الخامس أهمية علم قواعد الفقه وفائدته

- ‌الفصل السادس نشأة القواعد الفقهية وتطورها

- ‌المرحلة الأولى:

- ‌المرحلة الثانية:

- ‌الفصل السابع مناهج المؤلفين في القواعد

- ‌ من ناحية المضمون

- ‌من ناحية الترتيب:

- ‌الفصل الثامن المؤلفات في علم قواعد الفقه؛ في المذاهب الأربعة

- ‌كتب القواعد في المذهب الحنفي:

- ‌كتب القواعد في المذهب المالكي:

- ‌كتب القواعد في الذهب الشافعي:

- ‌كتب القواعد في المذهب الحنبلي:

- ‌الباب الثاني دراسة عن المؤلف وكتابه

- ‌الفصل الأول‌‌ الحالة السياسيةوالعلمية في عصر المؤلف

- ‌ الحالة السياسية

- ‌الحالة العلمية في عصر المؤلف:

- ‌ففيما يتعلق بالمعلمين:

- ‌وفيما يتعلق بأمكنة التعليم:

- ‌وفيما يتعلق بالاستقرار العام:

- ‌الفصل الثاني حياة المؤلف الشخصية

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده:

- ‌نشأته وحياته:

- ‌أخلاقه وصفاته:

- ‌ذريته:

- ‌وفاته:

- ‌الفصل الثالث حياة المؤلف العلمية

- ‌طلبه العلم:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌كلام العلماء فيه:

- ‌مذهبه وعقيدته:

- ‌آثاره:

- ‌مؤلفاته في التفسير:

- ‌مؤلفاته في الحديث:

- ‌مؤلفاته في الفقه وقواعده:

- ‌مؤلفاته في التصوف والزهد والوعظ:

- ‌الفصل الرابع‌‌ تحقيق اسم المؤلف، واسم الكتاب، ونسبة الكتاب إِلى مؤلفه

- ‌ تحقيق اسم المؤلف

- ‌تحقيق اسم الكتاب:

- ‌تحقيق نسبة الكتاب إِلى مؤلفه:

- ‌الفصل الخامس دراسة عن كتاب القواعد للحصني

- ‌استمداد الكتاب:

- ‌طريقة الحصني في استمداد الكتاب:

- ‌تقويم الكتاب بالنسبة إِلى أصله:

- ‌الاستفادة من الكتاب:

- ‌منهج الكتاب:

- ‌الباب الثالث دراسة عن صاحب الأصل (العلائي)، وكتابه (المجموع المُذْهَب)

- ‌الفصل الأول ترجمة العلائي

- ‌اسمه

- ‌مولده:

- ‌طَلَبُهُ العلم:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌مكانته وكلام العلماء فيه:

- ‌وفاته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌الفصل الثاني دراسة عن المجموع المذهب

- ‌اسم الكتاب:

- ‌مصادر الكتاب:

- ‌طريقة العلائي في استمداد الكتاب:

- ‌تقويم الكتاب بالنسبة إِلى أصله:

- ‌الاستفادة من الكتاب:

- ‌مختصرات الكتاب:

- ‌منهج الكتاب:

- ‌الباب الرابع معلومات عن النسختين المخطوطتين لكتاب القواعد للحصني، ووصف لهما ومعلومات عن النسخة التي استفدت منها من المجموع الذهب للعلائي، ووصف لها

- ‌الفصل الأول معلومات عن النسختين المخطوطتين لكتاب القواعد للحصني، ووصف لهما

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌الفصل الثاني معلومات عن النسخة التي استفدت منها من المجموع المذهب، ووصف لها

- ‌الباب الخامس منهجي وعملي في التحقيق

- ‌الفصل الأول منهجي في تحقيق الكتاب

- ‌الفصل الثاني عملي في التحقيق

- ‌[تقسيم الحكم الشرعي إِلى حكم تكليفي، وحكم وضعي]

- ‌[أنواع الحكم التكليفي]

- ‌[الواجب]

- ‌[المندوب]

- ‌[الحرام]

- ‌[المكروه]

- ‌[المباح]

- ‌[أنواع الحكم الوضعي]

- ‌[السبب]

- ‌[الشرط]

- ‌[المانع]

- ‌[أنواع أُخَر]:

- ‌(القواعد الأربع)

- ‌[حكم النية]

- ‌[ما شُرِعت النية لأجله]

- ‌[ما نُوِيَ به النفل لا يتأدى به الفرض إِلا في مسائل منها ما يأتي

- ‌[من شرط النية: الجزم]

- ‌[النية الحكمية، والمنافي لها]

- ‌[أبواب أُخَر تدخل فيها النية]

- ‌(تخصيص العام) [بالنية]

- ‌[النيةُ المُخَصِّصَةُ، والنيةُ المؤكدَة]

- ‌[حكم من تعاطى فعل شيء حلال له، وهو يعتقد عدم حله، والعكس]

- ‌(تعارض الأصلين)

- ‌[مسائل اجتمع فيها أصل وظاهر، ويرجح أحدهما]

- ‌[مسائل ترجح فيها الظاهر]

- ‌[مسائل ترجح فيها الأصل]

- ‌[مسائل اجتمع فيها أصلان واعتضد أحدهما بالظاهر]

- ‌[المراد بالشك عند الفقهاء والأصوليين]

- ‌[أضرب الشك باعتبار الأصل الذي يطرأ عليه الشك]

- ‌النوع الأول: المتعلق بالعبادات

- ‌رخص السفر

- ‌[رخص المرض]

- ‌[رخص الإِكراه]

- ‌[أنواع أخر من الرخص]

- ‌[أقسام التخفيفات الشرعية]

- ‌[أقسام الرخص من حيث حكمها]

- ‌النوع الثاني: التخفيف في العاملات لأجل المشقة

- ‌النوع الثالث من التخفيفات: في المناكحات

- ‌النوع الرابع: التخفيف في الظهار والأيمان

- ‌النوع الخامس: التخفيف عن الأرقاء وساداتهم

- ‌النوع السادس: التخفيف في القصاص

- ‌النوع السابع: التيسير على المجتهدين

- ‌[قيام الحاجة مقام المشقة في حل النظر المحرم]

- ‌[أبواب مبنية على هذه القاعدة]

- ‌[فروع مخرجة على هذه القاعدة]

- ‌[مسائل دخول العبد المسلم في ملك الكافر]

- ‌[أمثلة على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما]

- ‌[الاستدلال على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما]

- ‌[اجتماع المفاسد مع تساويها]

- ‌[اجتماع المصالح والمفاسد]

- ‌الأول: غلبة المفسدة على المصلحة:

- ‌النوع الثاني: أن تكون المصلحة أعظم من المفسدة

- ‌النوع الثالث: أن تتساوى المصالح والفاسد:

- ‌[بعض السائل المبينة على قاعدة العادة]

- ‌[تخصيص العام و] (تقييد المطلق بالعادة)

- ‌[ما تثبت به العادة]

- ‌فائدة:

- ‌(العرف الخاص هل يلحق بالعرف العام

- ‌[العرف الذي تحمل عليه الألفاظ]

- ‌فائدة مهمة:

- ‌[المأخذ في الصراحة]

- ‌[حكم الصريح في بابه إِذا وجد نفاذًا في موضوعه. وإِذا لم يجد]

- ‌فائدة:

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌(صرف اللفظ عن حقيقته إِلى المجاز)

- ‌فائدة

- ‌قاعدة [فيما تثبت به الأحكام]

- ‌[حكم الأشياء قبل البعثة]

- ‌[حكم الأشياء بعد البعثة]

الفصل: ‌[ما نوي به النفل لا يتأدى به الفرض إلا في مسائل منها ما يأتي

‌[ما نُوِيَ به النفل لا يتأدى به الفرض إِلا في مسائل منها ما يأتي

(1)]

ويستثنى ممن (2) نوى شيئًا لا يحصل له غيره مسائل:

منها: إِذا طاف بنية طواف الوداع أو نفلًا مطلقًا، وعليه طواف الإِفاضة، فإِنه ينصرف إِلى الفرض (3) وتأدى به قطعًا؛ لقوة الحج (4). كما أنه لو أحرم بنفل الحج أو العمرة، وعليه الفرض انصرف إِليه (5). وكذا لو أحرم عن الغير، وكان عليه حج نذر انصرف إِلى النذر (6). أو أحرم عن غيره، ثم نذر حجًا قبل الطواف (7)، انصرف إِلى النذر على الأظهر، إِلى غير ذلك من مسائل الحج والعمرة.

ومنها: لو جلس في التشهد الأخير وهو يظنه الأول، ثم تذكر أجزأه ذلك عن

(1) هذا العنوان هو المناسب للمسائل التالية، وقد اقتبسته من كلام العلائي في مثل هذا الموضع من المجموع المذهب. انظر: ورقة (19/ ب).

(2)

هذا الاستثناء على تقدير كلمة (قاعدة، أو مسألة) بين الجار والمجرور، فتكون العبارة هكذا: ويستثنى من قاعدة: من نوى شيئًا لا يحصل له غيره مسائل.

(3)

وهو طواف الإفاضة.

(4)

انظر: حلية العلماء (3/ 299)، والمجموع (8/ 13، 158)، وروضة الطالبين (3/ 103).

(5)

انظر: الأم (2/ 126)، والمهذب (1/ 200)، وحلية العلماء (3/ 209).

(6)

انظر: المجموع (7/ 91).

(7)

لا أعلم ما مقصود المؤلف بالطواف فإِن كان مقصودُه طوافَ القدوم فالمعنى مستقيم، وإِن كان مقصودُه طوافَ الإِفاضة فالمعنى غير مستقيم، وعلى كل فقد وجدت المسألة وقد علق النذر فيها بما قبل الوقوف لا الطواف، انظر: حلية العلماء (3/ 208)، والمجموع (7/ 92)، والمجموع المذهب: ورقة (19/ ب).

ص: 225

الأخير، جزم به الرافعي (1).

ومنها: لو ترك سجدة من الصلاة ناسيًا وقام، ثم تذكر ذلك وهو قائم، فرجع إِلى تداركه، وكان قد جلس عقب السجدة الأولى جلسة نوى بها الاستراحة، فالأصح: أن الجلسة تجزئه؛ لأنها جلسة وقعت في محلها، وقد سبقت بنية الصلاة المشتملة عليها وعلى غيرها (2)، وبهذا توجه المسألة التي قبلها.

بخلاف ما إذا قرأ في قيامه آية سجدة فسجد لها (3)، فإِنها لا تجزئه عن السجدة المنسية: على الصحيح (4)، ونقله الشيخ أبو حامد (5) عن النص (6)؛ لأن سجدة التلاوة

(1) انظر: فتح العزيز (4/ 150).

(2)

انظر: المهذب (1/ 90)، وحلية العلماء (2/ 139)، وروضة الطالبين (1/ 300)، والمجموع (4/ 40).

(3)

نهاية الورقة رقم (8).

(4)

انظر: المهذب (1/ 90)، والمجموع (4/ 43).

(5)

هو أبو حامد أحمد بن محمد بن أحمد الإِسْفَرَايْنِي. بياء أو بياءين نسبة إِلى إِسفرايين بلدة بخراسان. ولد في إِسفرايين سنة 344 هـ. إِمام طريقة العراقيين وشيخ المذهب، وقد صارت إِليه رياسة الشافعية، وعظم جاهه عند السلطان والعوام، وكان فقيهًا إِمامًا، وقد استوعب الأرض بالأصحاب، وجمع محله نحو من 300 متفقه. تفقه على أبي الحسن بن المرزبان، وأبي القاسم الدارَكي، وحدث عن جماعة منهم: الدارقطني، وقد روى عنه سُلَيْمُ الرازي.

من مصنفاته: مختصر في الفقه سماه الرونق، والتعليق في الفقه وهو شرح لمختصر المزني، قال النووي عن التعليق:"وهو في نحو 50 مجلدًا جمع فيه من النفائس ما لم يُشَارَك في مجموعه من كثرةِ المسائل والفروع وذكرِ مذاهب العلماء وبسطِ أدلتها والجوابِ عنها".

توفي ببغداد سنة 406 هـ.

انظر: طبقات الفقهاء (123)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 208)، ووفيات الأعيان (1/ 72)، وطبقات الشافعية للأسنوي (1/ 57)، والبداية والنهاية (12/ 2).

(6)

النص: المقصود به نص الشافعي، قال النووي: "وحيث أقول النص فهو نص الشافعي =

ص: 226

لم تشملها نية الصلاة. وفيها وُجَيْه (1).

ومنها: إِذا تيقن في الطهارة وشك في الحدث فيستحب له الوضوء؛ فإِذا توضأ احتياطًا، ثم تبين أنه كان محدثًا، فوجهان، أصحهما: لا يجزئه ذلك عن الحدث؛ للتردد في النية (2). كما لو شك هل عليه فائتةُ ظهرٍ أم لا؟ فصلاها على ذلك، ثم تبين أنها كانت عليه، لا تجزئه قطعًا (3)، وعدم الإِجزاء في الوضوء (4) إِنما جاء من جهة استصحاب يقين الطهارة. بخلاف ما إِذا كان محدثًا وشك هل توضأ أم لا فتوضأ احتياطًا، ثم تبين أنه محدث فإِنه يصح وضوءه قطعًا؛ لأن الأصل بقاء الحدث فلم يكن للتردد هنا أثر (5).

= رحمه الله ويكون هناك وجه ضعيف أو قول مخرج" منهاج الطالبين (2).

قال الشربيني: "وسمي ما قاله نصًا لأنه مرفوع القدر لتنصيص الإِمام عليه أو لأنه مرفوع إِلى الإِمام، من قولك: نصصت الحديث إِلى فلان إِذا رفعته إِليه" مغني المحتاج (1/ 12).

هذا وقد بحثت عن هذه المسألة في الأم ومختصر المزني، فلم أجدها، فلعل الشافعي رحمه الله ذكرها في الإِملاء أو غيره من الكتب.

إِلا أنني وجدت النووي ذكر أن الشيخ أبا حامد قد نَقَلَ عدمَ الإِجزاء عن نص الشافعي، انظر:(المجموع (4/ 43).

(1)

وهو إِجْزاءُ سجدة التلاوة عن السجدة المنسية، انظر: المهذب (1/ 90).

(2)

انظر: الوجيز (1/ 12)، والمجموع (1/ 350).

(3)

انظر: المجموع (1/ 350).

(4)

ورد في المجموع المذهب بدل العبارة المتقدمة عبارة أخرى ونصها: - "وعدم الجزم بالنية في الوضوء إنما جاء

إِلخ". ورقة (20/ أ).

ويظهر لي أن عبارة العلائي في المجموع المذهب هي المناسبة، ووجه ذلك: - أن العلائي سبق أن علل عدم الإِجزاء بقوله: "لأنه توضأ مترددًا في النية غير جازم بها". ورقة (20/ أ). فأراد أن يبين وجه عدم الجزم بالنية فذكر العبارة المتقدمة.

(5)

انظر: المجموع / 1/ 350)، وروضة الطالبين (1/ 48).

ص: 227

ولو نوى بوضوئه التجديد سهوًا، وهو يظن الطهارةَ، وكان محدثًا، فإِنه لا يجزئه؛ لأنه لم يَنْو رفعَ حدثٍ أصلًا، ولا استند إِلى استصحاب صحيح (1). وكذا: لو أغْفَلَ (2) لُمْعَةً، ثم غسلها في وضوء نوى به التجديد، ففيه وجهان، والأصح - أيضًا-: أنه لا يجزئه عن الفرض (3). بخلاف ما إِذا أغفل لمعة في الغسلة الأولى (4)، ثم غسلها في الثانية أو الثالثة بنية النفل، فإِن الأصح: ارتفاع حدثه بذلك (5)، والفرق أن المتوضئ في مسألة التجديد لم ينو بوضوئه شيئًا من الفرض، إِنما نوى به كله النفل، فلم يتأد الواجب به، [و](6) في الصورة الثانية نوى الفرض والنفل جميعًا، ومقتضى نيته أنه لا يقع شيء عن النفل حتى يرتفع حدث الفرض. وأيضًا فالتجديد طهارة مستقلة،

(1) انظر: الغاية القصوى (1/ 204).

(2)

أَغْفَلَ: معناها ترك الشيء قصدًا من غير نسيان. انظر: معجم مقاييس اللغة (4/ 386) ولعل صواب هذه الكلمة في هذه المسألة هو (غَفَلَ) ثم نقدر بعد ذلك حرف عن، لتكون المسألة هكذا: "وكذا لو غفل عن لمعة ثم غسلها

" لأن معنى غفل: ترك الشيء بسبب غيابه عن ذهنه وعدم تذكره. انظر: معجم مقاييس اللغة (4/ 386)، فيكون معتقدًا تمام وضوئه ثم يتوضأ وضوءًا ثانيًا بنية التجديد. أما إِذا قلنا: أغفل فإِنه يكون تاركًا للمعة قصدًا، وعند ذلك لا يمكن أن يعتقد تمام وضوئه لينوي بالوضوء الذي بعده التجديد.

أقول: ومع ما تقدم فإِني وجدت النووي ذكر المسألة بلفظ: أغفل، فلعل أغفل يستعمل أحيانًا بمعنى غفل، وهو ترك الشيء عن نسيان وعدم ذكر.

(3)

ولا يرتفع حدث اللمعة.

وينظر: فتح العزيز للرافعي (1/ 334)، والمجموع (1/ 351).

(4)

عبر الرافعي عن المعنى المتقدم بقوله: "لو كان يتوضأ ثلاثًا كما هو السنة فترك لمعة في المرة الأولى غافلًا". فتح العزيز (1/ 333). وبنحو ذلك عبر النووي في المجموع (1/ 351).

(5)

وفي المسألة وجه آخر وهو عدم ارتفاع حدثه. انظر: الوسيط (1/ 365)، والمجموع (1/ 351).

(6)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يظهر المعنى، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب، ورقة (20/ أ).

ص: 228

بخلاف الغسلة الثانية والثالثة مع الأولى فإِن الكل عبادة واحدة (1).

ومنها: إِذا غسل شيئًا من وجهه مع المضمضة أو الاستنشاق، قال المتولي (2): "يجزئه غسل ذلك ولا تجب إِعادته ثانيًا، إِذا صححنا النية (3) أي نية رفع الحدث المتقدمة، وإِن كان قد نوى به السنة (4). وكذلك أشار إِليه الغزالي (5)، وهذا فيما إِذا

(1) ذكر هذا الفرق الرافعيُ والنوويُ، فانظر: فتح العزيز (1/ 334)، والمجموع (1/ 351).

(2)

هو أبو سعد عبد الرحمن بن مأمون بن علي بن إِبراهيم المُتَولِّي.

ولد بنيسابور سنة 426 هـ، وقيل سنة 427 هـ.

وقد برع في المذهب، وبَعُدَ صيته؛ فقد كان جامعًا بين العلم والدين وحسن السيرة وتحقيق المناظرة، دَرَّس بالنظامية بعد الشيخ أبي إِسحاق، ثم عُزِلَ بابن الصباغ، ثم أعيد وأستمر إِلى حين وفاته.

تفقه بمرو على الفُوراني، وبمرو الروذ على القاضي حسين، وببخارى على أبي سهل الأَبِيْوَرْدِي، وسمع الحديث عن جماعة منهم: أبو القاسم القشيري وغيره، وقد تخرج عليه جماعة من الأئمة.

ومن مصنفاته: التتمة على (إِبانة) شيخه الفوراني ويقال أنه وصل فيها إِلى (الحدود) ومات، وله مختصر في الفرائض، وكتاب في الخلاف، ومصنف في أصول الدين.

توفي ببغداد سنة 478 هـ.

انظر: وفيات الأعيان (3/ 133)، وطبقات الشافعية الكبرى (5/ 106)، وطبقات الشافعية للأسنوي (1/ 305)، وشذرات الذهب (3/ 358).

(3)

معنى صححنا النية: اعتبرناها صحيحة مع عزوبها قبل غسل شيء من الوجه. انظر: المجموع (1/ 338).

(4)

القول المتقدم ذكره النووي منسوبًا إِلى (صاحب التتمة). انظر: المجموع (1/ 339). أقول: وصاحب التتمة هو المتولي، وقد بحثت عن قوله المذكور في (التتمة) فلم أجده، ولكن وجدت ما يقاربه في المعنى مع الاختلاف في اللفظ، وذلك: في الجزء الأول من التتمة: ورقة (25/ ب).

(5)

في البسيط، وقد ذكر ذلك النووي، في المجموع (1/ 339).

ص: 229

عزبت نيته قبل غسل الوجه. وقال البغوي (1): "لا يجزئه لأنه لم يغسله عن الفرض"(2).

ومنها: إِذا قام في الصلاة الرباعية إِلى ثالثة، ثم ظن أنه سلم وأن الذي يأتي به الآن صلاة نفل، ثم تذكر الحال. ولم أَرَ هذه المسألة منقولة (3)، والظاهر أن ذلك يجزئه عن الفرض كمسألة التشهدين (4)، ويُحْتَملُ أن يجيءَ فيه خلافٌ؛ لأن التشهدين من صلاة واحدة في نيته، وهنا لما نوى النفل فهي أجنبية عن الفرض أشبه تجديد

(1) هو أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد البغوي، ويعرف بابن الفَرَّاء، تارة والفَرَّاء أخرى، ويلقب بمحيي السنة.

كان إِمامًا جليلًا ورعًا زاهدًا فقيهًا، محدثًا مفسرًا، جامعًا بين العلم والعمل، سالكًا سبيل السلف؛ له في الفقه اليد الباسطة، يقول ابن السبكي:"ولم يدخل ببغداد ولو دخلها لاتسعت ترجمته، وقدره عال في الدين وفي التفسير وفي الحديث وفي الفقه، متسع الدائرة، نقلًا وتحقيقًا".

تفقه على القاضي حسين صاحب (التعليقة)، وسمع الحديث من جماعات، منهم: أبو عمر المليحي، وأبو الحسن الداوُدي، وروى عنه أبو منصور محمد بن أسعد العطَّارِيّ وغيره.

ومن مصنفاته: شرح السنة، والمصابيح، ومعالم التنزيل، والتهذيب، وفتاوى.

توفي بمرو الرُّوذ سنة 516 هـ.

انظر: تذكرة الحفاظ (4/ 1257)، وطبقات الشافعية الكبرى (7/ 75)، وطبقات الشافعية للأسنوي (1/ 205)، والبداية والنهاية (12/ 193)، وشذرات الذهب (4/ 48).

(2)

انظر نص قول البغوي في: التهذيب، الجزء الأول: ورقة (23/ ب).

(3)

أي أن المؤلف لم ير هذه المسألة مروية عن أحد من أصحاب المذهب.

(4)

مسألة التشهدين تقدمت ونصها كما قال المؤلف: - "ومنها لو جلس في التشهد الأخير وهو يظنه الأول ثم تذكر أجزأه ذلك عن الأخير جزم به الرافعي" آخر الورقة رقم (8).

ووجه الشبه بين المسألتين أنه في المسألة الأولى أتى بباقي الصلاة وهو جزء من الفرض بنية النفل. وفي المسألة الثانية جلس للتشهد الأخير وهو واجب بنية الأول وهو سنة. عند الشافعية.

ص: 230

الوضوء (1).

وقد ذكر المالكية في هذه المسألة قولين (2). وكذا (3): فيمن سلم من ركعتين سهوًا، ثم قام فصلى ركعتين بنية النفل، هل تتم صلاته الأولى بذلك؟ وفيمن (4) نسي سجدة من صلب الصلاة، ثم قام إِلى ركعة خامسة سهوًا، هل تجزئه السجدة منها عما نسي؟ كذا ذكر القرافيُ الخلافَ في هذه المسائل الثلاث (5)(6).

أما المسألة الثالثة: فهي جارية على مذهبنا (7)؛ لأنا نُكَمِّل سجدة الركعة التي نسي منها السجدة من الركعة التي بعدها (8) وما بينهما لغو فكذا هنا (9).

(1) مع وضوء نسي فيه لمعة، وقد تقدم أن في المسألة وجهين، وأن الأصح عند المؤلف أن وضوء التجديد لا يجزئه عن الفرض، ومن ثم لا يرتفع حدث اللمعة.

(2)

هما الإِجزاء وعدمه، قال صاحب تهذيب الفروق والقواعد السنية: - "مشهورهما الثاني" انظر: تهذيب الفروق (2/ 24).

(3)

أي وكذا ذكروا قولين في هذه المسألة.

(4)

أي وكذا ذكروا قولين في هذه المسألة.

(5)

ذكر القرافي هذه المسائل الثلاث في سياق ذكره للفرق بين قاعدة إِجْزَاءِ ما ليس بواجب عن الواجب وبين قاعدة تَعَيُّن الواجب، وذكر أن إِجْزَاء ما ليس بواجب عن الواجب خلافُ الأصل، ثم ذكر أنه وقع في مذهب المالكية في سبع مسائل، ثم عد المسائل الثلاث السابقة منها. انظر: الفروق (2/ 19، 20).

وما ذكره المؤلف ليس نص كلام القرافي، ولكنه قريب منه، أما المعنى فهو واحد.

(6)

كتب مقابل هذا الموضع على جانب المخطوطة ما نصه: - "ولا شك أن الإِجْزَاءَ في الثانية أبعدُ من الأولى" وهو مثبت بأصل النسخة الأخرى: ورقة (8/ أ).

(7)

يقصد مذهب الشافعية.

(8)

ينظر: المهذب (1/ 90)، وروضة الطالبين (1/ 301).

(9)

قد كتب مقابل هذا الموضع من المخطوطة على جانبها ما نصه: "قال النووي: لو نوى المسافرُ القصرَ فصلى أربع ركعات ناسيًا ونسي في كل ركعة سجدة حصلت له ركعتان" أقول =

ص: 231