المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حكم الصريح في بابه إذا وجد نفاذا في موضوعه. وإذا لم يجد] - القواعد للحصني - جـ ١

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ملابسات العثور على النسخة الثانية:

- ‌مدى الحاجة للنسخة الأخرى في تقويم نص الكتاب:

- ‌الاستفادة من توجيهات لجنة المناقشة:

- ‌المقدار الذي حقق كل واحد من المحققين:

- ‌منهج إخراج الكتاب:

- ‌المقَدِّمَة

- ‌الباب الأول دراسة عن علم قواعد الفقه

- ‌الفصل الأول تعريف القاعدة لغة، واصطلاحًا، والفرق بين القاعدة الفقهية والضابط، والفرق بين القواعد الأصولية والفقهية

- ‌القاعدة في اللغة:

- ‌القاعدة في الاصطلاح:

- ‌سأذكر بعض التعريفات:

- ‌ما تشترك فيه القاعدة والضابط، وما يفترقان فيه:

- ‌الفرق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية:

- ‌الفصل الثاني تعريف‌‌ الأشباه والنظائر لغة، واصطلاحًا، وبيان العلاقة بين قواعد الفقه والأشباه والنظائر

- ‌ الأشباه والنظائر لغة

- ‌الأشباه والنظائر اصطلاحًا:

- ‌العلاقة بين قواعد الفقه والأشباه والنظائر:

- ‌الفصل الثالث أقسام القواعد الفقهية

- ‌الفصل الرابع‌‌ استمداد القواعد الفقهيةوصياغتها

- ‌ استمداد القواعد الفقهية

- ‌صياغة القواعد الفقهية:

- ‌الفصل الخامس أهمية علم قواعد الفقه وفائدته

- ‌الفصل السادس نشأة القواعد الفقهية وتطورها

- ‌المرحلة الأولى:

- ‌المرحلة الثانية:

- ‌الفصل السابع مناهج المؤلفين في القواعد

- ‌ من ناحية المضمون

- ‌من ناحية الترتيب:

- ‌الفصل الثامن المؤلفات في علم قواعد الفقه؛ في المذاهب الأربعة

- ‌كتب القواعد في المذهب الحنفي:

- ‌كتب القواعد في المذهب المالكي:

- ‌كتب القواعد في الذهب الشافعي:

- ‌كتب القواعد في المذهب الحنبلي:

- ‌الباب الثاني دراسة عن المؤلف وكتابه

- ‌الفصل الأول‌‌ الحالة السياسيةوالعلمية في عصر المؤلف

- ‌ الحالة السياسية

- ‌الحالة العلمية في عصر المؤلف:

- ‌ففيما يتعلق بالمعلمين:

- ‌وفيما يتعلق بأمكنة التعليم:

- ‌وفيما يتعلق بالاستقرار العام:

- ‌الفصل الثاني حياة المؤلف الشخصية

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده:

- ‌نشأته وحياته:

- ‌أخلاقه وصفاته:

- ‌ذريته:

- ‌وفاته:

- ‌الفصل الثالث حياة المؤلف العلمية

- ‌طلبه العلم:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌كلام العلماء فيه:

- ‌مذهبه وعقيدته:

- ‌آثاره:

- ‌مؤلفاته في التفسير:

- ‌مؤلفاته في الحديث:

- ‌مؤلفاته في الفقه وقواعده:

- ‌مؤلفاته في التصوف والزهد والوعظ:

- ‌الفصل الرابع‌‌ تحقيق اسم المؤلف، واسم الكتاب، ونسبة الكتاب إِلى مؤلفه

- ‌ تحقيق اسم المؤلف

- ‌تحقيق اسم الكتاب:

- ‌تحقيق نسبة الكتاب إِلى مؤلفه:

- ‌الفصل الخامس دراسة عن كتاب القواعد للحصني

- ‌استمداد الكتاب:

- ‌طريقة الحصني في استمداد الكتاب:

- ‌تقويم الكتاب بالنسبة إِلى أصله:

- ‌الاستفادة من الكتاب:

- ‌منهج الكتاب:

- ‌الباب الثالث دراسة عن صاحب الأصل (العلائي)، وكتابه (المجموع المُذْهَب)

- ‌الفصل الأول ترجمة العلائي

- ‌اسمه

- ‌مولده:

- ‌طَلَبُهُ العلم:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌مكانته وكلام العلماء فيه:

- ‌وفاته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌الفصل الثاني دراسة عن المجموع المذهب

- ‌اسم الكتاب:

- ‌مصادر الكتاب:

- ‌طريقة العلائي في استمداد الكتاب:

- ‌تقويم الكتاب بالنسبة إِلى أصله:

- ‌الاستفادة من الكتاب:

- ‌مختصرات الكتاب:

- ‌منهج الكتاب:

- ‌الباب الرابع معلومات عن النسختين المخطوطتين لكتاب القواعد للحصني، ووصف لهما ومعلومات عن النسخة التي استفدت منها من المجموع الذهب للعلائي، ووصف لها

- ‌الفصل الأول معلومات عن النسختين المخطوطتين لكتاب القواعد للحصني، ووصف لهما

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌الفصل الثاني معلومات عن النسخة التي استفدت منها من المجموع المذهب، ووصف لها

- ‌الباب الخامس منهجي وعملي في التحقيق

- ‌الفصل الأول منهجي في تحقيق الكتاب

- ‌الفصل الثاني عملي في التحقيق

- ‌[تقسيم الحكم الشرعي إِلى حكم تكليفي، وحكم وضعي]

- ‌[أنواع الحكم التكليفي]

- ‌[الواجب]

- ‌[المندوب]

- ‌[الحرام]

- ‌[المكروه]

- ‌[المباح]

- ‌[أنواع الحكم الوضعي]

- ‌[السبب]

- ‌[الشرط]

- ‌[المانع]

- ‌[أنواع أُخَر]:

- ‌(القواعد الأربع)

- ‌[حكم النية]

- ‌[ما شُرِعت النية لأجله]

- ‌[ما نُوِيَ به النفل لا يتأدى به الفرض إِلا في مسائل منها ما يأتي

- ‌[من شرط النية: الجزم]

- ‌[النية الحكمية، والمنافي لها]

- ‌[أبواب أُخَر تدخل فيها النية]

- ‌(تخصيص العام) [بالنية]

- ‌[النيةُ المُخَصِّصَةُ، والنيةُ المؤكدَة]

- ‌[حكم من تعاطى فعل شيء حلال له، وهو يعتقد عدم حله، والعكس]

- ‌(تعارض الأصلين)

- ‌[مسائل اجتمع فيها أصل وظاهر، ويرجح أحدهما]

- ‌[مسائل ترجح فيها الظاهر]

- ‌[مسائل ترجح فيها الأصل]

- ‌[مسائل اجتمع فيها أصلان واعتضد أحدهما بالظاهر]

- ‌[المراد بالشك عند الفقهاء والأصوليين]

- ‌[أضرب الشك باعتبار الأصل الذي يطرأ عليه الشك]

- ‌النوع الأول: المتعلق بالعبادات

- ‌رخص السفر

- ‌[رخص المرض]

- ‌[رخص الإِكراه]

- ‌[أنواع أخر من الرخص]

- ‌[أقسام التخفيفات الشرعية]

- ‌[أقسام الرخص من حيث حكمها]

- ‌النوع الثاني: التخفيف في العاملات لأجل المشقة

- ‌النوع الثالث من التخفيفات: في المناكحات

- ‌النوع الرابع: التخفيف في الظهار والأيمان

- ‌النوع الخامس: التخفيف عن الأرقاء وساداتهم

- ‌النوع السادس: التخفيف في القصاص

- ‌النوع السابع: التيسير على المجتهدين

- ‌[قيام الحاجة مقام المشقة في حل النظر المحرم]

- ‌[أبواب مبنية على هذه القاعدة]

- ‌[فروع مخرجة على هذه القاعدة]

- ‌[مسائل دخول العبد المسلم في ملك الكافر]

- ‌[أمثلة على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما]

- ‌[الاستدلال على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما]

- ‌[اجتماع المفاسد مع تساويها]

- ‌[اجتماع المصالح والمفاسد]

- ‌الأول: غلبة المفسدة على المصلحة:

- ‌النوع الثاني: أن تكون المصلحة أعظم من المفسدة

- ‌النوع الثالث: أن تتساوى المصالح والفاسد:

- ‌[بعض السائل المبينة على قاعدة العادة]

- ‌[تخصيص العام و] (تقييد المطلق بالعادة)

- ‌[ما تثبت به العادة]

- ‌فائدة:

- ‌(العرف الخاص هل يلحق بالعرف العام

- ‌[العرف الذي تحمل عليه الألفاظ]

- ‌فائدة مهمة:

- ‌[المأخذ في الصراحة]

- ‌[حكم الصريح في بابه إِذا وجد نفاذًا في موضوعه. وإِذا لم يجد]

- ‌فائدة:

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌(صرف اللفظ عن حقيقته إِلى المجاز)

- ‌فائدة

- ‌قاعدة [فيما تثبت به الأحكام]

- ‌[حكم الأشياء قبل البعثة]

- ‌[حكم الأشياء بعد البعثة]

الفصل: ‌[حكم الصريح في بابه إذا وجد نفاذا في موضوعه. وإذا لم يجد]

[حكم الصريح في بابه إِذا وجد نفاذًا في موضوعه. وإِذا لم يجد]

ثم قال الأصحاب: إذا كان اللفظ صريحًا في بابه، ووجد نفاذًا (1) في موضوعه، لم يكن كناية في غيره. وما كان صريحًا في بابه، ولم يجد نفاذًا في موضوعه، كان كناية في غيره (2).

فأما الأول (3) فهو جار على القاعدة المستقرة: أن الأصل في الإطلاق الحقيقة، وأنه إذا تعارض العمل على الحقيقة الشرعية أو العرفية أو اللغوية قدمت الشرعية ثم العرفية ثم اللغوية كما يأتي. وشذ عن هذا مسألتان (4):

إِحداهما: إذا أحاله بلفظ الحوالة، ثم قال: أردت بذلك (5) الوكالة. قال ابن

(1) قال الزركشي: "ومعنى وجد نفاذًا أي أمكن تنفيذه" المنثور في القواعد (2/ 311).

(2)

ذكر ذلك العلائي في المجموع المذهب: ورقة (62/ أ)، وذكر الشطر الأول منه الزركشي في المنثور في القواعد (2/ 311)، والسيوطي في الأشباه والنظائر (295).

(3)

هو الشطر الأول من الكلام المتقدم، وهو قوله: - "إذا كان اللفظ صريحًا في بابه ووجد نفاذًا في موضوعه لم يكن كناية في غيره".

(4)

ذكرهما العلائي في المجموع المذهب: ورقة (62/ أ)، وذكر الزركشي إِحدى عشرة صورة مستثناة مما تقدم، وذلك في المنثور في القواعد (2/ 312، 313).

(5)

يوجد هنا في المخطوطة كلمة (لفظ) وقد حذفتها، لأن المقصود من الكلام هو أنه أراد معنى الوكالة لا لفظها، أما لو كان المقصود من كلامه هو أنه أراد لفظ الوكالة لكانت هذه مسألة أخرى، وليس الخلاف المذكور جاريًا فيها. والحاصل أنهما مسألتان، وقد ذكرهما الرافعي فقال: - "ينظر: إن اختلفتما في أصل اللفظ، فزعمت الوكالة بلفظها وزعم زيد الحوالة بلفظها فالقول قولك مع يمينك.

وإن اتفقتما على جريان لفظ الحوالة، وقلت: أردت به التسليط بالوكالة فوجهان؛ المنسوب إلى ابن سريج: أن القول قول زيد مع يمينه؛ لشهادة لفظ الحوالة.

وقال المزني وساعده عليه أكثر الأصحاب: إن القول قولك مع يمينك" فتح العزيز (10/ 351).

ص: 398

سريج: "لا يقبل (1)، ولفظ الحوالة صريح في معناها، وقد وجدوا نفاذًا في موضعها؛ لأن الدين على المحيل، وله على المحال عليه نظيره". وقال المزني وساعده أكثر الأصحاب: "يقبل؛ لأنه أعرف بنيته"(2). وهذا مشكل؛ لأن مثله يرد في كل صريح ادعى مُطلِقُةُ خِلافَ ظاهره. والله أعلم.

الثانية: إِذا باع المشتري المبيع من البائع، بعد قبضه ولزوم العقد، ونويا جميعًا الإقالة (3)، فلا كلام إِن قلنا: الإِقالةُ بيعٌ.

وإن قلنا: هي فسخ. ففيه قولان؛ أحدهما: أنه إِقالة. والثاني: إِنه بيع. وفي القول بأنه إِقالة الإِشكال المتقدم (4).

(1) قول ابن سريج هذا يؤيده النص المتقدم، ويؤيده ما ورد في روضة الطالبين (4/ 236).

ولكن يخالفه قول ابن سريج الوارد في كتاب الودائع له، ونص ما فيه: - "ولو أحال رجلٌ على رجل بمائة درهم، وضمنها له، ثم اختلفا، فقال المحيل: أنت وكيلي فيها. وقال المحتال: بل أحلتني بما لي عليك. وتصادقا على الحوالة والضمان؛ فالقول قول المحيل، والمحتال مُدِّعٍ". الودائع لمنصوص الشرائع: ورقة (75/ أ).

(2)

ليس هذا نص كلام المزني، ولكن نصه هو: - "

فالقول قول المحيل، والمحتال مدع" مختصر المزني (107).

(3)

بين النووى معنى الإقالة بقوله: - "وهي أن يقول المتبايعان: تقايلنا وتفاسخنا، أو يقول أحدهما: أقلتك فيقول الآخر قبلت، وما أشبهه" روضة الطالبين (3/ 493).

(4)

الإِشكال المتقدم هو ما ذكره المؤلف بقوله: - "وقال المزني وساعده أكثر الأصحاب: يقبل، لأنه أعرف بنيته، وهذا مشكل لأن مثله يرد في كل صريح ادعى مطلقه خلاف ظاهره".

ووجه الإِشكال هنا: هو أنه قد جُعِلَ البيعُ كنايةً في الإقالة، مع أن البيع صريح في بابه وقد وجد نفاذًا في موضوعه، وهذا مخالف لما تقدم من أنه: إِذا كان اللفظ صريحًا في بابه، ووجد نفاذًا في موضوعه، فلا يكون كناية في غيره.

ص: 399

ويتفرع على القولين (1) تجدد الشفعة فيه ثانيًا، إذا قيل: إِنه بيع. دون الإِقالة. وكذا خيار المجلس ونحوه.

وأما (2) إذا قلنا: إنه صريح في بابه، ولم يجد نفاذًا في موضوعه (3). فهو جار (4) في غالب مواضع الكنايات، كقوله لزوجته: أنت حرة، أو اعتقك، إذا نوى به الطلاق. ولأمته: أنت طالق، أو طلقتك؛ ونوى العتق. فإِنه (5) ينفذ في جميع ذلك.

وقالوا فيما إذا قال لأمته: أنت علي كظهر أمي. ونوى العتق في وجه: إِنها لا تعتق بذلك؛ لأن هذا اللفظ لما لم يزل الملك (6) لم يصلح كناية في العتق. ولكن الصحيح نفوذه به؛ لأن الظهار لا ينفذ في الأمة فيصح جعله كناية في العتق. بخلاف لفظ الطلاق أو الظهار في الزوجة إِن (7) نوى بكل منهما الآخر، فإِنه لا يصح جعله فيه كناية؛ لأنه صريح في بابه ويجد نفاذًا في موضوعه فلا يستعمل في الآخر.

(1) يعني: الواردين في الإِقالة، أهي بيع أم فسخ؟

هذا: وقد ذكر النووي الخلاف في ذلك، كما ذكر عددًا من المسائل المتفرعة عليه، وذلك في الروضة (3/ 493).

(2)

يظهر أن المؤلف يقصد بما بعد أمّا الشطر الثاني من الكلام المتقدم الذي ذكره بقوله: "ثم قال الأصحاب إِذا كان اللفظ صريحًا في بابه" إِلى قوله "كان كناية في غيره".

أما العلائي فقد صرح بذلك فقال: "وأما الطرف الثاني فهو جار في غالب مواضع الكنايات" المجموع المذهب: ورقة (62/ ب).

(3)

من تمام مقول القول أن نضع هنا العبارة التالية: - "فيكون كناية في غيره".

(4)

أي المقول المتقدم.

(5)

أي المنوى.

(6)

يظهر أن معنى الملك هنا (الزوجية).

(7)

ورد هذا اللفظ في المخطوطة هكذا (إِنه)، والصواب ما أثبته.

ص: 400

قاعدة (1) وهي إِذا استعمل لفظ (2) موضع لعقد في عقد آخر، هل العبرة باللفظ أم بالمعنى (3)؟

(1) قال العلائي في آخر القاعدة السابقة وقبل هذه القاعدة مباشرة: - "ويتصل بهذا الكلام في قاعدة أخرى، وهي ما إذا استعمل لفظ موضوع لعقد

إِلخ" المجموع المذهب: ورقة (62/ ب)، وقول العلائي المتقدم يفيد أن هذه القاعدة متصلة بما قبلها.

(2)

يوجد في هذا الموضع من المخطوطة حرف (في)، وقد حذفته؛ لأن المعنى لا يستقيم إِلا بحذفه، كما أنه لم يرد في عبارة العلائي المتقدمة.

(3)

ذكر هذه القاعدة بهذا اللفظ العلائي في المجموع المذهب: ورقة (62/ ب).

وذكرها الزركشي والسيوطي بلفظ آخر وهو (هل العبرة بصيغ العقود، أو بمعانيها؟).

انظر: المنثور في القواعد (2/ 371)، والأشباه والنظائر (166).

هذا: وقد ذكر الزركشي أن هذه القاعدة ترجع إِلى أربعة أقسام: -

الأول: ما يعتبر فيه اللفظ قطعًا.

الثاني: ما يعتبر فيه اللفظ في الأصح.

الثالث: ما يعتبر فيه المعنى قطعًا.

الرابع: ما يعتبر فيه المعنى في الأصح.

وقد مثل لتلك الأقسام ما عدا الثالث، فانظر ذلك في: المنثور في القواعد: (2/ 372، 373).

قال في آخر حديثه عن هذه القاعدة: - "والضابط لهذه القاعدة: أنه إِن تهافت اللفظ حكم بالفساد على المشهور كبعتك بلا ثمن، وإِن لم يتهافت فإِما أن تكون الصيغة أشهر في مدلولها أو المعنى، فإِن كانت الصيغة أشهر كأسلمت إِليك هذا الثوب في هذا العبد فالأرجح اعتبار الصيغة لاشتهار السلم في بيوع الذمم؛ وقيل ينعقد بيعًا، وهو قضية كلام التنبيع، وإن لم يشتهر بل كان المعنى هو المقصود كوهبتك بكذا فالأصح انعقاده بيعًا، وإن استوى الأمران فرجهان، والأصح اعتبار الصيغة لأنها الأصل والمعنى تابع لها" المنثور في القواعد (2/ 374). ومعنى تهافت: تساقط، أما كلمة التنبيع: فلا يظهر لي معناها، ولعل صوابها التنبيه: وهو كتاب في الفقه الشافعي للشيخ أبي إِسحاق الشيرازى.

ص: 401

وفيه صور:

منها: إذا قال: بعتك بلا ثمن. لم ينعقد بيعًا، نظرًا إلى اللفظ. وهل ينعقد إباحة (1)، أو هبة نظرًا إلي المعنى وجهان. اختلف في الراجح منهما.

ومنهم من نقل وجهًا في انعقاده بيعًا، نظرًا إلى اللفظ.

وعلى الأول (2): إِذا أقبضه وتلف في يده (3)، هل يضمنه؟ وجهان.

والقول بأنه ينعقد هبة أو إباحة يلتفت (4) إلى قاعدة أخرى وهي: أن الوجوب إذا نسِخَ هل يبقى الجواز؟ (5)

ومنها: اِذا قال: وهبتك هذا بألف. فقبله، هل ينعقد بيعًا، نظرًا إلي المعنى، أو يبطل؟ لتناقض اللفظ؟ فيه وجهان.

ومنها: إذا عقد على معين بلفظ السلم، مثل: أسلمت إليك هذه الدراهم في هذا العبد؛ لم ينعقد سلما قطعًا (6).

وهل ينعقد بيعًا؛ نظرًا إلى المعنى، أو لا يصح؛ لاختلال اللفظ (7)؟ فيه

(1) بين الزركشي حقيقة الإباحة بقوله: - "وهي تسليط من المالك على استهلاك عين أو منفعة، ولا تمليك فيها" المنثور في القواعد (1/ 73).

(2)

وهو أنه لا ينعقد بيعًا.

(3)

أي اِذا أقبضَ المالكُ صاحبَه السلعةَ وتلفت السلعةُ في يد القابض.

(4)

معنى يلتفت هنا: ينصرف أو يرجع.

(5)

ستأتي هذه القاعدة، وقد ذكرها المؤلف في الورقة رقم (40/ أ).

(6)

لأن من شروط عقد السلم أنْ يكون المُسلمُ فيها دينًا.

(7)

قال المؤلف في كفالة كفاية الأخيار (1/ 491): "ومعنى الاختلال: أن السلم يقتضي الدَّيْنِيَّةَ والدَّيْنِيَّةُ مع التعيين يتناقضان".

ص: 402

الوجهان (1)، وأصحهما: البطلان.

ومنها: إذا عقد السلم بلفظ البيع، كقوله: اشتريت منك ثوبًا صفته كذا بهذه الدراهم، اتفقوا فيه على صحة العقد، واختلفوا: هل ينعقد بيعًا، نظرًا إِلي اللفظ؟ أو سلمًا، نظرًا إلى المعنى، على الوجهين، والأصح عند العراقيين والروياني والجرجاني (2): أنه ينعقد سلمًا (3)، وحكاه الشيخ أبو حامد وغيره عن نص الإِملاء (4).

(1) قال الرافعي: "وفي انعقاده بيعًا قولان؛ أحدهما: ينعقد نظرًا إِلى المعنى، وأظهرهما: لا، لاختلال اللفظ" فتح العزيز (9/ 222).

(2)

هو أبو العباس أحمد بن محمَّد الجرجاني.

كان قاضي البصرة، وشيخ الشافعية بها، ومن أعيان الأدباء في وقته، سمع من جماعات كثيرة، وحدّث، وتفقه على الشيخ أبي إِسحق.

من مصنفاته: الشافي، والتحرير، والبلغة، والمعاياة ويعرف أيضًا بالفروق.

توفي سنة 482 هـ.

انظر: طبقات الشافعية الكبرى (4/ 74)، وطبقات الشافعية للأسنوى (1/ 340)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (178).

(3)

صحح الروياني ذلك في: البحر، الجزء الذي يبدأ بباب تفريق الصفقة: ورقة (69/ أ).

وصحح الجرجاني ذلك في: التحرير: ورقة (47/ ب). وكتاب التحرير هذا مصور على فيلم في معهد المخطوطات بالقاهرة تحت رقم [91/ فقه شافعي].

(4)

قال الروياني في الموضع المتقدم من البحر: - "وقيل نص على هذا في الإملاء".

أقول: والإِملاء: كتاب للإمام الشافعي، قال عنه الأسنوى في معرض ذكره لكتب الشافعي: - "ومنها الإملاء وهو أيضًا من الجديد كما صرح به الرافعي في مواضع من الشرح الكبير، وهو نحو (الأمالي) في الحجم، وقد يتوهم بعض من لا اطلاع له أن الأملاء هو الأمالي وليس كذلك فتفطن له". المهمات، الجزء الأول: ورقة (8 / ب).

وقد ذكر ابن تيمية: أن الشافعي صنف (الإملاء) على مسائل ابن القاسم صاحب مالك وأظهر فيه خلاف مالك فيما خالفه فيه. انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (20/ 332).

ويظهر أن هذا الكتاب قليل الوجود منذ عهد بعيد حيث يذكر الأسنوى أن النووى قد تيسر =

ص: 403

والأصح عند البغوي وغيره: أنه يكون بيعًا (1)، وصححه الرافعي في المحرر (2)، و [النووي](3) في الروضة (4)، وهو قول أبي إِسحاق المروزي وغيره من المتقدمين.

ووجه الفرق بين هذه وما تقدم من المسائل، حيث قطع في هذه بالانعقاد:"أن كل سلم بيع، فإِذا استعمل لفظ البيع فيه فقد استعمله في موضوعه. بخلاف استعمال المسلم في البيع"(5).

= له من كتب الإمام الشافعي المختصر والأم ومختصر البويطي فقط. أما هو -أي الأسنوى- فإنه يحمد الله على أن يسر له هذه الكتب المتقدمة بزدادة الأملاء. انظر: المهمات، الجزء الأول: ورقة (5/ أ).

والكتاب غير مطبوع، ولا أعرف له نسخًا مخطوطة.

(1)

انظر: كتاب: التهذيب للبغوى، الجزء الثاني: ورقة (77/ أ).

(2)

المحرر: كتاب في الفقه الشافعي للإمام أبي القاسم الرافعي صاحب فتح العزيز. وهو كتاب متوسط الحجم قليل الاستدلال، وقد اختصره النووى في كتابه منهاج الطالبين، وأثنى عليه فقال: - "وأتقنُ مختصرًا (المحررُ) للإمام أبي القاسم الرافعي رحمه الله تعالى ذى التحقيقات، وهو أكثر الفوائد، عمدة في تحقيق المذهب، معتمد للمفتي وغيره من أولي الرغبات، وقد التزم مصنفه رحمه الله أن ينص على ما صححه معظم الأصحاب، ووفى بما التزمه، وهو من أهم أو أهم المطلوبات" منهاج الطالبين (2).

والكتاب غير مطبوع، ويوجد له عدة نسخ في المكتبة الأزهرية، اطلعت على إِحداها ورقمها هو (102) 1441 فقه شافعي.

وقد صحح الرافعي كونه بيعًا في: المحرر: ورقة (63/ أ).

(3)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أثبته لأن المقام يقتضيه، وذلك لأن كتاب الروضة للإمام النووى. هذا وقد صرح باسم النووي العلائي في المجموع المذهب: ورقة (63/ أ).

(4)

انظر: روضة الطالبين (4/ 6).

(5)

قال الرافعي: "إذ ليس كل بيع بسلمٍ" فتح العزيز (9/ 223).

وما ذكره المؤلف من الفرق منقول بالنص عن فتح العزيز للرافعي.

ص: 404

وبنوا على الوجهين في هذه المسألة: أنه إِذا انعقد سلمًا وجب تسليم رأس المال في المجلس، ولم يثبت فيه خيار الشرط، ولم يجز الاعتياض عن المسلم فيه، إِلى غير ذلك. وإذا قيل: بأنه ينعقد بيعًا يصح فيه خيار الشرط (1)، ولا يجب تسليم رأس المال في المجلس. كذا أطلقوه، وليس كذلك إِذا كان الثمن في الذمة ثم تفرقا بلا قبض (2)؛ لأنه يكون حينئذ بيع دين بدين، والإجماع منعقد على بطلانه (3)، ونص عليه الشافعي (4)، واتفق عليه الأصحاب. بل صورته: ما إِذا كان الثمن معينًا (5)، أو عين في المجلس (6)، وحينئذ (7) فيخرج عن كونه بيع دين بدين [بتعيينه](8) حالة العقد أو في المجلس إذا عقد في الذمة. وممن نبه على هذه الفائدة الجليلة المحاملي (9) والفارقي (10)

(1) قال النووى: - "وفي جواز الاعتياض عن الثوب قولان".

روضة الطالبين (4/ 6)، وقد ذكر في كلام سابق له أن الثوب هو المُشْتَرَى الموصوف.

(2)

نهاية الورقة رقم (26).

(3)

أي بطلان بيع الدين بالدين.

وممن حكى الإجماع على ذلك ابن المنذر في كتابه الإجماع (117)، والعلائي في المجموع المذهب: ورقة (63/ أ).

(4)

انظر: الأم (3/ 40).

(5)

أيضًا في العقد، كما قال ذلك العلائي في المجموع المذهب: ورقة (63/ أ).

(6)

وكان قبل ذلك في الذمة، كما أشار إلى ذلك العلائي في المجموع المذهب: ورقة (63/ أ).

(7)

يظهر أن حذف الفاء أنسب لسبك الكلام.

(8)

الكلمة الموجودة بين المعقوفتين لا توجد بأصل المخطوطة، ولكنها موجودة على جانبها وقد رسم بأصل المخطوطة خط يشير إِليها، وقد أثبتها للحاجة اِليها في إقامة الكلام، وهي مثبتة بأصل النسخة الأخرى: ورقة (30/ ب).

(9)

نبه المحاملي على بعض هذه الفائدة في كتابه المقنع: ص (210، 211). وهو (مخطوط).

(10)

هو أبو علي الحسن بن إِبراهيم الفارِقي، نسبة إلى مَيَّافارِقِين.

ولد بميّافارقين سنة 433 هـ. =

ص: 405

والحضرمي (1)(2)، وهي فائدة بديعة. لكن أطلق الرافعي والنووي (3) فلا بد من الاحتراز عن هذا.

ومنها: إِذا عقد بلفظ الإجارة على عمل في الذمة؛ فمن نظر إِلى اللفظ أجرى حكم الإجارة، فلم يعتبر قبض الأجرة في المجلس، [وهو اختيار جماعة من الخراسانيين.

= تفقه على الكازروني، وأخذ عن الشيخ أبي إِسحق، وأبي نصر بن الصباغ، ومن تلاميذه القاضي أبو سعد بن أبي عصرون.

وهو ممن برع في المذهب، وقد صار من أحفظ أهل زمانه له، وكان يدرس الفقه ويروى الحديث، وقد ولي القضاء بواسط. وتوفيها سنة 528 هـ.

انظر: وفيات الأعيان (2/ 77)، وطبقات الشافعية الكبرى (7/ 57)، وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 256)، والبداية والنهاية (12/ 206).

(1)

هو إِسماعيل بن محمَّد الحضرمي، المعروف بقطب الدين.

سمع من الفقيه تقي الدين محمَّد بن إِسماعيل بن أبي الصيف اليمني، ومن جماعة من أهل اليمن.

وهو شيخ الشافعية، كان إمامًا من الأئمة مذكورًا، وعلمًا من أعلام الولاية مشهورًا، وهو من ببت مشهور بالصلاح. قال الشيخ الحافظ عفيف الدين المطرى:"مصنفاته فيما يتعلق بالمذهب ببلاد اليمن شهيرة".

فمن مصنفاته: شرح المهذب، ومختصر مسلم، ومختصر بهجة المجالس، وفتاوى.

توفي رحمه الله في حدود سنة 676 هـ أو سنة 677 هـ.

انظر: طبقات الشافعية الكبرى (8/ 130)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (2/ 166)، وشذرات الذهب (5/ 361).

(2)

قال العلائي: - "وممن نبه على هذه النكتة الحسنة المحاملي في (التجريد)، وأبو علي الفارقي في (كلامه على المهذب) وإِسماعيل الحضرمي في (كلامه عليه) -أيضًا- المجموع المذهب: ورقة (63/ أ).

(3)

انظر: فتح العزيز للرافعي (9/ 225)، وروضة الطالبين للنووى (4/ 7).

ص: 406

ومن نظر إلى أن معناه معنى السلم اعتبر قبض الأجرة في المجلس] (1)، وهو الصحيح عند العراقيين وأبي علي (2) والبغوي (3) والمتأخرين. وهو يناقض تصحيحهم (4) اعتبار اللفظ في المسألة التي قبلها.

ومنها: لو عقد الإِجارة بلفظ البيع، فقال: بعتك منفعة هذه (5) الدار شهرًا. فوجهان: أصحهما: لا تنعقد.

(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أثبته من المجموع المذهب للعلائي: ورقة (63/ ب)، ويؤيده ما في فتح العزيز للرافعي (12/ 206).

(2)

هكذا أورد المؤلف اسمه مطلقًا، أما الرافعي والعلائي فقد لقباه بالشيخ.

انظر: فتح العزيز (12/ 206)، والمجموع المذهب: ورقة (63/ ب).

هذا: ويوجد في الشافعية عدد كبير من العلماء كنية كل منهم أبو علي، وأرجح كونه أبا على السنجي حيث لقبه الرافعي والعلائي بالشيخ ولم أجد في تراجم من كنيته أبو علي أحدًا سواه ملقبًا بالشيخ.

وهو الحسين بن شُعَيْب المروزى السِّنْجِي، نسبة إِلى سِنْج قرية من قرى مرو.

تفقه على الشيخ أبي حامد، وعلى أبي بكر القفال.

وهو من الشافعية المصنفين أصحاب الوجوه، وقد كان إِمام زمانه في الفقه، وصاحب تحقيق وإتقان واطلاع كثير، وهو أول من جمع بين طريقتي العراق وخراسان.

من مصنفاته: شرح مختصر المزني وهو مطول، وشرح للتلخيص، وشرح لفروع ابن الحداد.

واختلف من ترجموا له في تاريخ وفاته، وذكر ابن السبكي أنه توفي سنة 430 هـ.

انظر: تهذيب الأسماء واللغات (2/ 261)، وطبقات الشافعية الكبرى (4/ 344)، وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 28)، والبداية والنهاية (12/ 57).

(3)

انظر: التهذيب للبغوي، الجزء الثاني: ورقة (226/ أ).

(4)

أي تصحيح أبي علي والبغوي والمتأخرين.

أما العراقيرن فليس عندهم تناقض حيث صححوا اعتبار المعنى في هذه المسألة وفي المسألة التي قبلها.

(5)

ورد اسم الإِشارة في المخطوطة مذكرًا، وصوابه بالتأنيث لأن المشار إِليه -وهو الدار- مؤنث.

ص: 407

ومنها: إِذا قال: قارضتك (1) على أن يكون جميع الربح لك. ففيه وجهان، أصحهما: أنه قراض فاسد، رعاية للفظ. والثاني: قرض (2) صحيح، رعاية للمعنى.

وكذا إِذا قال: قارضتك على أن الربح كله لي. فهل هو قراض فاسد، أو إبْضَاع (3)؟ فيه الوجهان (4)؛ والصحيح: الأول.

وكذا إذا قال: أبضعتك على أن نصف الربح لك، فهل هو إِبضاع، أو قراض؟ فيه الوجهان.

ومنها: هبة الدين (5) ممن هو (6) عليه فإِنه إبراء، فإني قلنا: لا يشترط القبول في الإبراء. فهل يعتبر هنا؟ وجهان، إِن نظرنا إِلى اللفظ اعتبرناه؛ لأنه بلفظ الهبة. لكن نظرنا إِلى المعنى فلا.

ومنها: إِذا وكله أن يطلق زوجته طلاقًا منجزًا، وكانت قد دخلت الدار، فقال لها: إِن كنت دخلت الدار فأنت طالق. فهل يقع الطلاق (7)؟ لأنه منجز من حيث

(1) أي عقدت معك عقد قراض، وقد سبق بيان معنى القراض.

(2)

عرّف الشربيني الإقراض بقوله: - "وهو تمليك الشيء على أن يرد بدله" مغني المحتاج: (2/ 117).

(3)

وردت هذه الكلمة في المخطوطة بلا ألف في أولها هكذا (بضاع)، والصواب كونها بألف كما أثبتها، ولعلها سقطت سهوًا بدليل إِثباتها عند ورود هذه الكلمة بعد ذلك بقليل.

هذا: وقد عرّف الشربيني الإِبضاع بقوله: - "والإِبضاع: بعث المال مع من يتجر فيه متبرعًا". مغني المحتاج (2/ 312).

(4)

تنكير هذه الكلمة أحسن من تعريفها، وقد وردت في المجموع المذهب منكرة.

(5)

معنى من هنا (اللام)، فتكون العبارة على هذا المعنى هكذا:(هبة الدين لمن هو عليه).

(6)

ورد الضمير في المخطوطة مؤنثًا، وورد في النسخة الأخرى: ورقة (31/ أ) مذكرًا، وصوابه بالتذكر لعوده على مذكر وهو الدين.

(7)

قال العلائي: - "فيه وجهان" المجموع المذهب: ورقة (63/ ب).

ص: 408

المعنى معلق من حيث اللفظ.

ومنها: إِذا قال: وكلتك بتزويج ابنتي إِن رضي خالي. فهل يعتبر في صحة النكاح رضا خاله؟ قال القاضي حسين في فتاويه (1): "يحتمل وجهين، أحدهما: لا؛ لأنه لا حق له فيه. والثاني: نعم".

فإِن قلنا: يشترط. فلو رضي ثم رجع، قال:"يحتمل وجهين، أحدهما: يجوز ويصح، اعتبارًا باللفظ. والثاني: لا اعتبارًا بالمعنى".

ومنها: إِذا خالع ولم يذكر عوضًا فقولان، أحدهما: ليس بشيء. والثاني: أنه خلع فاسد، ويجب مهر المثل. وفيه وجه: أنه رجعي.

ومنها: إِذا وكله بشراء جارية بثمن في الذمة، فاشترى بعشرين مثلًا، فقال الموكل: لم آذن إِلا بعشرة. وحلف، بقيت الجارية في يد الوكيل. قالوا: فيتلطف الحاكم بالموكّل حتى يبيعها من الوكيل.

فلو قال: إِن كنت أذنت لك (2) فقد بعتك (3). فوجهان، أصحهما: الصحة، نظرًا إِلى المعنى لأنه مقتضى الشرع. والثاني: المنع، نظرًا إِلى صيغة التعليق (4).

وقد نص الشافعي على أنه: إِذا ادعى عليه أنه اشترى منه هذه الجارية بألف، وأنكر

(1) فتاوى القاضي حسين كتاب له، قال عنه النووى: - "وللقاضي الفتاوى المفيدة، وهي مشهورة" تهذيب الأسماء واللغات (1/ 164).

وهو غير مطبوع، ولا أعلم له نسخًا مخطوطة.

(2)

يعني في شرائها بعشرين.

(3)

يعني: بعتك إِياها بعشرين.

(4)

ذكر النووى هذه المسألة في: روضة الطالبين (4/ 338، 339)، كما ذكرها العلائي في المجموع المذهب: ورقة (63/ ب)، وذكر طرفا منها المزني في مختصره (111).

ص: 409

المدعى عليه، وحلف؛ فيتلطف القاضي به ليقول: إن اشتريتها فقد بعتكها. ويصح ذلك إذا قاله.

ولا يبعد جريان الخلاف فيه، فقد قالوا: لو قال: بعتك إن شئت. فقال: اشتريت. فوجهان، أحدهما: لا ينعقد (1) للتعليق، كما لو قال: إن دخلت الدار (2). وأصحهما: الانعقاد؛ لأن هذه صيغة يقتضيها الإطلاق، فإنه لو لم يشأ لم يشتر (3).

وقطع الماوردى (4) بأنه: لو قال: بعتك بألف إن قبلت الشراء مني. فقال: نعم. صح البيع.

وفي نظير المسألة من النكاح خلاف (5)، والأصح عند الأئمة: الانعقاد (6). وفي كلام الرافعي ما يقتضي أن النكاح يتقاعد عن البيع في هذا المعنى (7)، فتكون الصحة

(1) ورد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة (يتعلق)، وهذا خطأ، والصواب ما أثبته، وهو الوارد في المجموع المذهب للعلائي: ورقة (64/ أ)، ويدل عليه ما في المجموع للنووى (9/ 157).

(2)

كلام النووى في هذا المقام أوفى ونصه: - "لأن الصيغة صيغة تعليق، ولا مدخل له في المعاوضات فصار كقوله بعتك إِن دخلت الدار" المجموع (9/ 157).

(3)

علّل النووى لهذا الوجه بقوله: - "لأنه تصريح بمقتضى الحال، فإن القبول إِلى مشيئة القابل" المجموع (9/ 157).

(4)

في الحاوى. ذكر ذلك العلائي في المجموع المذهب: ورقة (64/ أ).

(5)

ورد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة (حالات)، والصواب ما أثبته، وهو الوارد في المجموع المذهب: ورقة (64/ أ).

(6)

لا أعلم ما مقصوده بالأئمة، ولكن ما قاله النووي في هذا الشأن يفيد أن المذهب والذي قطع به الأكثرون هو عدم الانعقاد.

انظر: روضة الطالبين (7/ 40).

(7)

وهو التعليق.

ص: 410

في البيع أولى من النكاح.

ومنها: إذا قال لعبده: بعتك نفسك بكذا. فقبل، نقل المزني: أنه يصح، ويعتق في الحال، ويلزم المال في ذمته.

وأطبق الأصحاب على القول به. ونقل الربيع (1) قولًا: أنه لا يصح (2)، وهو نظر إلى صيغة اللفظ، كما أن الأول نظر إلى المعنى.

ومنها: ما إذا قال: إِن أديت إِليّ ألفًا فأنت حر. ففيه خلاف يرجع إِلى ثلاثة أوجه، أحدها: أنه عتق بصفة (3). والثاني: كتابة فاسدة. والثالث: معاملة صحيحة (4).

وفي الوسيط (5): "إِذا قال: إِن أعطيتني ألفًا فأنت طالق فأتت بألف مغصوبة، ففي

(1) يقول النووى: "اعلم أن الربيع حيث أطلق في كتب المذهب المراد به المرادى".

وهو أبو محمَّد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادى، نسبة إِلى مراد قبيلة كبيرة باليمن.

ولد سنة 174 هـ.

وهو صاحب الشافعي رحمه الله، سمع الحديث منه، ومن ابن وهب وغيرهما، وروى عنه جماعة منهم أبو داود والنسائي وابن ماجه.

والربيع أكثر أصحاب الشافعي رواية عنه، قال الشافعي فيه: إنّه أحفظ أصحابي، قال ابن أبي حاتم: وهو صدوق، وقال الخطيب: هو ثقة.

توفي رحمه الله سنة 270 هـ.

انظر: طبقات الفقهاء (98)، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 188)، وطبقات الشافعية الكبرى (2/ 132)، وطبقات الشافعية للأسنوى (1/ 39).

(2)

ذكر ذلك النووي في: روضة الطالبين (12/ 211).

(3)

يظهر أن الجار والمجرور متعلق بمحذوف والتقدير: - "إِنه عتق معلق بصفة".

(4)

يظهر لي أن معنى معاملة صحيحة هو كتابة صحيحة.

(5)

الوسيط: كتاب في الفقه الشافعي لحجة الإِسلام الغزالي. =

ص: 411

وقوع الطلاق خلاف (1). وكذا في العتق، والأصح في الروضة: أنه (2) لا يقع (3).

ومنها: الإِقالة فسخ على الظاهر، وإذا تقايلا وقصدا بلفظ المقايلة البيع، فقيل: يكون بيعًا، نظرًا إلى المعنى. وقيل: لا يصح، نظرًا إلى اختلاف اللفظ.

ومنها: إِذا قال: ضمنت مالك على فلان بشرط أنه برئ. فقولان؛ أحدهما: أنه

= ومما قاله في مقدمته: - "فصنفت هذا الكتاب، وسميته الوسيط في المذهب نازلًا عن البسيط الذي هو داعية الإِملال، مترقيًا عن الإيجاز القاضي بالأخلال، يقع حجمه من الكتاب البسيط موقع الشطر، ولا يعوزه من مسائل البسيط أكثر من ثلث العشر، ولكني صغرت حجم الكتاب بحذف الأقوال الضعيفة، والوجوه المزيفة السخيفة، والتفريعات الشاذة النادرة" الوسيط (1/ 295، 296).

هذا: وقد طبع من الكتاب جزأين بتحقيق الشيخ: علي محيي الدين على القره داغي. ويشمل هذان الجزآن كتابي الطهارة والصلاة فقط. وقد عمل المحقق دراسة مبسوطة عن الكتاب ومؤلفه، وبين من خلالها نسخ الكتاب المخطوطة إِلى جانب أمور أخرى كثيرة.

وقد أثنى النووى على هذا الكتاب في مقدمة المجموع (1/ 15). وقد شرح الوسيط ابن الرفعة في كتاب اسمه: "المطلب العالي في شرح وسيط الغزالي" قال الأسنوى: - "ولم يكمله بل بقي عليه من صلاة الجماعة إِلى البيع" طبقات الشافعية للأسنوى (1/ 602). وقد أكمله الحموى، والكتاب غير مطبوع، ويوجد له مع تكملته نسخة في معهد المخطوطات تقع في 26 جزءًا وأرقامها من 268 - 293 (فقه شافعي).

وقد ذكر النووى في مقدمة المجموع أنه جمع في شرح الوسيط جملًا مفرقات، وأنه كان ينوى تهذيبها في كتاب مفرد، وقد ذكر الأسنوى أن النووى وصل في شرحه للوسيط إِلى كتاب شروط الصلاة. انظر: المهمات، جـ 1: ورقة (3/ ب). والظاهر أن الزركشي قد اطلع على ذلك الشرح. انظر: المنثور (3/ 309).

(1)

القول المتقدم يوجد نحوه في الوجيز (2/ 46).

(2)

أي العتق الذي دفع العبد لأجله مالًا مملوكًا لغيره من غير إِذن صاحب المال.

(3)

انظر: روضة الطالبين (12/ 215).

ص: 412

حواله بلفظ الضمان (1)، نظرًا إِلى المعنى. والثاني: أنه ضمان فاسد. ولو قال أحلتك بشرط أن لا إِبراء (2). ففيه هذا الخلاف (3).

ومنها: البيع من البائع قبل القبض فيه وجهان، أحدهما: أنه فاسد؛ نظرًا إِلى اللفظ. والثاني: أنه فسخ، نظرًا إِلى المعنى.

ومنها: إِذا قلنا: الهبة المطلقة لا تقتضي ثوابًا. وهو الأظهر، فشرط الواهب ثوابًا معلومًا، فقولان، أصحهما: أنه بيع صحيح، اعتبارًا للمعنى. والثاني: أنه عقد فاسد، لاختلال اللفظ. و (4) هو مبيع مقبوض قبضًا فاسدًا أو هبة (5) كذلك؟ (6) ففيه وجهان.

ومنها: إِذا وقف على قبيلة كبيرة غير منحصرة، كبني تميم -مثلًا- أو أوصى لهم، فقيل: هو تمليك لمجهول فيبطل، اعتبارًا باللفظ. والأصح: الصحة، اعتبارًا بالمعنى ويكون المقصود الجهة لا الاستيعاب كالفقراء والمساكين.

(1) وهذا القول مبني على أن على القائل للمقالة المتقدمة دينًا لفلان المتقدم. وتكون العبارة التي حصلت بها الحوالة صادرة من المحال عليه، وهذا مخالف لما هو معروف من صدور عبارة الحوالة من المحيل.

(2)

أي للمحال عليه من الدين الواجب عليه.

(3)

أي هل تكون حوالة فاسدة، أو تكون ضماناً بلفظ الحوالة؟ وبناء على ذلك تكون عبارة الضمان صادرة من المضمون لا من الضامن. وهذا مخالف لما هو معروف من صدور عبارة الضمان من الضامن.

(4)

يحسن أن نضع هنا (هل) الاستفهامية.

(5)

وردت هذه الكلمة في المخطوطة هكذا (وهبة)، وصوابها كما أثبتها.

(6)

أي مقبوضة قبضا فاسدًا.

ص: 413

ومنها: إذا قال لجماعة محصورين: تصدقت عليكم بهذه الدار -مثلًا- ونوى به الوقف عليهم، قال الإِمام:"الصحيح أنه لا يكون وقفًا، بل ينفذ فيما هو صريح فيه وهو التمليك"(1). وتبعه الرافعي (2) والنووي (3)، وهو جار على القاعدة وهي: ما كان صريحًا في بابه، ووجد نفاذًا في موضوعه؛ لا يكون كناية في غيره.

وفيه وجه: أنه يصح وقفًا.

أما إذا كان ذلك على جهة عامة فإِنه يصح وقفًا بالنية (4)، وكذلك (5) إذا قرن به ما يدل عليه، كقوله: صدقة مؤبدة أَوْلا تُبَاع (6).

ومنها: إذا وقف على دابة فلان، فقيل: يصح، ويكون ذلك علي علفها، فهو على المالك في الحقيقة. والأصح: البطلان؛ لأنها ليست أهلًا للملك بحال (7).

وبهذا جزموا في الوصية لها، وقال الرافعي (8): "يشبه أن يجرى فيه الخلاف الذي في الوقف، وقد يفرق بأن الوصية تمليك محض فينبغي أن تضاف إلى من

(1) ذكر النووى قول الإمام في: روضة الطالبين (5/ 323).

(2)

وذلك في فتح العزيز، جـ 4: ورقة (189/ ب).

(3)

وذلك في روضة الطالبين (5/ 323).

(4)

وهذا هو أصح الوجهين اللذين ذكرهما النووى في هذه المسألة، انظر: روضة الطالبين (5/ 323).

(5)

أي يكون وقفًا.

(6)

وهذا هو الوجه الأصح من ثلاثة أوجه ذكرها النووى في هذه المسألة، انظر: روضة الطالبين (5/ 323).

(7)

نهاية الورقة رقم (27).

(8)

القول التالي فيه تصرف يسير، وانظر نص قول الرافعي في: فتح العزيز، جـ 5: ورقة (93/ ب).

ص: 414

يملك) (1). قال النووى: "هذا الفرق أصح والله أعلم"(2).

فلو كانت البهيمة مسبلة (3) ليس لها مالك فوجهان نقلهما ابن الوكيل (4)، أحدهما: البطلان، إِذ البهيمة لا تملك نظرًا إِلى اللفظ (5). والثاني: الصحة، اعتبارًا بالمعنى، وهو للإِنفاق (6) عليها، إِذ هو من جملة القرب.

ومنها: إِذا راجع بلفظ النكاح أو التزويج فأوجه، أحدها: أنه لغو، اعتبارًا باللفظ، وهو مناف لمقصود الرجعة. والثاني: يصح (7) ولا يحتاج إِلى نية؛ لأنه أقوى من قوله: راجعت. والثالث وهو الأصح: أنه كناية تنفذ بالنية؛ لإشعاره بالمعنى، وتقاعده عن إِفادته إِياه من كل وجه.

(1) وتمام القول عند الرافعي: - "والوقف ليس بتمليك محض، بل ليس بتمليك، إذا قلنا: إِنه يزول الملك فيه إلى الله تعالى، فيجوز أن يحتمل فيه الإضافة".

(2)

نص ما قاله النووى: - "قلت: الفرق أصح. والله أعلم" روضة الطالبين (6/ 105).

فهو لم يذكر اسم الإشارة، ولعل عدم ذكره أصح؛ لأن المقصود من كلام النووى -فيما يظهر لي- هو أن مطلق الفرق بين مسألتي الهبة والوصية أصح من التشبيه بينهما، وليس المقصود أن هذا الفرق بعينه أصح من التشبيه.

(3)

مسبّلة بتشديد الباء مع فتحها أي موقوفه.

ولفظ التسبيل من الألفاظ الصريحة في الوقف، على الوجه الصحيح الذي قطع به الجمهور، كما قال ذلك النووى في روضة الطالبين (5/ 322).

(4)

قال ابن الوكيل: - "إذا أوصى بثلثه للدواب المسبلة فالوصية باطلة، إذ لا تملك الدواب.

وقيل: صحيحة. ومعناها: القربة، وهي الإنفاق عليها" الأشباه والنظائر: ورقة (90/ ب).

(5)

لعل تقديم جملة "نظرا إلى اللفظ" على جملة إذ البهيمة لا تملك أقوم للمعنى.

(6)

كذا في النسختين، ولو عشر بقوله (الانفاق) لكان أحسن.

(7)

لعل صوابها (صريح)، ويدل على ذلك أن النووى ذكر الأوجه في هذه المسألة بقوله: - "فهل هو كناية أم صريح أم لغو؟ أوجه" الروضة (8/ 215).

ويرجحه قول المؤلف بعد ذلك: "لا يحتاج إِلى نية" وذلك من مميزات الصريح.

ص: 415

قال الرافعي: (1)"ويجري الخلاف (2) فيما لو أُجْرِيَ العقد (3) بينهما بالإِيجاب والقبول".

ومنها: إِذا قال: خذ هذا البعير ببعيرين. فهل يكون قرضًا فاسدًا، نظرًا إِلى اللفظ؟ أو بيعًا؛ نظرًا إِلى المعنى؟ وجهان.

ومنها: إِذا ادعى الإِبراء، فشهد له شاهدان أنه وهبه ذلك أو تصدق عليه، فقيل: يقبل؛ لأن هبة الدين لمن هو (4) عليه نوع إِبراء. وقيل: لا يقبل، قال الهروي (5):"وهذا القائل لا يصحح التوكيل بلفظ الوصاية المقيدة بحال الحياة". قال (6): "وأصل هذا الخلاف أن العقود بألفاظها أو بمعناها"(7).

ومنها: هبة منافع الدار هل هو (8) إِعارة لها؟ فيه وجهان حكاهما الرافعي (9) في الهبة عن الجرجانيات (10).

(1) في فتح العزيز، جـ 16: ورقة (75/ أ).

(2)

أي المتقدم في المراجعة بلفظ التزويج أو النكاح.

(3)

أي عقد النكاح.

(4)

ورد الضمير في المخطوطة مؤنثًا، وصوابه بالتذكير لعوده على مذكر وهو الدين.

(5)

في كتابه: الإِشراف على غوامض الحكومات: ورقة (106/ ب).

(6)

أي الهروى وذلك في الموضع المتقدم من: الإِشراف.

(7)

في الإِشراف للهروى: "أو بمعانيها".

(8)

لعل تذكير الضمير على معنى الوهب المفهوم من قوله: "هبة منافع الدار". وعلى كل فقد ورد الضمير في فتح العزيز مؤنثًا.

(9)

بقوله: - "فيه وجهان في (الجرجانيات) ". فتح العزيز. جـ 4: ورقة (208/ ب)

(10)

الجرجانيات: كتاب في الفقه لأبي العباس أحمد بن محمَّد بن أحمد الروياني المتوفي عام 450 هـ، وهو جد صاحب البحر.

انظر: طبقات الشافعية للأسنوى (1/ 564)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (158). والكتاب غير مطبوع، ولا أعلم له نسخًا مخطوطة.

ص: 416