الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقَدِّمَة
إِن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فإِني أحمد الله سبحانه وتعالى على أن وفقني لدراسة العلم الشرعي الذي هو أفضل العلوم.
ومن المعلوم أن العلم الشرعي أنواع: ولما للأصول من شرف على الفروع فقد كان ميلي دائمًا إِلى أصول الفقه، وقد حرصت منذ دراستي في الكلية على أن تكون بحوثي السنوية في أصول الفقه.
ولما أنهيت الدراسة المنهجية الخاصة بمرحلة الماجستير، وتأهلت لتسجيل رسالة الماجستير، كنت أرغب في البحث في موضوع من موضوعات أصول الفقه؛ إِلا أنني رأيت من خلال فهارس الموضوعات المسجلة أن موضوعات أصول الفقه كلها أو جلها سبق أن بُحِثَت، فاتجهت لعلم قريب من علم أصول الفقه، ألا وهو علم قواعد الفقه، وهو علم لا يزال اهتمام الباحثين به محدودًا.
ولما أردت القراءة في هذا الفن رأيت المطبوع من كتبه قليلاً، مع أن هناك كتبًا مخطوطة في نفس الفن موجودة في عدد من مكتبات المخطوطات؛ فرأيت أن المشاركة بتحقيق واحدة من هذه المخطوطات أولى من الاشتغال بموضوع من موضوعات قواعد الفقه.
فبدأت البحث في فهارس المخطوطات، ووجدت فيها عددًا من كتب قواعد الفقه؛ وكلما هممت بتسجيل واحد منها علمت أنه قد حقق في إِحدى الجامعات، حتى وفقني الله سبحانه وتعالى لكتاب لم يسبق أن حقق، ألا وهو (كتاب القواعد) للإِمام أبي بكر بن محمد بن عبد المؤمن المعروف بتقي الدين الحِصْني المتوفى سنة 829 هـ.
ثم تقدمت لقسم أصول الفقه بجزء من الكتاب، لتحقيقه ودراسته فتم تسجيل الموضوع بحمد الله.
وهذا الكتاب تظهر أهمية تحقيقه فيما يلي:
1 -
المشاركة في إِخراج كتاب من كتب قواعد الفقه، التي لم يطبع منها إِلا القليل.
2 -
أنه مختصر لكتاب (المجموع المُذْهَب في قواعد الَمذْهَب) لصلاح الدين العلائي المتوفى سنة 761 هـ؛ وقد أثنى عدد من العلماء على المجموع المذهب، وهو بحق كتاب شامل لعدد من القواعد الهامة والمسائل النافعة.
3 -
أنه اشتمل على شرح القواعد الفقهية الخمس الكبرى، والتي ذكر بعض العلماء: أن مسائل الفقه ترجع إِليها.
4 -
أنه اشتمل على عدد من قواعد ومباحث أصول الفقه، مع تخريج الفروع عليها.
5 -
أنه اشتمل على عدد من قواعد الفقه، مع بيان بعض صورها المندرجة فيها.
ولما تم تسجيل الكتاب، وحصرت مصادره ومراجعه، بدأت بجمع المطبوع منها، وما أمكن من المخطوط.
فصورت صورة من المجموع المذهب؛ لأنه أصل هذا الكتاب، واستعنت بها في تصحيح الكتاب، وكشف غوامضه، وإكمال نواقصه، كما حصلت على نسخة مخطوطة من الأشباه والنظائر لابن الوكيل المتوفى سنة 716 هـ، لأن هذا الكتاب -
أعني أشباه ابن الوكيل - هو الأصل لكثيرٍ من المسائل والمباحث الواردة في المجموع المذهب.
وجمعت معظم المطبوع من مصادر الفقه الشافعي المتقدمة على المؤلف، كالأم لمحمد بن إِدريس الشافعي المتوفى سنة 204 هـ، ومختصر المزني لأبي إِبراهيم إِسماعيل ابن يحيى المزني المتوفى سنة 264 هـ، والمهذب والتنبيه للشيخ أبي إِسحاق الشيرازى المتوفى سنة 476 هـ، والوجيز لأبي حامد الغزالي المتوفى سنة 505 هـ، وحلية العلماء لسيف الدين أبي بكر بن محمد الشاشي القفال المتوفى سنة 507 هـ، وفتح العزيز شرح الوجيز لأبي القاسم الرافعي المتوفى سنة 623 هـ، وروضة الطالبين - وهو مختصر لفتح العزيز - والمجموع ومنهاج الطالبين للإِمام النووى المتوفى سنة 676 هـ، والغاية القصوى في دراية الفتوى لعبد الله بن عمر البيضاوى المتوفى سنة 685 هـ.
ولما بدأت فى التحقيق واجهتني عدة صعوبات منها:
1 -
أن الفروع التي تذكر مع القواعد ترد في بعض الأحيان مختصرة اختصارًا كبيرًا، بحيث يكون فهمها صعبًا أو مستحيلاً، مما يضطرني إِلى الرجوع إِلى تلك الفروع في مصادرها الفقهية.
2 -
أن الفروع الفقهية التي يُمَثَّل بها للقاعدة تكون في الغالب كثيرة، وترد من أبواب متعددة، وهذا جعلني كثير التنقل في المصادر والمراجع، وأخذ مني كثيرًا من الجهد والوقت.
فمثلاً: حين يرد فرع من باب الصلاة أجده في الجزء الأول من روضة الطالبين، وحين يرد بعده فرع من باب الإِجارة أجده في الجزء الخامس من الروضة، وحين يرد بعدهما فرع من باب الأيمان أجده في الجزء الحادى عشر من الروضة، وهكذا.
3 -
أن بعض الفروع ترد، وحين أبحث عنها في مظانها لا أجدها، وربما عثرت
عليها بعد ذلك بطريق الصدفة في غير مظانها.
4 -
أني كنت أعمل في بعض الأحيان في ثلاثة فنون في أوقات متقاربة، وهي فن أصول الفقه وقواعد الفقه والفقه، وفي هذا شيء من تشتيت الذهن.
5 -
أن كثيرًا من فروع الكتاب مأخوذة في الأصل من فتح العزيز للرافعي، وهذا الكتاب لم يطبع منه إِلا إلى منتصف الإِجارة، وباقيه مخطوط في عدة أجزاء.
وحتى المطبوع منه لم يخدم خدمة تذكر من ناحية الفهرسة، مما اضطرني في كثير من الأحيان إِلى البحث عن المسألة في مختصره (روضه الطالبين) فإِنه مخدوم من جهة الفهرسة خدمة لا بأس بها، ثم أبحث عنها في فتح العزيز.
6 -
أن كثيرًا من مصادر الفقه الشافعي المهمة، والتي استُقِيَ منها الكتاب لا تزال مخطوطة، وموجودة في عدد من مكتبات العالم؛ ولم يكن بإِمكاني تصويرها، وجعلها عندى؛ نظرًا لأَن كثيرًا منها مكون من عدد من الأجزاء؛ هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإِن هناك عقبات نظامية في التصوير في بعض البلدان.
وفي سبيل الاطلاع على تلك المخطوطات، وتوثيق النصوص المنقولة منها، سافرت في رحلة علمية (1) إِلى كل من: مصر والمغرب وتركيا، وزرت خلالها كلاً من:
1 -
معهد المخطوطات العربية بالقاهرة.
2 -
دار الكتب المصرية بالقاهرة.
3 -
المكتبة الأزهرية بالقاهرة.
4 -
الخزانة العامة بالرباط.
5 -
الخزانة الملكية بالرباط.
(1) كاد مقررًا للرحلة أن تدوم شهرًا واحدًا فقط، ولكن نظرًا لكثرة النقول التي كنت محتاجًا لتوثيقها اضطررت إِلى مَدّ الرحلة إِلى قرابة ثلاثة أشهر.
6 -
خزانة القرويين بفاس.
7 -
المكتبة السليمانية باستامبول.
ولم أقتصر في سبيل الاطلاع على المخطوطات على المكتبات المتقدمة، بل استفدت كثيرًا من قسم المخطوطات التابع لجامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية.
وكانت الأجزاء التي وَثقتُ منها من فتح العزيز كلها منه. كما استفدت من قسم المخطوطات التابع لجامعة الملك سعود بالرياض، وقسم المخطوطات التابع للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ومكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة.
ويمكن للقارئ الاطلاع على أسماء تلك المخطوطات في فهرس المصادر والمراجع المخطوطة.
هذا: وقد جعلت هذه الرسالة قسمين:
القسم الأول: القسم الدراسي:
ويشمل خمسة أبواب هي:
الباب الأول: دراسة عن علم قواعد الفقه.
الباب الثاني: دراسة عن المؤلف (الحصني) وكتابه (كتاب القواعد).
الباب الثالث: دراسة عن صاحب الأصل (العلائي) وكتابه (المجموع المذهب).
الباب الرابع: معلومات عن نسختي كتاب القواعد المخطوطتين ووصف لهما.
ومعلومات عن النسخة المخطوطة التي استفدت منها من المجموع المذهب، ووصف لها.
الباب الخامس: منهجي وعملي في التحقيق (1).
القسم الثاني: القسم التحقيقي:
ويشمل تحقيق الجزء الذي تقدمت به إِلى القسم، وهو من أول الكتاب إِلى قبيل نهاية ورقة (181 /ب).
وقد ذكرت منهجي وعملي في التحقيق بالتفصيل في الباب الخامس من القسم الدراسي، فليراجع هناك.
وأخيرًا: هذا جهدي؛ ويعلم الله وحده أنه نتاج عمل متواصل خلال ثلاث سنوات، سوى ما يقطعه من أمر لا بد منه. وقد بذلت كل ما أمكنني بذله في تصحيح نص الكتاب وخدمته من جميع النواحي؛ فما كان فيه من صواب وكمال فبتوفيق من الله وحده، وله الحمد والمنة. وما كان فيه من خطأ أو نقص فمني ومن الشيطان، ولا حول ولا قوة إِلا بالله.
وفي نهاية المطاف: أتقدم بالشكر الجزيل لجامعتنا، جامعة الإِمام محمد بن سعود الإسلامية، ممثلة في كلية الشريعة، التي أتاح لي المسؤولون فيها هذه الفرصة، وأعانوني وشجعوني بكل ما يستطيعون، فلهم مني خالص الدعاء بالأجر والثواب.
كما أخص بجزيل شكري أستاذي المشرف على هذه الرسالة الأستاذ الدكتور: الطيب خضري السيد سالم (2)، الذي فتح لي قلبه قبل بيته، ولم يبخل علىّ بشيء من
(1) انظر تفصيل هذه الأبواب في فهرس الموضوعات.
(2)
توفي -رحمه الله تعالى - في أواخر عام 1405 هـ، وذلك بعد عودته لمصر في نهاية إِعارته الثانية لجامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية، وكان يعاني من مرض في القلب، ولقد كان له من اسمه نصيب، فكان طيب الخلق واسع الصدر، فرحمه الله تعالى، وغفر له، وجزاه عني خير الجزاء.
وقته، وكان راعيًا لهذا العمل من أوله إلى آخره.
كما أشكر كل من أسد اِليّ عونًا في هذا العمل، سواء كان ذلك بإِعارة كتاب مخطوط أو مطبوع، أو حل مسألة مشكلة، أو نحو ذلك.
وفي الختام: أسأل الله تعالى: أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يجعلها في موازين أعمالنا يوم نلقاه، اِنه وليّ ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
عبد الرحمن بن عبد الله الشعلان
أولاً: القسم الدراسي
ويشمل الأبواب التالية:
الباب الأول: دراسة عن علم قواعد الفقه.
الباب الثاني: دراسة عن المؤلف (الحِصْني) وكتابه (كتاب القواعد).
الباب الثالث: دراسة عن صاحب الأصل (العلائي) وكتابه (المجموع المذهب).
الباب الرابع: معلومات عن نسختي الكتاب المخطوطة، ووصف لها.
ومعلومات عن النسخة المخطوطة التي استفدت منها من المجموع المذهب، ووصف لها.
الباب الخامس: منهجي وعملي في التحقيق.