الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[العرف الذي تحمل عليه الألفاظ]
وأعلم أن العرف الذي تحمل عليه الألفاظ وتتقيد به إنما هو العرف المقارن، حتى يجعل كالملفوظ به. أما الطارئ بعد ذلك فلا أثر له، ولا تنزل الألفاظ السابقة عليه (1): ويبنى على ذلك مسألتان عمت الحاجة إليهما:
إِحداهما: بطالة (2) المدارس، وقد سئل ابن الصلاح (3) عنها فأجاب (4): "بأن ما وقع منها في رمضان ونصف شعبان لا يمنع الاستحقاق، حيث لا نص من الواقف على اشتراطه الاشتغال في المدة المذكورة. وما يقع قبلها يمنع؛ لأنه ليس فيها عرف مستمر،
(1) ذكر ذلك كل من العلائي في المجموع المذهب: ورقة (57/ ب)، والزركشي في المنثور في القواعد (2/ 364)، والسيوطي في الأشباه والنظائر (96).
(2)
البَطَالةُ: العُطّلة، قال الجوهرى: - "وبَطَّل الأجير بالفتح بَطالة أي تَعَطل" الصحاح (4/ 1635)
(3)
هو أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الكردي، الشهرزورى ثم الدمشقي. الملقب تقي الدين.
ولد بشرخان سنة 577 هـ.
تفقه على والده، والعماد ابن يونس، ومن تلاميذه ابن خلكان.
كان إِمامًا في الفقه والحديث، عارفًا بالتفسير والأصول والنحو، ورعًا زاهدًا، ملازمًا لطريقة السلف الصالح؛ لا يُمَكِّن أحدًا في دمشق من قراءة المنطق والفلسفة، والملوك تطيعه في ذلك.
من مصنفاته: علوم الحديث المشتهر بمقدمة ابن الصلاح، وأدب المفتي والمستفتي، وشرح الوسيط، والفتاوى، وطبقات الفقهاء.
توفي بدمشق سنة 643 هـ.
انظر: وفيات الأعيان (3/ 243)، وطبقات الشافعية للأسنوي (2/ 133)، وشذرات الذهب (5/ 221)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (220).
(4)
انظر جوابه المذكور في كتابه المعروف بفتاوى ابن الصلاح: ورقة (52/ ب).
ولا وجود لها في أكثر المدارس والأماكن. فإِن اتسق (1) بها عرف في بعض البلاد، واشتهر غير مضطرب، فيجرى فيها في ذلك البلد الخلاف في: أن العرف الخاص هل ينزل في التأثير منزلة العام؟
والظاهر تنزيله في أهله بتلك المنزلة. والله أعلم" (2).
وسمعت بعض الشيوح ينقل خلافًا في العرف الطارئ، في أنه: هل تخصص به الألفاظ المتقدمة؟ ولم أجده منقولًا، ولا يقتضيه النظر الفقهي. والله أعلم.
المسألة الثانية: نقل الرافعي (3) عن ابن عبدان (4) أنه: "لا يجوز بيع شيء من كسوة الكعبة ولا شراؤه. ومن حمل منه شيئًا لزمه رده". ولم يعترض عليه. وحكى
(1) قال الفيروزآبادي: - "اتسق: انتظم" القاموس المحيط (3/ 299).
(2)
ذكر العلائي تعقيبًا حسنًا على كلام ابن الصلاح، فقال: - "ومقتضاه أن البطالة من نصف شعبان إِلى آخر شهر رمضان العرف بها مستمر شائع، والمضطرب ما قبل ذلك. ورأيت في عدة من كتب الأوقات بدمشق المكتوبة في حدود سنة خمسين وستمائة وما يقاربها ما يقتضي أن أيام البطالة المعهودة شعبان ورمضان. نعلى هذا: كل مدرسة وقفت بعد ذلك، ولم ينص الواقف فيها على ما يتعلق بالبطالة وجودًا وعدمًا ينزل لفظه على الحضور فبما عدا شهر شعبان ورمضان. وما وقف في هذه الأزمان كذلك ينزل الأمر فيه على جواز البطالة في الأشهر الثلاثة وأن ذلك لا يمغ الاستحقاق للمشروط فيها. وأما ما كان من المدارس قديمًا ففيه نظر ظاهر، وينبغي القول بعدم الاستحقاق فيها أيام هذه البطالة؛ لأن ذلك لا تنزل عليه ألفاظ واقفيها لما تقدم" المجموع المذهب: ورقة (58/ أ). ويعني بما تقدم: ما ذكره قبل ذلك من أن العرف الذي تحمل عليه الألفاظ إِنما هو العرف المقارن السابق.
(3)
في فتح العزيز: (7/ 513).
(4)
هو أبو الفضل عبد الله بن عبدان (تثنية عبد) بن محمَّد بن عبدان.
كان شيخ هَمَذَان، وعالمها ومفتيها، أخذ عن ابن لال وغيره، قال ابن السبكي:"كان ثقة فقيهًا ورعًا جليل القدر، ممن يشار إليه". من مصنفاته: شرائط الأحكام في (الفقه). =
النووى نحوه (1) عن الحليمي (2) وابن القاص (3). وقال ابن الصلاح: (4)"الأمر فيها إلى الإمام، يصرفها في بعض مصارف بيت المال بيعًا وعطاء". واستحسنه النووى (5).
والذي ينبغي القول به في هذه الأزمان جواز شرائها؛ لأن العادة استقرت بأنها تبدل كل سنة، ويأخذ بنو (6) شيبة سدنة الكعبة شرفها الله تعالى تلك العتيقة،
= توفي رحمه الله سنة 433 هـ.
انظر: طبقات الشافعية الكبرى (5/ 65)، وطبقات الشافعية للأسنوي (2/ 188)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (143) وشذرات الذهب (3/ 251).
(1)
وذلك في: روضة الطالبين (3/ 168).
(2)
هو أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمَّد بن حَلِيم، المعروف بالحَلِيمي.
ولد ببخارى، وقبل بجرجان سنة 338 هـ.
كان أحد مشايخ الشافعية، وقد سمع الحديث الكثير حتى انتهت إِليه رئاسة المحدثين في عصره وولي القضاء ببخارى، قال فيه الحاكم:"كان شيخ الشافعيين بما وراء النهر، وآدبهم، وأنظرهم بعد أستاذيه: القفال الشاشي والأودني"
من مصنفاته: شعب الإيمان، قال الإسنوي:"كتاب جليل جمع أحكامًا كثيرة، ومعاني غريبة". وهو مطبوع في 3 مجلدات.
توفي رحمه الله سنة 403 هـ.
انظر: طبقات الشافعية الكبرى (4/ 333)، وطبقات الشافعية للأسنوي (1/ 404)، والبداية والنهاية (11/ 349)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 170).
(3)
قال ابن القاص: - "وكل ذكره قيمة فجائز بيعه إِلا عشرة: الأحرار و
…
...
…
وأستار الكعبة". التلخيص: ورقة (37/ أ).
(4)
ذكر النووي قول ابن الصلاح في الروضة (3/ 168).
(5)
حيث قال بعد ذكره لقول ابن الصلاح: - "وهذا الذي أختاره الشيخ حسن متعين؛ لئلا تتلف بالبلى" الروضة (3/ 168).
(6)
وردت هذه الكلمة في المخطوطة بالياء هكذا (بني)، والصواب أنها بالواو على الرفع؛ لأنها فاعل.