الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع
استمداد القواعد الفقهية
وصياغتها
استمداد القواعد الفقهية:
يمكن أن تقسم القواعد الفقهية باعتبار ما استمدت منه إِلى قسمين:
القسم الأول: قواعد مستمدة من نص شرعي أو عدة نصوص، وقد يكون هذا النص من القرآن الكريم أو السنة النبوية أو منهما.
ومثال هذا القسم: القواعد الخمس، وقاعدة (1): الحدود تسقط بالشبهات، وقاعدة: الحريم له حكم ما هو حريم له، وقاعدة ما كان أكثر فعلاً كان أكثر فضلاً، وقاعدة: الميسور لا يسقط بالمعسور.
القسم الثاني: قواعد مستمدة من المسائل المتشابهة في التصوير والحكم، وغالب القواعد من هذا القسم؛ وما ذكرته في هذا القسم هو الاستمداد القريب، وإلا فهي راجعة في آخر الحال إِلى أن تكون مستمدة من أدلة تلك المسائل المتشابهة.
صياغة القواعد الفقهية:
قال الزرقاء عن صياغة القواعد الفقهية: "تمتاز بمزيد الإِيجاز في صياغتها على عموم معناها وسعة استيعابه للفروع الجزئية، فتصاغ القاعدة بكلمتين أو ببضع كلمات محكمة"(2).
(1) انظر القواعد التالية، وما استمد منه كل قاعدة في: الأشباه والنظائر للسيوطي (122، 143، 125، 159).
(2)
المدخل الفقهي العام (2/ 947)، رقم الفقرة (556).
أقول: وهذا شأن القواعد؛ فإِنها تكون بعبارة موجزة مع سعة في المعنى، وهذا نوع من البلاغة، وبه كان امتياز الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإِنه أوتي جوامع الكلم، وهو التعبير عن المعاني الكثيرة بالألفاظ اليسيرة.
على أن ما ذكرته آنفًا لم يتوافر في جميع القواعد، ولم يتوافر في جميع كتب القواعد؛ فإِن بعض كتب القواعد صياغة قواعدها - غالبًا - طويلة، وقد تصل إِلى عدة أسطر.
وفيما يتعلق بما استقي منه صياغة القاعدة، فإِنه أنواع:
فنجد بعض القواعد عبارة عن نص حديث نبوى كالقاعدتين التاليين:
1 -
(1) الخراج بالضمان.
2 -
البينة على المدعي واليمين على من أنكر (2).
ونجد بعض القواعد عبارة عن نص مثل سائر أو حكمة مشهورة، كقاعدة لكل
(1) انظر هاتين القاعدتين في: الأشباه والنظائر للسيوطي (135، 508).
(2)
هناك كتاب اسمه: الشهاب في الحكم والآداب، مؤلفه هو: شهاب الدين أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي القضاعي الشافعي المتوفى سنة 454 هـ. وقد جمع المؤلف في هذا الكتاب ألفًا ومائتي حديث من الأحاديث القصيرة محذوفة الأسانيد، وكثير منها يشبه القواعد من جهة اختصاره مع سعة معناه، وقد طبع هذا الكتاب في بغداد طبعة قديمة سنة 1327 هـ. وشَرَحَ الكتابَ الأستاذ أبو الوفاء مصطفى المراغي في كتاب سماه: اللباب في شرح الشهاب، وقد طبع في مصر سنة 1390 هـ.
وللقضاعي المذكور مسند ذكر فيه أسانيد أحاديث الشهاب، وهو المعروف بمسند الشهاب، وقد ذكر الشيخ حمدى بن عبد المجيد السلفي أنه حقق الكتاب، وأنه تحت الطبع.
مقام مقال (1). وقد يكون من هذا النوع القواعد التالية:
1 -
(2) المشغول لا يشغل.
2 -
من استعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه.
3 -
(3) الخليل مجانس لخليله.
4 -
من اجتهد نال.
5 -
من لازم حصل.
ونجد بعض القواعد من صياغة العلماء (4)، وغالب القواعد من هذا النوع.
(1) هذه القاعدة ذكرها المقرّى في قواعده: ورقة (19 / ب).
وهي نص مَثَل ذكره الميداني في: مجمع الأمثال (2/ 198) رقم المثل (3385).
(2)
القاعدتين التاليتين ذكرهما السيوطي في: الأشباه والنظائر (151، 152).
(3)
القواعد التالية ذكرها ابن عبد الهادى الحنبلي في: مغنى ذوى الأفهام (245).
(4)
قد يعبّر العلماء عن بعض القواعد بعبارات من عندهم، مع وجود حديث يؤدي معنى القاعدة، ولم يرتض هذا المسلك بعض العلماء، ومن ذلك قول ابن السبكي:"القاعدة الخامسة: الأمور بمقاصدها. وأرشق وأحسن من هذه العبارة قول من أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) ". الأشباه والنظائر: ورقة (23 / ب).