الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَكِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ بَعْدَ إِلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الأَْرْضِ، إِلَاّ بِعُذْرٍ طَارِئٍ يَحُول دُونَ إِتْمَامِ الْعَقْدِ (1) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ قَبْل إِلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الأَْرْضِ، فَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُهَا، فَالْمُزَارَعَةُ لَا تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَا بِالْعَمَل فِي الأَْرْضِ قَبْل إِلْقَاءِ الْبَذْرِ فِيهَا - أَيْ زَرْعِهَا - وَلَوْ كَانَ الْعَمَل كَثِيرًا كَحَرْثِ الأَْرْضِ وَتَسْوِيَتِهَا وَرَيِّهَا بِالْمَاءِ.
وَجَزَمَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ: بِلُزُومِ الْمُزَارَعَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَهُوَ قَوْل ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ سَحْنُونٍ (2) .
وَمَرْجِعُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ، أَنَّ الْمُزَارَعَةَ شَرِكَةُ عَمَلٍ وَإِجَارَةٍ، فَمَنْ غَلَّبَ الشَّرِكَةَ قَال بِعَدَمِ لُزُومِهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، لأَِنَّ شَرِكَةَ الْعَمَل لَا تَلْزَمُ إِلَاّ بِالْعَمَل، وَمَنْ غَلَّبَ الإِْجَارَةَ قَال: بِلُزُومِهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ.
وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ عَمَلٌ، وَتَلْزَمُ بِالْبَذْرِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ عَمَلٌ (3) .
وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - وَهُوَ
(1) بدائع الصنائع 6 / 183 وما بعدها، وتبيين الحقائق 5 / 278، 279، وحاشية ابن عابدين 6 / 274، والفتاوى الهندية 5 / 237.
(2)
حاشية الدسوقي 2 / 372، والخرشي 6 / 63.
(3)
حاشية الدسوقي 3 / 372.
الْمَذْهَبُ - أَنَّ الْمُزَارَعَةَ مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ (1) ، لأَِنَّ الْيَهُودَ سَأَلُوا الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقِرَّهُمْ بِخَيْبَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَكُونَ لِلرَّسُول صلى الله عليه وسلم شَطْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَقَال لَهُمُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا (2) ، وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ لَازِمًا لَمَا جَازَ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ وَلَا جَعَل الْخِيَرَةَ لِنَفْسِهِ فِي مُدَّةِ إِقْرَارِهِمْ، وَلأَِنَّهُ لَمْ يُنْقَل عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدَّرَ لَهُمْ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ، وَلَوْ قَدَّرَ لَمَا تُرِكَ نَقْلُهُ، لأَِنَّ هَذَا مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ الإِْخْلَال بِنَقْلِهِ، وَعُمَرُ رضي الله عنه أَجْلَاهُمْ مِنَ الأَْرْضِ وَأَخْرَجَهُمْ مِنْ خَيْبَرَ (3) ، وَلَوْ كَانَتْ لَهُمْ مُدَّةٌ مُقَدَّرَةٌ لَمَا جَازَ إِخْرَاجُهُمْ مِنْهَا، وَلأَِنَّهَا عَقْدٌ عَلَى جُزْءٍ مِنْ نَمَاءِ الْمَال فَكَانَ جَائِزًا كَالْمُضَارَبَةِ.
وَقَال بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ الْمُزَارَعَةَ لَازِمَةٌ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، لأَِنَّ الْقَاعِدَةَ الْعَامَّةَ فِي الْعُقُودِ هِيَ اللُّزُومُ (4)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (5) .
شُرُوطُ صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ
شُرُوطُ صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ مِنْهَا مَا هُوَ خَاصٌّ بِالْمُتَعَاقِدَيْنِ، أَوْ بِالْبَذْرِ، أَوْ بِالْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ، أَوْ بِالأَْرْضِ، أَوْ بِمَا عُقِدَ عَلَيْهِ الْمُزَارَعَةُ، أَوْ بِالْمُدَّةِ.
(1) المغني 5 / 404، وكشاف القناع 3 / 537.
(2)
حديث: " نقركم على ذلك ما شئنا ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 21) ، ومسلم (3 / 1187) .
(3)
أثر إجلاء عمر رضي الله عنه لليهود عن خيبر. أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 21) ، ومسلم (3 / 1187) .
(4)
المغني 5 / 404.
(5)
سورة المائدة / 1.