الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ بِذِكْرٍ وَقُرْآنٍ وَعِلْمٍ فَوْقَ إِسْمَاعِ الْمُخَاطَبِ وَلَوْ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ، وَمَحَل كَرَاهَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يُخَلِّطْ عَلَى مُصَلٍّ وَإِلَاّ حَرُمَ، بِخِلَافِ مَسْجِدِ مَكَّةَ وَمِنَى فَيَجُوزُ رَفْعُ الصَّوْتِ فِيهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ (1) .
وَقَال الزَّرْكَشِيُّ: يُكْرَهُ اللَّغَطُ وَرَفْعُ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ (2) .
وَقَال ابْنُ مُفْلِحٍ: يُسَنُّ أَنْ يُصَانَ عَنْ لَغَطٍ وَكَثْرَةِ حَدِيثٍ لَاغٍ وَرَفْعِ صَوْتٍ بِمَكْرُوهِ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مُبَاحًا أَوْ مُسْتَحَبًّا.
وَنُقِل عَنِ الْغُنْيَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ إِلَاّ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَنُقِل عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْمُنَاظَرَةِ فِي مَسَائِل الْفِقْهِ وَالاِجْتِهَادِ فِي الْمَسَاجِدِ إِذَا كَانَ الْقَصْدُ طَلَبَ الْحَقِّ، فَإِنْ كَانَ مُغَالَبَةً وَمُنَافَرَةً دَخَل فِي حَيِّزِ الْمُلَاحَاةِ وَالْجِدَال فِيمَا لَا يَعْنِي وَلَمْ يَجُزْ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا الْمُلَاحَاةُ فِي غَيْرِ الْعُلُومِ فَلَا تَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ.
وَنُقِل عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يُكْرَهُ كَثْرَةُ الْحَدِيثِ وَاللَّغَطُ فِي الْمَسَاجِدِ (3) .
(1) حاشية الدسوقي والشرح الكبير 4 / 71.
(2)
إعلام الساجد بأحكام المساجد 326.
(3)
الآداب الشرعية 3 / 397 - 398.
التَّقَاضِي فِي الْمَسْجِدِ
19 -
أَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ التَّقَاضِيَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلِلْقَاضِي أَنْ يَجْلِسَ فِيهِ لِلْفَصْل فِي الْخُصُومَاتِ جُلُوسًا ظَاهِرًا فَإِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْصِل بَيْنَ الْخُصُومِ فِي الْمَسْجِدِ (1) ، وَكَذَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَلِئَلَاّ يَشْتَبِهَ عَلَى الْغُرَبَاءِ مَكَانُهُ فَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ خَرَجَ الْقَاضِي إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَنَظَرَ فِي خُصُومَتِهَا أَوْ أَمَرَ مَنْ يَفْصِل بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَتِ الْمُنَازَعَةُ فِي دَابَّةٍ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ لاِسْتِمَاعِ الدَّعْوَى وَالإِْشَارَةِ إِلَيْهَا فِي الشَّهَادَةِ.
وَلِلْمَالِكِيَّةِ طَرِيقَتَانِ: الأُْولَى اسْتِحْبَابُ الْجُلُوسِ فِي الرِّحَابِ وَكَرَاهَتُهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالثَّانِيَةُ اسْتِحْبَابُ جُلُوسِهِ فِي نَفْسِ الْمَسْجِدِ (2) .
وَكَرِهَ الشَّافِعِيَّةُ لِلْقَاضِي أَنْ يَجْلِسَ لِلْقَضَاءِ
(1) فصل النبي صلى الله عليه وسلم بين الخصوم في المسجد يدل عليه ما رواه البخاري (فتح الباري 1 / 551 - 552 ط. السلفية) ومسلم (3 / 1192) من حديث كعب بن مالك أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا كان له عليه في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته فخرج إليهما حتى كشف سجف حجرته فنادى: " يا كعب "، قال: لبيك يا رسول الله، قال:" ضع من دينك هذا "
(2)
الاختيار شرح المختار 2 / 85 ط. مصطفى البابي الحلبي بمصر 1936م، وفتح القدير 5 / 465 - 466 ط. المطبعة الأميرية الكبرى 1315هـ، وجواهر الإكليل 2 / 223، والمغني لابن قدامة 9 / 46.