الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضَّمَانُ فِي الْمُزَارَعَةِ
37 -
الْمُزَارِعُ أَمِينٌ عَلَى مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ مَحْصُولٍ لِصَاحِبِ الأَْرْضِ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةً أَمْ فَاسِدَةً نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ (1) .
وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهِ أَمِينًا، أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ مَحْصُولٍ لِصَاحِبِ الأَْرْضِ إِذَا هَلَكَ بِدُونِ تَعَدٍّ أَوْ تَقْصِيرٍ مِنْهُ، كَمَا فِي سَائِرِ عُقُودِ الأَْمَانَاتِ، أَمَّا إِذَا تَعَدَّى أَوْ قَصَّرَ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ.
وَإِذَا قَصَّرَ فِي سَقْيِ الأَْرْضِ حَتَّى هَلَكَ الزَّرْعُ بِهَذَا السَّبَبِ كَانَ ضَامِنًا لَهُ إِذَا كَانَتِ الْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةً لِوُجُوبِ الْعَمَل عَلَيْهِ فِيهَا، وَهِيَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُ بِالتَّقْصِيرِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ فَاسِدَةً فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ لِعَدَمِ إِيجَابِهِ عَلَيْهِ فِيهَا.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: أَكَّارٌ (2) تَرَكَ السَّقْيَ عَمْدًا حَتَّى يَبِسَ ضَمِنَ وَقْتَ مَا تَرَكَ السَّقْيَ قِيمَتَهُ نَابِتًا فِي الأَْرْضِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّرْعِ قِيمَةٌ قُوِّمَتِ الأَْرْضُ مَزْرُوعَةً وَغَيْرَ مَزْرُوعَةٍ، فَيَضْمَنُ فَضْل مَا بَيْنَهُمَا (3) .
وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّ الأَْرْضِ الْحَصَادَ فَتَغَافَل حَتَّى هَلَكَ ضَمِنَ، إِلَاّ أَنْ يُؤَخِّرَ تَأْخِيرًا مُعْتَادًا.
وَإِنْ تَرَكَ تَأْخِيرَ الزَّرْعِ حَتَّى أَكَلَهُ الدَّوَابُّ
(1) حاشية ابن عابدين 6 / 283، والمبسوط 23 / 127، والفتاوى الهندية 5 / 261.
(2)
الأكار: الحراث (المعجم الوسيط) .
(3)
حاشية ابن عابدين 5 / 283، نقلاً عن السراجية.
كَانَ ضَامِنًا لَهُ، هَذَا قَبْل الإِْدْرَاكِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ، لأَِنَّ الْحِفْظَ بَعْدَهُ لَيْسَ عَلَى الْمُزَارِعِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ (1) .
مَا يُفْسَخُ بِهِ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ
38 -
يَنْفَسِخُ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ بِالْعُذْرِ الاِضْطِرَارِيِّ، وَبِصَرِيحِ الْفَسْخِ وَدَلَالَتِهِ، وَبِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَبِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَبِاسْتِحْقَاقِ الأَْرْضِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ كَمَا يَلِي:
أَوَّلاً: الْعُذْرُ الاِضْطِرَارِيُّ الَّذِي يَحُول دُونَ مُضِيِّ الْعَقْدِ:
الْعُذْرُ الاِضْطِرَارِيُّ إِمَّا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى صَاحِبِ الأَْرْضِ، وَإِمَّا أَنْ يَعُودَ إِلَى الْمُزَارِعِ.
أ -
الْعُذْرُ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِ الأَْرْضِ:
39 -
أَمَّا الْعُذْرُ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِ الأَْرْضِ فَهُوَ الدَّيْنُ الْفَادِحُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ صَاحِبُ الأَْرْضِ قَضَاءَهُ إِلَاّ مِنْ ثَمَنِهَا، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَهَذَا، بِيعَتِ الأَْرْضُ لِسَدَادِ هَذَا الدَّيْنِ وَفُسِخَ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ إِذَا أَمْكَنَ فَسْخُهُ، بِأَنْ كَانَ قَبْل زِرَاعَةِ الأَْرْضِ، أَوْ بَعْدَهَا وَلَكِنَّ الزَّرْعَ بَلَغَ الْحَصَادَ، لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِرَبِّ الأَْرْضِ الْمُضِيِّ فِي الْعَقْدِ إِلَاّ بِضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَحَمُّلُهُ،
(1) حاشية ابن عابدين 6 / 282، 283، والفتاوى الهندية 5 / 267.