الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
، قَال الْكَاسَانِيُّ (1) : وَوَجْهُ قَوْل مُحَمَّدٍ: أَنَّ الأَْصْل فِي الإِْجَارَةِ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْل لأَِنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَمَبْنَى الْمُعَاوَضَاتِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْبَدَلَيْنِ، وَذَلِكَ فِي وُجُوبِ أَجْرِ الْمِثْل، لأَِنَّهُ الْمِثْل الْمُمْكِنُ فِي الْبَابِ إِذْ هُوَ قَدْرُ قِيمَةِ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَوْفَاةِ إِلَاّ أَنَّ فِيهِ ضَرْبَ جَهَالَةٍ وَجَهَالَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الْبَدَل تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ، فَوَجَبَ الْمُسَمَّى عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَنَافِعِ أَيْضًا، فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِفَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شَرَائِطِهِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى الْبَدَل الأَْصْلِيِّ لِلْمَنَافِعِ وَهُوَ أَجْرُ الْمِثْل وَلِهَذَا إِذَا لَمْ يُسَمَّ الْبَدَل أَصْلاً فِي الْعَقْدِ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْل بَالِغًا مَا بَلَغَ.
وَوَجْهُ قَوْل أَبِي يُوسُفَ: أَنَّ الأَْصْل مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَهُوَ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْل بَدَلاً عَنِ الْمَنَافِعِ قِيمَةً لَهَا لأَِنَّهُ هُوَ الْمِثْل بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ لَكِنْ مُقَدَّرًا بِالْمُسَمَّى، لأَِنَّهُ كَمَا يَجِبُ اعْتِبَارُ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْبَدَل فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ يَجِبُ اعْتِبَارُ التَّسْمِيَةِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ، لأَِنَّ اعْتِبَارَ تَصَرُّفِ الْعَاقِل وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ، وَأَمْكَنَ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ أَجْرِ الْمِثْل بِالْمُسَمَّى، لأَِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مَا رَضِيَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمُسَمَّى وَالآْجِرَ مَا رَضِيَ بِالنُّقْصَانِ عَنْهُ، فَكَانَ اعْتِبَارُ الْمُسَمَّى فِي تَقْدِيرِ أَجْرِ الْمِثْل بِهِ عَمَلاً بِالدَّلِيلَيْنِ وَرِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ
(1) بدائع الصنائع 6 / 183، 188.
فَكَانَ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْبَدَل سُمِّيَ فِي الْعَقْدِ لأَِنَّ الْبَدَل إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى أَصْلاً لَا حَاجَةَ إِلَى اعْتِبَارِ التَّسْمِيَةِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ أَجْرِ الْمِثْل فَهُوَ الْفَرْقُ (1) .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَفَصَّلُوا فِي الاِطِّلَاعِ عَلَى الْفَسَادِ بَعْدَ الشُّرُوعِ، قَال ابْنُ رُشْدٍ (2) فِي بَيَانِ الْمَذْهَبِ، بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَالْمَذْكُورَةُ عِنْدَ بَيَانِ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ قَال: وَقِيل: إِنَّهَا تُرَدُّ إِلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْل بِإِطْلَاقٍ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَال فِي بَعْضِهَا: تُرَدُّ إِلَى مُسَاقَاةٍ مِثْلِهَا، وَفِي بَعْضِهَا: إِلَى إِجَارَةِ الْمِثْل.
انْفِسَاخُ الْمُسَاقَاةِ
تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةِ بِ
الْمَوْتِ
، وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَالاِسْتِحْقَاقِ، وَتَصَرُّفِ الْمَالِكِ، وَالْفَسْخِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
أ - الْمَوْتُ:
44 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي فَسْخِ الْمُسَاقَاةِ بِالْمَوْتِ.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تَبْطُل الْمُسَاقَاةُ بِالْمَوْتِ لأَِنَّهَا فِي مَعْنَى الإِْجَارَةِ، فَلَوْ طَرَأَ الْمَوْتُ قَبْل
(1) بدائع الصنائع 6 / 183.
(2)
بداية المجتهد 2 / 321 - 322، والقوانين الفقهية 184، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 547 - 549، ومواهب الجليل 5 / 385 - 387.