الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَوْل الثَّالِثُ:
أَنَّهَا غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه حَيْثُ جَاءَ فِيهِ مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيُزْرِعْهَا، وَلَا يُكَارِهَا بِثُلُثٍ وَلَا رُبُعٍ وَلَا بِطَعَامٍ مُسَمًّى (2) "، وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ وَارِدًا فِي الْمُزَارَعَةِ غَيْرَ أَنَّ مَعْنَى النَّهْيِ - وَهُوَ الْكِرَاءُ بِجُزْءٍ مِنَ الْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ - وَارِدٌ فِي الْمُسَاقَاةِ أَيْضًا (3) .
كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ: نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ (4) "، وَغَرَرُ الْمُسَاقَاةِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ وَعَدَمِهَا، وَبَيْنَ قِلَّتِهَا وَكَثْرَتِهَا، فَكَانَ الْغَرَرُ أَعْظَمُ، فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الْقَوْل بِإِبْطَالِهَا أَحَقُّ (5) .
وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ بِحَدِيثِ: نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ (6) "، وَالْمَعْنَى الَّذِي نَهَى لأَِجَلِهِ عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ مَوْجُودٌ فِي الْمُسَاقَاةِ،
(1) بدائع الصنائع 6 / 185، والمبسوط 23 / 17، 18، وحاشية ابن عابدين 5 / 181.
(2)
حديث: " من كانت له أرض فليزرعها. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1181) ، والنسائي (7 / 42) واللفظ للنسائي.
(3)
بدائع الصنائع 6 / 175، والاختيار 3 / 75.
(4)
حديث: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ". أخرجه مسلم (3 / 1153) .
(5)
الحاوي للماوردي 9 / 163.
(6)
حديث: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قفيز الطحان ". أخرجه الدارقطني (3 / 47) وضعفه الذهبي في (ميزان الاعتدال)(4 / 306) وقال: (هذا منكر ورجله لا يعرف) .
لأَِنَّهَا اسْتِئْجَارُ الْعَامِل بِبَعْضِ مَا يُخْرِجُ مِنْ عَمَلِهِ (1) .
وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ فِي الْمَعْقُول: أَنَّ هَذَا اسْتِئْجَارٌ بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (2) .
صِفَّةُ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ حَيْثُ اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ
6 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمُسَاقَاةِ الصَّحِيحَةِ ابْتِدَاءً فَوْرَ انْعِقَادِهَا مِنْ حَيْثُ لُزُومُ الْعَقْدِ أَوْ جَوَازُهُ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (3) ، وَالْمَالِكِيَّةُ (4) ، وَالشَّافِعِيَّةُ (5) ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (6) إِلَى الْقَوْل بِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَإِنَّهُ لَا خِيَرَةَ لِوَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي فَسْخِهِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى لُزُومِ الْعَقْدِ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا: -
أَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي التَّنْفِيذِ.
- وَأَنَّهَا كَالإِْجَارَةِ مِنْ حَيْثُ وُرُودُ الْعَقْدِ عَلَى عَمَلٍ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ مَعَ بَقَائِهَا.
- وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ جَائِزَةً غَيْرَ لَازِمَةٍ وَفَسَخَ
(1) بدائع الصنائع 6 / 175، والاختيار 3 / 75.
(2)
بدائع الصنائع 6 / 185.
(3)
المبسوط 23 / 101، بدائع الصنائع 6 / 186.
(4)
الشرح الكبير للدردير 3 / 545، 546.
(5)
مغني المحتاج 2 / 329.
(6)
كشاف القناع 3 / 537، والمغني مع الشرح الكبير 5 / 564، 565، 569.