الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُكْمِنَا (1)، لِظَاهِرِ الآْيَةِ:{فَإِنْ جَاءُوكَ} .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَرَافُعُ الْخَصْمَيْنِ، وَبِهِ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ، وَالزُّهْرِيُّ.
غَيْرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَال فِي نِكَاحِ الْمَحَارِمِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ خَمْسِ نِسْوَةٍ وَالأُْخْتَيْنِ: يُشْتَرَطُ مَجِيئُهُمْ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُهُمَا دُونَ الآْخَرِ، لَمْ يُوجَدِ الشَّرْطُ وَهُوَ مَجِيئُهُمْ، فَلَا يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ.
وَقَال مُحَمَّدٌ: لَا يُشْتَرَطُ تَرَافُعُ الْخَصْمَيْنِ، بَل يَكْفِي لِوُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا أَنْ يَرْفَعَ أَحَدُهُمَا الدَّعْوَى إِلَى الْقَاضِي الْمُسْلِمِ، لأَِنَّهُ لَمَّا رَفَعَ أَحَدُهُمَا الدَّعْوَى، فَقَدْ رَضِيَ بِحُكْمِ الإِْسْلَامِ، فَيَلْزَمُ إِجْرَاءُ حُكْمِ الإِْسْلَامِ فِي حَقِّهِ، فَيَتَعَدَّى إِلَى الآْخَرِ كَمَا إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لَا يُشْتَرَطُ التَّرَافُعُ فِي الأَْنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ أَصْلاً، وَيُفَرِّقُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ، سَوَاءٌ تَرَافَعَا أَوْ لَمْ يَتَرَافَعَا، أَوْ رَفَعَ أَحَدُهُمَا دُونَ الآْخَرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَل اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} ، وَوَجْهُ الاِسْتِدْلَال أَنَّ الأَْمْرَ مُطْلَقٌ عَنْ شَرْطِ الْمُرَافَعَةِ (2) .
(1) المراجع السابقة.
(2)
بدائع الصنائع 2 / 311، 312، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 528، ومغني المحتاج 3 / 195.
شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْتَأْمِنِ وَعَكْسُهُ
49 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جِوَازِ شَهَادَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى غَيْرِ الْمُسْلِمِ، سَوَاءٌ الْمُسْتَأْمِنُ وَغَيْرُهُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هَرِيرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مِلَّةٍ عَلَى مِلَّةٍ إِلَاّ أُمَّتِي تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ (1)، وَلأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَثْبَتَ لِلْمُؤْمِنَيْنِ شَهَادَةً عَلَى النَّاسِ بِقَوْلِهِ عز وجل:{لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ، وَلَمَّا قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ، فَعَلَى الْكَافِرِ أَوْلَى.
كَمَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي عَدَمِ جِوَازِ شَهَادَةِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ (2) .
وَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ مُصْطَلَحُ (شَهَادَةٌ ف 20) .
شَهَادَةُ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ
50 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ شَهَادَةِ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَقَال الْجُمْهُورُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ (3) .
(1) حديث: " لا تجوز شهادة ملة على ملة إلا أمتي. . . ". أخرجه البيهقي (10 / 163) وذكر في إسناده راويًا ضعيفًا.
(2)
بدائع الصنائع 6 / 280، 281، والمبسوط 16 / 133، وحاشية الدسوقي 4 / 171.
(3)
الخرشي 7 / 176، ومغني المحتاج 4 / 427، والمغني 9 / 184، 185، كشاف القناع 6 / 417.