الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرُّجُوعُ عَنْ هِبَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْمَرِيضِ:
9 -
إِذَا رَجَعَ الْوَاهِبُ عَنْ هِبَتِهِ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ مَرِيضٌ وَقَدْ كَانَتِ الْهِبَةُ فِي الصِّحَّةِ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَالرُّجُوعُ فِيهَا صَحِيحٌ، وَلَا سَبِيل لِغُرَمَاءِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الْوَاهِبِ؛ لأَِنَّ الْوَاهِبَ يَسْتَحِقُّهُ بِحَقٍّ سَابِقٍ لَهُ عَلَى حَقِّهِمْ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ، كَانَ رَدُّ الْمَرِيضِ لَهَا حِينَ طَلَبِ الْوَاهِبِ بِمَنْزِلَةِ هِبَةٍ مُبْتَدَأَةٍ مِنَ الْمَرِيضِ، وَتَسْرِي عَلَى ذَلِكَ أَحْكَامُ هِبَةِ الْمَرِيضِ (1) .
الْكَفَالَةُ بِالْمَال فِي مَرَضِ الْمَوْتِ
إِذَا كَفَل الْمَرِيضُ غَيْرَهُ بِمَالِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَدِينٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَدِينًا.
أَوَّلاً - كَفَالَةُ الْمَرِيضِ غَيْرِ الْمَدِينِ
10 -
قَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: كَفَالَةُ الْمَرِيضِ بِمَالِهِ دَيْنًا لِشَخْصِ عَلَى آخَرَ تُعْتَبَرُ تَبَرُّعًا بِالْتِزَامِ مَالٍ لَا يَلْزَمُهُ، وَلَمْ يَأْخُذْ عَنْهُ عِوَضًا، وَهِيَ اسْتِهْلَاكٌ لِمَال الْمَرِيضِ، فَتَأْخُذُ حُكْمَ الْوَصِيَّةِ (2) .
(1) المبسوط 12 / 105، والزيلعي 5 / 102 وما بعدها، والفتاوى الهندية 4 / 401.
(2)
التاج والإكليل للمواق 5 / 97، والخرشي 6 / 22 وما بعدها، والمدونة 4 / 142، والمغني لابن قدامة 5 / 79.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُفَرَّقُ فِي حُكْمِ كَفَالَةِ الْمَرِيضِ غَيْرِ الْمَدِينِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ كُلٌّ مِنَ الْمَكْفُول لَهُ، وَهُوَ الدَّائِنُ، وَالْمَكْفُول عَنْهُ، وَهُوَ الْمَدِينُ، أَجْنَبِيًّا عَنِ الْمَرِيضِ، وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا وَارِثًا لَهُ:
أ - فَإِذَا كَفَل الْمَرِيضُ دَيْنًا لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ، وَكَانَ كُلٌّ مِنَ الْمَكْفُول لَهُ وَعَنْهُ أَجْنَبِيًّا عَنِ الْمَرِيضِ، نَفَذَتِ الْكَفَالَةُ مِنْ كُل مَال الْمَرِيضِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، وَلِلدَّائِنِ الْحَقُّ فِي أَخْذِ الدَّيْنِ الْمَضْمُونِ بِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَلَوِ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الدَّيْنُ كُل التَّرِكَةِ، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ حَقٌّ فِي مُعَارَضَتِهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ لِلْمَرِيضِ وَرَثَةٌ، فَيُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ الْمَال الْمَضْمُونُ بِهِ لَا يَتَجَاوَزُ ثُلُثَ مَالِهِ، نَفَذَ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الْوَرَثَةُ، وَإِنْ تَجَاوَزَ الثُّلُثَ تَوَقَّفَ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى إِجَازَتِهِمْ، فَإِنْ رَدُّوهُ بَطَل، وَإِنْ أَجَازُوهُ نَفَذَ، لأَِنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِحَقِّهِمْ وَقَدْ أَسْقَطُوهُ، فَيَزُول الْمَانِعُ (1) .
ب - أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَكْفُول لَهُ أَوْ عَنْهُ وَارِثًا، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ الضَّامِنِ وَارِثٌ سِوَاهُ، فَإِنَّ الْكَفَالَةَ تَنْفُذُ مِنْ كُل مَال الْمَرِيضِ، وَلَا اعْتِرَاضَ لأَِحَدٍ عَلَيْهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ غَيْرُهُ، فَلَا تَنْفُذُ هَذِهِ
(1) رد المحتار 2 / 490 ط. بولاق الثالثة 1299 هـ، وبدائع الصنائع 6 / 6، وجامع الفصولين 2 / 179، وفتاوى قاضيخان 3 / 69.