الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنْسَانٍ بِلَا إِذْنِهِ. وَلَوْ مَعَ عَدَمِ تَضَرُّرِهِ، أَوْ مَعَ عَدَمِ تَضَرُّرِ أَرْضِهِ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِمِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَاءِ مَضْرُورًا إِلَى إِجْرَائِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ. فَلَا يَجُوزُ لَهُ.
وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ مِنْ نَهْرِهِ، أَوْ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ بِئْرِهِ مُدَّةً - وَلَوْ مُعَيَّنَةً - لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ الْمَاءَ، لأَِنَّ الْمَاءَ الْعِدَّ لَا يُمْلَكُ بِمِلْكِ الأَْرْضِ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى سَهْمٍ مِنَ النَّهْرِ أَوِ الْعَيْنِ أَوِ الْبِئْرِ كَثُلُثٍ وَنَحْوِهِ مِنْ رُبُعٍ أَوْ خُمُسٍ جَازَ الصُّلْحُ، وَكَانَ ذَلِكَ بَيْعًا لِلْقَرَارِ أَيْ لِلْجُزْءِ الْمُسَمَّى مِنَ الْقَرَارِ وَالْمَاءُ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ، فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا لِكُل مِنْهُمَا فِيهِ (1) .
ب -
إِرْثُهُ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ
4 -
الْمَسِيل مِنَ الْحُقُوقِ الاِرْتِفَاقِيَّةِ، وَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى قَبُولِهِ التَّوَارُثَ لأَِنَّ الْوِرَاثَةَ خِلَافَةٌ قَهْرِيَّةٌ بِحُكْمِ الشَّارِعِ وَلَيْسَتْ مِنْ قَبِيل التَّمَلُّكِ الاِخْتِيَارِيِّ فَلَمْ تُشْتَرَطْ فِيهَا الْمَالِيَّةُ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا، لأَِنَّهَا تُشْبِهُ الْمِيرَاثَ مِنْ نَاحِيَةِ أَنَّ التَّمَلُّكَ فِيهَا إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلِذَا قَالُوا: إِنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ، فَمَا يَجُوزُ التَّوَارُثُ فِيهِ يَجُوزُ الإِْيصَاءُ بِهِ، فَمَثَلاً إِذَا أَوْصَى صَاحِبُ شِرْبٍ لآِخَرَ بِأَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ مِنْ شِرْبِهِ
(1) كشاف القناع 3 / 402 - 403.
جَازَ ذَلِكَ وَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ سَقْيُ أَرْضِهِ، وَيَنْتَهِي حَقُّهُ فِي ذَلِكَ بِوَفَاتِهِ، لأَِنَّهَا وَصِيَّةٌ بِمَنَافِعَ وَهِيَ تَنْتَهِي بِمَوْتِ الْمُنْتَفِعِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْكَاسَانِيُّ فِي الْبَدَائِعِ (1) .
اعْتِبَارُ الْقِدَمِ فِي حَقِّ الْمَسِيل
5 -
يُعْتَبَرُ الْقِدَمُ فِي حَقِّ الْمَسِيل - لَكِنِ الْقِدَمُ غَيْرُ مُنْشِئٍ لِلْحَقِّ (2) وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مَعَ تَفْصِيلٍ أَوْرَدَهُ بَعْضُ الْمَذَاهِبِ وَمَعْنَى اعْتِبَارِهِ:
أَنْ يَتْرُكَ الْمَسِيل وَمَا يُمَاثِلَهُ كَالْمِيزَابِ عَلَى وَجْهِهِ الْقَدِيمِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ الشَّيْءَ الْقَدِيمَ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ وَلَا يَتَغَيَّرُ إِلَاّ أَنْ يَقُومَ الدَّلِيل عَلَى خِلَافِهِ.
أَمَّا الْقَدِيمُ الْمُخَالِفُ لِلشَّرْعِ فَلَا اعْتِبَارَ لَهُ، يَعْنِي إِذَا كَانَ الشَّيْءُ الْمَعْمُول غَيْرَ مَشْرُوعٍ فِي الأَْصْل فَلَا اعْتِبَارَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا، وَيُزَال إِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ، لأَِنَّ الْقَاعِدَةَ الْعَامَّةَ لِبَقَاءِ حَقِّ الْمَسِيل وَمَا يُمَاثِلُهُ مِنْ حُقُوقٍ: أَلَاّ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا ضَرَرٌ، وَإِلَاّ وَجَبَ إِزَالَةُ مَنْشَأِ هَذَا الضَّرَرِ، فَمَثَلاً إِذَا كَانَ لِدَارٍ مَسِيل مَاءٍ قَذِرٍ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَلَوْ مِنَ الْقَدِيمِ وَكَانَ فِيهِ ضَرَرٌ لِلْمَارَّةِ فَإِنَّ ضَرَرَهُ يُرْفَعُ، وَلَا اعْتِبَارَ لِقِدَمِهِ، لأَِنَّ
(1) بدائع الصنائع 6 / 189 - 190، تبيين الحقائق 6 / 41 - 43، وحاشية ابن عابدين 4 / 113، وما بعدها، وحاشية الدسوقي 4 / 457، ومغني المحتاج 3 / 4 ولم ينص على حق المسيل وإنما ذكر الحقوق اللازمة.
(2)
العقد المنظم للأحكام 2 / 127، وفتاوى قاضيخان 3 / 213.