الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَالِكُ الْعَقْدَ قَبْل ظُهُورِ الثِّمَارِ فَقَدْ فَاتَ عَمَل الْعَامِل وَذَهَبَ سُدًى (1) .
وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ عَقْدٌ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ، وَهُوَ قَوْل السُّبْكِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ (2) وَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: فِي مُعَامَلَةِ أَهْل خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ، وَوَرَدَ فِيهِ: نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا (3) "، وَلَوْ كَانَتْ عَقْدًا لَازِمًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْعَل الْخِيَرَةَ إِلَيْهِ فِي مُدَّةِ إِقْرَارِهِمْ، وَلَمَا جَازَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ.
كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى جُزْءٍ مِنْ نَمَاءِ الْمَال فَكَانَتْ جَائِزَةً غَيْرَ لَازِمَةٍ كَالْمُضَارَبَةِ (4) .
وَتَفَرَّعَ عَلَى الْقَوْل بِاللُّزُومِ أَحْكَامٌ مِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الاِسْتِقْلَال بِفَسْخِ الْمُسَاقَاةِ إِلَاّ مِنْ عُذْرٍ وَلَا الاِمْتِنَاعَ مِنَ التَّنْفِيذِ إِلَاّ بِرِضَا الطَّرَفِ الآْخَرِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَالِكِ الشَّجَرِ إِخْرَاجُ الْعَامِل إِلَاّ مِنْ عُذْرٍ (5) .
وَكَذَلِكَ تَرَتَّبَ عَلَى الْقَوْل " بِعَدَمِ اللُّزُومِ "
(1) مغني المحتاج 3 / 329، وبدائع الصنائع 6 / 186، وحاشية الدسوقي 3 / 545، 546.
(2)
مغني المحتاج 3 / 330، وكشاف القناع 3 / 537.
(3)
حديث: " نقركم بها على ذلك ما شئنا. . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 252) ومسلم (3 / 1187 - 1188) واللفظ لمسلم.
(4)
كشاف القناع 3 / 537.
(5)
المبسوط 23 / 101، وبدائع الصنائع 6 / 187، ورد المحتار 5 / 181 ط. بولاق، والشرح الكبير للدردير 3 / 545 - 546.
أَحْكَامٌ مِنْهَا: أَنَّ لِكُلٍّ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخَهَا مَتَى شَاءَ وَلَوْ قَبْل الْعَمَل، وَأَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إِلَى ضَرْبِ مُدَّةٍ يَحْصُل الْكَمَال فِيهَا، وَأَنَّهَا تَبْطُل بِمَا تَبْطُل بِهِ الْوَكَالَةُ مِنَ الْمَوْتِ وَالْجُنُونِ وَالْحَجْرِ وَالْعَزْل (1) .
حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا:
7 -
الْحِكْمَةُ فِي تَشْرِيعِ الْمُسَاقَاةِ تَحْقِيقُ الْمَصْلَحَةِ وَدَفْعُ الْحَاجَةِ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَمْلِكُ الشَّجَرَ وَلَا يَهْتَدِي إِلَى طُرُقِ اسْتِثْمَارِهِ أَوْ لَا يَتَفَرَّغُ لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَهْتَدِي إِلَى الاِسْتِثْمَارِ وَيَتَفَرَّغُ لَهُ وَلَا يَمْلِكُ الشَّجَرَ، فَمَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى انْعِقَادِ هَذَا الْعَقْدِ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْعَامِل (2) .
أَرْكَانُ الْمُسَاقَاةِ
8 -
قَال الشَّافِعِيَّةُ: أَرْكَانُ الْمُسَاقَاةِ خَمْسَةٌ وَهِيَ: الأَْوَّل: الْعَاقِدَانِ، وَالثَّانِي: الصِّيغَةُ، وَالثَّالِثُ: مُتَعَلِّقُ الْعَمَل (الشَّجَرُ)، وَالرَّابِعُ: الثِّمَارُ، الْخَامِسُ: الْعَمَل، وَزَادَ ابْنُ رُشْدٍ: الْمُدَّةَ فَهِيَ سِتَّةٌ.
وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَارِدٌ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْحَنَفِيَّةِ، مَعَ مُلَاحَظَةِ أَنَّ الرُّكْنَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ الصِّيغَةُ فَقَطْ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ
(1) كشاف القناع 3 / 537، والشرح الكبير مع المغني 5 / 566.
(2)
حاشية البجيرمي مع المنهج 3 / 175، والشرح الكبير في ذيل المغني لابن قدامة 5 / 556، ودرر الحكام 3 / 504.