الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحِيطَانِ وَإِنْشَاءِ الأَْنْهَارِ وَعَمَل الدُّولَابِ وَحَفْرِ بِئْرِهِ وَشِرَاءِ مَا يُلَقَّحُ بِهِ.
وَعَبَّرَ بَعْضُ أَهْل الْعِلْمِ عَنْ هَذَا بِعَبَّارَةٍ أُخْرَى فَقَال: كُل مَا يَتَكَرَّرُ كُل عَامٍ فَهُوَ عَلَى الْعَامِل وَمَا لَا يَتَكَرَّرُ فَهُوَ عَلَى رَبِّ الْمَال، وَهَذَا صَحِيحٌ فِي الْعَمَل، فَأَمَّا شِرَاءُ مَا يُلَقِّحُ بِهِ فَهُوَ عَلَى رَبِّ الْمَال وَإِنْ تَكَرَّرَ، لأَِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنَ الْعَمَل.
وَإِنْ أَطْلَقَا الْعَقْدَ وَلَمْ يُبَيِّنَا مَا عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَعَلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَرَطَا ذَلِكَ كَانَ تَأْكِيدًا، وَإِنْ شَرَطَا عَلَى أَحَدِهِمَا شَيْئًا مِمَّا يَلْزَمُ الآْخِرَ، فَقَال الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ لأَِنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَفْسَدَهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُل عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْجُذَاذَ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْعَامِل جَازَ، لأَِنَّهُ شَرْطٌ لَا يُخِل بِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ وَلَا مَفْسَدَةَ فِيهِ فَصَحَّ كَتَأْجِيل الثَّمَنِ فِي الْمَبِيعِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَا يَلْزَمُ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْعَمَل مَعْلُومًا لِئَلَاّ يُفْضِيَ إِلَى التَّنَازُعِ وَالتَّوَاكُل فَيَخْتَل الْعَمَل، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَا عَلَى رَبِّ الْمَال أَكْثَرَ الْعَمَل، لأَِنَّ الْعَامِل يَسْتَحِقُّ بِعَمَلِهِ فَإِذَا لَمْ يَعْمَل أَكْثَرَ الْعَمَل كَانَ وُجُودُ
عَمَلِهِ كَعَدِمِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا.
فَأَمَّا الْجُذَاذُ وَالْحَصَادُ وَاللِّقَاطُ فَهُوَ عَلَى الْعَامِل، نَصَّ أَحْمَدُ عَلَيْهِ فِي الْحَصَادِ، لأَِنَّهُ مِنَ الْعَمَل فَكَانَ عَلَى الْعَامِل كَالتَّشْمِيسِ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْجُذَاذِ أَنَّهُ إِذَا شُرِطَ عَلَى الْعَامِل فَجَائِزٌ لأَِنَّ الْعَمَل عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرُطْهُ فَعَلَى رَبِّ الْمَال بِحِصَّتِهِ مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ (1) .
مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ
28 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الاِسْتِحْسَانِ عِنْدَهُمْ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ تَوْقِيتُ الْمُسَاقَاةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّوْقِيتُ، وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ وَقْتَ إِدْرَاكِ الثَّمَرِ مَعْلُومٌ وَقَلَّمَا يُتَفَاوَتُ فِيهِ فَيَدْخُل فِيهِ مَا هُوَ الْمُتَيَقَّنُ، وَلأَِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخُلَفَاءَهُ لَمْ يَضْرِبُوا مُدَّةً لأَِهْل خَيْبَرَ.
وَالْقِيَاسُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ تُذْكَرَ الْمُدَّةُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الإِْجَارَةِ.
وَاسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي تَقْدِيرِ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ فَصَحَّ تَوْقِيتُهَا وَلأَِنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ كَالْوَكَالَةِ فَلَمْ يُشْتَرَطِ التَّوْقِيتُ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ مُعْرِفَةُ الْعَمَل جُمْلَةً لَا تَفْصِيلاً بِتَقْدِيرِ الْمُدَّةِ كَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَلَا تَصِحُّ مُطْلَقَةً وَلَا مُؤَبَّدَةً لأَِنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ
(1) المغني 5 / 401 - 403.