الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: الْبُلُوغُ:
14 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَمَانُ الطِّفْل وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ إِذَا كَانَ لَا يَعْقِل الإِْسْلَامَ قِيَاسًا عَلَى الْمَجْنُونِ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ مُمَيِّزًا يَعْقِل الإِْسْلَامَ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مَحْجُورًا عَنِ الْقِتَال، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي وَجْهٍ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ؛ لأَِنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الأَْمَانِ أَنْ يَكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ، وَبِالْكُفْرِ قُوَّةٌ، وَهَذِهِ حَالَةٌ خَفِيَّةٌ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهَا إِلَاّ بِالتَّأَمُّل وَالنَّظَرِ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ مِنَ الصَّبِيِّ، وَلاِشْتِغَالِهِ بِاللَّهْوِ وَاللَّعِبِ، وَلأَِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْعُقُودَ، وَالأَْمَانُ عَقْدٌ، وَمَنْ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَعْقِدَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، فَفِي حَقِّ غَيْرِهِ أَوْلَى، وَلأَِنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَطَلَاقِهِ وَعِتَاقِهِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ آخَرَ وَمُحَمَّدٌ: يَصِحُّ، لأَِنَّ أَهْلِيَّةَ الأَْمَانِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَهْلِيَّةِ الإِْيمَانِ، وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الَّذِي يَعْقِل الإِْسْلَامَ مِنْ أَهْل الإِْيمَانِ، فَيَكُونُ مِنْ أَهْل الأَْمَانِ كَالْبَالِغِ (1) .
وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي الْقِتَال فَالأَْصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ بِالاِتِّفَاقِ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ تَصَرُّفٌ دَائِرٌ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ، فَيَمْلِكُهُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ (2) .
(1) بدائع الصنائع 7 / 106، وفتح القدير 4 / 302، والشرح الصغير 2 / 287، والمغني 8 / 397، وروضة الطالبين 10 / 279.
(2)
ابن عابدين 3 / 226، 227، بدائع الصنائع 7 / 106، وفتح القدير 4 / 302.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ خِلَافٌ، قِيل: يَجُوزُ وَيَمْضِي وَقِيل: لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَيُخَيَّرُ فِيهِ الإِْمَامُ إِنْ وَقَعَ: إِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا يَصِحُّ أَمَانُ الصَّبِيِّ وَفِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَجْهٌ كَتَدْبِيرِهِ (2) .
وَمَنْ زَال عَقْلُهُ بِنَوْمٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ إِغْمَاءٍ، فَقَدْ نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ فِي حُكْمِ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ؛ لأَِنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ الْمَصْلَحَةَ مِنْ غَيْرِهَا، وَلأَِنَّ كَلَامَهُمْ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ (3) .
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: الاِخْتِيَارُ
15 -
نَصَّ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الأَْمَانُ مِنْ مُكْرَهٍ لأَِنَّهُ قَوْلٌ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَمْ يَصِحَّ كَالإِْقْرَارِ (4) .
الشَّرْطُ الْخَامِسُ: عَدَمُ الْخَوْفِ مِنَ الْكَفَرَةِ:
16 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَمَانُ الأَْسِيرِ إِذَا عَقَدَهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ، لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْخَبَرِ، وَلأَِنَّهُ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ فَأَشْبَهَ غَيْرَ الأَْسِيرِ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَكَذَلِكَ يَصِحُّ أَمَانُ
(1) الشرح الصغير 2 / 287.
(2)
روضة الطالبين 10 / 279.
(3)
المغني 8 / 398.
(4)
الشرح الصغير 2 / 287، والقوانين الفقهية 159، وروضة الطالبين 10 / 279، وكشاف القناع 3 / 104، والمغني 8 / 398.