الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْمْرُ الأَْوَّل:
مَنْفَعَةُ الْعَامِل، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الأَْرْضِ، لأَِنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْعَامِل لِيَزْرَعَ لَهُ أَرْضَهُ بِنِسْبَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الْمَحْصُول.
الأَْمْرُ الثَّانِي:
مَنْفَعَةُ الأَْرْضِ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنَ الْعَامِل، لأَِنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلأَْرْضِ بِجُزْءٍ مِنْ نَمَائِهَا يَدْفَعُهُ لِصَاحِبِهَا.
وَإِذَا اجْتَمَعَا فِي الاِسْتِئْجَارِ فَسَدَتِ الْمُزَارَعَةُ.
أَمَّا مَنْفَعَةُ الْمَاشِيَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الآْلَاتِ اللَاّزِمَةِ لِلزِّرَاعَةِ فَإِنَّهَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ تَابِعَةً لِلْعَقْدِ، أَوْ مَقْصُودَةً بِذَاتِهَا، فَإِنْ جُعِلَتْ تَابِعَةً لَهُ جَازَتِ الْمُزَارَعَةُ، وَإِنْ جُعِلَتْ مَقْصُودَةً فَسَدَتْ.
وَوَجْهُ عَدَمِ جِوَازِ جَعْل مَنْفَعَةِ الْمَاشِيَةِ مَقْصُودَةً فِي الْعَقْدِ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ تَنْعَقِدُ إِجَارَةً ثُمَّ تَتِمُّ شَرِكَةً، وَلَا يُتَصَوَّرُ انْعِقَادُ الشَّرِكَةِ بَيْنَ مَنْفَعَةِ الْمَاشِيَةِ وَبَيْنَ مَنْفَعَةِ الْعَامِل، وَأَنَّ جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ ثَبَتَ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا سَبَقَ - لأَِنَّ الأُْجْرَةَ مَعْدُومَةٌ وَهِيَ مَعَ انْعِدَامِهَا مَجْهُولَةٌ فَيَقْتَصِرُ جَوَازُهَا عَلَى الْمَحَل الَّذِي وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ، وَذَلِكَ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الآْلَةُ تَابِعَةً، فَإِذَا جُعِلَتْ مَقْصُودَةً يَرُدُّ إِلَى الْقِيَاسِ (1) .
(1) بدائع الصنائع 6 / 179 - 180، والمبسوط 23 / 20، 108، وتبيين الحقائق 5 / 280، 281، والفتاوى الهندية 5 / 236.
سَادِسًا: مَا يَخُصُّ الْمُدَّةَ:
17 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لِعَقْدِ الْمُزَارَعَةِ
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ تَحْدِيدُ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ بِمُدَّةِ مُعَيَّنَةٍ فَإِذَا لَمْ تُحَدَّدْ لَهُ مُدَّةٌ مُعَيَّنَةٌ أَوْ كَانَتِ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً فَسَدَتِ الْمُزَارَعَةُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ اسْتِئْجَارٌ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ، وَالإِْجَارَةُ لَا تَصِحُّ مَعَ جَهَالَةِ الْمُدَّةِ، فَكَذَلِكَ الْمُزَارَعَةُ.
وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمُدَّةُ كَافِيَةً لِلزِّرَاعَةِ وَجَنْيِ الْمَحْصُول، وَتَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ بِشَرْطِ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ (1) .
وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ بِلَا بَيَانِ مُدَّةٍ وَتَقَعُ عَلَى أَوَّل زَرْعٍ وَاحِدٍ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (2) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مُدَّةٍ لِلْمُزَارَعَةِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُنْقَل عَنْهُ أَنَّهُ قَدَّرَ لأَِهْل خَيْبَرَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَلَوْ قَدَّرَ لَمْ يُتْرَكْ نَقْلُهُ، لأَِنَّ هَذَا مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ الإِْخْلَال بِنَقْلِهِ.
وَعُمَرُ رضي الله عنه أَجْلَاهُمْ مِنَ الأَْرْضِ وَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا، وَلَوْ كَانَتْ لَهُمْ مُدَّةٌ مُقَدَّرَةٌ لَمَا
(1) بدائع الصنائع 6 / 180، وتكملة البحر الرائق 8 / 181، وحاشية ابن عابدين 6 / 275، وتبيين الحقائق 5 / 279، والهداية مع تكملة فتح القدير 9 / 464، والفتاوى الهندية 5 / 236.
(2)
حاشية ابن عابدين 6 / 275، وعمدة القاري 12 / 168.