الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَكُونُ مِقْدَارُ الْبَيَاضِ مِنَ الأَْرْضِ ثُلُثَ مِقْدَارِ الْجَمِيعِ، وَيَكُونُ السَّوَادُ مِقْدَارَ الثُّلُثَيْنِ مِنَ الْجَمِيعِ، فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ أَنْ تُعْطَى بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، وَالنِّصْفِ عَلَى مَا يُعْطَى بِهِ ذَلِكَ السَّوَادُ (1) .
يَقُول ابْنُ رُشْدٍ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَال: إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ تَبَعًا لِلثَّمَرِ، وَكَانَ الثَّمَرُ أَكْثَرَ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِدُخُولِهَا فِي الْمُسَاقَاةِ، اشْتَرَطَ جُزْءًا خَارِجًا مِنْهَا أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ، وَحَدَّ ذَلِكَ الْجُزْءَ بِأَنْ يَكُونَ الثُّلُثَ فَمَا دُونَهُ، أَعْنِي أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ كِرَاءِ الأَْرْضِ الثُّلُثَ مِنَ الثَّمَرِ فَمَا دُونَهُ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِطَ رَبُّ الأَْرْضِ أَنْ يَزْرَعَ الْبَيَاضَ لِنَفْسِهِ، لأَِنَّهَا زِيَادَةٌ ازْدَادَهَا عَلَيْهِ (2) .
وَأَجَازَهَا الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْرْضِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ النَّخِيل أَوِ الْعِنَبِ إِذَا كَانَ بَيَاضُ الأَْرْضِ أَقَل، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَالأَْصَحُّ جَوَازُهَا أَيْضًا، وَقِيل: لَا تَجُوزُ، وَلَكِنَّهُمْ مَنَعُوهَا مُطْلَقًا فِي الأَْرْضِ الْبَيْضَاءِ (3) ، كَمَا قَال أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَمَالِكٌ.
حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْمُزَارَعَةِ
5 -
شُرِعَتِ الْمُزَارَعَةُ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهَا، لأَِنَّ مُلَاّكَ الأَْرْضِ قَدْ لَا يَسْتَطِيعُونَ زَرْعَهَا وَالْعَمَل
(1) بداية المجتهد 2 / 276، والمدونة الكبرى 9 / 552، والشرح الصغير هامش بلغة السالك 2 / 260.
(2)
بداية المجتهد 2 / 276.
(3)
نهاية المحتاج 5 / 245 - 247، ومغني المحتاج 2 / 323، 324، والأم 3 / 239، والمهذب للشيرازي 1 / 393، 394، وحاشية البجيرمي على شرح منهج الطلاب 3 / 162، 163، وروضة الطالبين 5 / 168.
عَلَيْهَا، كَمَا أَنَّهُمْ قَدْ يُرِيدُونَ تَأْجِيرَهَا بِجُزْءٍ مِنَ الْمَحْصُول وَلَيْسَ بِأُجْرَةٍ نَقْدِيَّةٍ، وَمِنَ الْجَانِبِ الآْخَرِ فَالْعُمَّال يَحْتَاجُونَ إِلَى الزَّرْعِ وَلَا مَال لَهُمْ يَتَمَلَّكُونَ بِهِ الأَْرْضَ وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى الزِّرَاعَةِ، فَاقْتَضَتْ حِكْمَةُ الشَّارِعِ جِوَازَ الْمُزَارَعَةِ، كَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ، بَل إِنَّ الْحَاجَةَ هَاهُنَا آكَدُ مِنْهَا فِي الْمُضَارَبَةِ، لأَِنَّ حَاجَةَ الإِْنْسَانِ إِلَى الزَّرْعِ آكَدُ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ مُقْتَاتًا، وَلِكَوْنِ الأَْرْضِ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا إِلَاّ بِالْعَمَل عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمَال (1) .
أَرْكَانُ الْمُزَارَعَةِ
6 -
أَرْكَانُ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ هِيَ أَرْكَانُ الْعَقْدِ بِصِفَّةٍ عَامَّةٍ.
وَهِيَ - عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِمَشْرُوعِيَّتِهَا مِنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ - الْعَاقِدَانِ، وَمَحَل الْعَقْدِ، وَالصِّيغَةُ، أَيِ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول الدَّالَاّنِ عَلَى التَّرَاضِي.
وَرُكْنُهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الصِّيغَةُ فَقَطْ (2) .
وَقَال الْحَصْكَفِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ أَرْكَانَ الْمُزَارَعَةِ أَرْبَعَةٌ: أَرْضٌ، وَبَذْرٌ، وَعَمَلٌ، وَبَقَرٌ. (3)
حَقِيقَةُ الْمُزَارَعَةِ
7 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءِ فِي حَقِيقَةِ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ، وَهَل هُوَ إِجَارَةٌ، أَوْ شَرِكَةٌ أَوْ يَجْمَعُ بَيْنَ
(1) المبسوط 23 / 17، والمغني 5 / 421.
(2)
بدائع الصنائع 6 / 176، وتبيين الحقائق 5 / 278، وتكملة البحر الرائق 8 / 181، والفتاوى الهندية 5 / 235.
(3)
حاشية ابن عابدين 6 / 274.