الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَقَامَ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِذَا تَوَضَّأَ الْجُنُبُ فَلَهُ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ، وَقَال أَكْثَرُ أَهْل الْعِلْمِ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (1) .
تَخَطِّي الرِّقَابِ فِي الْمَسْجِدِ
37 -
لِتَخَطِّي الرِّقَابِ فِي الْمَسْجِدِ أَحْكَامٌ تَخْتَلِفُ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمُتَخَطِّي إِنْ كَانَ إِمَامًا أَوْ غَيْرَهُ، أَوْ كَانَ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِغَيْرِهَا، وَمَعَ وُجُودِ فُرْجَةٍ أَوْ عَدَمِ وُجُودِهَا.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَخَطِّي الرِّقَابِ ف 2 وَمَا بَعْدَهَا) .
وَقْفُ الْمَسْجِدِ وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ
38 -
أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ وَالْوَقْفِ عَلَيْهِ مِمَّنْ كَانَ مِنْ أَهْل التَّبَرُّعِ، لأَِنَّهُ قُرْبَةٌ وَعَلَى جِهَةِ بِرٍّ، إِلَاّ أَنَّهُمْ وَضَعُوا قَوَاعِدَ لِزَوَال مِلْكِ وَاقِفِهِ عَنْهُ وَلُزُومِهِ.
وَفِي هَذَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزَل مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يُفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِطَرِيقِهِ، وَيَأْذَنَ لِلنَّاسِ بِالصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِذَا صَلَّى فِيهِ وَاحِدٌ زَال عَنْ مِلْكِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا، وَفِي الأُْخْرَى: لَا يَزُول إِلَاّ بِصَلَاةِ جَمَاعَةٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَزُول مِلْكُهُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: جَعَلْتُهُ مَسْجِدًا، لأَِنَّ التَّسْلِيمَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، كَمَا يَصِحُّ الْوَقْفُ
(1) المغني لابن قدامة 1 / 146.
عَلَيْهِ وَالْمَسْجِدُ جُعِل لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخُلُوصِ مُحَرَّرًا عَنْ أَنْ يَمْلِكَ الْعِبَادُ فِيهِ شَيْئًا غَيْرَ الْعِبَادَةِ فِيهِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ (1) .
وَمَتَى زَال مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَزِمَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ وَلَا يَبِيعَهُ وَلَا يُورَثَ عَنْهُ، لأَِنَّهُ تَجَرَّدَ عَنْ حَقِّ الْعِبَادِ وَصَارَ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا لأَِنَّ الأَْشْيَاءَ كُلَّهَا لِلَّهِ وَإِذَا أَسْقَطَ الْعَبْدُ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنَ الْحَقِّ رَجَعَ إِلَى أَصْلِهِ فَانْقَطَعَ تَصَرُّفُهُ عَنْهُ كَمَا فِي الإِْعْتَاقِ (2) .
وَيَقُول الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا، وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ صَحَّ وَقْفُهُ وَلَزِمَ، فَإِذَا لَمْ يُخَل الْوَاقِفُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ بَطَل وَقْفُهُ، كَمَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ (3) .
وَيَقُول الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهِ، أَوْ أَذِنَ لِلنَّاسِ بِالصَّلَاةِ، وَقَال: وَقَفْتُهُ مَسْجِدًا لِلصَّلَاةِ فِيهِ صَحَّ وَقْفُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُل ذَلِكَ لَمْ يَصِرْ مَسْجِدًا، لأَِنَّهُ إِزَالَةُ مِلْكٍ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ مَعَ الْقُدْرَةِ كَالْعِتْقِ.
فَإِذَا صَحَّ لَزِمَ وَانْقَطَعَ تَصَرُّفُ الْوَاقِفِ فِيهِ،
(1) فتح القدير 5 / 64.
(2)
فتح القدير 5 / 64.
(3)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 4 / 81، وجواهر الإكليل 2 / 206.