الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آمِنُونَ، أَوْ أَعْطَيْتُكُمُ الأَْمَانَ، وَمَا يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى.
وَزَادَ الْحَصْكَفِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: وَإِنْ كَانَ الْكُفَّارُ لَا يَعْرِفُونَهُ، بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمُسْلِمِينَ كَوْنَ ذَلِكَ اللَّفْظِ أَمَانًا بِشَرْطِ سَمَاعِ الْكُفَّارِ ذَلِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا أَمَانَ لَوْ كَانَ بِالْبُعْدِ مِنْهُمْ. كَمَا ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الأَْمَانُ بِأَيِّ لُغَةٍ كَانَ، بِالصَّرِيحِ مِنَ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ: أَجَرْتُكَ، أَوْ آمَنْتُكَ، أَوْ أَنْتَ آمِنٌ وَبِالْكِنَايَةِ: كَقَوْلِهِ: أَنْتَ عَلَى مَا تُحِبُّ، أَوْ كُنْ كَيْفَ شِئْتَ وَنَحْوَهُ.
وَزَادَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَالرَّمْلِيِّ وَالشِّرْبِينِيِّ الْخَطِيبِ اشْتِرَاطَ النِّيَّةِ فِي الْكِنَايَةِ.
وَيَجُوزُ الأَْمَانُ بِالْكِتَابَةِ لأَِثَرٍ فِيهِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنَ النِّيَّةِ لأَِنَّهَا كِنَايَةٌ.
كَمَا يَجُوزُ بِالرِّسَالَةِ: لأَِنَّهَا أَقْوَى مِنَ الْكِتَابَةِ، قَال الشِّرْبِينِيُّ: سَوَاءٌ كَانَ الرَّسُول مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا؛ لأَِنَّ بِنَاءَ الْبَابِ عَلَى التَّوْسِعَةِ فِي حَقْنِ الدَّمِ، وَكَذَلِكَ بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ: لِقَوْل عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى السَّمَاءِ إِلَى مُشْرِكٍ، فَنَزَل بِأَمَانِهِ فَقَتَلَهُ، لَقَتَلْتُهُ بِهِ، وَلأَِنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى الإِْشَارَةِ؛ لأَِنَّ الْغَالِبَ فِيهِمْ عَدُمُ فَهْمِ كَلَامِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا الْعَكْسُ.
فَلَوْ أَشَارَ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ فَظَنَّ أَنَّهُ أَمَّنَهُ، فَأَنْكَرَ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ أَمَّنَهُ بِهَا، فَالْقَوْل قَوْلُهُ؛ لأَِنَّهُ أَعْلَمُ
بِمُرَادِهِ، وَلَكِنْ لَا يُغْتَال بَل يَلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُشِيرُ قَبْل أَنْ يُبَيِّنَ الْحَال فَلَا أَمَانَ، وَلَا اغْتِيَال فَيَبْلُغُ الْمَأْمَنَ (1) .
وَيَصِحُّ إِيجَابُ الأَْمَانِ مُنَجَّزًا كَقَوْلِهِ: أَنْتَ آمِنٌ، وَمُعَلَّقًا بِشَرْطٍ، كَقَوْلِهِ: مَنْ فَعَل كَذَا فَهُوَ آمِنٌ (2)، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: مَنْ دَخَل دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ (3) .
وَأَمَّا الْقَبُول فَلَا يُشْتَرَطُ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فَقَال: إِنَّ الإِْمَامَ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَعْتَبِرِ الْقَبُول وَقَال: وَهُوَ مَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ لأَِنَّ بِنَاءَ الْبَابِ عَلَى التَّوْسِعَةِ، فَيَكْفِي السُّكُوتُ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ مَعَ السُّكُوتِ مَا يُشْعِرُ بِالْقَبُول، وَهُوَ الْكَفُّ عَنِ الْقِتَال كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَتَكْفِي إِشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ لِلْقَبُول وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ.
قَال الشِّرْبِينِيُّ: إِنَّ مَحَل الْخِلَافِ فِي اعْتِبَارِ الْقَبُول: إِذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ اسْتِيجَابٌ، فَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ لَمْ يُحْتَجْ لِلْقَبُول جَزْمًا (4) .
و
شَرْطُ إِعْطَاءِ الأَْمَانِ لِلْمُسْتَأْمِنِ
11 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ شَرْطَ الأَْمَانِ
(1) بدائع الصنائع 7 / 106، وابن عابدين 3 / 277، والقوانين الفقهية 159، وجواهر الإكليل 1 / 258، وروضة الطالبين 10 / 279، الوجيز 2 / 194، ومغني المحتاج 4 / 237، والقليوبي 4 / 226، وروض الطالب 4 / 203، والمغني 8 / 398 - 400، وكشاف القناع 3 / 105.
(2)
كشاف القناع 3 / 104، والمراجع السابقة.
(3)
حديث: " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ". أخرجه مسلم (3 / 1406) من حديث أبي هريرة.
(4)
مغني المحتاج 4 / 237.