الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ كَانَ بِسَمْسَرَةٍ أَيْ بِمُنَادَاةٍ عَلَى السِّلْعَةٍ بِأَنْ جَلَسَ صَاحِبُ السِّلْعَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَتَاهُ الْمُشْتَرِي يُقَلِّبُهَا وَيَنْظُرُ فِيهَا وَيُعْطِي فِيهَا مَا يُرِيدُ مِنْ ثَمَنٍ حَرُمَ لِجَعْل الْمَسْجِدِ سُوقًا، ثُمَّ إِنَّ مَحَل الْكَرَاهَةِ إِذَا جَعَل الْمَسْجِدَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِأَنْ أَظْهَرَ السِّلْعَةَ فِيهِ مُعْرِضًا لَهَا لِلْبَيْعِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ عَقْدِهِمَا فَلَا يُكْرَهُ (1) .
وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْقَوْل بِكَرَاهَةِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِيهِ (2)، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ (3) .
نِشْدَانُ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ
31 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ إِلَى كَرَاهَةِ نِشْدَانِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ (4) فَعَنْ عَمْرِو بْنِ
(1) جواهر الإكليل 2 / 203، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 4 / 71.
(2)
إعلام الساجد بأحكام المساجد للزركشي 324.
(3)
حديث: " إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد. . . ". تقدم تخريجه آنفاً.
(4)
فتح القدير 2 / 112، والشرح الكبير 4 / 71، وجواهر الإكليل 2 / 203، وإعلام الساجد بأحكام المساجد للزركشي 324، والآداب الشرعية لابن مفلح 3 / 399 - 400.
شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ يُنْشَدَ فِيهِ ضَالَّةٌ أَوْ يُنْشَدَ فِيهِ شِعْرٌ (1) .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ فِيهِ ضَالَّةً فَقُولُوا: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ (2)، وَعَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ سَمِعَ رَجُلاً يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُل: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا (3) .
صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ
31 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ سُنَّةٌ فِي الْمُصَلَّى - وَالْمُرَادُ الْفَضَاءُ وَالصَّحْرَاءُ - وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّهَا مَنْدُوبَةٌ، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَْضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى (4) ، وَكَذَا الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ وَكَرِهُوا صَلَاتَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ
(1) حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشراء. . . ". تقدم تخريجه ف (30) .
(2)
حديث: " إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد. . . ". تقدم تخريجه ف (30) .
(3)
حديث: " من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد. . . ". أخرجه مسلم (1 / 397) .
(4)
حديث: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 449) ، ومسلم (2 / 605) .
ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ إِلَى الصَّلَاةِ فِيهِ، وَذَلِكَ كَقِيَامِ عُذْرٍ يَمْنَعُ الْخُرُوجَ إِلَى الْمُصَلَّى مِنْ مَطَرٍ أَوْ وَحْلٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ لُصُوصٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الأَْعْذَارِ وَمَثِيلَاتِهَا فَإِنَّهَا تُصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِلَا كَرَاهَةٍ لِوُجُودِ الضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ لِذَلِكَ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: أَصَابَنَا مَطَرٌ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَصَلَّى بِنَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ (1) ، وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما صَلَّيَا فِي الْمَسْجِدِ فِي الْمَطَرِ، وَأَمَّا بِمَكَّةَ فَتُنْدَبُ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِمُشَاهَدَةِ الْكَعْبَةِ (2)، وَهِيَ عِبَادَةٌ لِخَبَرِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنَزِّل كُل يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ رَحْمَةٍ، يَنْزِل عَلَى هَذَا الْبَيْتِ سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ (3) .
(1) حديث: " أصابنا مطر في يوم عيد. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 416) وقال ابن حجر في " التلخيص الحبير "(2 / 83) : " وإسناده ضعيف ".
(2)
حاشية ابن عابدين 1 / 557، وفتح القدير 1 / 423، والاختيار شرح المختار 1 / 84 - 85، ومراقي الفلاح شرح نور الإيضاح 164 ط. محمد علي صبيح، وجواهر الإكليل 1 / 103، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 1 / 399، وأسهل المدارك شرح إرشاد السالك للكشناوي 1 / 336 - 337، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 125، والقليوبي وعميرة على منهاج الطالبين 1 / 306 - 307، ومنار السبيل في شرح الدليل 1 / 149، ومغني المحتاج 1 / 312، والمغني لابن قدامة 2 / 372 - 373.
(3)
حديث: " إن الله تعالى ينزل في كل يوم وليلة عشرين ومائة رحمة. . . ". أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير 11 / 195)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3 / 292) :" وفيه يوسف بن سفر وهو متروك ".
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ الْمَسْجِدَ إِنْ كَانَ وَاسِعًا فَهُوَ أَفْضَل مِنَ الْمُصَلَّى لأَِنَّ الأَْئِمَّةَ لَمْ يَزَالُوا يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْعِيدِ بِمَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ، وَلأَِنَّ الْمَسْجِدَ أَشْرَفُ وَأَنْظَفُ، وَإِنْ صَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ فَلَا بَأْسَ، لأَِنَّهُ إِذَا تَرَكَ الْمَسْجِدَ وَصَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ ضَرَرٌ، وَقِيل: فِعْلُهَا فِي الصَّحْرَاءِ أَفْضَل، لأَِنَّهَا أَرْفَقُ بِالرَّاكِبِ وَغَيْرِهِ، إِلَاّ لِعُذْرٍ كَمَطَرٍ وَنَحْوِهِ فَالْمَسْجِدُ أَفْضَل، وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ ضَيِّقًا فَصَلَّى فِيهِ وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى الْمُصَلَّى كُرِهَ ذَلِكَ لِتَأَذِّي النَّاسِ بِالزِّحَامِ، وَرُبَّمَا فَاتَ بَعْضَهُمُ الصَّلَاةُ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: وَالْحِكْمَةُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فِي الْمُصَلَّى هِيَ مِنْ أَجْل الْمُبَاعَدَةِ بَيْنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ، لأَِنَّ الْمَسَاجِدَ وَإِنْ كَبُرَتْ يَقَعُ الاِزْدِحَامُ فِيهَا وَفِي أَبْوَابِهَا بَيْنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ دُخُولاً وَخُرُوجًا، فَتُتَوَقَّعُ الْفِتْنَةُ فِي مَحَل الْعِبَادَةِ (2) .
33 -
وَهَل لِلْمُصَلَّى حُكْمُ الْمَسْجِدِ: سُئِل الْغَزَالِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فِي فَتَاوِيهِ عَنِ الْمُصَلَّى الَّذِي بُنِيَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ خَارِجَ الْبَلَدِ فَقَال: لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي الاِعْتِكَافِ وَمُكْثِ الْجُنُبِ وَغَيْرِهِ مِنَ الأَْحْكَامِ، لأَِنَّ الْمَسْجِدَ هُوَ
(1) المهذب 1 / 125، والقليوبي وعميرة على منهاج الطالبين 1 / 306 - 307.
(2)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 1 / 399.