الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبُسْتَانِ لأَِحَدِهِمَا، أَوِ اشْتِرَاطُ جُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ غَيْرِ الثَّمَرِ يُفْسِدُهَا لأَِنَّهُ مِنْ مَوْرِدِ النَّهْيِ الثَّابِتِ فِي السُّنَّةِ كَمَا فِي حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه.
وَلأَِنَّهُ قَدْ لَا يُثْمِرُ الشَّجَرُ إِلَاّ الْقَدْرَ الْمُسَمَّى، وَلأَِنَّ الْمُسَاقَاةَ شَرِكَةٌ فِي الثَّمَرَةِ فَقَطْ، وَلِذَا لَمْ يَخْتَلِفْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ بِمِثْل هَذَا الشَّرْطِ (1) .
غَيْرَ أَنَّ ابْنَ سِرَاجٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ اسْتَثْنَى حَالَةَ الضَّرُورَةِ: كَأَنْ لَا يَجِدَ رَبُّ الْحَائِطِ عَامِلاً إِلَاّ مَعَ دَفْعِهِ لَهُ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى الْجُزْءِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ فَيَجُوزُ (2) .
36 -
ثَانِيًا:
اشْتِرَاطُ مُشَارَكَةِ الْمَالِكِ لِلْعَامِل فِي عَمَلِهِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ إِذْ لَا بُدَّ مِنَ التَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْعَامِل وَالشَّجَرِ - كَمَا تَقَدَّمَ - وَهِيَ تَفُوتُ بِذَلِكَ، كَمَا أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ، وَهُوَ أَنَّ الْعَمَل فِيهَا عَلَى الْعَامِل كَمَا هُوَ فِي الْمُضَارَبَةِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْكَاسَانِيُّ (3) فِي الْمُزَارَعَةِ، وَالْمُسَاقَاةُ مِثْلُهَا وَكَذَا النَّوَوِيُّ (4) .
(1) بدائع الصنائع 6 / 186، والقوانين الفقهية 184، والشرح الكبير 2 / 540، 541، 548، وشرح المحلي على المنهاج وحاشية القليوبي ص 67، والمغني لابن قدامة 5 / 412، 413، والحاوي 9 / 177 ط. دار الفكر. وحديث رافع سبق تخريجه ف (5) .
(2)
حاشية الدسوقي 3 / 548.
(3)
بدائع الصنائع 6 / 168.
(4)
روضة الطالبين 5 / 155.
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِاشْتِرَاطِ إِخْرَاجِ مَا كَانَ مِنَ الرَّقِيقِ أَوِ الدَّوَابِّ فِي الْبُسْتَانِ الْكَبِيرِ إِذْ لِلْعَامِل انْتِفَاعُهُ بِالْمَوْجُودِ مِنْهَا فِيهِ، وَإِنَّ الْمُفْسِدَ أَيْضًا: اشْتِرَاطُ تَجْدِيدِ مَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا مِنْهَا وَقْتَ الْعَقْدِ، عَلَى الْمَالِكِ أَوِ الْعَامِل (1) .
بَل اسْتَثْنَى فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ - كَمَا سَبَقَ - جَوَازُ اشْتِرَاطِ الْعَامِل مُعَاوَنَةَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَالِكُ مَنْفَعَتَهُ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا بِالرُّؤْيَةِ أَوِ الْوَصْفِ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ الْمُفْسِدَ اشْتِرَاطُ أَكْثَرِ الْعَمَل عَلَى الْمَالِكِ (2) .
37 -
ثَالِثًا:
أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِل عَمَلاً يَبْقَى أَثَرُهُ وَمَنْفَعَتُهُ بَعْدَ أَنْ يُونِعَ الثَّمَرُ، وَتَنْتَهِيَ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ، كَنَصْبِ الْعَرَائِشِ، وَغَرْسِ الأَْشْجَارِ، وَبِنَاءِ الْجُدْرَانِ، وَتَشْيِيدِ الْبُيُوتِ لِحِفْظِ الثِّمَارِ، وَتَسْوِيرِ الْحَدَائِقِ، وَاسْتِحْدَاثِ حَفْرِيَّاتٍ مَائِيَّةٍ، فَهَذَا مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.
وَعَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِقَوْلِهِمْ: لأَِنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ (3)، كَمَا عَلَّلَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِقَوْلِهِمْ: لأَِنَّهُ اسْتِئْجَارٌ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ، وَأَنَّهُ اشْتِرَاطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ، وَلأَِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْعَمَل فِي الشَّجَرِ فِي شَيْءٍ (4)، وَقَالُوا: لأَِنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ.
(1) الشرح الكبير مع الدسوقي 3 / 540.
(2)
المغني 5 / 566 - 567.
(3)
المبسوط 23 / 80 - 81.
(4)
مغني المحتاج 2 / 327.