الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسِيلٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
السَّيْل لُغَةً: مَعْرُوفٌ، جَمْعُهُ سُيُولٌ وَهُوَ مَصْدَرٌ فِي الأَْصْل، مِنْ سَال الْمَاءُ يَسِيل سَيْلاً مِنْ بَابِ بَاعَ، وَسَيَلَانًا إِذَا طَغَى وَجَرَى، ثُمَّ غَلَبَ الْمَسِيل فِي الْمُجْتَمِعِ مِنَ الْمَطَرِ الْجَارِي فِي الأَْوْدِيَةِ، وَالْمَسِيل مَجْرَى السَّيْل، وَالْجَمْعُ مَسَايِل وَمُسُلٌ بِضَمَّتَيْنِ. وَرُبَّمَا قِيل مُسْلَانٌ مِثْل رَغِيفٍ وَرُغْفَانٍ (1) .
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
وَمِنْ صُوَرِ الْمَسِيل عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: أَنْ تَكُونَ لِشَخْصٍ دَارٌ لَهَا حَقُّ تَسْيِيل الْمَاءِ عَلَى أَسْطِحَةِ دَارٍ أُخْرَى، أَوْ عَلَى أَرْضِ دَارٍ أُخْرَى (3) .
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسِيل مِنْ أَحْكَامٍ:
يَتَعَلَّقُ بِالْمَسِيل أَحْكَامٌ مِنْهَا:
مَسِيل الْمَاءِ مِنْ حُقُوقِ الاِرْتِفَاقِ
2 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَرَافِقَ وَحُقُوقَ الْعَقَارِ
(1) المصباح المنير.
(2)
القليوبي 2 / 317، ومجلة الأحكام العدلية المادة 144.
(3)
الفتاوى الهندية 5 / 394، وحاشية ابن عابدين 4 / 118.
مِنْ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ، تَابِعَةٌ لَهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا وَأَنَّهَا حُقُوقٌ مُقَرَّرَةٌ عَلَى مَحَالِّهَا وَمِنْهَا الْمَسِيل وَمَا يُمَاثِلُهُ وَلَهُ أَحْكَامٌ تَخُصُّهُ يَأْتِي بَيَانُهَا.
أ -
التَّصَرُّفُ فِي الْمَسِيل:
3 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَسِيل بِالْبَيْعِ أَوِ الْهِبَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَسِيل وَهِبَتُهُ لِجَهَالَتِهِ، إِذْ لَا يَدْرِي قَدْرَ مَا يَشْغَلُهُ مِنَ الْمَاءِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْفَتْحِ: هَذَا إِذَا لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الْمَسِيل، أَمَّا لَوْ بَيَّنَ حَدَّ مَا يَسِيل فِيهِ الْمَاءُ، أَوْ بَاعَ أَرْضَ الْمَسِيل مِنْ نَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ حَقِّ التَّسْيِيل فَهُوَ جَائِزٌ بَعْدَ أَنْ يُبَيِّنَ حُدُودَهُ (1) .
وَأَمَّا بَيْعُ حَقِّ التَّسْيِيل وَهِبَتُهُ دُونَ رَقَبَةِ الْمَسِيل فَلَا يَصِحُّ بِاتِّفَاقِ الْمَشَائِخِ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الأَْرْضِ، أَوْ عَلَى السَّطْحِ، لأَِنَّهُ نَظِيرُ حَقِّ التَّعَلِّي، وَبَيْعُ حَقِّ التَّعَلِّي لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ حَقًّا مُتَعَلِّقًا بِمَا هُوَ مَالٌ بَل بِالْهَوَاءِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الأَْرْضِ، وَهُوَ أَنْ يَسِيل الْمَاءُ عَنْ أَرْضِهِ كَيْلَا يُفْسِدَهُ فَيُمِرَّهُ عَلَى أَرْضٍ لِغَيْرِهِ، فَهُوَ مَجْهُولٌ لِجَهَالَةِ مَحَلِّهِ الَّذِي يَأْخُذُهُ (2) .
وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ مَسِيل مَاءٍ فِي دَارِ رَجُلٍ
(1) حاشية ابن عابدين 4 / 118.
(2)
حاشية ابن عابدين 4 / 118 - 119، والفتاوى الخانية على هامش الهندية 3 / 105.
فَلَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ مَسِيل مَاءِ الْمَطَرِ أَوْ مَاءِ الْوُضُوءِ، وَكَذَا يَنْبَغِي بَيَانُ مَوْضِعِ مَسِيل الْمَاءِ أَنَّهُ فِي مُقَدَّمِ الْبَيْتِ أَوْ فِي مُؤَخَّرِهِ (1) .
وَإِذَا اشْتَرَى بَيْتًا فِي دَارٍ لَا يَدْخُل مَسِيل الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، وَلَوْ ذُكِرَ بِحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ يَدْخُل وَهُوَ الأَْصَحُّ، وَمَنِ اشْتَرَى مَنْزِلاً فِي دَارٍ أَوْ مَسْكَنًا فِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمَسِيل فِي هَذِهِ الدَّارِ إِلَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي، إِلَاّ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِكُل حَقٍّ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُل قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ.
وَلَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ مَسِيلٌ لِدَارٍ لَهُ أُخْرَى بِجَنْبِهَا وَقَال بِكُل حَقٍّ فَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ، وَلَوْ بَاعَ رَجُلٌ دَارًا وَلآِخَرَ فِيهَا مَسِيل مَاءٍ، فَرَضِيَ صَاحِبُ الْمَسِيل بِبَيْعِ الدَّارِ، قَالُوا: إِنْ كَانَ لَهُ رَقَبَةُ الْمَسِيل كَانَ لَهُ حِصَّةٌ مِنَ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ جَرْيِ الْمَاءِ فَقَطْ فَلَا قِسْطَ لَهُ مِنَ الثَّمَنِ وَبَطَل حَقُّهُ إِذَا رَضِيَ بِالْبَيْعِ (2) .
وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ دَارًا فَادَّعَى رَجُلٌ فِيهَا مَسِيل مَاءٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَهُوَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ، فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَمْسَكَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا، فَإِنْ كَانَ قَدْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ بِنَاءَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ (3) .
(1) الفتاوى الهندية 4 / 211.
(2)
الفتاوى الهندية 3 / 30.
(3)
الفتاوى الهندية 3 / 80.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ كَانَ الْمَاءُ يَسِيل وَيَنْبُعُ فِي مِلْكٍ فَهُوَ لِصَاحِبِ الأَْرْضِ الَّتِي يَنْبُعُ فِيهَا يُرْسِلُهُ مَتَى شَاءَ وَيَحْبِسُهُ مَتَى شَاءَ، فَإِنِ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ عَلَى إِجْرَاءِ مَاءٍ فِي سَانِيَةٍ إِلَى أَرْضِهِمْ لَمْ يُقَدَّمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى الآْخَرِ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَى يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ بِالْقُلَل أَوِ الْخَشَبِ أَوْ كَيْفَمَا اتَّفَقُوا عَلَى سَبِيل اشْتَرَاكِهِمْ أَوَّل إِجْرَائِهِمْ لَهُ (1) .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنِ اشْتَرَيْتَ شِرْبَ يَوْمٍ مِنْ كُل شَهْرٍ بِغَيْرِ أَرْضٍ مِنْ قَنَاةٍ أَوْ مِنْ بِئْرٍ أَوْ مِنْ عَيْنٍ أَوْ مِنْ نَهْرٍ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْل مَالِكٍ؟ قَال: قَال مَالِكٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ، قَال: وَهَذَا الَّذِي قَال مَالِكٌ لَا شُفْعَةَ فِيهِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ أَرْضٌ. قَال: وَقَال مَالِكٌ: إِذَا قُسِمَتِ الأَْرْضُ وَتُرِكَ الْمَاءُ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ الَّذِي صَارَ لَهُ مِنْ أَرْضِهِ بِغَيْرِ مَاءٍ، ثُمَّ بَاعَ نَصِيبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنَّ مَالِكًا قَال لِي: هَذَا الْمَاءُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَالأَْرْضُ أَيْضًا لَا شُفْعَةَ فِيهَا، وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِي الْمَاءِ إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ بَيْنَ النَّفَرِ لَمْ يَقْتَسِمُوهَا فَبَاعَ أَحَدُهُمْ مَاءَهُ بِغَيْرِ أَرْضِهِ، فَقَال مَالِكٌ: فَفِي هَذَا الشُّفْعَةُ إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ لَمْ تُقْسَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ بَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ بَاعَ آخَرُ بَعْدَهُ حِصَّتَهُ مِنَ الْمَاءِ أَيَضْرِبُ الْبَائِعُ الأَْوَّل مَعَهُمْ فِي الْمَاءِ بِحِصَّتِهِ
(1) العقد المنظم 2 / 131 - 132.
مِنَ الأَْرْضِ؟ قَال: لَا وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنَ الأَْرْضِ وَتَرَكَ حِصَّتَهُ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ بَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْضُ شُرَكَائِهِ حِصَّتَهُ مِنَ الأَْرْضِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا شُفْعَةٌ لِمَكَانِ مَا بَقِيَ لَهُ فِي الْمَاءِ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا اقْتَسَمُوا أَرْضًا وَكَانَ بَيْنَهُمْ مَاءٌ يَسْقُونَ بِهِ وَكَانَ لَهُمْ شُرَكَاءُ فِي ذَلِكَ الْمَاءِ، فَبَاعَ أَحَدٌ مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمُ الْمَاءُ حِصَّتَهُ مِنَ الْمَاءِ أَيَضْرِبُ مَعَ شُرَكَائِهِ فِي الشُّفْعَةِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الأَْرْضِ؟ قَال: لَا (1)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى إِجْرَاءِ الْمَاءِ أَوِ الصُّلْحِ عَلَى إِخْرَاجِ مِيزَابٍ (2) ، وَعَلَى إِلْقَاءِ الثَّلْجِ فِي مِلْكِهِ - أَيِ الْمُصَالَحِ مَعَهُ - عَلَى مَالٍ، لأَِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ، لَكِنْ مَحَلُّهُ فِي الْمَاءِ الْمَجْلُوبِ مِنْ نَهْرٍ وَنَحْوِهِ إِلَى أَرْضِهِ، وَالْحَاصِل إِلَى سَطْحِهِ مِنَ الْمَطَرِ.
وَأَمَّا مَسِيل غُسَالَةِ الثِّيَابِ وَالأَْوَانِي فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى إِجْرَائِهَا عَلَى مَالٍ، لأَِنَّهُ مَجْهُولٌ لَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ (3) ، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَال: إِنَّ الْحَاجَةَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ حَاجَةِ الْبِنَاءِ (4) ، فَلَا مَانِعَ مِنْهُ إِذَا بَيَّنَ قَدْرَ الْجَارِي إِذَا كَانَ عَلَى السَّطْحِ، وَبَيَّنَ مَوْضِعَ الْجَرَيَانِ إِذَا كَانَ عَلَى
(1) المدونة 6 / 192.
(2)
حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج 4 / 402.
(3)
نهاية المحتاج 4 / 402.
(4)
مغني المحتاج 2 / 191.
الأَْرْضِ وَالْحَاجَةُ إِلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنَ الْحَاجَةِ إِلَى الْبِنَاءِ فَلَيْسَ كُل النَّاسِ يَبْنِي، وَغَسْل الثِّيَابِ وَالأَْوَانِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِكُل النَّاسِ أَوِ الْغَالِبِ وَهُوَ بِلَا شَكٍّ يَزِيدُ عَلَى حَاجَةِ الْبِنَاءِ، فَمَنْ بَنَى حَمَّامًا وَبِجَانِبِهِ أَرْضٌ لِغَيْرِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ حَقَّ مَمَرِّ الْمَاءِ فَلَا تَوَقُّفَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ، بَل الْحَاجَةُ إِلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ حَاجَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الأَْرْضِ.
قَال الرَّمْلِيُّ: وَلَعَل مُرَادَ الْمُتَوَلِّي مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ عَلَى السَّطْحِ وَلَمْ يَحْصُل الْبَيَانُ فِي قَدْرِ مَا يَصُبُّ (1)، وَقَال الإِْسْنَوِيُّ: وَشَرْطُ الْمُصَالَحَةِ عَلَى إِجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ عَلَى سَطْحِ غَيْرِهِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَصْرِفٌ إِلَى الطَّرِيقِ إِلَاّ بِمُرُورِهِ عَلَى سَطْحِ جَارِهِ (2) .
وَمَحَل الْجَوَازِ فِي الثَّلْجِ إِذَا كَانَ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ لَا فِي سَطْحِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ، وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ السَّطْحِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ أَوْ مِنْهُ الْمَاءُ، سَوَاءٌ كَانَ بِبَيْعٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ إِعَارَةٍ، لأَِنَّ الْمَطَرَ يَقِل بِصِغَرِهِ وَيَكْثُرُ بِكِبَرِهِ، وَمَعْرِفَةُ قَدْرِ السَّطْحِ الَّذِي يَجْرِي إِلَيْهِ وَقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَحَمَّل قَلِيل الْمَاءِ دُونَ كَثِيرِهِ، وَلَا يَضُرُّ الْجَهْل بِقَدْرِ مَاءِ الْمَطَرِ، لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ لأَِنَّهُ عَقْدٌ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ.
(1) نهاية المحتاج 4 / 402.
(2)
مغني المحتاج 2 / 191، ونهاية المحتاج 4 / 402.
ثُمَّ إِنْ عُقِدَ عَلَى الأَْوَّل بِصِيغَةِ الإِْجَارَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَوْضِعِ الإِْجْرَاءِ وَبَيَانِ طُولِهِ وَعَرْضِهِ وَعُمْقِهِ وَقَدْرِ الْمُدَّةِ إِنْ كَانَتِ الإِْجَارَةُ مُقَدَّرَةً بِهَا، وَإِلَاّ فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ مَحْفُورًا وَإِلَاّ فَلَا يَصِحُّ لأَِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَمْلِكُ الْحَفْرَ (1) .
وَأَمَّا بَيْعُ مَسِيل الْمَاءِ فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَإِنْ عَقَدَ بِصِيغَةِ الْبَيْعِ بِأَنْ قَال: بِعْتُكَ مَسِيل الْمَاءِ وَجَبَ بَيَانُ الطُّول وَالْعَرْضِ، وَفِي الْعُمْقِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هَل يَمْلِكُ مَوْضِعَ الْجَرَيَانِ أَمْ لَا؟ قَال الرَّافِعِيُّ وَإِيرَادُ النَّاقِلِينَ يَمِيل إِلَى تَرْجِيحِ الْمِلْكِ، وَقَال الشِّرْبِينِيُّ: لَا يَجِبُ بَيَانُ الْعُمْقِ لأَِنَّهُ مَلَكَ الْقَرَارَ، قَال الإِْسْنَوِيُّ: وَإِنْ عَقَدَ بِلَفْظِ الصُّلْحِ فَهَل يَنْعَقِدُ بَيْعًا أَوْ إِجَارَةً؟ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَصَرَّحَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعًا سَوَاءٌ وَجَّهَ الْعَقْدَ إِلَى الْحَقِّ أَوِ الْعَيْنِ، قَال عَمِيرَةُ: قَدْ قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْبِنَاءِ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ عَيْنًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ لَفْظَ مَسْأَلَةِ الْمَاءِ مَثَلاً يَنْصَرِفُ إِلَى الْعَيْنِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: بِعْتُكَ رَأْسَ الْجِدَارِ لِلْبِنَاءِ (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ صَالَحَ رَجُلٌ عَلَى إِجْرَاءِ مَاءِ سَطْحِهِ مِنَ الْمَطَرِ عَلَى سَطْحٍ آخَرَ، أَوْ
(1) المراجع السابقة.
(2)
حاشية عميرة على شرح المحلي 3 / 317، ومغني المحتاج 2 / 191.
صَالَحَهُ عَلَى إِجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ فِي أَرْضِهِ حَال كَوْنِ الْمَاءِ مِنْ سَطْحِهِ، أَوْ صَالَحَهُ عَلَى إِجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ فِي أَرْضِهِ حَال كَوْنِهِ عَنْ أَرْضِهِ، جَازَ الصُّلْحُ فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَا يَجْرِي مَاؤُهُ مِنْ أَرْضٍ أَوْ سَطْحٍ مَعْلُومًا لَهُمَا إِمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ وَإِمَّا بِمَعْرِفَةِ مِسَاحَةِ السَّطْحِ أَوِ الأَْرْضِ الَّتِي يَنْفَصِل مَاؤُهَا، لأَِنَّ الْمَاءَ يَخْتَلِفُ بِصِغَرِ السَّطْحِ وَالأَْرْضِ وَكِبَرِهِمَا، فَاشْتُرِطَ مَعْرِفَتُهُمَا.
وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا مَعْرِفَةُ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ إِلَى السَّطْحِ أَوْ إِلَى الأَْرْضِ، دَفْعًا لِلْجَهَالَةِ، وَلَا تَفْتَقِرُ صِحَّةُ الإِْجَارَةِ إِلَى ذِكْرِ الْمُدَّةِ لِدَعْوَى الْحَاجَةِ إِلَى تَأْبِيدِ ذَلِكَ، فَيَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ غَيْرَ مُقَدَّرٍ مُدَّةً كَنِكَاحٍ. لَكِنْ قَال ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَوَاعِدِ فِي السَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ: لَيْسَ بِإِجَارَةٍ مَحْضَةٍ؛ لِعَدَمِ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ، بَل هُوَ شَبِيهٌ بِالْبَيْعِ، بِخِلَافِ السَّاقِيَةِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا غَيْرُ مَاءِ الْمَطَرِ فَكَانَتْ بَيْعًا تَارَةً وَإِجَارَةً تَارَةً أُخْرَى، فَاعْتُبِرَ فِيهَا تَقْدِيرُ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَتِ الأَْرْضُ أَوِ السَّطْحُ الَّذِي يَجْرِي عَلَيْهِ الْمَاءُ مُسْتَأْجَرًا أَوْ عَارِيَةً، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَ الْمُسْتَأْجِرَ أَوِ الْمُسْتَعِيرَ عَلَى إِجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهِ أَمَّا فِي السَّطْحِ فَلِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ، وَأَمَّا فِي الأَْرْضِ فَلأَِنَّهُ يَجْعَل لِغَيْرِ صَاحِبِ الأَْرْضِ رَسْمًا، فَرُبَّمَا ادَّعَى مِلْكَهَا بَعْدُ. وَيَحْرُمُ إِجْرَاءُ مَاءٍ فِي مِلْكِ