الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلَيْ أَحْمَدَ، لأَِنَّهُ رِوَايَةُ أُسَامَةَ رضي الله عنه، وَهُوَ أَعْلَمُ بِحَال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ كَانَ رَدِيفَهُ، وَقَدِ اتَّفَقَ هُوَ وَجَابِرٌ رضي الله عنهما فِي حَدِيثِهِمَا عَلَى إِقَامَةٍ لِكُل صَلَاةٍ، وَاتَّفَقَ أُسَامَةُ وَابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهم عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ (1) .
الْوُقُوفُ فِي الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَالدُّعَاءُ فِيهِ
8 -
يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ بَعْدَ بَيَاتِهِ بِمُزْدَلِفَةَ فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْفَجْرِ مُغَلِّسًا فِي أَوَّل وَقْتِهَا (2)، لِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ: حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى الْفَجْرَ حَيْنَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَل الْقِبْلَةَ، فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ فَلَمْ يَزَل وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْل أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ (3) .
ثُمَّ يَأْتِي الْحَاجُّ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ (جَبَل قُزَحَ) وَيَقِفُ عِنْدَهُ فَيَدْعُو اللَّهَ سبحانه وتعالى وَيَحْمَدُهُ
(1) المغني 3 / 419 ط. الرياض.
(2)
جواهر الإكليل 1 / 181، والمجموع للنووي 8 / 123، 141، 142، ومغني المحتاج 1 / 499 - 501، والمغني لابن قدامة 3 / 420 - 421، وكشاف القناع 2 / 496 - 498.
(3)
حديث جابر. . . سبق تخريجه ف (7) .
وَيُكَبِّرُهُ وَيُهَلِّلُهُ، وَيُوَحِّدُهُ، وَيُكْثِرُ مِنَ التَّلْبِيَةِ، وَمِنَ الذِّكْرِ، لِمَا رَوَاهُ جَابِرٌ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَرَقِيَ عَلَيْهِ فَدَعَا اللَّهَ وَهَلَّلَهُ وَكَبَّرَهُ وَوَحَّدَهُ (1) .
وَيَدْعُو اللَّهَ بِمَا أَحَبَّ، وَيَخْتَارُ الدَّعَوَاتِ الْجَامِعَةَ وَالأُْمُورَ الْمُبْهَمَةَ وَيُكَرِّرُ دَعَوَاتِهِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ كَمَا وَقَفْتَنَا فِيهِ وَأَرَيْتَنَا إِيَّاهُ فَوَفِّقْنَا بِذِكْرِكَ كَمَا هَدَيْتَنَا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتَنَا بِقَوْلِكَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2)
وَيُكْثِرُ مِنْ قَوْلِهِ: " اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآْخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ "، ثُمَّ لَا يَزَال يَدْعُو مُسْتَقْبِلاً الْقِبْلَةَ رَافِعًا يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ إِلَى أَنْ يُسْفِرَ جِدًّا (3)، لِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه: فَلَمْ يَزَل وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا (4) .
(1) حديث جابر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المعشر الحرام فرقى عليه. . . ". أخرجه مسلم (2 / 891) .
(2)
سورة البقرة / 198 - 199.
(3)
انظر المراجع السابقة كلها.
(4)
حديث جابر. . . سبق تخريجه ف (7) .
9 -
وَلَوْ فَاتَتْ سُنَّةُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ لَمْ تُجْبَرْ بِدَمٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَسَائِرِ الْهَيْئَاتِ وَالسُّنَنِ، وَلَا إِثْمَ عَلَى الْحَاجِّ بِهَذَا التَّرْكِ، وَإِنَّمَا فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ.
وَلَا تَحْصُل هَذِهِ الْفَضِيلَةُ بِالْوُقُوفِ فِيهِ قَبْل صَلَاةِ الصُّبْحِ، لأَِنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ.
10 -
وَالسُّنَّةُ الدَّفْعُ مِنَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ إِلَى مِنًى قَبْل طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُ السَّيْرِ مِنْهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ (1)، لِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَل وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْل أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ (2) .
قَال عُمَرُ رضي الله عنه: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرُ، وَأَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالَفَهُمْ فَأَفَاضَ قَبْل أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ (3) وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما أَخَّرَ فِي الْوَقْتِ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَطْلُعُ، فَقَال ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِنِّي أَرَاهُ يُرِيدُ أَنْ يَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ فَدَفَعَ وَدَفَعَ النَّاسُ مَعَهُ (4) .
(1) مغني المحتاج 1 / 499 - 501، والمجموع 8 / 123، 142، 151، وجواهر الإكليل 1 / 181، والقوانين الفقهية ص 132، والمغني 3 / 423.
(2)
سبق تخريجه ف (7) .
(3)
حديث: " إن المشركين كانوا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 531) .
(4)
الأثر: " إن عبد الله بن الزبير أخر في الوقت حتى كادت الشمس أن تطلع. . . ". أورده ابن قدامة في المغني (3 / 423) ولم يعزه لأي مصدر ولم نهتد لمن أخرجه.
وَقَال النَّوَوِيُّ وَقَدِ اسْتَبْدَل النَّاسُ بِالْوُقُوفِ عَلَى قُزَحَ " الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ " الْوُقُوفَ عَلَى بِنَاءٍ مُسْتَحْدَثٍ فِي وَسَطِ الْمُزْدَلِفَةِ، وَفِي حُصُول أَصْل هَذِهِ السُّنَّةِ بِالْوُقُوفِ فِي ذَلِكَ الْمُسْتَحْدَثِ وَغَيْرِهِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ مِمَّا سِوَى قُزَحَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَحْصُل بِهِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ عَلَى قُزَحَ وَقَدْ قَال صلى الله عليه وسلم: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ (1)، وَالثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ بَل الصَّوَابُ أَنَّهَا تَحْصُل، وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ الْمُجَرَّدِ، وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: نَحَرْتُ هَاهُنَا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ (2)، وَجَمْعٌ هِيَ الْمُزْدَلِفَةُ وَالْمُرَادُ: وَقَفْتُ عَلَى قُزَحَ (3) ، وَجَمِيعُ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ لَكِنَّ أَفَضْلَهَا قُزَحُ، لِمَا أَنَّ عَرَفَاتٍ كُلَّهَا مَوْقِفٌ وَأَفْضَلُهَا مَوْقِفُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الصَّخَرَاتِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِمُزْدَلِفَةَ
(1) حديث: " لتأخذوا عني مناسككم ". أخرجه مسلم (2 / 943) .
(2)
حديث جابر: " نحرت ههنا ومنى كلها منحر. . . ". أخرجه مسلم (2 / 893) .
(3)
المجموع 8 / 141 - 142، وانظر المغني 3 / 423.