الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِذَلِكَ لَا تَبْطُل الْوَكَالَةُ إِذَا أَجَازَ الْمُوَكِّل تَصَرُّفَ وَكِيلِهِ الْمَخَالِفِ، لأَِنَّ الإِْجَازَةَ اللَاّحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ (1) وَهَذَا كُلُّهُ طِبْقًا لِلْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ فِي الْوَكَالَةِ.
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ (وَكَالَةٌ) .
الْكَفَالَةُ فِي الْمُزَارَعَةِ
54 -
إِذَا دَفَعَ رَجُلٌ لآِخَرَ أَرْضًا لَهُ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ، وَضَمِنَ رَجُلٌ آخَرُ لِرَبِّ الأَْرْضِ الزِّرَاعَةَ مِنَ الزَّارِعِ كَانَ الضَّمَانُ بَاطِلاً، لأَِنَّ الْمُزَارِعَ مُسْتَأْجِرٌ لِلأَْرْضِ عَامِلٌ وَالْمُزَارَعَةُ لِنَفْسِهِ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الْعَمَل مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ لِرَبِّ الأَْرْضِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الضَّمَانُ بِمَا هُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الأَْصِيل لِلْمَضْمُونِ لَهُ.
فَإِذَا كَانَ الضَّمَانُ شَرْطًا فِي الْمُزَارَعَةِ كَانَتْ فَاسِدَةً، لأَِنَّهَا اسْتِئْجَارٌ لِلأَْرْضِ، فَتَبْطُل بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِيهَا جَازَتِ الْمُزَارَعَةُ وَبَطَل الضَّمَانُ.
وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَل صَاحِبِ الأَْرْضِ جَازَ الضَّمَانُ وَالْمُزَارَعَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، لأَِنَّ رَبَّ الأَْرْضِ مُسْتَأْجِرٌ لِلْعَامِل، وَقَدْ صَارَتْ إِقَامَةُ الْعَمَل مُسْتَحَقَّةً عَلَيْهِ لِصَاحِبِ الأَْرْضِ، وَهُوَ مِمَّا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ فِي تَسْلِيمِهِ، فَيَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِالْكَفَالَةِ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ أَوْ مَقْصُودًا بَعْدَ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ.
(1) المبسوط 23 / 139، 141، والفتاوى الهندية 5 / 266.
وَإِنْ تَعَنَّتَ الزَّارِعُ أَخَذَ الْكَفِيل بِالْعَمَل، لأَِنَّهُ الْتَزَمَ الْمُطَالَبَةَ بِإِيفَاءِ مَا كَانَ عَلَى الأَْصِيل وَهُوَ عَمَل الزِّرَاعَةِ.
فَإِذَا عَمِل الْكَفِيل وَبَلَغَ الزَّرْعُ الْحَصَادَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُزَارِعُ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، لأَِنَّ الْكَفِيل كَانَ نَائِبًا عَنْهُ فِي إِقَامَةِ الْعَمَل، وَيَسْتَحِقُّ الْكَفِيل أَجْرَ مِثْل عَمَلِهِ إِنْ كَانَ كَفَلَهُ بِأَمْرِهِ، لأَِنَّهُ الْتَزَمَ الْعَمَل بِأَمْرِهِ وَقَدْ أَوْفَاهُ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ، وَمِثْلُهُ هُوَ أَجْرُ الْمِثْل.
وَلَا يَجُوزُ ضَمَانُ الْمُزَارِعِ إِذَا كَانَ رَبُّ الأَْرْضِ قَدِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَل بِنَفْسِهِ، لأَِنَّ مَا الْتَزَمَهُ الْعَامِل هُنَا لَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ، وَهُوَ عَمَل الْمُزَارِعِ بِنَفْسِهِ، إِذْ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْكَفِيل إِبْقَاءُ ذَلِكَ، فَيَبْطُل الضَّمَانُ وَتَبْطُل مَعَهُ الْمُزَارَعَةُ أَيْضًا لَوْ كَانَ شَرَطَا فِيهَا.
وَإِذَا ضَمِنَ الْكَفِيل لِرَبِّ الأَْرْضِ حِصَّتَهُ مِنَ الْخَارِجِ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَصِحُّ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَل رَبِّ الأَْرْضِ أَمْ كَانَ مِنْ قِبَل الْمُزَارِعِ، لأَِنَّ نَصِيبَ صَاحِبِ الأَْرْضِ مِنَ الْخَارِجِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُزَارِعِ.
وَالْكِفَالَةُ بِالأَْمَانَةِ لَا تَصِحُّ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ بِمَا هُوَ مَضْمُونُ التَّسْلِيمِ عَلَى الأَْصْل، ثُمَّ تَبْطُل الْمُزَارَعَةُ إِنْ كَانَتِ الْكَفَالَةُ شَرْطًا فِيهَا، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ (1) .
(1) المبسوط 23 / 127، وحاشية ابن عابدين 6 / 283، والفتاوى الهندية 5 / 268.