الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَالْمُدْرِكُ مَنْ لَمْ يَفُتْهُ شَيْءٌ مِنْ رَكَعَاتِ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ.
ب -
اللَاّحِقُ:
3 -
اللَاّحِقُ فِي اللُّغَةِ: اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ لَحِقَ، يُقَال: لَحِقَهُ: أَدْرَكَهُ (1) .
وَفِي الاِصْطِلَاحِ اللَاّحِقُ: مَنْ فَاتَتْهُ الرَّكَعَاتُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا بَعْدَ الاِقْتِدَاءِ بِالإِْمَامِ (2) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَاّحِقِ وَالْمَسْبُوقِ: أَنَّ الْمَسْبُوقَ تَفُوتُهُ رَكْعَةٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَوَّل الصَّلَاةِ، وَاللَاّحِقُ تَفُوتُهُ رَكْعَةٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ آخِرِ الصَّلَاةِ أَوْ وَسَطِهَا.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَسْبُوقِ
تَتَعَلَّقُ بِالْمَسْبُوقِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
مُتَابَعَةُ الْمَسْبُوقِ إِمَامَهُ فِي الصَّلَاةِ
4 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْمَسْبُوقَ إِذَا تَخَلَّفَ فِي صَلَاتِهِ بِرَكْعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ إِمَامَهُ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَأْتِي بِمَا فَاتَهُ مِنْ صَلَاتِهِ (3) .
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَوْ قَضَى الْمَسْبُوقُ مَا سُبِقَ بِهِ ثُمَّ تَابَعَ إِمَامَهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ،
(1) لسان العرب، ومختار الصحاح.
(2)
قواعد الفقه للبركتي، وابن عابدين 1 / 399.
(3)
الفتاوى الهندية 1 / 91، ومواهب الجليل 2 / 130، وجواهر الإكليل 1 / 84، وروضة الطالبين 1 / 378، والمجموع 3 / 483، وكشاف القناع 1 / 461.
وَاسْتَظْهَرَ فِي الْبَحْرِ الْقَوْل بِالْفَسَادِ، لِقَوْلِهِمْ: إِنَّ الاِنْفِرَادَ فِي مَوْضِعِ الاِقْتِدَاءِ مُفْسِدٌ، وَنَقَل عَنِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ عَدَمَ الْفَسَادِ أَقْوَى لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ، وَعَنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى: يَجُوزُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقَالُوا: يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لأَِنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ (1) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا: الْمَسْبُوقُ إِذَا أَدْرَكَ الإِْمَامَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا لَا يَأْتِي بِالثَّنَاءِ، سَوَاءٌ كَانَ بَعِيدًا أَوْ قَرِيبًا أَوْ لَا يَسْمَعُ لِصَمَمِهِ، فَإِذَا قَامَ إِلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ يَأْتِي بِالثَّنَاءِ وَيَتَعَوَّذُ لِلْقِرَاءَةِ، وَفِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ يَأْتِي بِهِ، وَيَسْكُتُ الْمُؤْتَمُّ عَنِ الثَّنَاءِ إِذَا جَهَرَ الإِْمَامُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ أَدْرَكَ الإِْمَامَ فِي الرُّكُوعِ أَوِ السُّجُودِ يَتَحَرَّى إِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ أَدْرَكَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الرُّكُوعِ أَوِ السُّجُودِ يَأْتِي بِهِ قَائِمًا، وَإِلَاّ يُتَابِعُ الإِْمَامَ وَلَا يَأْتِي بِهِ، وَإِذَا لَمْ يُدْرِكِ الإِْمَامَ فِي الرُّكُوعِ أَوِ السُّجُودِ لَا يَأْتِي بِهِمَا، وَإِنْ أَدْرَكَ الإِْمَامَ فِي الْقَعْدَةِ لَا يَأْتِي بِالثَّنَاءِ بَل يُكَبِّرُ لِلاِفْتِتَاحِ ثُمَّ لِلاِنْحِطَاطِ ثُمَّ يَقْعُدُ (2) .
وَقَالُوا: إِنَّ الْمَسْبُوقَ بِبَعْضِ الرَّكَعَاتِ يُتَابِعُ الإِْمَامَ فِي التَّشَهُّدِ الأَْخِيرِ، وَإِذَا أَتَمَّ التَّشَهُّدَ لَا يَشْتَغِل بِمَا
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 401، والفتاوى الخانية بهامش الفتاوى الهندية 1 / 103.
(2)
الفتاوى الهندية 1 / 91.
بَعْدَهُ مِنَ الدَّعَوَاتِ، قَال ابْنُ الشُّجَاعِ: إِنَّهُ يُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ إِلَى قَوْلِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَتَرَسَّل فِي التَّشَهُّدِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ التَّشَهُّدِ عِنْدَ سَلَامِ الإِْمَامِ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ الإِْمَامَ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ لَا يَأْتِي بِدُعَاءِ الاِسْتِفْتَاحِ، حَتَّى قَال أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ: لَوْ أَدْرَكَ الإِْمَامَ رَافِعًا مِنَ الرُّكُوعِ حَيْنَ كَبَّرَ لِلإِْحْرَامِ لَمْ يَأْتِ بِدُعَاءِ الاِسْتِفْتَاحِ، بَل يَقُول: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. إِلَى آخِرِهِ مُوَافَقَةً لِلإِْمَامِ، وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي الْقِيَامِ وَعَلِمَ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ دُعَاءُ الاِسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذُ وَالْفَاتِحَةُ أَتَى بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الأُْمِّ، وَقَالَهُ الأَْصْحَابُ، وَقَال أَبُو مُحَمَّدٍ فِي التَّبْصِرَةِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَجِّل فِي قِرَاءَتِهِ وَيَقْرَأَ إِلَى قَوْلِهِ: وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ يُنْصِتُ لِقِرَاءَةِ إِمَامِهِ.
وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْجَمْعُ، أَوْ شَكَّ لَمْ يَأْتِ بِدُعَاءِ الاِسْتِفْتَاحِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِبَعْضِ دُعَاءِ الاِسْتِفْتَاحِ مَعَ التَّعَوُّذِ وَالْفَاتِحَةِ وَلَا يُمْكِنُهُ كُلُّهُ، أَتَى بِالْمُمْكِنِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الأُْمِّ (2) .
وَقَالُوا: وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ الإِْمَامَ فِي التَّشَهُّدِ الأَْخِيرِ، فَكَبَّرَ وَقَعَدَ، فَسَلَّمَ مَعَ أَوَّل قُعُودِهِ قَامَ، وَلَا يَأْتِي بِدُعَاءِ الاِسْتِفْتَاحِ لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ، وَذَكَرَ
(1) الفتاوى الهندية 1 / 91، وفتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهندية 1 / 103 - 104.
(2)
المجموع 3 / 318 - 319.
الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الإِْمَامُ قَبْل قُعُودِ الْمَسْبُوقِ لَا يَقْعُدُ وَيَأْتِي بِدُعَاءِ الاِسْتِفْتَاحِ (1) .
وَقَال النَّوَوِيُّ: إِذَا حَضَرَ الْمَسْبُوقُ فَوَجَدَ الإِْمَامَ فِي الْقِرَاءَةِ، وَخَافَ رُكُوعَهُ قَبْل فَرَاغِهِ مِنَ الْفَاتِحَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْرَأَ دُعَاءَ الاِسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ، بَل يُبَادِرُ إِلَى الْفَاتِحَةِ؛ لأَِنَّهَا فَرْضٌ فَلَا يَشْتَغِل عَنْهُ بِالنَّفْل، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إِذَا قَال الدُّعَاءَ وَالتَّعَوُّذَ أَدْرَكَ تَمَامَ الْفَاتِحَةِ اسْتُحِبَّ الإِْتْيَانُ بِهِمَا.
وَلَوْ رَكَعَ الإِْمَامُ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: يُتِمُّ الْفَاتِحَةَ، وَالثَّانِي: يَرْكَعُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ قِرَاءَتُهَا؛ لأَِنَّ مُتَابَعَةَ الإِْمَامِ آكَدُ، وَلِهَذَا لَوْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ، قَال الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَالثَّالِثُ: هُوَ الأَْصَحُّ وَهُوَ قَوْل أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ وَصَحَّحَهُ الْقَفَّال: أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقُل شَيْئًا مِنْ دُعَاءِ الاِسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ رَكَعَ وَسَقَطَ عَنْهُ بَقِيَّةُ الْفَاتِحَةِ، وَإِنْ قَال شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ أَنْ يَقْرَأَ مِنَ الْفَاتِحَةِ بِقَدْرِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِالتَّشَاغُل (2) .
وَقَال: وَلَوْ سَلَّمَ الإِْمَامُ فَمَكَثَ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ سَلَامِهِ جَالِسًا وَطَال جُلُوسُهُ، إِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ تَشَهُّدِهِ الأَْوَّل جَازَ وَلَا تَبْطُل صَلَاتُهُ؛ لأَِنَّهُ جُلُوسٌ مَحْسُوبٌ مِنْ صَلَاتِهِ، وَلأَِنَّ التَّشَهُّدَ الأَْوَّل يَجُوزُ تَطْوِيلُهُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ، وَإِنْ لَمْ
(1) المجموع 3 / 318 - 319.
(2)
روضة الطالبين 1 / 372، والمجموع 4 / 212، 213.