الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى الرِّبَا (1) .
قَال الْمِرْدَاوِيُّ: وَإِنْ بَاعَ مَرِيضٌ قَفِيزًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِقَفِيزٍ يُسَاوِي عَشَرَةً، فَأَسْقَطَ قِيمَةَ الرَّدِيءِ مِنْ قِيمَةِ الْجَيِّدِ، ثُمَّ نَسَبَ الثُّلُثَ إِلَى الْبَاقِي وَهُوَ عَشَرَةٌ مِنْ عِشْرِينَ تَجِدُهُ نِصْفَهَا، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْجَيِّدِ بِنِصْفِ الرَّدِيءِ، وَيَبْطُل فِيمَا بَقِيَ، وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ (2) .
ب -
بَيْعُ الْمَرِيضِ الْمَدِينِ مَالَهُ لأَِجْنَبِيٍّ
16 -
إِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لأَِجْنَبِيٍّ بِثَمَنِ الْمِثْل، وَكَانَ مَدِينًا بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ نَافِذٌ عَلَى الْعِوَضِ الْمُسَمَّى، وَلَا حَقَّ لِلدَّائِنِينَ فِي الاِعْتِرَاضِ عَلَيْهِ، لأَِنَّ حَقَّهُمْ مُتَعَلِّقٌ بِمَالِيَّةِ التَّرِكَةِ لَا بِأَعْيَانِهَا، وَالْمَدِينُ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْرَجَ شَيْئًا مِنْ مِلْكِهِ بِهَذَا الْبَيْعِ إِلَاّ أَنَّهُ قَدْ أَدْخَل فِيهِ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الثَّمَنِ الْمُسَاوِي لِقِيمَتِهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ فِي الْبَيْعِ مُحَابَاةٌ لِلْمُشْتَرِي، فَلَا تَنْفُذُ الْمُحَابَاةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَلِيلَةً أَمْ كَثِيرَةً إِلَاّ بِإِجَازَةِ الدَّائِنِينَ، لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِمَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَبْلُغَ الْمَبِيعُ تَمَامَ قِيمَتِهِ، وَلَا اعْتِرَاضَ لِلدَّائِنِينَ عَلَيْهِ، إِذْ لَا ضَرَرَ يَلْحَقُهُمْ، وَبَيْنَ فَسْخِ الْعَقْدِ وَأَخْذِ مَا دَفَعَهُ مِنَ
(1) الإنصاف 7 / 174 وما بعدها.
(2)
الإنصاف 7 / 174.
الثَّمَنِ إِنْ كَانَ الْفَسْخُ مُمْكِنًا، أَمَّا إِذَا تَعَذَّرَ الْفَسْخُ، كَمَا إِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ أُلْزِمَ بِإِتْمَامِ الثَّمَنِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الْقِيمَةَ.
وَإِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لأَِجْنَبِيٍّ بِثَمَنِ الْمِثْل، وَكَانَ مَدِينًا بِدَيْنٍ غَيْرِ مُسْتَغْرِقٍ لِمَالِهِ، صَحَّ الْبَيْعُ وَنَفَذَ عَلَى الْبَدَل الْمُسَمَّى، أَمَّا إِذَا كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ، فَيُخْرَجُ مِقْدَارُ الدَّيْنِ مِنَ التَّرِكَةِ، وَيَأْخُذُ هَذَا الْبَيْعُ حُكْمَ الْبَيْعِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَرِيضُ غَيْرَ مَدِينٍ أَصْلاً بِالنِّسْبَةِ لِلْمَبْلَغِ الْبَاقِي بَعْدَ الإِْخْرَاجِ (1) .
ج -
بَيْعُ الْمَرِيضِ مَالَهُ لِوَارِثٍ
إِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِوَارِثِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَرِيضُ الْبَائِعُ غَيْرَ مَدِينٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَدِينًا:
بَيْعُ الْمَرِيضِ غَيْرِ الْمَدِينِ مَالَهُ لِوَارِثٍ
17 -
ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: إِلَى أَنَّهُ إِنْ بَاعَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ عَيْنًا مِنْ مَالِهِ بِمِثْل الْقِيمَةِ أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، فَإِنَّ بَيْعَهُ يَكُونُ صَحِيحًا نَافِذًا، لأَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِبْطَالٌ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ
(1) جامع الفصولين 2 / 178، والعقود الدرية لابن عابدين 2 / 54، وواقعات المفتين ص89، وانظر م (395) من مجلة الأحكام العدلية وم (267) من مرشد الحيران، وانظر شرح المجلة للأتاسي 2 / 414.
حَقُّهُمْ، وَهُوَ الْمَالِيَّةُ، فَكَانَ الْوَارِثُ وَالأَْجْنَبِيُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءً (1) .
أَمَّا إِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ عَيْنًا مِنْ مَالِهِ وَحَابَاهُ فِي الثَّمَنِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، سَوَاءٌ حَمَل ثُلُثُ مَالِهِ هَذِهِ الْمُحَابَاةَ أَمْ لَمْ يَحْمِلْهَا، فَإِنْ أَجَازُوهُ نَفَذَ، وَإِلَاّ خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ أَنْ يَبْلُغَ الْمَبِيعُ تَمَامَ الْقِيمَةِ، وَعِنْدَهَا يَسْقُطُ حَقُّ الْوَرَثَةِ فِي الاِعْتِرَاضِ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ، وَيُرَدَّ الْمَبِيعُ إِلَى التَّرِكَةِ، وَيَسْتَلِمَ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْمُوَرِّثِ (2) .
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: الْبَيْعُ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ، فَإِنْ أَجَازُوهُ نَفَذَ، وَإِنْ رَدُّوهُ بَطَل، سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَدَل مُسَاوِيًا لِمِثْل الْقِيمَةِ أَمْ كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ (3) .
وَهُوَ الْقَوْل الرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ، وَبِهِ قَال أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ (4) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ دُونَ مُحَابَاةٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَنَافِذٌ عَلَى
(1) كشف الأسرار على أصول البزدوي 4 / 1429، ورد المحتار 4 / 193، والمبسوط 14 / 150 واختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ص29، شرح المجلة للأتاسي 2 / 409.
(2)
رد المحتار 4 / 193.
(3)
المبسوط 14 / 150، رد المحتار 4 / 193، والعقود الدرية لابن عابدين 2 / 268، وكشف الأسرار 4 / 1429 وما بعدها، واختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ص29، فتاوى قاضيخان 2 / 177، وانظر م (393) من مجلة الأحكام العدلية، وم (264) من مرشد الحيران.
(4)
الإنصاف للمرداوي 7 / 172.
الْبَدَل الْمُسَمَّى (1) .
أَمَّا إِذَا حَابَى الْمَرِيضُ وَارِثَهُ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ حَابَاهُ فِي الثَّمَنِ كَأَنْ بَاعَهُ بِمِائَةٍ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ مَثَلاً، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ بِقَدْرِ الْمُحَابَاةِ كُلِّهَا إِنْ لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ، وَلَا تُعْتَبَرُ الْمُحَابَاةُ مِنَ الثُّلُثِ، وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَنْفُذُ فِيمَا عَدَاهَا، وَتُعْتَبَرُ إِجَازَةُ الْوَرَثَةِ لِلْقَدْرِ الْمُحَابَى بِهِ ابْتِدَاءً عَطِيَّةً مِنْهُمْ تَفْتَقِرُ إِلَى حَوْزٍ، قَالُوا: وَالْمُعْتَبَرُ فِي تَقْدِيرِ مُحَابَاتِهِ لِيَوْمِ الْبَيْعِ لَا لِيَوْمِ الْحُكْمِ، وَلَا عِبْرَةَ بِتَغَيُّرِ الأَْسْوَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ (2) .
أَمَّا إِذَا حَابَى الْمَرِيضُ وَارِثَهُ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ، كَأَنْ يَقْصِدَ إِلَى خِيَارِ مَا يَمْلِكُهُ فَيَبِيعَهُ مِنْ وَلَدِهِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ نَقْضُ ذَلِكَ الْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَ بِثَمَنِ الْمِثْل أَوْ أَكْثَرَ (3) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَبِيعَ مَا شَاءَ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ إِلَى أَيِّ شَخْصٍ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَيَنْفُذَ بَيْعُهُ عَلَى الْعِوَضِ الْمُسَمَّى إِذَا كَانَ الْبَيْعُ بِمِثْل الْقِيمَةِ أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ (4) ، أَمَّا إِذَا كَانَ فِي الْبَدَل مُحَابَاةٌ
(1) المدونة 3 / 222.
(2)
البهجة شرح التحفة للتسولي 2 / 82، والخرشي على خليل 5 / 305، والمنتقى للباجي 6 / 158، وتوضيح الأحكام للتوزري 3 / 74.
(3)
شرح ابن سودة على التحفة 2 / 44، وشرح ابن ناجي على الرسالة 2 / 315، وتوضيح الأحكام 3 / 74، والبهجة شرح التحفة 2 / 83.
(4)
نهاية المحتاج 5 / 408، والمهذب 1 / 460، والأم 7 / 97.