الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيِ الطَّاقَةِ.
وَقَال الْجُرْجَانِيُّ: الْمُجَاهَدَةُ فِي اللُّغَةِ الْمُحَارَبَةُ وَفِي الشَّرْعِ: مُحَارَبَةُ النَّفْسِ الأَْمَّارَةِ بِالسُّوءِ بِتَحْمِيلِهَا مَا يَشُقُّ عَلَيْهَا بِمَا هُوَ مَطْلُوبٌ فِي الشَّرْعِ (1) .
وَالْعِلَاقَةُ بَيْنَ الْمُصَابَرَةِ وَالْمُجَاهَدَةِ هِيَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُصَابَرَةِ:
الْمُصَابَرَةُ عَلَى الْعِبَادَاتِ
4 -
نَقَل الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} (2)، قَال: أَيْ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.
قَال الْقُرْطُبِيُّ: قَوْل الْجُمْهُورِ إِنَّ مَعْنَى الْمُصَابَرَةِ فِي الآْيَةِ مُصَابَرَةُ الأَْعْدَاءِ (3) .
كَمَا تَكُونُ الْمُصَابَرَةُ عَلَى غَيْرِ الصَّلَاةِ مِنَ الْعِبَادَاتِ لأَِنَّ النَّفْسَ بِطَبْعِهَا تَنْفِرُ عَنِ الْعُبُودِيَّةِ، وَمِنَ الْعِبَادَاتِ مَا يُكْرَهُ بِسَبَبِ الْكَسَل كَالصَّلَاةِ وَمِنْهَا مَا يُكْرَهُ بِسَبَبِ الْبُخْل كَالزَّكَاةِ وَمِنْهَا مَا يُكْرَهُ بِسَبَبِهِمَا جَمِيعًا كَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ (4) .
(1) المفردات في غريب القرآن، ودليل الفالحين 1 / 293، والتعريفات للجرجاني، وقواعد الفقه للبركتي.
(2)
سورة آل عمران / 200.
(3)
تفسير القرطبي 4 / 323، ودليل الفالحين 1 / 137 وما بعدها.
(4)
إحياء علوم الدين 4 / 68، والقرطبي 1 / 371.
الْمُصَابَرَةُ فِي الْجِهَادِ:
5 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ فِي قِتَالٍ وَلَمْ يَزِدْ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى مِثْلَيْ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَخَافُوا الْهَلَاكَ وَجَبَ الثَّبَاتُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَحَرُمَ عَلَيْهِمُ الْفِرَارُ (1)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2) .
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يَحْرُمُ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ عِنْدَ تَلَاقِي الْجَيْشَيْنِ إِلَاّ إِذَا كَانَ الْفِرَارُ تَحَرُّفًا لِقِتَالٍ أَوْ تَحَيُّزًا إِلَى فِئَةٍ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَحَرُّفٌ ف 2، وَتَحَيُّزٌ ف 3) .
وَيُشْتَرَطُ لِلْمُصَابَرَةِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى مِثْلَيْ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ زَادَ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى مِثْلَيْ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ فَلَهُمْ أَنْ يَفِرُّوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الآْنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (3) ، لأَِنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ عز وجل عَلَى الْمِائَةِ مُصَابَرَةَ الْمِائَتَيْنِ دَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مُصَابَرَةُ مَا زَادَ عَلَى
(1) بدائع الصنائع 7 / 98 - 99، المهذب للشيرازي 2 / 233، والمغني لابن قدامة 8 / 483 - 484، وتفسير القرطبي 7 / 380 وما بعدها.
(2)
سورة الأنفال / 45.
(3)
سورة الأنفال / 66.