الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْمَسْجِدُ - لُغَةً - بِكَسْرِ الْجِيمِ - الْمَوْضِعُ الَّذِي يُسْجَدُ فِيهِ، قَال الزَّجَّاجُ: كُل مَوْضِعٍ يُتَعَبَّدُ فِيهِ فَهُوَ مَسْجِدٌ، وَالْمَسْجَدُ بِالْفَتْحِ مَوْضِعُ وُقُوعِ الْجَبْهَةِ عَلَى الأَْرْضِ (1) .
وَشَرْعًا: عَرَّفَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ: كُل مَوْضِعٍ مِنَ الأَْرْضِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم جُعِلَتْ لِي الأَْرْضُ مَسْجِدًا (2) قَال: وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الأُْمَّةِ، ثُمَّ قَال: إِنَّ الْعُرْفَ خَصَّصَ الْمَسْجِدَ بِالْمَكَانِ الْمُهَيَّأِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَتَّى يَخْرُجَ الْمُصَلَّى الْمُجْتَمَعُ فِيهِ لِلأَْعْيَادِ وَنَحْوِهَا فَلَا يُعْطَى حُكْمَهُ (3) .
وَالْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ: هُوَ الْمَسْجِدُ الَّذِي بَنَاهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوْقِعِهِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَدِينَةِ حِينَ قَدِمَ مُهَاجِرًا إِلَيْهَا مِنْ مَكَّةَ، وَهُوَ ثَانِي الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ (4) .
(1) تاج العروس - ط، الكويت، وسبل السلام 1 / 152.
(2)
حديث: " جعلت لي الأرض مسجداً ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 533) .
(3)
إعلام الساجد للزركشي ص27، 28، وتحفة الراكع والساجد للجراعي ص12.
(4)
إعلام الساجد ص223، وتحفة الراكع والساجد للجراعي ص12.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
1 -
الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ:
2 -
وَهُوَ الْمَسْجِدُ الَّذِي بَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَمَعَهُ ابْنُهُ إِسْمَاعِيل، فِي مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ (1)، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّ أَوَّل بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} (2) .
ب -
الْمَسْجِدُ الأَْقْصَى:
3 -
وَيُسَمَّى بَيْتَ الْمَقْدِسِ (3)، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَْقْصَى} (4) وَالصِّلَةُ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَالْمَسْجِدِ الأَْقْصَى مِنَ الْمَسَاجِدِ الَّتِي تُشَدُّ إِلَيْهَا الرِّحَال وَيُضَاعَفُ فِيهَا الأَْجْرُ.
تَأْسِيسُ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ
4 -
قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا إِلَيْهَا مِنْ مَكَّةَ حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَى مِنْ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ لاِثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَْوَّل - عَلَى مَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ النَّجَّارِ وَالنَّوَوِيُّ فَمَكَثَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَيَّامَ
(1) إعلام الساجد ص29، 45.
(2)
سورة آل عمران / 96.
(3)
إعلام الساجد ص275 - 283.
(4)
سورة الإسراء / 1.
الاِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَالأَْرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ وَبَنَى فِيهِمْ مَسْجِدَ قُبَاءٍ وَصَلَّى فِيهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ رَكِبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَمَرَّ عَلَى بَنِي سَالِمٍ فَجَمَعَ بِهِمْ وَبِمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي مَسْجِدِهِمْ فَكَانَتْ أَوَّل جُمُعَةٍ صَلَاّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ وَأَصْبَحَ ذَلِكَ الْمَسْجِدُ يُسَمَّى مَسْجِدَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْيَوْمِ، ثُمَّ رَكِبَ مِنْ بَنِي سَالِمٍ فَجَعَل كُلَّمَا مَرَّ دَارًا مِنْ دُورِ الأَْنْصَارِ يَدْعُونَهُ إِلَى الْمُقَامِ عِنْدَهُمْ يَقُولُونَ يَا رَسُول اللَّهِ هَلُمَّ إِلَى الْقُوَّةِ وَالْمَنَعَةِ فَيَقُول صلى الله عليه وسلم:" خَلُّوا سَبِيلَهَا (1) - يَعْنِي نَاقَتَهُ الْقَصْوَاءَ - فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ "، وَقَدْ أَرْخَى زِمَامَهَا وَمَا يُحَرِّكُهَا وَهِيَ تَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالاً حَتَّى إِذَا أَتَتْ مَوْضِعَ الْمَسْجِدِ بَرَكَتْ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مِرْبَدٌ لِلتَّمْرِ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ - ثُمَّ ثَارَتِ النَّاقَةُ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا حَتَّى بَرَكَتْ عَلَى بَابِ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ الأَْنْصَارِيِّ رضي الله عنه ثُمَّ ثَارَتْ مِنْهُ وَبَرَكَتْ فِي مَبْرَكِهَا الأَْوَّل وَأَلْقَتْ جِرَانَهَا - أَيْ بَاطِنَ عُنُقِهَا - بِالأَْرْضِ وَأَرْزَمَتْ أَيْ صَوَّتَتْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَفْتَحَ فَاهَا - فَنَزَل عَنْهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَال: هَذَا الْمَنْزِل إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَاحْتَمَل أَبُو أَيُّوبَ رَحْلَهُ صلى الله عليه وسلم وَأَدْخَلَهُ فِي بَيْتِهِ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْمَرْءُ مَعَ رَحْلِهِ (2) .
وَنَقَل السُّيُوطِيُّ عَنِ ابْنِ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ
(1) حديث: " خلوا سبيلها. . . ". أخرجه ابن سعد مع القصة في الطبقات (1 / 1 / 160) .
(2)
إعلام الساجد ص223 - 225، وتحفة الراكع والساجد ص131، ووفاء الوفا ص322، والدرة الثمينة ص355.
عَنِ الزُّهْرِيِّ قَال: بَرَكَتْ نَاقَةُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يُصَلِّي فِيهِ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مِرْبَدًا لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ - غُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ مِنَ الأَْنْصَارِ وَكَانَا فِي حِجْرِ أَبِي أُمَامَةَ: أَسْعَدِ بْنِ زُرَارَةَ، فَدَعَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْغُلَامَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالَا: بَل نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُول اللَّهِ، فَأَبَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُعْطِيَهُمَا ذَلِكَ (1) ، فَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّخْل الَّذِي فِي الْحَدِيقَةِ وَبِالْغَرْقَدِ الَّذِي فِيهِ أَنْ يُقْطَعَ، وَأَمَرَ بِاللَّبِنِ فَضُرِبَ، وَكَانَ فِي الْمِرْبَدِ قُبُورٌ جَاهِلِيَّةٌ فَأَمَرَ بِهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُبِشَتْ، وَأَمَرَ بِالْعِظَامِ أَنْ تُغَيَّبَ، وَأَسَّسُوا الْمَسْجِدَ فَجَعَلُوا طُولَهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ إِلَى مُؤَخَّرِهِ مِائَةَ ذِرَاعٍ، وَفِي هَذَيْنِ الْجَانِبَيْنِ مِثْل ذَلِكَ فَهُوَ مُرَبَّعٌ، وَيُقَال كَانَ أَقَل مِنَ الْمِائَةِ وَجَعَلُوا الأَْسَاسَ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ عَلَى الأَْرْضِ بِالْحِجَارَةِ ثُمَّ بَنَوْهُ بِاللَّبِنِ، وَبَنَاهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ وَجَعَل يَنْقُل الْحِجَارَةَ مَعَهُمْ بِنَفْسِهِ وَيَقُول:
اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَاّ عَيْشَ الآْخِرَةِ فَاغْفِرْ لِلأَْنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَةِ (2) .
(1)) حديث: " بركت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه ابن سعد في الطبقات (1 / 2 / 1) وفي إسناده محمد بن عمر الواقدي وقد ضعفه المزي في " تهذيب الكمال "(26 / 180) .
(2)
أبيات الشعر: " اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة. . . ". قد ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم حين حفر الخندق كما أخرجها البخاري (فتح الباري 7 / 118) .