الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُسَلِّمَ لَهُ الْمَشْرُوطَ.
قَال الْغَزَالِيُّ (1) : فَإِنْ أَبَى لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ أُجْرَةَ الْعَمَل الْمَاضِي وَفُسِخَ الْعَقْدُ لِلْمُسْتَقْبَل.
وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ، فَالْمُسَاقَاةُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ عَقْدٌ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ وَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا لَوْ فَسَخَهَا أَحَدُهُمَا.
وَأَمَّا عَلَى الْقَوْل بِلُزُومِهَا - وَهُوَ غَيْرُ الظَّاهِرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - فَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَيَجْرِي الْحُكْمُ عَلَى نَحْوِ التَّفْصِيل الْمَذْكُورِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ فِي مَوْتِ الْعَامِل وَلَمْ يَتْرُكْ تَرِكَةً، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ أَوْ تَعَذَّرَ الاِسْتِئْجَارُ مِنْهَا بِيعَ مِنْ نَصِيبِ الْعَامِل مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِتَكْمِيل الْعَمَل وَاسْتُؤْجِرَ مَنْ يَعْمَلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ أَيْ نَصِيبَ الْعَامِل هُوَ أَوْ وَارِثُهُ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ بِالْعَمَل جَازَ لأَِنَّهُ مِلْكُهُ (2) .
ب -
مُضِيُّ الْمُدَّةِ:
45 -
الْغَالِبُ أَنْ تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ وَقَدْ نَضِجَ الثَّمَرُ فَيَنْتَهِي الْعَقْدُ وَيُقْسَمُ الثَّمَرُ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ يَحْدُثُ أَنْ تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ وَالثَّمَرُ فِجٌّ، وَالْقِيَاسُ يَقْضِي بِبُطْلَانِ
(1) الوجيز للغزالي 1 / 229.
(2)
كشاف القناع 2 / 538، وانظر: الشرح الكبير مع المغني لابن قدامة 5 / 568 - 569.
الْعَقْدِ كَمَا يَقْضِي بِبُطْلَانِهِ لِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، لَكِنَّ الاِسْتِحْسَانَ يَقْضِي بِبَقَائِهِ حُكْمًا هُنَا كَمَا قَضَى بِبَقَائِهِ هُنَاكَ بِسَبَبِ الْمَوْتِ، وَذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَفْقَ الأَْحْكَامِ التَّالِيَةِ:
أ - يَتَخَيَّرُ الْعَامِل بَيْنَ الْمُضِيِّ فِي الْعَمَل عَلَى الشَّرْطِ حَتَّى يُدْرِكَ وَبَيْنَ تَرْكِهِ.
ب - إِذَا اخْتَارَ الْمُضِيَّ فِي الْعَمَل لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَجْرُ حِصَّتِهِ حَتَّى يُدْرِكَ الثَّمَرُ، لأَِنَّ الشَّجَرَ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ، وَهُوَ بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ حَيْثُ يَجِبُ الأَْجْرُ عَلَيْهِ لِجَوَازِ اسْتِئْجَارِ الأَْرْضِ (1) .
ج - الْعَمَل كُلُّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْعَامِل وَحْدَهُ هُنَا، لِعَدَمِ وُجُوبِ الأَْجْرِ عَلَيْهِ لِصَاحِبِ الشَّجَرِ بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ، فَإِنَّ الْعَمَل فِيهَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا بِنِسْبَةِ - حِصَصِهِمَا، لأَِنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَى الْعَامِل مِنْ أَجْرِ الأَْرْضِ بِنِسْبَةِ نَصِيبِهِ مِنَ الْخَارِجِ وَجَبَ عَلَى الْمَالِكِ عَمَل مِثْل نِسْبَةِ نَصِيبِهِ مِنَ الْخَارِجِ، لأَِنَّ بِانْتِهَاءِ الْعَقْدِ أَصْبَحَ الزَّرْعُ مَالاً مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا (2) .
وَإِنِ اخْتَارَ الْعَامِل التَّرْكَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى
(1) الهداية 4 / 61، والاختيار 3 / 81.
(2)
درر الحكام 3 / 515، والمبسوط 23 / 57، وبدائع الصنائع 6 / 184 - 185.