الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَيْثُ كَانَ الْمُنَافِقُونَ يَتَأَخَّرُونَ لِلاِطِّلَاعِ عَلَى عَوْرَاتِهِنَّ، وَقَوْل عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي الصَّحِيحِ: " لَوْ أَدْرَكَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيل (1) ، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَرْفَعُهُ أَيُّهَا النَّاسُ انْهُوا نِسَاءَكُمْ عَنْ لُبْسِ الزِّينَةِ وَالتَّبَخْتُرِ فِي الْمَسَاجِدِ، فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل لَمْ يُلْعَنُوا حَتَّى لَبِسَ نِسَاؤُهُمُ الزِّينَةَ وَتَبَخْتَرُوا فِي الْمَسَاجِدِ (2)، وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ (3) .
دُخُول الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فِي الْمَسْجِدِ وَعُبُورُهُمْ لَهُ
35 -
قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: إِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ دُخُول الْمَسْجِدِ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوُجُوهُ بُيُوتِ أَصْحَابِهِ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ فَقَال: وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ دَخَل وَلَمْ يَصْنَعِ الْقَوْمُ شَيْئًا رَجَاءَ
(1) حديث: " لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 349) ، ومسلم (1 / 329) واللفظ للبخاري
(2)
حديث: " أيها الناس انهوا نساءكم عن لبس الزينة. . . " أورده ابن الهمام في فتح القدير (1 / 259) ، وعزاه لابن عبد البر في التمهيد ولم نهتد إليه في المطبوع.
(3)
حديث: " خير مساجد النساء قعر بيوتهن ". أخرجه الحاكم في المستدرك (1 / 209) وأحمد في المسند (6 / 297) وصححه ابن خزيمة في صحيحه (3 / 92) .
أَنْ تَنْزِل فِيهِمْ رُخْصَةٌ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَقَال: وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ فَإِنِّي لَا أُحِل الْمَسْجِدَ لِحَائِضِ وَلَا جُنُبٍ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ، كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ الْعُبُورُ فِيهِ إِنْ خِيفَ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يُخَفِ التَّلْوِيثُ جَازَ الْعُبُورُ (2) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (حَيْضٌ ف 41، وَجَنَابَةٌ ف 18، وَدُخُولٌ ف 6) .
حَيْضُ الْمَرْأَةِ وَجَنَابَةُ الرَّجُل فِي الْمَسْجِدِ
36 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ إِذَا حَاضَتْ، وَالرَّجُل إِذَا أَجْنَبَ، وَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَبْقَيَا فِيهِ وَهُمَا عَلَى مَا هُمَا عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِمَا أَنْ يَخْرُجَا مِنْهُ حَتَّى يَطْهُرَ كُلٌّ مِنْهُمَا، فَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا أُحِل الْمَسْجِدَ لِحَائِضِ وَلَا جُنُبٍ (3) .
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الاِعْتِكَافَ لَا يَفْسُدُ بِالاِحْتِلَامِ، ثُمَّ إِنْ أَمْكَنَهُ الاِغْتِسَال فِي الْمَسْجِدِ
(1) حديث: " وجهوا هذه البيوت عن المسجد. . . . " أخرجه أبو داود (1 / 158 - 159) ، وأخرجه البيهقي في (السنن الكبرى 2 / 442) ونقل عن البخاري تضعيفه.
(2)
فتح القدير 1 / 114 - 115، ومراقي الفلاح شرح نور الإيضاح 42 ط. محمد علي صبيح، وجواهر الإكليل 1 / 32، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 1 / 173 - 175، والمهذب 1 / 45، 52، والإقناع للشربيني الخطيب 1 / 143 - 144
(3)
حديث: " لا أحل المسجد. . . " سبق تخريجه ف (35)
مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَلَوَّثَ الْمَسْجِدُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِلَاّ فَيَخْرُجُ وَيَغْتَسِل وَيَعُودُ إِلَى الْمَسْجِدِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ وَهِيَ فِي مَسْجِدِ اعْتِكَافِهَا - قَبْل إِتْمَامِ مَا نَوَتْهُ أَوْ نَذَرَتْهُ - خَرَجَتْ وُجُوبًا مِنْهُ وَعَلَيْهَا حُرْمَةُ الاِعْتِكَافِ، فَلَا تَفْعَل مَا لَا يَفْعَلُهُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا رَجَعَتْ فَوْرًا لِمُعْتَكَفِهَا لِلْبِنَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ: الإِْتْيَانُ بِبَدَل مَا حَصَل فِيهِ الْمَانِعُ وَتَكْمِيل مَا نَذَرَتْهُ وَلَوْ أَخَّرَتْ رُجُوعَهَا إِلَيْهِ وَلَوْ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً بَطَل اعْتِكَافُهَا وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَأْنِفَهُ.
وَإِذَا أَجْنَبَ الرَّجُل فِي الْمَسْجِدِ وَكَانَ مُعْتَكِفًا فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَابْتَدَأَهُ بَعْدَ أَنْ يَغْتَسِل، إِذْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ مِنْ أَهْلِهِ بِاللَّيْل مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْهُنَّ بِالنَّهَارِ، وَلَا يَحِل لِرَجُلٍ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ (2)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (3) .
وَيَقُول الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا طَرَأَ الْحَيْضُ وَجَبَ الْخُرُوجُ، وَكَذَا الْجَنَابَةُ إِنْ تَعَذَّرَ الْغُسْل فِي
(1) فتح القدير 2 / 113 - 114، والاختيار شرح المختار 1 / 137 ط. مصطفى الحلبي 1936، والفتاوى الهندية 1 / 213، وانظر الدر المختار ورد المحتار عليه 2 / 131 - 132.
(2)
الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1 / 552، وجواهر الإكليل 1 / 160.
(3)
سورة البقرة / 187.
الْمَسْجِدِ لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ فِيهِ عَلَى الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ، فَلَوْ أَمْكَنَ الْغُسْل فِيهِ جَازَ الْخُرُوجُ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ، بَل يَجُوزُ الْغُسْل فِيهِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُبَادِرَ بِهِ كَيْلَا يَبْطُل تَتَابُعُ اعْتِكَافِهِ، وَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ الْحَيْضِ وَلَا الْجَنَابَةِ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الاِعْتِكَافِ لِمُنَافَاتِهِمَا لَهُ (1) .
وَقَال الزَّرْكَشِيُّ: إِذَا أَجْنَبَ الرَّجُل فِي الْمَسْجِدِ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُرَاعِيَ أَقْرَبَ الطُّرُقِ إِلَى الْخُرُوجِ (2) .
وَيَقُول الْحَنَابِلَةُ: إِنَّهُ عَلَى الْحَائِضِ الْمُعْتَكِفَةِ أَنْ تَتَحَيَّضَ فِي خِبَاءٍ فِي رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ إِنْ كَانَ لَهُ رَحْبَةٌ وَأَمْكَنَ ذَلِكَ بِلَا ضَرَرٍ وَإِلَاّ فَفِي بَيْتِهَا، فَإِنْ طَهُرَتْ وَكَانَ الاِعْتِكَافُ مَنْذُورًا رَجَعَتْ فَأَتَمَّتِ اعْتِكَافَهَا وَقَضَتْ مَا فَاتَهَا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا (3) .
وَقَال ابْنُ مُفْلِحٍ: وَفِي جَوَازِ مَبِيتِ الْجُنُبِ فِيهِ مُطْلَقًا بِلَا ضَرُورَةٍ رِوَايَتَانِ، وَقِيل: يَجُوزُ إِنْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مُجْتَازًا، وَإِلَاّ فَلَا (4) .
وَإِذَا خَافَ الْجُنُبُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْجِدِ، أَوْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا غَيْرَهُ، أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْغُسْل وَلَا الْوُضُوءُ تَيَمَّمَ ثُمَّ
(1) منهاج الطالبين مع شرح المحلي 2 / 80 ط. دار إحياء الكتب العربية، والمهذب 1 / 200.
(2)
إعلام الساجد بأحكام المساجد 316.
(3)
) المغني لابن قدامة 3 / 209.
(4)
الآداب الشرعية لابن مفلح 3 / 399.